السبت، 10 يناير 2009

من دفاتر الأيام/غزة تتألق

غزة تتألق
رغم الجراح والتآمر والخذلان واللاإنسانية, تسمو غزة فوق آلامها وترفع هامة العزة إلى أعلى عليين, تقول لهم تصاغروا ما شئتم أيها الأقزام الرعاديد, فأنا هنا ألمس السماء أسهل مما تتمرغون في الأوحال, أنا أكتب التاريخ الأمجد, وأنتم تنغمسون في مزابل التاريخ إلى الرقاب, أنا أجاهد وأنتم تقعدون, بل تتآمرون, غير أنكم لاتقوون حتى على أنفسكم الخائرة الضالة, أنا أكتب التاريخ بدماء الشهداء, وأنتم تتقربون إلى أسيادكم المجرمين بالصمت الجبان, بل بالتحريض والإغراء والمشاركة الآثمة بالحصار والتهديد والوعيد, لكن الذي يقف في وجه أسيادكم ويسومهم سوء العذاب لاتهتز له شعرة من تهافتكم وسقوطكم, أين التحليق في عنان السماء من التمرغ في التراب؟ ألا تخجلون وإن كان مثلكم لاحس له؟ ألا تشعرون بالعار وأنتم تزايدون على الصهاينة في حصار أطفال غزة ونسائها وتآزرون الإبادة المجرمة التي تمارسها العصابة الصهيونية ضد شعب أعزل أنهكه الحصار الذي باركتموه وشجعتم عليه بل شاركتم فيه؟ لماذا لأن غزة رفضت السلام, عفوا الاستسلام الذي تنعمون بوضاعته؟ إنكم اليوم تعبرون بوضوح لايترك مجالا للريبة بأنكم ضد المقاومة الشريفة وهدفكم الكبير جدا هو الاستسلام, أي هوان هذا الذي تدعون إليه غزة الكبرياء؟ وما نقول لكم؟ إنكم لاتفهمون لغة العزة حتى ننبهكم إلى الحضيض الذي انحدرتم إليه؟ والأعجب من هذا أنكم تخرجون على الناس بأمر من أسيادكم معلنين عن هدف الاستسلام كغاية قصوى تهون دونها المقاومة ويا للعار, يا هؤلاء إذا كنتم قد ابتليتم فاستتروا, وأريحونا من وجوهكم الكالحة, أتستغفلون الناس؟ من يفعل ذلك فهو أكبر المغفلين على الإطلاق, غزة تصنع بجثث أطفالها التاريخ الناصع, وأنتم ماذا تفعلون؟ لقد جاء اليوم من يقول لنا إن المقاومة ليست غاية في ذاتها, نعم هذا صحيح, وما هي الغاية عندك يا عبقري زمانك؟ يقول إن الغاية هي الاستسلام, كنا ننتظر منه أن يقول الغاية هي الحرية والاستقلال, فإذا به ينطق كفرا, ولنفرض أن السلام الذي تتحدث عنه حقيقي!!! فكيف الوصول إليه يا عبقري الزمان والأوان؟ ما هو الطريق إليه؟ هل هناك سبيل آخر إلى السلام المشرف غير سبيل المقاومة؟ لكن ما الفائدة من النقاش مع من باع نفسه للشيطان؟ إنكم تتحدثون مع أهل غزة الذين يمهرون الحرية بدمائهم الزكية, فهل تظن أنكم تجلبون انتباههم بهذه الترهات التي لاتلفت انتباه المجانين؟ لقد اخترتم طريق إسرائيل فلتقولوها بصراحة, وإن كانت غزة الشموخ قد أماطت اللثام عن وجوهكم الرقيعة, فلم يبق لكم شيئا تدارون به عوراتكم, كل شيء أصبح واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار, الاتفاق مع العدو لخنق المقاومة لأنها تزعجكم ولا تترككم تنعمون بهدوء بما جمعتم من حطام الدنيا مقابل بيع الأوطان, لا, فالعدو أشرف وأصدق مع نفسه على الأقل, إنه يرتكب الجرائم الشنعاء دفاعا عن وجوده في محاولة يائسة لدحر عدوه, نعم إنه مجرم وضيع لكنه يخدم بكل الوسائل بما في ذلك المجازر والإبادة أمن شعبه وبقاء دولة العصابة فوق أرض فلسطين العربية, أما أنتم فتتنكرون لأبسط حقوق الشعب الفلسطيني في الوجود والاستقرار الآمن على جزء بسيط من أرضه, وأنتم لماذا تحاربون المقاومة؟ إنكم تفعلون ذلك لتظلوا حيث أنتم تنهبون وتسلبون وتستبدون وضحيتكم الوحيدة هي شعوبكم المقهورة المسحوقة البائسة, والتي تريدون أن تزيدوها محنا على محن حتى تبقون حيث أنتم, تمارسون الظلم والقهر والجبروت والعمالة, من أجل الخلود والتوريث للكراسي المهينة, لكن هذا لايكون, ولن يكون, وغزة تدفع الثمن بالنفس والنفيس, من أجل ألا يكون, إنها الحرب بين التاريخ واللاتاريخ, بين الوجود والعدم, بين الإنسانية والهمجية, بين إرادة الحياة ودعم الجريمة, والسلسلة طويلة من هذه المقابلات المجيدة في جانب غزة والشعوب, والساقطة في جانبكم يا أعداء التاريخ والحياة والطبيعة, ما هذا الحضيض الذي تهاويتم إليه دون حياء ولا خجل؟ أفلا تخشون الإقامة ما بقيت الدنيا في كنف مزابل التاريخ, أما عندما تقوم القيامة فسوف تكونون لا ريب أول رواد الدرك الأسفل من النار؟؟؟ إذ أن فعلتكم لايوجد أسوأ منها إثما أو جرما ومقترفها مأواه النار خالدا فيها أبدا وبئس المصير. جاءنا اليوم من يقول إن المبادرة المصرية هي التطبيق العملي لقرار مجلس الأمن, وكأن لمجلس الأمن قرار أو للنظام المصري مبادرة!!! الناس كلهم يعلمون علم اليقين أن ذاك القرار وهذه المبادرة من صنع الصهاينة الأشرار, يفعلون بهما ما قرروه هم وحدهم, ثم كيف تأتي هذه المبادرة السيئة الذكر تطبيقا لقرار مجلس الأمن وقد صدرت قبله؟؟؟ عفوا إن محررهما واحد, وهو الذي وزع الأدوار هكذا, كما رتب أوقات الإعلان عن هذه وعن ذاك. ثم ينطق هذا الضال عجبا عندما يقول من يرفض هذه المبادرة هو المسؤول عن العدوان, ثم يضيف أن رفض إسرائيل للمبادرة العظيمة سوف يحملها مسؤولية شلال الدم في غزة, وهذا يعنى أنها إذا قبلت مبادرتها التي يروج لها صاحبنا تصبح غير مسؤولة عن شلال الدم الذي أسالته في غزة بكل إصرار وترصد!!! هكذا يقول ثم يستغرق في التخريف وهو يظن أنه أفحم عدوه أي المقاومة, فيقول إن المقاومة مرفوضة لأنها تبيد شعبنا, يا للتهافت بل تهافت التهافت, هكذا يقرر الذي نفض يديه من المقاومة وراح يشرب الدم الفلسطيني هنيئا مريئا, أن المقاومة أمر مرفوض, وماذا يبقى يا هذا إن انتهت المقاومة؟؟؟ أم أنك تكون قد كونت ثروة طائلة وتركت فلسطين كلها من النهر إلى البحر للصهاينة, وذهبت أو أبناؤك إلى مكان آمن, تنعم أو ينعم أبناؤك بعدك بالمال الذي بعت به المقاومة, وإنك ربما تنتظر من التاريخ أن يذكرك وجماعتك كما يذكر رؤساء الدول وحاشياتهم, وأن رب العزة سيجعلك في الفردوس الأعلى بين الشهداء والصالحين, لا وألف لا, إن التاريخ سوف يضعك في المكان الذي تستحقه ويليق بمكانك الرفيع, أما الله سبحانه فعدالته الكاملة ستجعلك حيث وضعت نفسك, وبحسب ما قدمت يداك, فعليك أن تعلم هذا أنت وجماعتك, وأنتم آخر من يعلم من كثرة ما كذبتم على أنفسكم حتى أصبتم بعاهة تصديق الكذب, أما شعب فلسطين ومنه أبطال غزة وكل العرب والمسلين وجميع الشرفاء في العالم, فإنهم يدركون من أنتم؟ وما هو مقامكم, ولو لدتم بالصمت مع بقية الأنظمة العربية لكان أحسن لكم, أما ان تتحدثوا أمام الكاميرات والأضواء الساطعة لنصرة عدوغزة, فقد كان الأجدر بكم أن تتستروا عندما تؤازرون عصابة مجرمة, تسفك دماء شعبكم, لا في غزة وحدها, بل حتى على خطوات من مقركم المشيد, والله يخلق ما يشاء.
التطورات الميدانية باقية على حالها, والمقاومة بألف خير في هذا اليوم الخامس عشر من العدوان المجرم الغادر, وفي العالم لا زالت المظاهرات تشتد وتزداد عددا وغضبا, ولا زالت الحكومات العربية خاصة أو معظمها تواجه المظاهرات بالعنف, لكن إرادة الشعوب لا تقهر, فقد خرجت المظاهرات في مصر ذاتها في جمعة الغضب الذي دعا إليه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي, الذي قاد بنفسه مظاهرة في عاصمة قطر, وقد قاد وفدا من علماء المسلمين أو اتحادهم الذي يرأسه إلى بعض العواصم العربية والإسلامية, لحث المسؤولين فيها على التصدي لجريمة الصهاينة في غزة, وقد قوبل بالترحاب حيثما حل, غير أن النظام المصري صاحب المبادرات العظيمة قد أعلن رفضه لاستقبال هذا الوفد, الذي كان يشرفه حضوره,لاسيما وأن الشيخ القرضاوي يحمل الجنسية المصرية إلى جانب الجنسية القطرية حيث يقيم, وهو من أصل مصري, لكن هذا شيء وأولئك شيء آخر, وكيف يلتقي حقا من يناصر غزة بمن يحاصرها ويخنقها ويحاربها على طريقته التي هي أبلغ ضررا مما تفعله عصابة الصهاينة؟؟؟ العجيب في جمعة الغضب هو أن حجم المظاهرات في مصر أعجز جهاز القمع عن التصدي لها, فسارت في العديد من مدنها مظاهرات ضخمة بالرغم من ساستها الذين قمعوا العديد من المظاهرات وزجوا بالمئات من منظميها في غياهيب السجون!!! والأعجب من ذلك هو ما فعلته "اليتيمة" في بلدنا الجزائر, وهي التسمية التي تطلق هنا على التلفزيون الجزائري, هذا الذي لم يعلن عن مظاهرات جمعة الغضب وأخر ذلك حتى اليوم السبت, وربما حتى النشرة الرئيسية عند الثامنة ليلا!!! ولو كان الذين يمنعون التظاهر في الجزائر يملكون ذرة من ذكاء لقادوا هذه المظاهرات بأنفسهم حتى ينالوا شرف الإشراف على ذلك السيل الجارف من البشر, الذي يستحيل منعه بقرار منع المظاهرات والمسيرات بمدينة الجزائر, وبقانون الطووارئ الساري في البلاد منذ توقيف المسار الانتخابي في مطلع التسعينات من القرن الماضي؟؟؟ لقد وصفت تلك المظاهرات الحاشدة بالمليونية, ورغم ذلك حاول النظام قمعها في العاصمة على الأقل, وسقط الجرحى بكثرة فيما يبدو في المواجهات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن, كما وقعت أحداث أخرى في نفس السياق, أو تجاوزات نتيجة محاولة القمع, لكن هل من العقل مواجهة جمهور من الملايين الغاضبة؟؟؟!!! المهم أن الشعب الجزائري قال كلمته بقوة ووضوح, وواجه بصدره كل معترض لطريق تضامنه مع غزة لسبب أو لآخر, وقد سجل بحروف من نور موقفه المشرف, وهل يعقل حقا أن يذهب الجزائريون إلى فلسطين للجهاد إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين والعرب والمسلمين, وقد كانوا يومها, في عام 1948 تحت نير الاستعمار الفرنسي الجبار, ويمنعون اليوم من التظاهر تأييدا لغزة بأي حجة كانت, وباي قانون ولو كان الدستور ذاته؟؟؟!!! شيء من العقل يا هؤلاء الذين أعمتهم الكراسي, وعطلت عقولهم المصالح, وأفقدتهم المغانم صواب التقدير وحصافة الحس السليم, علمتنا غزة الكرامة أشياء كثيرة وفضحت بعض الذين كانوا يتسترون بورقة توت, فاستحقت بذلك المجد الذي انتزعته, وتألقت حتى سمت فوق الجوزاء, والله يرزق من يشاء بغير حساب.

ليست هناك تعليقات: