غزة الأمل العريض
هذه خواطر يومية لمواطن من الجزائر العاصمة, وهو أستاذ متقاعد, اعتاد منذ مدة على تسجيل انطباعاته اليومية في مدونته هذه, لكن عندما اندلعت الحرب العدوانية, فرضت غزة نفسها, ولم يعد هناك أي معنى لحديث آخر, لآن كل شيء في الوجود وفي المعرفة وفي القيم تكثف في غزة وتماهى مع غزة وتجسد في غزة, فصار كل شيء غزاوي الأصل والمصير والهوية, العالم غزة والكون غزة والوجود غزة, من دخل غزة, دخل الدنيا, ومن خرج من غزة وعنها, غاب واندثر وانتهى إلى العدم وبئس المصير, إنها غزة الجهاد والكرامة والشموخ, وأي كائن يمكن أن يتسمى إنسانا إذا فقد جوهر ما في الإنسان الذي تفديه غزة؟ وتنعشه وتحييه وحدها بمؤازرة شعوب أمتها العربية والإسلامية ولو بأضعف الإيمان, وبمعاضدة قوى التحرر والانعتاق والصمود في العالم, أمثال " شافيز" فينزويلا الأبي, و "أردوغان" تركيا العظيم, حفيد العثمانيين الأمجاد, وسوف يزهق الباطل بإذن الله, إن الباطل كان زهوقا.
علامات الهزيمة تتكشف مع كل ضربة نجلاء تسددها المقاومة المجاهدة, علامات هزيمة العدو الباغي بدت واضحة في سماء غزة السمو, نعم إن أشلاء الأطفال لازالت تتطاير لكنها لن تذهب هدرا, فمع كل جثة ملائكية ترتفع إلى عنان السماء بفعل القصف الإجرامي للمنازل والمدارس والمستشفيات والأسواق وسيارات الإسعاف والإغاثة الأممية والشوارع المكتظة بأهل غزة الأعزة, كل جثة بريئة تنشر مع أجزائها الصغيرة البريئة بشائر يقظة الضمير العالمي الذي مات هذه سنوات, وها هي غزة تحييه ببذلها, وتبعثه بعد أن غاب زمنا سادت فيه قوى الشر الآثمة, ليستيقظ من نومه العميق أو وفاته الوشيكة, فيصحوا ملتاعا باكيا بأحر الدموع على جثث الأطفال الملائكية التي كان لها وحدها فضل تنبيهه, وإلا طال به الكمون ربما حتى نهاية البشرية, غزة تعيد للإنسانية روحها وتبعثها من مرقدها الشبيه بالقبور, فتنظر من حولها متسائلة عمن فعل فيها هذا التخدير التام, فتلمح "بوش" متسللا ليختفي عن الأنظار إلى الأبد مودعا باللعنات إلى مزابل التاريخ وبئس المصير!!! فتصرخ من أعماق أعماقها صرخة مدوية مجلجلة: امسكوا بالعدو اللئيم, لايليق بي وقد أيقظني ما يفعله هذا الشرير, والفضل كل الفضل لتلك الجثث الصغيرة العارجة في السماء, لايمكن أن يفلت ويعاقبه التاريخ وحده, لا أنا ضمير الإنسان فلا كنت إذا لم أحاكم من خدرني تخديرا تاما حتى يعبث بجثث الأطفال وما أدراك ما الأطفال, أكباد البشر التي تمشي على الأرض, ويعز علينا أن تمشي بأرجلها الرخوة الطرية, فكيف بإسالة دمائها أنهارا وبأفتك الأسلحة وأقواها تدميرا وانشطارا وإهلاكا, وها هي أصوات في أمريكا وبريطانيا وأوروبا والغرب كله, بمن فيهم اليهود غير الصهاينة بدأت ترتفع شيئا فشيئا مطالبة بمحاكمة زعماء العصابة الصهيونية ومعهم راعيهم الجبان "بوش" المقذوف, "بوش" المرشوق بالحداء, وإن كان الحداء أشرف منه وأكرم, فحاشا الحداء أن يزهق أرواح الطفولة البريئة, وحاشا نعل "منتظر" البطل أن يدمر الأوطان ويشرد الشعوب, وما كان النعل ليهون على الفتى "الزيدي" لو وجد ما يليق بمقام هذا "البوش" فيرميه به عن جدارة واستحقاق, الأصوات ترتفع في العالم الغربي ذاته لمحاكمة قادة العصابة وناصرهم ومشجعهم الأجدر بالمحاكمة قبلهم, نعم إن كثيرا من المنظمات العالمية والجمعيات والأفراد ورجال القانون ونساؤه شرعوا في العمل الجدي, وها نحن نطلع على ما جاءت به الأنباء اليوم من تقدم جماعة من المحامين الإنكليز بطلب رسمي للقضاء البريطاني لمحاكمة قادة العصابة الصهيونية على جرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة, إن اللغة حقا عاجزة تماما عن التعبير, مسكينة هي اللغة حقا بقدراتها المتواضعة, فما يحصل في غزة لايمكن أن تعبر عنه كلمة جرائم أبدا ولو جزئيا, ما يحدث في غزة ضرب العالم كالزلزال وأي زلزال رهيب, هذا؟ وإلا كيف تتحرك جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات المحلية والعالمية في الغرب لتدين إسرائيل وتطالب بالتحقيق معها؟ وبمحاكمة زعماء العصابة على جرائمهم ضد الإنسانية التي لم يعد لأحد قدرة على التشكيك فيها, مهما بلغت درجة عنصريته وكراهيته للعرب والمسلمين؟ والفضل دوما لغزة المناضلة, والشكر لجثث أطفال غزة ولدمائهم الزكية الطاهرة التي سفكها بنو صهيون, وزكاهم ربيوهم التعساء في ذلك, مفتين لهم بكل إجرام بأن القتل واجب للجرحى والأطفال والنساء والشيوخ, ولكل الفلسطينيين مهما كانوا, هكذا هي أوامر دينهم المحرف المنسوخ الممسوخ!!! هكذا يفتون هذه الأيام لمن يقصدهم أو يقصدونه من جيشهم المجرم, خاصة أولئك الذين تشرع ضمائرهم في التحرك بفعل التنبيه الصاعق لما يرتكبونبونه في حق الأبرياء من الرضع والحوامل والعجزة والشجر والزرع والضرع, فإذا برجال دينهم المحرف يؤنبونهم على هذه الهفوة التي تكاد تسمح للضمير بالتسلل إلى نفوسهم, فيحثوهم على المزيد من الجرائم المنكرة والأكثر بشاعة وتنكيلا!!! هل هؤلاء بشر؟؟؟ لكن شعب غزة الأعزل فضحهم وعرى مؤيديهم, وقد بدأ نجمهم يأفل في الغرب الذي صنعهم وشجعهم وسلحهم وحاصر مع بقض الجبناء منا لالفلسطينيين ليزيد في وهنهم, هذا الغرب ذاته أصل البلاء, بدأ يستيقظ بفضل تضحيات غزة الجسيمة, وها هي أسطورة المقاومة تحيي جذوة الإنسانية من جديد في العالم الذي نسيها مدة مريرة, غزة توقظ الضمير الإنساني من جديد, وهو يتململ, بعد أن فقد الحراك أعواما. أما في عالمنا العربي والإسلامي فكنا نظنه مات واندثر, وها هي غزة تحييه وتبعثه حيا متعافيا وكأنما هو من أهل الكهف, يعود بعد عشرات السنين ويهب واقفا منتصبا محركا الجماهير الغفيرة من "طنجة" إلى "جاكرتا", فتتدفق كالسيل وتعصف بقوانين الاستبداد وبخزعبلات قوانين الطوارئ وقرارات المنع والعسف والتسلط المستبد, فتقع المظاهرات الحاشدة في مصر ذاتها, وتسير كالمحيط الهادر في الجزائر العاصمة التي حرمت افيها لمسيرات من أي نوع كان, تلك غزة يا صاحبي التي فعلت في شعوب أمتها العربي والمسلم مفعول السحر بتقديمها المهر الغالي, جثث أطفالها المتطايرة إلى عنان السماء صارخة ملء سمع الدنيا أن حي حل الحرية والكرامة والفداء والتضحية, فكان أن خجلت الأمة من تقاعسها, خجلت الشعوب المقهورة من قبولها الأمر الواقع, الذي تفرضه عليها النظم الفاشية المهترئة الناهبة السالبة, التي تكتم أنفاسها إلا ما رحم ربك وهم نادرون, فخرجت تسبح بحمد الله وتحيي غزة التي يعود إليها هذا الإحياء, وإنها لساعة العصابات الصهيونية والاستعمار الجديد ومن دارفي فلكهما من الأنظمة التعيسة الخائبة قد دقت, لقد اقترب موعد التحرير وكان الإعلان من غزة الشهامة والكبرياء والسؤدد, إنها آمال عريضة نسيناها ردحا من الزمن, وها هي غزة البذل والوفاء والإباء تبعثها من جديد على مستوى فلسطين وعالمها العربي والإسلامي, وعلى المستوى العالمي, هل كان هناك من يتجرأ أو يخطر بباله أن يطرد سفيرا للعصابة الصهيونية, حتى لو بلغت الدماء الرقاب؟؟؟ هذا هو المحال بعينه, وقد قهرت غزة العزة المستحيل ذاته, فلم يجد "شافيز" الحر العظيم من سبيل آخر للتعبير عن غضبه سوى طرد هذا الممثل لعصابة مصاصي دماء الأطفال, إنها ساعة صحوة الضمير الإنساني قد دقت, وويل لمن يقف في طريقها, وأي مصير مظلم ينتظره؟؟؟ إنها الآمال العريضة التي تنعشها غزة المجاهدة وتحييها, عودة الضمير الإنساني الميمونة, إنه سوف يجرف في مجراه الهادر - لاريب - أولئك الذين سيواريهم التاريخ في مزابله من مستبدين وعنصريين ومجرمين واستعماريين جدد أو قدماء, فالشر واحد لا يفرقه الزمان ولا المكان, ومآله الزوال وسوء الذكر الأبدي وبئس المصير!!!
تحدثت الأنباء اليوم عن ارتفاع عدد شهداء غزة الميامين إلى 888, والجرحى إلى 4080, وكان اليوم داميا, ذلك أن العدو وقد تملكه الغيظ من شراسة المقاومة الصامدة, ويئس من النصر الذي أعلن أنه حاصل لامحالة, وجاء من أجله بالجيوش الجرارة, ودك غزة المنيعة دكا بالقصف الجوي والبري والبحري, وكان يتصور بغباء الاستعمار المعهود أن ذلك القصف سيجعله يتقدم برا في جو آمن مطمئن, لكنه وقد فشل بجيوشه الجرارة وأسلحة أمريكا الفتاكة, فما كان إلا أن فقد أعصابه, وراح يخبط خبط عشواء, ويقصف قصفا عشوائيا ويوجه قذائفه وكل أسلحته من طيران ومدفعية ودبابات وبوارج حربية وغيرها إلى قصف كل شيء, أحيانا يغتال أسرة بهدم بيتها قصفا, وتارة يرمي بقنابله وصواريخه الجهنمية على حي أو شارع آهل بالسكان, وتارة يقذف مكاتب الصحافة, إنه العمى الذي ينجم عن الفشل والهزيمة, والمقاومة لازالت في عنفوان, والعالم بدأ يتململ ويبحث عن طرق عملية, ليست من نوع قرار مجلس الأمن الفارغ الهزيل الذي استصدرته العصابات الصهيونية لنفسها من أجل كسب الوقت وأغراض أخرى, العالم بدأ يأخذ الأمر ماخذ الجد, والعصابة المجرمة لم يعد أمامها متسعا من الوقت لتفعل شيئا ما, لكنها تيقنت من أنها لاتستطيع إنجاز أي هدف مما سعت إليه, وأيام راعيها "بوش" قد نفذت, وهو بصدد حزم أمتعته ليغادر بغير رجعة إلى الأبد, صحيح أن أمريكا تقف معها في كل الظروف, غير أن وقفة حبيبها "بوش" فريدة من نوعها, ولا يمكن أن يجود الزمان عليها بمثلها أبدا, لابد لها أن تغادر غزة في أقرب الأوقات ومن غير إنجاز ما جاءت من أجله, أو ربما خسرت القليل أو الكثير, وضاعت هيبتها إلى الأبد, وصحيح أن الكذب حبله قصير, وأن التاريخ لايمكن أن يترك الظالم يمرح كما يشاء, وإن غفل عنه لبعض الوقت, غزة سوف تكون المقبرة التي تقبر فيها هذه العصابة المجرمة, بعد أن تكون قد نحرت أو انتحرت, عاشت غزة والمجد والخلود للشهداء الأبرار.
علامات الهزيمة تتكشف مع كل ضربة نجلاء تسددها المقاومة المجاهدة, علامات هزيمة العدو الباغي بدت واضحة في سماء غزة السمو, نعم إن أشلاء الأطفال لازالت تتطاير لكنها لن تذهب هدرا, فمع كل جثة ملائكية ترتفع إلى عنان السماء بفعل القصف الإجرامي للمنازل والمدارس والمستشفيات والأسواق وسيارات الإسعاف والإغاثة الأممية والشوارع المكتظة بأهل غزة الأعزة, كل جثة بريئة تنشر مع أجزائها الصغيرة البريئة بشائر يقظة الضمير العالمي الذي مات هذه سنوات, وها هي غزة تحييه ببذلها, وتبعثه بعد أن غاب زمنا سادت فيه قوى الشر الآثمة, ليستيقظ من نومه العميق أو وفاته الوشيكة, فيصحوا ملتاعا باكيا بأحر الدموع على جثث الأطفال الملائكية التي كان لها وحدها فضل تنبيهه, وإلا طال به الكمون ربما حتى نهاية البشرية, غزة تعيد للإنسانية روحها وتبعثها من مرقدها الشبيه بالقبور, فتنظر من حولها متسائلة عمن فعل فيها هذا التخدير التام, فتلمح "بوش" متسللا ليختفي عن الأنظار إلى الأبد مودعا باللعنات إلى مزابل التاريخ وبئس المصير!!! فتصرخ من أعماق أعماقها صرخة مدوية مجلجلة: امسكوا بالعدو اللئيم, لايليق بي وقد أيقظني ما يفعله هذا الشرير, والفضل كل الفضل لتلك الجثث الصغيرة العارجة في السماء, لايمكن أن يفلت ويعاقبه التاريخ وحده, لا أنا ضمير الإنسان فلا كنت إذا لم أحاكم من خدرني تخديرا تاما حتى يعبث بجثث الأطفال وما أدراك ما الأطفال, أكباد البشر التي تمشي على الأرض, ويعز علينا أن تمشي بأرجلها الرخوة الطرية, فكيف بإسالة دمائها أنهارا وبأفتك الأسلحة وأقواها تدميرا وانشطارا وإهلاكا, وها هي أصوات في أمريكا وبريطانيا وأوروبا والغرب كله, بمن فيهم اليهود غير الصهاينة بدأت ترتفع شيئا فشيئا مطالبة بمحاكمة زعماء العصابة الصهيونية ومعهم راعيهم الجبان "بوش" المقذوف, "بوش" المرشوق بالحداء, وإن كان الحداء أشرف منه وأكرم, فحاشا الحداء أن يزهق أرواح الطفولة البريئة, وحاشا نعل "منتظر" البطل أن يدمر الأوطان ويشرد الشعوب, وما كان النعل ليهون على الفتى "الزيدي" لو وجد ما يليق بمقام هذا "البوش" فيرميه به عن جدارة واستحقاق, الأصوات ترتفع في العالم الغربي ذاته لمحاكمة قادة العصابة وناصرهم ومشجعهم الأجدر بالمحاكمة قبلهم, نعم إن كثيرا من المنظمات العالمية والجمعيات والأفراد ورجال القانون ونساؤه شرعوا في العمل الجدي, وها نحن نطلع على ما جاءت به الأنباء اليوم من تقدم جماعة من المحامين الإنكليز بطلب رسمي للقضاء البريطاني لمحاكمة قادة العصابة الصهيونية على جرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة, إن اللغة حقا عاجزة تماما عن التعبير, مسكينة هي اللغة حقا بقدراتها المتواضعة, فما يحصل في غزة لايمكن أن تعبر عنه كلمة جرائم أبدا ولو جزئيا, ما يحدث في غزة ضرب العالم كالزلزال وأي زلزال رهيب, هذا؟ وإلا كيف تتحرك جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات المحلية والعالمية في الغرب لتدين إسرائيل وتطالب بالتحقيق معها؟ وبمحاكمة زعماء العصابة على جرائمهم ضد الإنسانية التي لم يعد لأحد قدرة على التشكيك فيها, مهما بلغت درجة عنصريته وكراهيته للعرب والمسلمين؟ والفضل دوما لغزة المناضلة, والشكر لجثث أطفال غزة ولدمائهم الزكية الطاهرة التي سفكها بنو صهيون, وزكاهم ربيوهم التعساء في ذلك, مفتين لهم بكل إجرام بأن القتل واجب للجرحى والأطفال والنساء والشيوخ, ولكل الفلسطينيين مهما كانوا, هكذا هي أوامر دينهم المحرف المنسوخ الممسوخ!!! هكذا يفتون هذه الأيام لمن يقصدهم أو يقصدونه من جيشهم المجرم, خاصة أولئك الذين تشرع ضمائرهم في التحرك بفعل التنبيه الصاعق لما يرتكبونبونه في حق الأبرياء من الرضع والحوامل والعجزة والشجر والزرع والضرع, فإذا برجال دينهم المحرف يؤنبونهم على هذه الهفوة التي تكاد تسمح للضمير بالتسلل إلى نفوسهم, فيحثوهم على المزيد من الجرائم المنكرة والأكثر بشاعة وتنكيلا!!! هل هؤلاء بشر؟؟؟ لكن شعب غزة الأعزل فضحهم وعرى مؤيديهم, وقد بدأ نجمهم يأفل في الغرب الذي صنعهم وشجعهم وسلحهم وحاصر مع بقض الجبناء منا لالفلسطينيين ليزيد في وهنهم, هذا الغرب ذاته أصل البلاء, بدأ يستيقظ بفضل تضحيات غزة الجسيمة, وها هي أسطورة المقاومة تحيي جذوة الإنسانية من جديد في العالم الذي نسيها مدة مريرة, غزة توقظ الضمير الإنساني من جديد, وهو يتململ, بعد أن فقد الحراك أعواما. أما في عالمنا العربي والإسلامي فكنا نظنه مات واندثر, وها هي غزة تحييه وتبعثه حيا متعافيا وكأنما هو من أهل الكهف, يعود بعد عشرات السنين ويهب واقفا منتصبا محركا الجماهير الغفيرة من "طنجة" إلى "جاكرتا", فتتدفق كالسيل وتعصف بقوانين الاستبداد وبخزعبلات قوانين الطوارئ وقرارات المنع والعسف والتسلط المستبد, فتقع المظاهرات الحاشدة في مصر ذاتها, وتسير كالمحيط الهادر في الجزائر العاصمة التي حرمت افيها لمسيرات من أي نوع كان, تلك غزة يا صاحبي التي فعلت في شعوب أمتها العربي والمسلم مفعول السحر بتقديمها المهر الغالي, جثث أطفالها المتطايرة إلى عنان السماء صارخة ملء سمع الدنيا أن حي حل الحرية والكرامة والفداء والتضحية, فكان أن خجلت الأمة من تقاعسها, خجلت الشعوب المقهورة من قبولها الأمر الواقع, الذي تفرضه عليها النظم الفاشية المهترئة الناهبة السالبة, التي تكتم أنفاسها إلا ما رحم ربك وهم نادرون, فخرجت تسبح بحمد الله وتحيي غزة التي يعود إليها هذا الإحياء, وإنها لساعة العصابات الصهيونية والاستعمار الجديد ومن دارفي فلكهما من الأنظمة التعيسة الخائبة قد دقت, لقد اقترب موعد التحرير وكان الإعلان من غزة الشهامة والكبرياء والسؤدد, إنها آمال عريضة نسيناها ردحا من الزمن, وها هي غزة البذل والوفاء والإباء تبعثها من جديد على مستوى فلسطين وعالمها العربي والإسلامي, وعلى المستوى العالمي, هل كان هناك من يتجرأ أو يخطر بباله أن يطرد سفيرا للعصابة الصهيونية, حتى لو بلغت الدماء الرقاب؟؟؟ هذا هو المحال بعينه, وقد قهرت غزة العزة المستحيل ذاته, فلم يجد "شافيز" الحر العظيم من سبيل آخر للتعبير عن غضبه سوى طرد هذا الممثل لعصابة مصاصي دماء الأطفال, إنها ساعة صحوة الضمير الإنساني قد دقت, وويل لمن يقف في طريقها, وأي مصير مظلم ينتظره؟؟؟ إنها الآمال العريضة التي تنعشها غزة المجاهدة وتحييها, عودة الضمير الإنساني الميمونة, إنه سوف يجرف في مجراه الهادر - لاريب - أولئك الذين سيواريهم التاريخ في مزابله من مستبدين وعنصريين ومجرمين واستعماريين جدد أو قدماء, فالشر واحد لا يفرقه الزمان ولا المكان, ومآله الزوال وسوء الذكر الأبدي وبئس المصير!!!
تحدثت الأنباء اليوم عن ارتفاع عدد شهداء غزة الميامين إلى 888, والجرحى إلى 4080, وكان اليوم داميا, ذلك أن العدو وقد تملكه الغيظ من شراسة المقاومة الصامدة, ويئس من النصر الذي أعلن أنه حاصل لامحالة, وجاء من أجله بالجيوش الجرارة, ودك غزة المنيعة دكا بالقصف الجوي والبري والبحري, وكان يتصور بغباء الاستعمار المعهود أن ذلك القصف سيجعله يتقدم برا في جو آمن مطمئن, لكنه وقد فشل بجيوشه الجرارة وأسلحة أمريكا الفتاكة, فما كان إلا أن فقد أعصابه, وراح يخبط خبط عشواء, ويقصف قصفا عشوائيا ويوجه قذائفه وكل أسلحته من طيران ومدفعية ودبابات وبوارج حربية وغيرها إلى قصف كل شيء, أحيانا يغتال أسرة بهدم بيتها قصفا, وتارة يرمي بقنابله وصواريخه الجهنمية على حي أو شارع آهل بالسكان, وتارة يقذف مكاتب الصحافة, إنه العمى الذي ينجم عن الفشل والهزيمة, والمقاومة لازالت في عنفوان, والعالم بدأ يتململ ويبحث عن طرق عملية, ليست من نوع قرار مجلس الأمن الفارغ الهزيل الذي استصدرته العصابات الصهيونية لنفسها من أجل كسب الوقت وأغراض أخرى, العالم بدأ يأخذ الأمر ماخذ الجد, والعصابة المجرمة لم يعد أمامها متسعا من الوقت لتفعل شيئا ما, لكنها تيقنت من أنها لاتستطيع إنجاز أي هدف مما سعت إليه, وأيام راعيها "بوش" قد نفذت, وهو بصدد حزم أمتعته ليغادر بغير رجعة إلى الأبد, صحيح أن أمريكا تقف معها في كل الظروف, غير أن وقفة حبيبها "بوش" فريدة من نوعها, ولا يمكن أن يجود الزمان عليها بمثلها أبدا, لابد لها أن تغادر غزة في أقرب الأوقات ومن غير إنجاز ما جاءت من أجله, أو ربما خسرت القليل أو الكثير, وضاعت هيبتها إلى الأبد, وصحيح أن الكذب حبله قصير, وأن التاريخ لايمكن أن يترك الظالم يمرح كما يشاء, وإن غفل عنه لبعض الوقت, غزة سوف تكون المقبرة التي تقبر فيها هذه العصابة المجرمة, بعد أن تكون قد نحرت أو انتحرت, عاشت غزة والمجد والخلود للشهداء الأبرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق