كارثة الصمت
جرح صهيونيين اثنين اليوم لا غير, فهددوا بالحرب أعنف مما فعلوا قبلا, وأهلنا في غزة يموتون ويجرحون يوميا بأكثر من هذا العدد ولا كلام عنهم مطلقا, ما ذا يعني هذا؟ هل أنهم بشر ونحن أدنى من الحجر؟ لماذا لا يملأ الغزاويون والفلسطينيون والعرب والمسلمون وكل أحرار الدنيا ضجيجا كلما جرح فلسطيني واحد؟؟؟ هم يدمرون ويبيدون ونحن في صمت مطبق, فإذا أصيب واحد منهم بخدش قامت القيامة, واهتز الكون, وزلزلت الأرض, نعم إننا لا نملك ما يملكون من وسائل الدمار ومؤازرة أقوياء العالم وكثير من ضعفائه المتملقين, وحتى لو ملكنا تلك الوسائل وكنا أحرارا ومدعمين مثلهم في استعمالها, فلن نفعل أبدا ما يفعلون, لأن لدينا ضوابط راسخة من دين وأعراف وتقاليد, لا تسمح لنا -ولو من باب الأخذ بالثأر- باستعمال القوة المفرطة في التعامل مع حماس التي تتحدث عنها الصهيونية " ليفني" اليوم بكل صفاقة, وتأمر تركيا بكل وقاحة باحترام إسرائيل بالرغم من المشاهد الدامية والمظاهرات الصاخبة!!! وسيأتيها الرد حازما لا شك من تركيا الحرة الأبية, نعم هكذا هو الواقع الراهن, لهم القوة المفرطة في مقابل الضعف المفرط لدينا, ولهم تأييد الأقوياء ولدينا بالمقابل حقد الأقوياء واحتقارهم لنا, هذا كله واضح ولا يحتاج حتى إلى مجرد التذكير, لكن لماذا الصمت؟ لماذا لا نصرخ ملء فينا, ما هو مبرر تلقينا الضربات القاتلة دون أن نتأوه ومن غير أن نئن, هل هو الخوف؟؟؟ ومم؟؟؟ وماذا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها؟ إنهم يجعلون من مجرد شاليط موضوعا ثمنه الحصار وشن العدوان بأقصى مايملكون من قوى الإبادة والتدمير, وهم يقولون اليوم لا رفع للحصار ولا فتح للمعابر إلا بإطلاق سراح شاليط, وبالمقابل لا نتحدث عن عشرات الآلاف من أسرانا لديهم, بل لا نذكر مجرد الذكر أعضاء المجلس التشريعي ورئيسه الذين تسجنهم العصابة الصهيونية بسبب أسر شاليط العظيم!!! هل أننا صدقنا ما يذهبون إليه من عنصرية وتمييز بغيض؟ فطبقناه قبلهم على أنفسنا بفعل عقد النقص الحضاري التي تجذرت في ذواتنا؟ فنسينا حتى أن نذكرهم بعدد أسرانا لديهم؟ بل بأسرهم لمجموعة من نوابنا وعلى رأسهم رئيس المجلس نفسه؟ بمناسبة حادثة أسر شاليط الشهير,الذي تتحدث عنه الدنيا بأسرها, وخاصة عواصم الغرب وأوطانه, ولكننا لا نضج ولا حتى نهمس مجرد همس رغم كثرة قتلانا وأسرانا, إن العقل ليتعطل عندما نحاول تشغيله في تأمل واقعنا المزري, فلا يحرى جوابا, وهو محق, فهل هناك جواب يمكن أن يلج فضاء العقل عن قضايانا؟؟؟ نعم إن المطبعين و"المعتدلين" لا يقبلون مجرد الهمس ويهددون ويتوعدون من يتنطع من شعوبهم المقهورة ويذكر سادتهم بسوء او ما يعتبرونه كذلك باطلا, لكن عرب غزة وعرب فلسطين وعرب الدوحة لماذا لا يصرخون ولا يتوقفون عن الصراخ حتى يضج العالم من صراخهم, ويتساءل مجرد التساؤل ما بهم؟ فعند تساؤله ذاك نتأكد من أن الرسالة وصلت. وما دام معسكر الدوحة لا يفترض فيه الخوف من الصراخ مجرد الصراخ في وجه العدو المجرم وفي وجه العالم كله, فلماذا لا يصرخ؟ هل الحسابات الخاطئة هي التي تمنعهم؟ أم لأنهم لا يجزمون بنوع ردة الفعل الصهيونية والغربية على صراخهم؟؟؟ أو أو أو.........المهم هو أنهم لا يصرخون في وجه عدوهم الغاشم وفي وجه القوى العظمى التي تحميه وتغدق عليه من المال والسلاح ما يكفي لتدمير الكرة الأرضية عن آخرها مرات ومرات, هل هي احتياطات وتوجسات أم هو عدم الوعي وسوء التقدير وعدم استعمال ما هو متوفر من وسائل ومنها بل من أهمها الكلام, ما هذا الصمت الرهيب يا عرب ويا مسلمين ويا أحرار العالم؟ لماذا تسكتون هكذا يا غزاويين؟ ويافلسطينين؟ اصرخوا أكثر منهم لأن جراحكم تنزف بألم مبرح وجرحاكم يئنون أشد ما يكون الأنين وأطفالكم الجرحى لا يمرحون ولا يلعبون لأنهم لا يقوون على مغادرة أسرتهم في المستشفيات, إنهم لا يستطيعون أن يتحركوا كليا لأو جزئيا, والكثير منهم مصيره الشهادة ونعم المصير, هل أننا نصمت لأننا فعلا تشبعنا بالمازوخية؟ إلى درجة أننا صرنا نعتقد أننا دونهم درجات في سلم الإنسانية؟ إنهم يحتجون ويملأون الدنيا ضجيجا عندما يصاب أحد جنودهم بخدشة واحدة مجرد خدشة, ونسكت نحن عن أسر رئيس مجلسنا التشريعي المنتخب ديمقراطيا كما شهد بذلك الأعداء قبل الأصدقاء؟؟؟ شيء غريب لا يدركه العقل, بل يحتار أمامه ويبقى مشدوها كمن أصابه الشلل التام, إنه واقع ينتمي إلى ما وراء العقل, فإذا أردنا له توضيحا فلنبحث عمن هو أهل لذلك, عمن يستطيع قراءة اللامعقول, يا عرب الدوحة, هل تعلمون أن الصراخ لا يكلف شيئا وهو فوق ذلك عظيم الفائدة, ألم يكن ذلك هو السلاح أمضى سلاح تستعمله الصهيونية ومن يحميها من الأقوياء؟؟؟ إنهم يحركون الآلة الإعلامية العملاقة التي هم ما لكوها, لتنشر في البلدان الأكاذيب الصهيونية, وتنشر الزيف الذي يتفننون في إخراجه, في محاولة يائسة منهم لمحو الصورة البشعة التي تداولتها وسائل الإعلام عما فعلوا من فظائع وعلى ما ارتكبوا من جرائم يندى لها جبين الإنسانية, لكننا عندما نصاب بعشرات أمثالها أو أكثب بكثير فلا خبر ولا حديث ناهيك عن الصراخ الذي ننعم بانتفائه تماما من واقعنا المتردي والبعيد عما يجري في العصر, حتى من باب العلم مجرد العلم , أما المشاركة والمساهمة فإنها من باب المستحيلات في قاموس حاضرنا البائس الوهن الخائر, نعم إننا لا نملك الآلة الإعلامية العملاقة التي يملكون, غير أننا بالرغم من ذلك نستطيع إيصال صراخنا ونشره في كل بقاع الأرض, بفضل وسائل الاتصال والتواصل التي يملكونها هم أنفسهم, وكل ما نحتاجه هو الإرادة الحازمة والاستراتيجية الإعلامية المحكمة, أفلا تعقلون؟
بن سي رابح
أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر
أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق