الأربعاء، 14 يناير 2009

النشر والإشهار بالروابط/ اليوم التاسع عشر من العدوان الغاشم على غزة

غزة الحسم
لم يبق شيئا مستورا تحت الضغط العالي الذي سلطته المقاومة الشرسة الشريفة على العالم قاطبة, فها هي النظم العربية ترتبك, وهذه قمة الدوحة السامقة تتقرر بعد غد الجمعة إذا اكتمل النصاب, وفي ذات الوقت تعلن السعودية عن دعوتها لانعقاد قمة لمجلس التعاون الخليجي غدا الخميس في الرياض لبحث موضوع غزة !!! ولسنا ندري إذا كانت قطر ستحضر هذه القمة وهي - على الأقل - منشغلة بتحضير قمة الدوحة؟ وما ذا عن قمة الكويت الاقتصادية التي قال النظامان المصري والسعودي أنهما يعقدان أثناءها قمة تشاور عن غزة, ولذلك يرفضان قمة الدوحة؟؟؟ أما أبو الغيط الديبلوماسي العبقري, فقد قال إن قمة قطر ستقضي على قمة الكويت, وأن القادة العرب لا يقتصرون على بحث الاقتصاد في الكويت, بل يبحثون كل المسائل بما فيها غزة, ولذلك لا داعي لقمة الدوحة!!! وينسى هذا المخلوق أو يتناسى أن القمة العربية التي سبقت الدعوة إليها قد رفضتها النظم الموصوفة بالمعتدلة, وعلى رأسها النظام الذي يمثله أبو الغيط الهمام, ثم راحت هذه النظم التي قال "بيريز" أنها طلبت من عصابته الإجرامية القضاء نهائيا على "حماس", راحت تناور وتتلكأ وتتباطؤ لتعطي للصهاينة مزيدا من الوقت ليتموا إبادة شعب غزة, الذي يعكر بمقاومته الباسلة صفاء أجوائهم الموغلة في الملذات والمسرات والمتع, ولتذهب القضايا العربية والمصير العربي وفلسطين إلى الجحيم!!! غير أن قطر الشهامة المصنفة معتدلة في الأصل, لم توافق على الإطناب في الاعتدال إلى حد التعاون التام مع العصابة الصهيونية في الحصار والسياسة والديبلومسية, وتجويع شعب غزة وإبادته وإزهاق أرواح الأطفال الملائكية, والضغط الفظيع على المقاومة الماجدة, بل ممارسة التهديد والترهيب عليها حتى تستسلم طوعا لا كرها, لأنهم يخشون أن الاستسلام بالهزيمة أمر محل شك, وهم يريدون الهزيمة مهما كان الثمن, ولو بالتهديد والوعيد حيث لم تنفع الآلة الحربية الصهيونية المدعومة منهم سياسيا وديبلوماسا بل وعسكريا في شكل حصار خانق, رغم كل ذلك فقد أصبحوا يكررون التصريحات بأن حليفتهم العزيزة لا تستطيع القضاء على المقاومة عدوهم اللدود!!! مثل هذا السلوك المشين لا يمكن أن يدخل في منطق الاعتدال الموصوفين به, وإنما يدخل في دائرة الانقضاض على فلسطين وعلى الشعوب العربية كلها, لحماية مصالحهم الخاصة, ولو إلى حين من انقضاض هذه الشعوب المقهورة المحرومة عليها بقصد استرجاع حقوقها السليبة, لقد تجاوز القوم كل الخطوط الحمراء, وهو السبب الذي جعل قطر تنبو عن اعتدالهم لأنه ببساطة تطرف لصالح العدو الباغي وليس اعتدالا أبدا, فدعت إلى قمة تجمع كل من يربأ بنفسه عن هذا الاعتدال الزائف الخطير على أصحابه قبل أن يكون مضرا بالمصالح الحيوية لشعوبهم فما بالك بفلسطين, وهكذا ارتبك القوم أيما ارتباك عندما انتقلت قطر من الدعوة إلى القمة الطارئة في أي مكان يختاره المعنيون وفي الوقت الذي يناسبهم, لكن القوم رفضوا الفمة الطارئة رفضا قاطعا, فأرادت قطر الصغيرة أن تضع هؤلاء المنتفخين في حجمهم الطبيعي وفي مكانتهم الحقيقية التي اختاروها لأنفسهم, وأعلنت مشكورة عن عقد قمة طارئة في الدوحة وفي زمن اختارته لا يتجاوز ثلاثة أيام, وفي نفس اليوم الذي قرروا فيه عقد قمتهم الاقتصادية المزعومة في الكويت, لأنهم ببساطة وبغض النظر عن دورهم المخزي في غزة, لن يفعلوا شيئا في مسألة الاقتصاد ذاتها, وإنما يناورون وينشرون الضباب من حولهم متوهمين أنهم يستطيعون بذلك خداع شعوبهم وتضليلها, وهم لا يعلمون أن هذه الشعوب قد نفضت أيديها منهم إلى الأبد حتى لو أتوا بالمعجزات والكرامات, إذ أن حبل الكذب قصير, ولا يمكن ممارسة الكذب إلى ما لا نهاية, لقد دقت المقاومة العظيمة جرس الحقيقة التي أصبحت ناصعة, ولا يمكن - بعد الآن - أن يكون أي كان متمترسا في الظل والمناورات والإيهام والتضليل, فكل سيوضع في المكانة التي وضع نفسه فيها, ولا شيء آخر غير هذا, إن المقاومة هي التي قررت هذا الحسم القاطع, وما أعظمها وهي تقوم بهذا الفعل الذي يمثل منعرجا تاريخيا كبيرا وفاصلا, إنها عبقرية مقاومة شعب ذات المؤهلات الطبيعية لصنع التاريخ وتوجيهه, وهل عرف التاريخ يما صناعا له غير الذين ينعمون بالشجاعة والإخلاص والإلهام واضعين حياتهم ذاتها بعد قضيتهم مرتبة, فإما النصر أو الشهادة, أي الخيار بين أحد الحسنين, والمرتبة الأولى للنصر, الذي لا حياة بدونه, ومن ذا الذي حقا ومهما كانت قوته باغية وطاغية بقادر على من هانت عليه روحه في سبيل دينه ووطنه؟؟؟ لا أحد يمكن أن يقف في وجه هذا المارد المجاهد صانع التاريخ المجيد لأمته ووطنه, هذا هو الذي يقرر لا الصغار المنتفخين, ويا لعظمة قطر الكبيرة بموقفها, والتي تسامت وارتفعت وتألقت حتى بدا المنتفخين أمامها أقزاما, وأي حياة حقا وأي سلطة يمكن أن تستمر في الوجود العادي ولا نقول الكريم وأطفال غزة الأبرياء يذبحون بالمئات؟؟؟ فحياك الله يا قطر الشهامة فهناك صغار ماديا لكنهم عمالقة قدرا وإنجازا, بينما آخرون منتفخين يتعملقون وما هم في حقيقتهم سوى أقزام قميئين. إنها غزة تفرز وتضع كلا من هؤلاء في موضعه اللائق به والمستحق له بكل عدل وإنصاف, فليس الذي يجود بدمائه مثل الذي يستبد ويظلم ويضلل, بل ويذهب إلى حد التحالف مع عصابة مجرمة من أجل القضاء على مقاومة مجاهدة شريفة عفيفة, تبذل النفس والنفيس في سبيل الله وحرية الوطن. وها هم يقعون في شر أعمالهم وتتفجر أوضاعهم, ويختلط الحابل بالنابل من حولهم, ويتطاير نظامهم الهش شظايا بتطاير أشلاء فلسطين الشهداء الأبرار التي تورطوا فيها بكل ما يملكون, أو ليست هناك عدالة ربانية؟؟؟ أيمكن أن يستمر هذا المنكر بدون عقاب؟؟؟ هذا هو العقاب السماوي الذي جاء على يد المقاومة المباركة وبتزكية من قطر الشريفة, فتشردم النظام العربي الخائر بل انشرخ وصار إلى اندثار وبئس المصير, ولن تقوم له قائمة بعد اليوم ووافرحتاه على هذا الحسم الفاصل الذي أنجزته بطولات المقاومة الأسطورية, وبهذا يفتح باب الأمل عريضا أمام غزة وفلسطين كلها والشعوب العربية والإسلامية وكل شرفاء العالم, فلا يمكن أن تستقيم أمور العرب والعالم قاطبة ما دا هذا النظام الأخطبوطي قائما, ينشر الاستبداد والتضليل, ويتضامن مع أعداء الأمة على استمرارها نهبا للفقر والمرض والجهل من أجل أن يتمتعوا هم وأسيادهم الذين لا يتركون لهم إلا الفتات بثروات الشعوب العربية الطائلة, بدون تفكير ولا تدبير ولا رادع من قيم وضمير. على شعوبنا المقهورة أن تهب للالتفاف حول المقاومة التي حسمت وفصلت بين الحق والباطل وأظهرت الحقيقة ناصعة كالشمس, وفجرت هذا النظام الطاغية عدو الحياة وازدهار الشعوب ورقيها وكرامتها, على شعوبنا أن تلتف بحول المقاومة الباسلة بكل ما تملك من قوة, حتى لا تترك أي منفذ لهذا النظام المتعفن ليتسلل إليها من جديد بعد أن أزهقت روحه المقاومة العظيمة, وذهب غير مأسوف عليه إلى غير رجعة إن شاء الله رب العالمين.
في الجانب العسكري ما زالت المقاومة تقاتل بشراسة, وما زالت صواريخها تدك المستوطنات والمدن الصهيونية, وإنجازات إسرائيل الكبيرة, التي تتحدث عنها ما هي في الحقيقة سوى جرائم الحرب والتخريب والتدمير الذي استشرى منذ ثلاثة أيام, وها هو اليوم يوصف بأنه أعنف مما كان في أي وقت مضى من العدوان الإجرامي الجبان, لقد جن جنون إسرائيل بفعل فشلها العسكري الذريع, ولتحرك الآلة الدبلوماسية على المستويات كلها عربيا وأوروبيا وعالميا, فها هو "شافيز" البطل يقطع جميع علاقات بلاده بالعصابة الصهيونية, بعد أن ادعت هذه أن فنزويلا تسعى لإعادة العلاقات الدبلوماسية معها بعد أن قطعتها منذ أيام, وها هي "بوليفيا" تعلن هي الأخرى عن قطع علاقاتها مع كيان العدو المتوحش, وها هم العرب يعلنون على انعقاد قمم ثلاث خلال يومين غدا وبعد غد, وها هي الجمعية العامة للأمم المتحدة تقرر عقد اجتماع طارئ غدا الخميس لبحث قضية العدوان على غزة, كما أن اتحاد البرلمان التابع للمؤتمر الإسلامي سيجتمع غدا الخميس كذلك في تركيت لبحث العدوان الآثم على غزة, وهناك تحركات كثيرة على كل المستويات لوضع حد للعدوان الآثم المجرم على غزة, مما جعل قادة العصابة المجرمين يعلنون عن قبول هدنة مؤقتة في غزة, لقد ضج العالم كله بفضل الصمود البطولي للمقاومة النبيلة, وبفعل الجرائم البشعة التي يرتكبها الصهاينة بكل إصرار وترصد, وبسبب تجاوزاتهم الخطيرة للقوانين الدولية الخاصة بقواعد الحرب, فهم الآن مضطرون لوقف القتال ليس تحت ضغط الضجة الدولية التي بلغت ذروتها فقط, ولكن بسبب الهزيمة العسكرية الثقيلة التي تكبدوها في غزة, التي أتوا إليها لمنع انطلاق الصواريخ منها, فإذا بها تبلغ مناطق في عمق فلسطين المحتلة كم الم تفعل من قبل أبدا, إنهم لا يطيقون جحيم غزة كما يصفها جنودهم الجبناء, وقد فروا منها قبل سنوات فرارا, عندما كانت المقاومة بسيطة العدد والعدة, فلا يتصور بحال من الأحوال أن يبقوا في غزة كما يعلنون كذبا وبهتانا وحلما, ولا كما تريد المبادرة الاستسلامية التي وجدت من يصفها بالكريمة وياللعار والشنار!!!
تحدثت الأخبار عن بلوغ عدد شهداء غزة الأبرار 1033 شهيدا وقفز عدد الجرحى إلى 4850 جريحا, أغلبهم من الأطفال والنساء, لقد أصبحت مدن غزة المجاهدة خرابا يبابا, وقد استشاط الحقد الصهيوني فقصف هذه الليلة أحد المساجد ليلحقه بقائمة الخراب والتدمير التي لم تستثن أي شيء بما في ذلك المدارس والمساجد والمستشفيات وقبلها المنازل, إنه قصف عشوائي أعماه الحقد وأفقدته صوابه الهزيمة النكراء, فراح يدمر غزة الشهامة عن آخرها, ويدك المباني فوق رؤوس سكانها أو مرتاديها, إنها سكرات الموت التي شعر بها العدو المجرم الجبان, فصار هائجا مائجا يضرب كل شيء بكل ما لديه من الأسلحة الأمريكية الفتاكة. لقد ظهر الحق على الباطل ولاحت تباشير النصر المؤزر في الأفق فهنيئا لغزة مجدها المستحق, والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار, وعاشت فلسطين حرة عزيزة منيعة, والحمد لله رب العالمين.


بن سي رابح أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: