السبت، 12 نوفمبر 2011

رائعة لنزار قباني .. لكنها كانت ممنوعة .. يعري فيها النظام العربي المستبد الفاسد



رائعةٌ لـنـزار قـبّاني .. لكنها كانت ممنوعه

لمْ يبقَ فيهِم لا أبو بكرٍ .. ولا عثمان
جميعُهُم هياكـلٌ عظمية في متحفِ الزمان

تساقطَ الفرسانُ عن سروجِهم
واعتُـقِل المؤذنونَ في بيوتهم

واُلْـغِيَ الأذان
جميعُـهُم .. تضخَّـمت أثـدائُهم

وأصبحوا نسوان

جميعُهم قد ذبحوا خيولهم

وارتهنوا سيوفهم
وقدّموا نساءَهم هدية لقائد الرومان

ما كان يدعى ببلاد الشام يوما
صار في الجغرافيا...

يدعى (يهودستان)
اللهْ ... يا زمان
...
لم يبقَ في دفاترِ التاريخ

لا سيفٌ ولا حِصان
جميعُهم قد تركوا نِعالهم

وهرّبوا أموالهم
وخلَّـفوا وراءهم أطفالهم

وانسحبوا إلى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخـنَّـثوا
تكحَّـلوا...
تعطَّروا...
تمايلوا أغصان خيْزران
حتى تظنَّ خالداً ... سوزان

ومريماً .. مروان
اللهْ ... يا زمان...
...
جميعُهم قد دخلوا جُحورَهم

واستمتعوا بالمسكِ , والنساءِ , والرَّيْحان
جميعُهم : مُدَجَّـنٌ , مُروَّضٌ , منافِـقٌ , مزْدَوجٌ .. جـبان


هلْ ممكنٌ أن يَعْـقِـدَ الإنسانُ صُلحاً دائماً مع الهوان؟
اللهْ ... يا زمان ..
...
هل تعرفونَ من أنا ؟!

مُواطنٌ يسكُنُ في دولة ( قـَـمْـعِـسْـتان(
وهذهِ الدولة ليست نُكتة مصرية
او صورة منقولة عن كُـتُبِ البَديعِ والبيان

فأرضُ (قـَمعـِستان) جاءَ ذكرُها
في مُعجمِ البُلدان ...
وإنَّ منْ أهمِّ صادراتِها
حَقائِباً جِلدية

مصْنوعة من جسدِ الإنسان
اللهْ ... يا زمان ...
...
هل تطلبونَ نُـبْذةً صغيرةً عن أرضِ (قـَمعـِستان(
تِلكَ التي تمتدُّ من شمالِ أفريقيا
إلى بلادِ نـَـفْـطِـستان

تِلكِ التي تمتدُّ من شواطئِ القَهرِ إلى شواطئِ
القـتْلِ
إلى شواطئِ السَّحْلِ , إلى شواطئِ الأحزان ..
وسـيـفُها يمتـدُّ بينَ مَدْخلِ الشِّـريانِ والشريان

مُلوكُها يُقـرْفِصونَ فوقَ رَقـَبَة الشُّعوبِ بالوِراثة
ويَكْرهونَ الورقَ الأبيضَ , والمِـدادَ , والأقْـلامَ بالوراثة

وأول البُـنودِ في دُسْـتورها:
يَقـضي بِأنْ تُـلْغَى غريزَةُ الكلامِ في الإنسان
اللهْ ... يا زمان ...
...
هل تعرفونَ من أنا ؟!

مُواطنٌ يسكُنُ في دولةِ (قـَمْعـِسْـتان(
مُواطنٌ ...
يَحْـلُمُ في يومٍ من الأيامِ أنْ يُصبِحَ في مرتبة الحيوان
مُواطنٌ يخافُ أنْ يَجْلسَ في المقهى ..

لكي لا تـَطلـَعُ الدولة من غياهبِ الفنجان
مُواطنٌ أنا .. يَخافُ أنْ يقرَبَ زوجته

قُبيلَ أن تُراقبَ المباحثُ المكان
مٌواطنٌ أنا .. من شعبِ قـَمْعـِسْـتان
أخافُ ان أدخلَ أيَّ مَسجـدٍ

كي لا يُقـالَ أنّي رَجُـلٌ يُمارسُ الإيمان
كي لا يقولَ المُخبرُ السِّرِيُّ :

أنّي كنتُ أتْـلو سورةَ الرحمن


shaker Madkhali dr.shaker.y.m@gmail.com

الاثنين، 7 نوفمبر 2011

جوجل يحتفل بالذكرى الـ 144 لميلاد مارى كورى

ربّـِ
لآ أعلمُ أيّ كلامٍ في غيْبتي يقالُ عنِّي
ولأ أعلمُ أيّ ظنونٍ خاطئة تدورُ حوْلي
ربّـِ
أنتَ أعلمُ منِّي وَ منهم
فَ أحسن ياربّـِ ذكريْ فيماْ بينهم
فَ إنَّك الوحيد القادر على ذلك
جوجل يحتفل بالذكرى الـ 144 لميلاد مارى كورى
curie11-hp.jpg

2011-634562515360865780-86.jpg

يحتفل موقع جوجل اليوم بالذكرى الـ 144 لميلاد العالمة البولندية مارى كورى، وتعد أول إمرأة تحصل على جائزة نوبل مرتين مرة في الفيزياء وأخرى في الكيمياء.
ولدت ماري كوري (ماريا سكوودوفسكا) في مدينة وارسو البولندية، عاشت فيها حتى بلغت 24 من العمر لتنتقل بعد ذلك عام 1891 الى باريس، وتحصل على الجنسية الفرنسية فيما بعد.

اكتشفت مارى مع زوجها بيير كوري عنصري البولونيوم والراديون لتحصل معه مناصفة على جائزة نوبل في الفيزياء، كما حصلت بمفردها على نوبل في الكيمياء عام 1911 بمفردها بعد انجاز كبير حققته في الكيمياء.

وضعت ماري كوري نظرية النشاط الإشعاعي، و ساهمت في اكتشاف نظريات تسهم في فصل النظائر المشعة، وتحت إشرافها تمت أول دراسات لمعالجة الأورام باستخدام النظائر المشعة، كما أسست معهدي كوري في باريس وفي وراسو، حصلت على شرف أول أستاذة في جامعة باريس الفرنسية.
220px-Pierre_and_Marie_Curie.jpg
خلال الحرب العالمية الأولى أصبحت مارى عضوًا في منظمة بولندا الحرة. كما أسست معهد مخصص للعلاج بالراديوم في مدينة وارسو سنة 1932 (يسمى حاليًا معهد ماريا سكوودوفسكا كوري للأورام)، والذي ترأسته شقيقتها الطبيبة برونسوافا.

ورغم ولائها المعروف للدولة الفرنسية، إلا أنها لم تنس مطلقًا وطنها الأصلي بولندا، وظهر ذلك في إطلاقها اسم بولونيوم على العنصر الكيميائي المشع الذي اكتشفته سنة 1898.

نبذة عن حياتها

005016_COVER_l.jpg

ماري سكوودوفسكا كوري (بالبولندية: Marie Skłodowska–Curie) ‏ (7 نوفمبر 1867 – 4 يوليو 1934) عالمة فيزياء وكيمياء بولندية المولد، اكتسبت الجنسية الفرنسية فيما بعد. تعد من رواد فيزياء الإشعاع وأول من حصل على جائزة نوبل مرتين[1] (مرة في الفيزياء وأخرى في الكيمياء)، وهي أول امرأة تتبوأ منصب الأستاذية في جامعة باريس. اكتشفت مع زوجها بييركوري عنصري البولونيوم والراديوم وليحصلا مشاركةً على جائزة نوبل في الفيزياء، كما حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1911 بمفردها، وهي تعد أول امرأة تحصل على جائزة نوبل، والمرأة الوحيدة التي حصلت على الجائزة في مجالين مختلفين. وقد اقتسمت ابنتها إيرين جوليو-كوري وزوج ابنتها فردريك جوليو-كوري أيضًا جائزة نوبل لعام 1935.
ولدت
ماري كوري باسم ماريا سكوودوفسكا في مدينة وارسو (التي كانت آنذاك تابعة لمنطقة فستولا، وهو الاسم الذي كان يطلق على بولندا تحت حكم الإمبراطورية الروسية) وعاشت فيها حتى بلغت الرابعة والعشرين. وفي سنة 1891، لحقت بأختها الكبرى برونسوافا (بالبولندية Bronisława) التي سافرت إلى باريس للدراسة.
من إنجازاتها وضع نظرية للنشاط الإشعاعي (وإليها ينسب مصطلح "نشاط إشعاعي")[2]. كما ابتكرت تقنيات لفصل النظائر المشعة، واكتشفت عنصرين كيميائيين هما البولونيوم والراديوم، وتحت إشرافها أجريت أول دراسات لمعالجة الأورام باستخدام النظائر المشعة. كما أسست معهدي
كوري في باريس وفي وراسو.
ورغم ولائها المعروف للدولة الفرنسية، إلا أنها لم تنس مطلقًا وطنها الأصلي بولندا (بولونيا)، وقد ظهر ذلك في إطلاقها اسم بولونيوم على العنصر الكيميائي المشع الذي اكتشفته سنة 1898[3]، وخلال الحرب العالمية الأولى أصبحت عضوًا في منظمة بولندا الحرة.[4] كما أسست معهد مخصص للعلاج بالراديوم في مدينة وارسو سنة 1932 (يسمى حاليًا معهد ماريا سكوودوفسكا
كوري للأورام)، والذي ترأسته شقيقتها الطبيبة برونسوافا.

225px-Mariecurie.jpg

ولدت ماريا سكوودوفسكا في وارسو ببولندا في 7 نوفمبر 1867، وكانت ماريا الإبنة الصغرى من بين خمسة أطفال لاثنين من المعلمين. كان جدها لأبيها جوزيف سكوودوفسكي معلمًا في لوبلين، وكان من تلامذته الأديب البولندي بوليسلاف بروس،[5] والدها فلاديسلاف سكوودوفسكي (الذي كان معلمًا للرياضيات والفيزياء) ومدير لصالتي ألعاب رياضية للفتيان في وارسو، أما والدتها برونيسلافا سكوودوفسكي فكانت تدير مدرسة داخلية للفتيات في وارسو وكانت تعاني من الدرن، الذي أودى بحياتها عندما كانت ماريا في الثانية عشرة من عمرها. كان والدها لا دينيًا، بينما كانت والدتها ـ على النقيض ـ كاثوليكية متدينة.[6] وبعد عامين من وفاة والدتها، لحقت شقيقتها الكبرى تسوفيا بوالدتها متأثرة بمرض التيفوس. ووفقًا لروبرت وليم ريد، فقد نبذت ماريا الكاثوليكية تحت صدمة وفاة والدتها وأختها، وتحولت إلى اللاأدرية[7].
200px-Sklodowski_Family_Wladyslaw_and_his_daughters_Maria_Bronislawa_Helena.jpg

صورة تجمع الأب فلاديسلاف سكوودوفسكي وبناته ماريا وبرونسلافا وهيلينا (من اليسار إلى اليمين) سنة 1890


التحقت ماريا وهي في العاشرة من عمرها بالمدرسة الداخلية التي كانت تديرها والدتها، ثم التحقت بمدرسة أخرى للبنات تخرجت فيها في 12 يونيو 1883، ثم قضت عامًا في الريف مع أقارب والدها، وبعدها انتقلت إلى وارسو لتعمل بالتدريس الخاص. كانت عائلتا والدها ووالدتها قد فقدتا ممتلكاتهما وثرواتهما نتيجة انخراطهما في العمل الوطني، مما جعل ماريا وإخوتها يعانون ماديًا لمواصلة طريقهم في الحياة.[8].

أبرمت ماريا مع شقيقتها برونيسلافا اتفاقًا بمقتضاه تسافر برونيسلافا لدراسة الطب في باريس على أن تنفق عليها ماريا، ثم تتبادل الأختان المواقع بعد عامين.[9] فعملت ماريا مربية لدى أسرة أحد المحامين في كراكوفيا، ثم لدى أسرة تسورافسكي (وهي عائلة ميسورة تمت بصلة قرابة إلى أبيها) في مدينة تشيخانوف، وهناك وقعت في حب أحد شباب تلك الأسرة وهو كازيمير تسورافسكي (الذي صار فيما بعد من كبار علماء الرياضيات)، غير أن أسرته رفضت زواجه من تلك الفتاة المعدمة. ولم يكن للفتى كازيمير القدرة على الاعتراض، ونتيجة لذلك استغنت الأسرة عن خدمات ماريا[10]، فاتجهت للعمل لدى أسرة فوكس في مدينة سوبوت الواقعة على بحر البلطيق في شمال بولندا، حيث قضت عامًا ولم تتخل طوال تلك الفترة عن إعانة شقيقتها ماديًا.

200px-Krakowskie_Przedmiescie,_Warsaw.jpg
المعمل الذي قامت فيه سكوودوفسكي بأولى تجاربها العلمية 1890–1891.

وفي مطلع عام 1890، وبعد شهور قليلة من زواج برونيسلافا من كازيمير ديوسكي، وجهت برونيسلافا الدعوة لأختها ماريا للحاق بهما في باريس، غير أن ماريا أحجمت عن ذلك لعدم قدرتها على توفير نفقات الدراسة بالجامعة، ولرغبتها في الزواج من كازيمير تسورافسكي. فعادت إلى والدها في وارسو، حيث ظلت معه حتى خريف 1891، وبدأت في التدريس الخصوصي والتحقت بالدراسة في جامعة سرية كانت تسمى آنذاك بالجامعة العائمة، وبدأت في التدرب في مختبر متحف الصناعة والزراعة قرب مدينة وارسو القديمة، وهو المعمل الذي كان يديره قريبها جوزيف بوغوسكي، الذي سبق له العمل مساعدًا للكيميائي الروسي ديميتري مندلييف في سانت بطرسبرغ[11].
وفي أكتوبر 1891، رضخت ماريا لإصرار أختها وقررت السفر إلى فرنسا، وخاصة بعد أن وصلها خطاب من تسورافسكي أنهى كل آمالها في الارتباط به[6]. وفي باريس، أقامت ماريا لفترة قصيرة مع أختها وزوج أختها قبل أن تقوم باستئجار حجرة بسيطة على سطح أحد المنازل[12]، وانهمكت ماريا في دراستها للفيزياء والكيمياء والرياضيات بجامعة السوربون في باريس.



الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

لماذا لم يرد النظام السوري على مشروع الجامعة لعربية حتى الآن؟ .. بقلم عبدالمالك حمروش



لماذا لم يرد النظام السوري على مشروع الجامعة لعربية حتى الآن؟ .. بقلم عبدالمالك حمروش



مشروع الجامعة العربية يتكون من نقطتين:
1- سحب الآليات الحربية من المدن
2 - الشروع في الحوار مع المعارضة والنظام السوريين في القاهرة
ربما تكون هناك بعض التفاصيل لكن دائما في حدود هذين المطلبين الأساسيين
كنا ننتظر ردا سلبيا لاعتبارات عدة محصلتها هي أن النظام الذي تورط في إراقة دماء الشعب لا يمكنه الرجوع بسهولة عن ذلك وقد يعجز نهائيا عنه .. أو هو في أحسن الأحوال لم يبلغ بعد درجة اليأس والضعف المفضي إلى الانهيار .. لذلك لا يتوقع منه ردا إيجابيا اللهم إلا إذا حصلت مفاجآت لم تكن في الحسبان لكنها قد تحدث في سياق اعتراف رئيس النظام السوري للصحافي البريطاني الذي قابله بخطئه في إدارة الأزمة ولعل تصحيح ذلك يقع في دائرة المشروع العربي لإنهاء الأزمة .. أقول مشروع الجامعة العربية وليس المشروع العربي لما بين التعبيرين من فروق شاسعة لا يجمع بينها جامع .. هناك توازنات داخلية للنظام السوري هي ذاتها تمثل عرقلة بيروقراطية وسياسية لاتخاذ أي قرار مهما كان مفيدا وسهلا وبسيطا .. وهناك من لا زال يتمسك بالحل الأمني معتقدا أنه بإمكانه الانتصار على الشعب واحتوائه وإخضاعه والعودة إلى ما قبل اندلاع الثورة .. ومثل هذه القناعة قد تكون خاصة لدى العسكر .. مما يجعلهم يخافون على سمعتهم عند اتصافهم بالهزيمة أمام مظاهرات سلمية مسالمة تطالب بالحرية والعدالة والكرامة والازدهار .. وبذلك يفقدون مكانتهم ربما إلى الأبد كقوة إخضاع وبطش وتنكيل .. وفي نهاية المطاف لا شك أن هناك صراعا كبيرا بين الأطراف السورية المتعددة والقوية التي تكون متفقة على استمرار النظام مهما كلف ذلك من ثمن وبالتالي اعتماد الحل الأمني واستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين وقمعهم وإخضاعهم مجددا ونجاة النظام بجلده وعودته لحكم البلد كما كان يفعل قبل اندلاع الثورة .. ودون شك فإن هناك أصوات أخرى بدأت ترتفع داخل النظام تنادي بحل الأزمة سلميا قبل فوات الأوان .. وربما أن هذا التيار كان وراء مشروع إنهاء الأزمة التي تقدمت به جامعة الدول العربية لإنهاء الأزمة .. وعدم الرد على المشروع الذي كان من المفروض أن يقع اليوم الإنثين وقد لا يرى النور تماما بسبب الصراع الحاد بين الطرفين داخل النظام السوري المترنح .. وبدون شك سيصدر ردا ما قد يكون حالة وسطا وربما قد يصدر بمضمون ضعيف مما يفيد بأن أنصار الحرب قد انتصروا .. ومهما يكن من أمر فإن رد النظام السوري أو عدم رده أو رده بمضمون فارغ سيعطي للمتتبعين للثورة السورية أو الأزمة كما يحلو للبعض تسميتها مؤشرات قوية وواضحة يمكن لكل من يسعى إلى الحل محليا وإقليميا ودوليا أن يبني على أساسها وعدم انتظار تعاون مستحيل مع النظام السوري .. وهذا ما ستعرفه الساعات القادمة الحبلى بالاحتمالات المرجحة للحرب أو السلام في سوريا بين الشعب وممثليه في الهيئات الثورية المختلفة والنظام السوري المستعمل للقوة الغاشمة وإرادة الاستمرار في الحكم بقوة الحديد والنار.
عبد المالك حمروش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاثنين، 31 أكتوبر 2011

الثورة العربسية .. هل هو المخاضالعسير أو الفوضى الخلاقة؟ بقلم عبد المالك حمروش


الثورة العربية .. هل هو المخاض العسير أو الفوضى الخلاقة؟ بقلم عبد المالك حمروش

المخاض العسير


ما يجري على الساحة العربية سواء في البلدان الثلاثة التي أطاحت بالنظام البائد المستبد أو في الإثنتين اللتان لا زالت المعركة فيهما ضارية أو تلك التي تتململ بدرجات متفاوتة وهي كل بلدان العرب من المحيط إلى الخليج .. ينظر المتفائلون إلى الأمر على أنه طبيعي فليس من السهل حسم أمر بحجم تغيير نظام مستبد وقد يكون عميلا كل العمالة أو بدرجة ما على الأقل, والحال أنه على استعداد تام لإبادة الشعب بأكمله وحرق البلد عن آخره ليبقى هو ولو كالبومة ينعق في الخلاء الأسود .. لقد شاهدنا في مختلف الحالات كيف استعمل النظام القوة المفرطة ولم يتردد في مواجهة المتظاهرين وغيرهم بالقتل دون تمييز وبالقصف العشوائي لكل شيء بما في ذلك البيوت الآمنة واستعمال كل الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا والتي هي في الأصل مقتناة بأموال الشعب من أجل حمايته ووطنه من العدوان الخارجي .. فإذا بها لا تصلح لشيء إلا لإبادة المواطنين العزل الأبرياء المطالبين بأبسط حقوق الحياة الكريمة على أرضهم وفي بلدهم وديارهم فعد ذلك جريمة لا تغتفر يستحقون من أجلها الفناء التام .. ولكن تبقى المعركة الداخلية والصراع بين الشعب والنظام ولا وجود للأجنبي إلا على مستويات إعلامية وديبلوماسية لا تعد تدخلا خطيرا في الصراع كطرف يحسم المعركة لصالحه في النهاية .. مما يعني أن الذي يجري على الساحة هو ثورة شعبية شبابية من أجل الحرية والكرامة والعدل والديمقراطية أو ما اصطلح عليه بالتغيير وهو أمر حاصل لا محالة مهما كانت التضحيات جسيمة ومهما طال زمن الصراع .. يأتي هذا الفهم للحدث من وضع سابق بعشرات السنين سادت فيه الدكتاتورية في بلاد العرب إلى درجة التفريط في كل شيء وإهمال كل شيء وطنا وشعبا بل التنافس على العمالة للكيان الصهيوني وحماته في الغرب أمريكا وأوروبا .. وما رافق ذلك من ثورة في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال وسريان المعلومات بسرعة ودقة بين الناس في كل أنحاء المعمورة .. الأمر الذي جعل الشعوب تعي بوضوح وضعها وتبحث عن خلاصها بأي ثمن وهي في سبيل ذلك تدفع من أرواحها ودمائها وأعراضها بسخاء ودون تردد وهي بالغة غايتها مهما طال الزمن ما دامت تعمل بقاعدة "اطلب الموت تكتب لك الحياة" ذلك أنها أدركت بكل وضوح أنه لا سبيل لها إلى الحياة الكريمة غير التضحيات الجسام .. ومعلوم أن من ارتضى تقديم مثل هذه التضحيات الكبيرة لا يمكن أن يهزم ولو اجتمع عليه العالم بأسره..وهكذا يكون الانتصار في حكم الحالصل وسترفع الأعلام الدالة على ذلك قريبا على مجمل بلاد العرب كنتيجة منطقية لا ريب فيها لما يجري من مخاض عسير.

الفوضى الخلاقة


نتذكر جيدا كيف كانت الدعوة البوشية الكوندوليزية إلى إقامة الشرق الأوسط الكبير أو الجديد مقرونة بما زعموه من منهجية الفوضى الخلاقة المؤدية إلى هذا الشرق الذي يريدونه بقيادة الكيان الصهيوني بعد أن يفتتونه بفوضاهم هذه إلى كانطونات صغيرة عن طريق إشاعة الصراعات القبلية والعشائرية والطائفية والإثنية وغيرها مما يجري بالفعل بدرجات متفاوتة في كل بلد عربي منذ تلك المدة التي تزامنت خاصة مع الحرب الصهيونية الأمريكية الغربية العميلة على لبنان أو ما عرف بحرب تموز 2006م, والتي هزم فيها هذا الحلف الشرير أبشع هزيمة .. وها هو يستأنف نشاطه بقوة هذه الأيام كما يرى البعض ولا خلاف على ذلك .. لكن الخلاف هو حول هل الذي يجري على الأرض العربية ثورة حقيقية أم هو فوضى خلاقة صنعها الغرب والصهيونية ويسيرها كما يريد من أجل التفتيت ثم التقسيم ثم الهيمنة الدائمة للصهيونية وأمريكا والغرب وعملاؤهم الذين قد ينجون من هذه العملية الاستعمارية الجديدة .. مع نفي أي وجود لشيء يمكن تسميته بالثورة العربية لدى أصحاب هذا الرأي المتشائم على الأقل تجنبا للقول إنه مشبوه .. هذه النظرة تحتقر الذات العربية كما لم يحصل في التاريخ حتى في أيام الانحطاط والاستعمار والاستبداد والعمالة .. وهي من كل الوجوه ولأبسط الأسباب الإنسانية الطبيعية مرفوضة لا لتشاؤمها المفرط فحسب بل لمعاداتها للإنسانية وحكمها القاسي المستحيل على الإنسان العربي بالعجز التام بل بالشلل والجمود والغباء والسلبية المطلقة مما يجعله لقمة سائغة للحلف الشرير المشارإليه يحركه كيفما يشاء وإلى حيث يريد وهو بالغ به لا محالة عن طريق ما يجري من الفوضى الخلاقة مآربه في التشتيت والتفتيب والتقسيم والإخضاع النهائي التام إلى دولة واحدة كبرى في المنطقة هي الكيان الصهيوني ومن خلاله أمريكا والغرب وبقايا العملاء المفترض بقاؤهم خاصة في الكيانات الكانطونية الخليجية التي سبق تفتيتها وتقسيمها وتقزيمها في فترات تاريخية سابقة .. لكن هذا التفسير للثورة العربية العارمة هو إما مرضي ووهمي وصادر عن عقدة نقص محكمة وهذا في أحسن الأحوال أو هو مشبوه يتلقى الإيحاء أو الإملاء من أطراف الحلف المريد شرا بشعب العرب أو هو كل هذا .. لذلك ينبغي تسفيهه وهو كذلك بالفعل ومن ثم وجب التنبيه إلى دوره الخطير في المس بالروح المعنوية للشعوب الثائرة ومحاولة تحجيم ثورتها إن لم يمكن إجهاضها والقضاء عليها قضاء مبرما .. وإنها لحركة تعيسة ضد تيار التاريخ لذلك يتوقع لها الهزيمة النكراء التي ستصيب لا ريب أسيادها المحليين والإقليميين والعالميين من الحلف الشرير المذكور.

عبد المالك حمروش

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

نوبل للناشطة اليمنية توكل كرمان

جمعة مباركة .. نوبل للسلام للناشطة اليمنية توكل كرمان بالإشتراك مع الليبيريتين إلين سيرليف وليما غبوي










أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في أوسلو عن منحها الناشطة اليمنية توكل كرمان ورئيسة ليبيريا إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبرية ليما غبوي جائزة نوبل للسلام للعام الحالي 2011.


توكل كرمان أول امرأة عربية تحرز جائزة نوبل للسلام




لم يتوقع أحد أن تكون الناشطة اليمنية توكل كرمان واحدة من بين ثلاث نساء توجن بجائزة نوبل للسلام 2011. فمن هي هذه الحقوقية الشابة؟ ولماذا منحتها الأكاديمية الملكية السويدية أبرز جوائزها؟

قليل ورد عن سيرة اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام 2011 - بالاشتراك مع إلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا ومواطنتها ليما غبوي .

فهي صحافية وناشطة حقوقية وعضو في "حزب الإصلاح الإسلامي" المعارض لنظام الرئيس علي عبد الله صالح.

توكل كرمان من مواليد العام 1979 في محافظة تعز (جنوبي العاصمة صنعاء). وقد تم اعتقالها في يناير/كانون الثاني الماضي بتهمة "إقامة تجمعات ومسيرات غير مرخص لها قانونيا والتحريض على ارتكاب أعمال فوضى وشغب وتقويض السلم الاجتماعي العام" ليتم الإفراج عنها ثلاثون ساعة بعد ذلك. وقد بدأت الشابة الإعلامية والناشطة الحقوقية معركة النضال من أجل "يمن ديمقراطي حديث" مبكرا، وكانت في 2005 من بين مؤسسي منظمة "صحافيات من دون قيود". وقالت يومها إن أهم أهداف المنظمة تتمثل في تجميع الصحافيات، وتشكيل حلقة وصل بين الصحافيات في داخل وخارج اليمن لتبني مجموعة من القضايا المشتركة التي نؤمن بها، وذلك بغض النظر عن أي مرتكزات للعضوية كالجنسية أو الاتجاه الديني أو السياسي".




وصرحت توكل كرمان فور الإعلان عن أسماء المتوجات الثلاث بجائزة نوبل للسلام إن فوزها "انتصار للثورة اليمنية وللشعب اليمني والشباب وانتصار كذلك للمرأة"، مضيفة أنه "اعتراف بكفاح اليمنيين من أجل حرية التعبير وحقوق الإنسان"، مذكرة أن الاحتجاجات في بلادها "انطلقت في 2007" وشددت كرمان أن فوزها بنوبل السلام، وهي لم تعلم أصلا بأنها ضمن قائمة المرشحين، "رسالة إلى كل الأنظمة المستبدة عبر العالم".
وأنهت توكل كرمان كلامها قائلة إن "انتصارها انتصار لكل هؤلاء الشباب العربي الذين وقفوا في وجه أنظمتهم مدافعين عن الحرية والكرامة".



الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

تشكيل المجلس الوطني السوري

تشكيل المجلس الوطني للمعارضة يضع سوريا في مفترق الطرق .. بقلم: عبد المالك حمروش






ما هو ملفت للنظر حاليا في تطورات الوضع السوري هو نشأة المجلس الوطني الموحد للمعارضة وبداية أعمال مسلحة وانشقاقات متنامية في الجيش وبداية تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتصاعد الإصرار الشعبي على التخلص من النظام الذي اختار المواجهة الدامية مع الشعب وقمعه بكل الطرق واستعمال القوة الغاشمة العمياء لذلك..وبالتالي وصول المواجهة إلى نقطة اللارجوع وبلوغ مفترق الطرق التي لن يطول التوقف عندها فالأحداث متسارعة والكل في عجلة من أمره ولا مجال للانتظار ..

المجلس الوطني الموحد:بعد أخذ ورد ومخاض عسير أمكن للمعارضة بكل أطيافه بمن فيها الخارجية ولجان التنسيق الميدانية من تكوين المجلس الوطني مستفادا في ذلك من التجارب السابقة في البلدان الأخرى وخاصة منها ليبيا واليمن الشبيهتان بالحالة السورية.. ففي كل هذا البلدان قامت ذات المحاولة لكن كانت تعاني من نقائص متفاوتة أنجحها نسبيا كان المجلس الوطني الليبي ولعل أبرز سلبياته تتمثل في محدودية تمثيله للقوى الداخلية خصوصا وهو الأمر الذي يعاني منه حاليا إلى درجة العجز عن تكوين الحكومة المؤقتة .. أما في اليمن فإن الأمر يبدو قد فشل تماما أو على الأقل تجمد, فلم نعد نسمع شيئا عن المجلس الوطني اليمني الذي نشأ ذات يوم ودون ريب فإن معضلة التمثيل هي التي أبطلت مفعوله .. كل هذه التجارب إلى جانب الوضعيات والصراعات الجارية في كل من تونس ومصر وهي بشكل أو بآخر تعود لوحدة التمثيل وشمولية المعارضة لكل الأطياف السياسية من معارضة وقوى ثورية ناشئة كان لها الدور الأساسي في قلب الأوضاع ولا زالت قادرة على التأثير في الأحداث دون أن تتهيكل وتنتظم رسميا على الساحة السياسية في صورة أحزاب أو هيئات يمكن لها المشاركة في الحياة السياسية بصفة قانونية ورسمية .. يبدو أن المجلس الوطني للمعارضة السورية قد استفاد من كل التجارب وحرص على ضم كل الأطراف الفاعلة في المعارضة الداخلية والخارجية وفي القوى المسيرة للاحتجاجات ولعل منها النوات العسكرية التي بدأت تتكون من المنشقين عن الجيش أو ما سمي الجيش الحر وأيضا بعض الأطراف القليلة التي شرعت فيما يبدو في استخدام السلاح مضطرة للدفاع عن حياتها وعرضها وكرامتها .. مثل هذا المجلس إن كان ممثلا لكل أطياف المعارضة حقا سيكون لاعبا قويا في الميدان وعقبة كأداء جادة في وجه النظام السوري المندفع دون رجعة في اتجاه المعالجة الأمنية الفظيعة بكل قسوة وإفراط مما جلب له القطيعة النهائية مع الشعب ومع معظم العالم والرسمي والشعبي مهما كانت الخلفيات لكنه هو من قدم المبررات لكل من يعمل ضده في الداخل أو الخارج بما في ذلك الأصدقاء والأشقاء السابقين .. الخلاصة هي أن المجلس الوطني للمعارضة السورية خرج إلى الوجود في أكمل صورة عرفتها الثورة العربية لحد لذلك يتظر أن يلعب دورا أكمل من سابقيه مهما كانت مسمياتهم ودرجات نجاحهم أو فشلهم .. مما يفتح الأفق على تطورات لاحقة يرجح أن تكون في صالح الثورة وضد النظام أولها العزلة الخانقة على المستوى الدولي للنظام حيث يجد المجتمع الدولي محاورا عالي الكفاءة يمكنه أن يغنيه عن التعامل على مضض مع النظام المنتحر بسلوكه المشين.
الحرب الأهلية: هناك استقطاب ملحوظ دعمه تشكيل المجلس الوطني للمعارضة يتمثل في الانشقاقات المتزايدة في الجيش بشكل يومي وبتسارع لافت للنظر وهي خطوة في منتهى الخطورة وكانت منتظرة منذ البداية بل تعتبر متأخرة .. ذلك أن سيلان الدم أنهارا لا يمكن لذي شعور وطني بريء من الشبهات أن يتحمله طويلا, فبالرغم من الطبيعة الطائفية والعائلية للجيش السوري على الأقل في قياداته كما هو الأمر تقريبا مع فروق ليست جوهرية بالنسبة للجيشين اليمني والليبي إلا أن الجمهور الكبير للجيش المتكون من الجنود وضباط الصف وصغار الضباط لا يمكن تصور تورطهم في الفساد والانتفاع بالمال العام كما هو الأمر في القيادات العليا التي هي زيادة على ذلك ذات ارتباطات عائلية وطائفية بالنظام .. لا يمكن أن يطول الأمر كثيرا حتى يبلغ تأثير سفك الدماء درجة لا تطاق عند الأغلبية الساحقة من أفراد الجيش المشار إليهم .. وهكذا تبدأ الانشقاقات حيث يصير أي مصير صعب يمكن أن يتعرضوا إليه أهون من قتل مواطنيهم أو تعذيبهم والتنكيل بهم والاعتداء على شرفهم وممتلكاتهم .. مثل تلك الممارسات لا يمكن تحملها لوقت طويل ومن المستغرب حقا أنه تأخرت لمدة سبعة أشهر كاملة لأسباب معروفة لكنها غير مبررة تبريرا كافيا لهذا التأخر.. المهم أن هناك قوة مسلحة آخذة في النمو من هؤلاء ومن عناصر أخرى بدأت لا تطيق البقاء في الوضع السلمي أمام المعاناة الرهيبة .. غير أنه من المتوقع بسبب الطبيعة الطائفية للنظام والعائلية وللجيش عامة أن يحافظ النظام مهما كانت الظروف على قسم معتبر من الجيش لا يتصور انشقاقه عنه أو تمرده عليه, مما يجعل القوتين متقاربتين في العدد على الأقل, ومن ثم تصبح المواجهة واردة بشكل قوي وقد يطول أمده مما يجعلها في النهاية حربا أهلية ضارية لا تبقي ولا تذر والعياذ بالله .. ولو أن مثل هذه الحرب المحتملة لا يتصور استمرارها طويلا لأنها ستفضي إلى توازن في القوى يمكن أن يعرض البلاد بجدية للانقسام, وفي ذات الوقت سيضعف كل الأطراف مما قد يجعل الانهيار التام للنظام واردا وحينئذ ستقع تداعيات خطيرة لا ريب وقد يكون المجلس الوطني الناشيء في هذه الحالة هو المنقذ المنتظر لمنع الانقسام والتفتيت للوطن, وبالتالي وقف الحرب الأهلية في بداياتها والحلول محل النظام القائم بدعم جهوي إقليمي ودولي للمحافظة على التوازن الذي يلعبه الوضع السوري المستقر لفائدة كل الأطراف وعلى رأسهم الكيان الصهيوني, وإذا فإن فرضية الحرب الأهلية واردة لكنها ستوقف في بداياتها ليتسلم المجلس الوطني للمعارضة الحكم في مرحلة مؤقتة كما هو الأمر في ليببيا في انتظار قيام الحالة الديمقراطية الدائمة والمنتظرة.

التدويل: إذا انزلقت الأمور إلى مواجهات تنذر بالحرب الأهلية أو ساءت الأوضاع الإنسانية وأفرط النظام أكثر في استعمال القوة والقهر فإن المجتمع الدولي لا يمكن ان يظل متفرجا إلى ما لا نهاية, وإن كانت سلبيته لحد الآن ليست بسبب الموقف الروسي وبعض الدول الأخرى بدرجة أقل فلم يكن لهؤلاء في يوم من الأيام القدرة على إيقاف ما يريده الغرب, هذا الغرب الذي كان راضيا على النظام السوري كغيره من النظم العربية لأنه يدور في فلكه ويقوم بكفاءة بالدور الذي يحدده الغرب له, لهذا فإن المجتمع الدولي كما يحلو لهم وصفه للتنكر من ورائه لا زال يأمل في انتصار النظام السوري وعودته إلى القيام بدوره المعهود في صالح الغرب والكيان الصهيوني وحلفائهم في المنطقة بل في العالم كله .. تماما كما فعلوا مع المطاح بهم ومع طاغية اليمن وحتى تلك النظم التي هي مرشحة أكثر من غيرها لاندلاع الثورة عليها, إنهم يعطونهم الفرصة كاملة ويماطلون وينافقون بالتظاهر بأنهم ضدهم بينما يشجعونهم سرا على مواصلة القمع وارتكاب المجازر والفظائع طمعا في إيقاف الثورة او على الأقل عرقلتها وتحريفها عن أهدافها لكي لا تصل إلى الانتقال الديمقراطي التام الذي يضيع مصالح الغرب والكيان الصهيوني تماما مثل النظام العربي القائم .. لكن هناك حدودا لا يمكن للغرب أن يتجاوزها خوفا من شعوبه ومن فقدان الثقة والتعامل نهائيا مع الشعوب العربية إن هي استلمت السلطة, لذلك فإن الغرب يناور وينافق لكنه عندما يرى الأمور قد بلغت الخط الأحمر فإنه يتدخل حتما تحت غطاء المجتمع الدولي كما فعل في ليبيا وكما يوشك أن يفعل في اليمن بعد عودة الطاغية حاقدا ليعلن حرب إبادة على شعبه .. وهو أمر مرفوض للأسباب المذكورة وغيرها, ومفضي حتما إلى التدويل, وهو وضع لاريب سلبي ومضر بالوطن ولذلك تعلن جميع الأطراف الآن في سوريا معارضتها للتدويل, لكن كل الأطراف لا تستطيع أن تمنعه وقد يستحسنه بعضها عندما يتجاوز الوضع الخطوط الحمراء .. وكما قيل بحق في الوضع الليبي حينما تصل الأمور إلى الاختيار بين السرطان والعلاج الكيميائي .. أي بين نيرون ليبيا السفاح وبين الغرب ممثلا في الناتو..أما عن نتائج التدويل السيئة فلن تكون واحدة لأن ظروف كل بلد وحيثيات الصراع فيه تفرض وضعا معينا متفاوت الخطورة, لكن ما لا يمكن تجاهله هو احتمال التدويل في ذاته تبعا للتطورات الحاصلة حتى الآن.

انهيار النظام:التآكل الذي بدأ يظهر وينمو في الصورة من كل جوانبها والذي يتمثل خاصة في نشأة المجلس الوطني كهيئة سياسية ذات اعتبار وقوة وتمثيل يوجه ضربة قاصمة للنظام كونه نوعا من التمثيل الشعبي الشرعي والتنظيم السياسي البديل الذي أصبح جاهزا بالإضافة إلى الانشقاقات المتنامية بسرعة في الجيش وهوأمر يؤشر على احتمال تكوين جيش لا يستهان به ليحد من حرية الجيش الرسمي وحرية تصرفه مما قد يفضي إلى تحرر مناطق كاملة كما وقع في شرق ليبيا مما يمثل ضعفا وانكماشا عسكريا للنظام ولنفوذه الذي قد يفقد تماما في مناطق واسعة من البلاد أضف إلى ذلك من الناحية الاقتصادية لا مناص من التأثر بالوضع غير الآمن وتناقص الانتاج المحلي وأيضا المضار الاقتصادية الناجمة عن العقوبات المتزايدة فرديا وجماعيا من كثير من الدول وأهمها الغرب كله .. كل هذا سيجعل الحياة الاجتماعية جحيما متناميا مما قد يؤدي إلى وضعيات إنسانية تستوجب التدخل الأجنبي باسم المجتمع الدولي وهذا جانب من التدويل يتآزر مع التدخل العسكري والسياسي والديبلوماسي وغيره .. هذه الضغوطات والتهديدات والتآكلات المتنوعة قد تفضي بالنظام في لحظة معينة إلى العجز شبه التام عن الأداء مما يجعل الأمور تفلت من بين يديه وبالتالي يصبح عاجزا عن الاستمرار وينهار تماما وعنده قد يكون المجلس الوطني للمعارضة ولجان التنسيق الداخلية قد تهيأت للقيام بتعويضه والقيام بتسيير المرحلة الانتقالية بكفاءة متوقعة إذ أن التركيبة البشرية للمجلس الوطني الناشئ هي دون جدال أقوى من مثيلتها في ليبيا وبالتالي فهي قادرة على سد الفراغ الذي لن يحدث أبدا نظرا لوجود هذه الهيئة القادرة على تسيير شؤون البلاد في كل حين .. هذه هي الطريق التي قد تسير سوريا في واحد منها خلال الأسابيع المقبلة لأن الطريق الآخر المتمثل في استجابة النظام للمطالب الشعبية المشروع أمر أصعب من المستحيل ولا يتوقع حدوثه أبدا .. وبالتالي فإن مبررات وجود هذا النظام قد زالت نهائيا ولا بد من ظهور البديل في أقرب الآجال لأن الطبيعة كم قيل بحق تخشى الفراغ.


عبد المالك حمروش

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

ثورة الشعوب العربية والنخب المستلبة

ثورة الشعوب العربية والنخب المستلبة


ثورة الشعوب العربية والنخب المستلبة .. بقلم عبد المالك حمروش


النخبة بالمعنى الدقيق متفاوتة الوجود في بلدان العرب .. لكنها لا توجد مكتملة في أي منها, وبالطبع فالنخب المقصودة أساسا هي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية .. كلها لا يسمح السلطان برقيها واستكمالها وانتظامها حتى لا تشكل قيادة محتملة للمطالب الشعبية ولطموح المجتمع إلى الحرية والتقدم .. وفي بعض البلدان التي تعثرت الثورة فيها مثل ليبيا واليمن لا يمكن الحديث عن النخب أساسا كون النظام الفردي العشائري المستبد منع حضورها الضعيف ذاته .. وعلى العموم فإن السلطان يفضل الولاء على الكفاءة, هذا الاتجاه من السلطان لقي استجابة من أشباه النخب كونها هي الأخرى رمت قضايا أوطانها وشعوبها وراء ظهرها وراحت تلهث وراء مصالحها الشخصية الضيقة التي وجدتها في القبول بدور الخادم للسلطان مقابل ما يجود به من فتات تلعقه من تحت موائده .. ولهذا فإنها عندما أعلن الشعب وطليعته الشبانة الثورة في غيابها راحت تحاول بكل السبل أن تجد صيغة للتموضع في الوضع الجديد وهي في حالة من الارتباك والضياع يرثى لها .. ذلك أن معتقداتها القديمة في السلطان وحلفائه في الداخل والخارج لا زالت راسخة وكونه لا إمكان لزحزحة السلطان أو القدر الصهيوني الأمريكي الغربي مالك مقدرات العالم .. لكن الثورة وقعت ونجحت جزئيا في تونس ومصر وليبيا ولا زالت تصارع في اليمن وسوريا بالإضافة إلى تململات في باقي بلدان العرب, ويبدو أ، الشعوب مصممة ومستعدة للتضحية بشجاعة منقطعة النظير في الوقت الذي تحرك فيه الحلف القديم لإيقاف الزحف الثوري كليا أو جزئيا وقد فشل في ليبيا ويبدو أن الفشل سيكون مصيره في كل البلدان الثائرة أو التي ستثور .. هذا الواقع الملموس يربك النخب ويضاعف ضياعها خاصة وهي لا زالت مؤمنة بالأصنام السائدة محليا وعالميا حتى وهي في محنتها الحالية أمام الثورة العربية العملاقة ومعاناتها المالية والاقتصادية المدمرة وأمام القوى الاقتصادية والتكنولوجيا الصاعدة في كل من الصين والبرازيل والهند والتي يبدو أنها توشك على احتلال مكان الصدارة في قيادة العالم مزحزحة بذلك الحلف الاستعماري التقليدي المتغلغل في مخيال النخب العربية وسلاطينها .. لذلك ظهرت تأويلات تشارك النخب في ترويجها عن الثورة العربية معبرين عن استلابهم المتغلغل باعتبار الثورة من صنع الحلف المسيطر على العالم لإنجاز مشارعه البديلة عن سايكس بيكو وما إلى ذلك من مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير والمرتكز على مبدأ تجزئة البلدان وتفتيتها بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية وإشعال الثورة التي يعتبرونها فتنة لتفعيل النعرات وذاك ما أطلقوا عليه إسم الفوضى الخلاقة .. إنهم لا يستطيعون بفعل استلابهم المستحكم أن يتجاوزوا بخيالهم المقيد صورة العالم المحكوم والمسير من قبل الحلف الاستعماري الصهيوني الذي ينضوي تحت رايته أتباعه من السلاطين العملاء "لقد صرح الرئيس السوري المهتز كرسيه بالأمس بمثل هذا التخريف في تفسير ما يحدث" .. لكن الوقائع على الأرض توحي بأشياء أخرى مما يثير الشك في نفوس النخب لعلها أخطأت التأويل وبالتالي ضيعت مصالحها المرتبطة بالقوى الجديدة الصاعدة فتراها مرتبكة مترددة ضائعة بعض منها يضع رجلا مع الثورة ورجلا آخر مع السلطان وحلفائه في الداخل والخارج وبعضها الآخر يتمسك بالماضي ولا يرى فيما يحدث سوى فتنة عابرة وبالتالي يعمل جاهدا من أجل التشكيك في الثورة والتنبؤ بفشلها إن لم تكن صناعة غربية صهيونية .. وبعضها يلوذ بالصمت معانيا في داخله من حيرة ممزقة .. في ذات الوقت تمضي الثورة الشعبية الشبابية في طريقها غير آبهة بالنخب الفاشلة المستلبة الحائرة وهي مدركة أن نخب المستقبل الحر الكريم الطموح إلى الازهار والتقدم ستولد من رحم الحراك الاجتماعي الثوري وهي بصدد التشكل والانبثاق .. أما تلك التي لفظها الشعب ليأسه منها بعد تجربة طويلة مريرة فلم يعد لها ذكر وهي في طريق الارتماء مع سلاطينها في مزابل التاريخ وبئس المصير.

عبد المالك حمروش