الاثنين، 29 يونيو 2009

طهران...

طهران... حلقة نقاش2

ما كل مرة تسلم الجرة

قبل الخوض في هذا الموضوع الإيراني مجددا, أود أن أذكر بخلاصة ما دار في حلقة طهران...نموذج نقاش:

موضوع النقاش:


الدولة الفاشلة...فاشلة بالفعل

"الدولة الفاشلة " – هل أنها فرضية سياسية واقعية أم تهمة مصطنعة ؟ هل يجري حقا في عشرات من بلدان العالم انحلال كيان الدولة؟ هل تشكل "الدول الفاشلة" خطرا على الاستقلال الإقليمي؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها حيالها؟

(ارجع إلى مقال الدولة الفاشلة)


قال المعلم:


أظن أن هناك الكثير من البلدان مرشحة إلى هذا الوضع الخطير، بسبب الجمود السياسي، واحتكار السلطة، بل ضياع السلطة من يد الدولة، لصالح الجماعات المافيوية التي ذكرها التقرير، وهنا مربط الفرس، بمعنى هنا يتركز ميدان النضال، من أجل الدفاع عن الحق في الوجود الكريم المزدهر والحداثي المتطور، لفائدة الشعوب، فقط الشعوب، التي ينبغي لها أن تقيم دولتها الحقيقية، دولتها الديمقراطية، التي هي منها وإليها. ما رأيكم أعزائي الشركاء في النقاش، والأصدقاء والجيران؟


________________________________


وقالت الأخت الكريمة حورية النيل:


الدولة الفاشلة هى تلك التى تميل إلى استخدام تدابير استثنائية للوصول إلى الأداء نفسه فى مؤشرات الاقتصاد والسياسة والمجتمع وبهذا المعنى فألمانيا النازية دولة فاشلة واللجوء إلى العنف الداخلى والخارجى للحصول على الاستقرار مثلا تعبير نموذجى عن الفشل وليس النجاح ويعني ذلك أيضا أن لجوء الدولة الأميركية في ظل رئيسها لتشريعات وأوضاع استثنائية مثل قانون الوطنى وقانون الإرهاب والحرب في العراق وأفغانستان يعد تعبيراً فجاً عن الفشل.


وقال الأخ المحترم الدكتور/أحمد:



أخي المعلم

اضافة فكرية من القاموس السياسي لافتة

اي موضوع الدولة الفاشلة

و رأيك أصبح أكثر اعتدالا وواقعية و لا يعني اننا على طرفي نقيض و لكن الأن صرنا ننظر للكوب من كافة جوانبها بهدوء الثوار و ليس نزقنا العربي

الذي لا يطعم دجاجة


________________________

واصل المعلم:


نتمنى أن يتوسع هذا النقاش ويشمل الكثير من الأصدقاء والجيران والمهتمين، لأن ذلك سيجلب خصوبة أكثر للتفكير ويزيده عمقا ورشادا وتقدما، وهذا هو الغرض من نشر هذا النموذج، حتى يتعرف الجميع على ما يجري في هذه الحلقة الناشئة، فقد تصادف اهتماما لديهم بموضوعاتها، أو يرغبون في طرح موضوعات أخرى هامة للنقاش المثمر.

___________________

وتفضل الأخ الدكتور أحمد مضيفا:

أخي المعلم صباح الخير

أشكرك من القلب على مساحتك الحوارية الحرة

طبعا ربما لم استرسل بشرح و جهة نظري

و لكنني قصدت ان الحوار ليكون مجديا و نافعا

يجب ان نقبل بالرأي الآخر كما هو

و هنا أعيد قولا رائعا

لأبي حنيفة

كلامنا صحيح يحتمل الخطأ

و كلامكم خطأ يحتمل الصواب

أي ما أراه اليوم صحيح ربما تثبت التجربة
و الأحداث خطئي
و بالعكس

انا أعتقد أن أهم أسس الحوار

هو احترام الآخر و رأيه حتى و لو كنا على طرفي

نقيض اليوم و في هذه الحظة

و قصدت بالاتفاق
هو اتفاق
الحد الأدنى
على الأولويات
و الثوابت
التي تجمع و لا تفرق

بدون استعلاء أو تكفير أو الحديث باسم الديان
أو تخوين

أي هناك أسس علمية يجب الألتزام بالحد
الأدنى منها

اي بدون أفكار مسبقة و بدون غلو أو تعصب

أو أحتكار محاولة الغاء الآخر لأي سبب كان

و أشكرك يا أيها الصديق الحبيب
و الى حوار

جديد
________________________________

ليكون مسك الختام تدخل أختنا المحترمة حورية النيل:

جميل ان نتناقش والكل يقول وجهه نظره والأجمل أن نختلف لنصل الى الحقيقه
علينا أن ندرك جميعا بأن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية
واحترام وجهات النظر المطروحة هى روح الحوار
وأن تقبلنا لآراء الغير ووجهات نظرهم الخاصة دليل على سمو الأنفس و رقيها

المعلم:
طبعا هذا نقاش مستمر, ونستخلص بكل سرور النتيجة الحاصلة وهي الاتفاق على احترام أصول وآداب النقاش, أو أخلاقية النقاش, وهذا في الحقيقة أمر بديهي, يبقى أن أؤكد من جهتي على تقبل الرأي المناقض وليس المخالف فقط، وأوافق الشريكين العزيزين تماما فيما ذهبا إلييه في هذا الأمر الهام
_______________________________________

الموضوع الجديد: ما كل مرة تسلم الجرة


لقد تركنا الحديث المباشر عن الوضع الإيراني، لكننا بقينا في سياقه، حت ونحن نناقش موضوع الدولة الفاشلة، فالأمر كان في الحقيقة قد أثير في السياق الإيراني. المهم أننا نعود إلى الموضوع, مزودين بمعلومات ومعطيات لم تكن لدينا في السابق, وهذا بفضل بحث مستمر عن المعلومة لمحاولة رسم صورة تقريبية لما يحدث هناك من أمور مصيرية خطيرة, ليس لإيران وحدها, وليس للمنطقة فحسب, بل وبدون مبالغة للعالم قاطبة. ولمآل التوازنات العالمية الجديدة, التي غابت, وتركت الكون نهب العواصف السياسية, منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومته الاشتراكية, واختلال التوازن العالمي الذي كان قبلها قائما. يبدو أن الوضع في طهران يميل إلى الاستقرار, وقد تجاوز الخطر مؤقتا, بمعنى أن الفرصة متاحة للدولة الإيرانية لمراجعة حساباتها, وضبط الأولويات والاختيارات اللازمة, وعليها أن تدرك تماما, أن التغيير الذي أصبح حتميا, إما أن تقوم به هي, أي دولة الثورة الوطنية ذات الإنجازات العظيمة, وحينئذ يكون الاستمرار, ولو في شكل آخر من الحكم, لا يكون بطبيعة الحال إلا شعبيا ديمقراطيا تقدميا حداثيا, وإلا فعليها أن تتوقع مزيدا من القلاقل والهزات في السنوات القادمة, واتباع سياسة النعامة, وانتظار التغيير الحتمي علي أيدي الثورة المضادة المعادية للشعب بطبعها والخاضعة للغرب صيريا, والمستعدة للتفريط في كل الإنجازات والمواقف والمبادئ, لتقع المنطقة برمتها والعالم معها فريسة للقوى الانتهازية الاستغلالية من الكولونيالية الجديدة وحلفاؤها في المنطقة وفي العالم كله. هذا هو الرهان الحقيقي الذي نتمنى أن تدركه القيادة الإيرانية التي مهما قيل عنها فهي في نهاية المطاف وطنية في فائدة الشعب, حتى ولو كانت تصدر عن إيديولوجية غير شعبية, بدليل الإنجازات الكبرى والتاريخية التي قامت بها, في ظرف ثلاثين سنة, وهي رمشة عين في عمر الأمم والشعوب. أما الآن فقد تطورت الأمور ولها السهم الأكبر فيه, لكن حتمية التاريخ تفرض إعادة التقييم, والتوجه فورا إلى الديمقراطية والشرعية الشعبية وترسيخهما قبل فوات الأوان, لأن الخطر الداخلي قد تفاقم, والشرخ في القيادة قد حصل, ولا تنفع معه المعالجات الظرفية, والغرب قد وجد السر المكنون في المعارضة الداخلية, ولن يضيع الفرصة مهما كلفه ذلك من ثمن, فعلا إن إيران في مفترق الطرق, وكل أملنا معقود على تقبل قيادة الثورة فيها الوضع بموضوعية وواقعية, ورفع التحدي بوضع الأمور في نصابها, وترسيخ المناعة الإيرانية ببناء دولة المؤسسات القوية الراسخة, ولا يمكنها ذلك إلا بإرجاع الأمانة إلى أهلها إلى الشعب عن طريق الديمقراطية التامة, فعندها تكون الإنجازات في وضع آمن, ويستمر التطور العظيم, وتندحر القوى المعادية للتقدم والكرامة في الداخل والخارج, وتسعد إيران والمنطقة والعالم, هذا هو الأمل والطريق السالك, أما غيره أي سبيل آخر فلا جدوى منه. ولا خير يرجى ولا نجاة ولا خلاص, وإذا سلمت الأمور هذه المرة, فعلى القيادة الإيرانية أن تدرك تمام الإدراه بأنه: ما كل مرة تسلم الجرة.

الأحد، 28 يونيو 2009

طهران...


طهران...نموذج نقاش


حلقة نقاش


هذه الحلقة الواعدة للنقاش أسسناها نحن الثلاثة، كما ستجدون في الكلمات المدونة في هذا العدد، لقد لاحظنا أن هناك كلاما شبيها بالمونولوج لدى المدونين, وربما على أغلب المواقع والمدونات العربية، مما يجعل التفاعل والتلاقح والتقدم أمورا شبه منعدمة، وذاك ما يعني إهدارا لفرص التواصل العظيمة التي وفرتها لنا التطورات التكنولوجية الرائعة. لهذا وللكثير من الأسباب والأهداف، نرجو من الأصدقاء والجيران أن يتفضلوا بتلبية الدعوة، والمساهمة معنا للإثراء والتبادل الفكري والإعلامي والتفاعل العام. لكم منا أسمى آيات التقدير والمودة الخالصة.
_______________________________________________________

موضوع الحلقة: الدولة الفاشلة
قرأت في موقع:

أعزائي، لقد وجدت جوابا لأسئلة تعصف بكياني، منذ مدة، ليست بالقصيرة، بفعل المعاناة اليومية لهذه الظاهرة السياسية وانعكاساتها الخطيرة على حياتنا اليومية ومستقبل بلداننا وشعوبنا وأجيالنا الصاعدة، إنه جواب - في نظري - صحيح إلى أبعد الحدود
وجدت هذا الجواب، وأنا بصدد البحث عن المستجدات الإعلامية، عن أحداث إيران على وجه الخصوص، فوجدت هذا المقال "الكنز" في موقع روسيا اليوم، فرأيت من المفيد -ربما- نقله لكم، من باب تعميم الفائدة، ولاعتقادي بأن ظروفنا متشابهة، ومصيرنا واحد
وبالمناسبة, وجدت في نفس الموقع مقالا عما يجري في إيران، في محاولة للتفسير، حيث ذهب إلى أن إيران في مفترق الطرق، وأن جوهر ما يجري ليس صراعا بين نجاد وموسوي، وإنما هو تمرد على المرشد الأعلى، مما قد يقوض حكم الملالي وولاية الفقيه، بصراعهم الانتحاري فيما بينهم، وعن البديل يرشح المقال تولي العسكر زمام الأمور، أي السلطة في إيران، وهو ما لا أتمناه من صميم فؤادي، لأننا عشنا مثل هذه التجربة الفاشلة مرارا وتكرارا، في الكثير من بلدان أمتنا، أملي أن تتجاوز السلطة الحالية أزمتها الراهنة، وتستوعب الدرس منها، وتسارع إلى الإصلاح الديمقراطي، وترتيب تسليم المشعل إلى الجيل اللاحق، في إطار ديمقراطي مؤسساتي متين ودائم وغير قابل للردة، وضياع المنجزات العظيمة التي تمت، والحفاظ على الاستقرار في إيران وفي المطقة، هذه أمنيتي، أو هكذا أحلم، فمن حقنا الطبيعي أن نحلم كذلك، ليس هذا من باب التشاؤم، بل من باب الخوف الذي ورثناه عن الأوضاع المتدهورة باستمرار التي عانت منها الأمة، منذ مدة طويلة ولا زالت تعاني.
_______________________

تحياتي الخاصة الخالصة إلي شريكي في النقاش الواعد: الأخت الفاضلة حورية النيل-والأخ العزيز الدكتور/ أحمد

إليكما، وبالطبع إلى جميع الأصدقاء والجيران هذا المقال التنويري الدال على مكنونات واقع الحال، كما أرى بالطبع


___________________________

الدولة الفاشلة ...فاشلة بالفعل

الدولة الفاشلة " – هل انها فرضية سياسية واقعية ام تهمة مصطنعة ؟ هل يجري حقا في عشرات من بلدان العالم انحلال كيان الدولة؟ هل تشكل " الدول الفاشلة" خطرا على الاستقلال الاقليمي؟ وما هي تدابير التأثير التي يمكن اتخاذها حيالها؟
تؤكد مجلة "فورين بوليسي" الأميركية ان الحكومات في اكثر من اربعين دولة من دول العالم لم تعد تؤدي وظائفها العامة، وبدلا من جهاز الدولة تدير الأمور هناك مجموعات وكتل سياسية وعسكرية غير حكومية تمارس عادة الكسب غير المشروع. وفي محصلة العام الفائت وضع المحللون الأميركيون في مقدم أسوأ الدول من حيث تعثر البنى السلطوية وجسامة المخاطر والمجازفات كلا من الصومال والسودان وزيمبابوي وتشاد وساحل العاج وبورما وهايتي. كما وضع هؤلاء المحللون في عداد الدول الفاشلة كلا من باكستان وافغانستان والكونغو وكينيا وكولومبيا. ويشير الخبراء الى ان الآليات المتوافرة للتأثير السياسي من طرف "المجتمع الدولي" عاجزة، عادة، عن معالجة الأوضاع في الدول الفاشلة التي يزداد عددها يوما بعد يوم. وتؤكد التوقعات والتوجسات ان غياب الإستقرار يمكن ، اذا بقيت الأوضاع الراهنة على حالها، ان ينسحب على عدد آخر من المناطق في آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية. وبهذا الخصوص يوصي الخبراء الإدارة الأميركية وحلفاءها إما ان يشددوا من تأثيرهم الإستراتيجي المباشر على "الدول الفاشلة"، وإما ان يتنازلوا عن الحق في مثل هذا التأثير لدول اخرى ممن تستطيع تأمين الإستقرار ليس في اراضيها فقط، بل وفي اراضي الدول المجاورة.

____________________

اضيف في 27 يونيو, 2009 01:27 ص , من قبل elmouallim
من الجزائر

أظن أن هناك الكثير من البلدان مرشحة إلى هذا الوضع الخطير، بسبب الجمود السياسي، واحتكار السلطة، بل ضياع السلطة من يد الدولة، لصالح الجماعات المافيوية التي ذكرها التقرير، وهنا مربط الفرس، بمعنى هنا يتركز ميدان النضال، من أجل الدفاع عن الحق في الوجود الكريم المزدهر والحداثي المتطور، لفائدة الشعوب، فقط الشعوب، التي ينبغي لها أن تقيم دولتها الحقيقية، دولتها الديمقراطية، التي هي منها وإليها. ما رأيكم أعزائي الشركاء في النقاش، والأصدقاء والجيران؟
_______________________
اضيف في 27 يونيو, 2009 02:19 ص , من قبل hourianile
من مصر

الدولة الفاشلة هى تلك التى تميل إلى استخدام تدابير استثنائية للوصول إلى الأداء نفسه فى مؤشرات الاقتصاد والسياسة والمجتمع وبهذا المعنى فألمانيا النازية دولة فاشلة واللجوء إلى العنف الداخلى والخارجى للحصول على الاستقرار مثلا تعبير نموذجى عن الفشل وليس النجاح ويعني ذلك أيضا أن لجوء الدولة الأميركية في ظل رئيسها لتشريعات وأوضاع استثنائية مثل قانون الوطنى وقانون الإرهاب والحرب في العراق وأفغانستان يعد تعبيراً فجاً عن الفشل

أخى الفاضل شكرا لك على ما تتيحه لنا هنا من حوار ونقاش هادف وراقى مثل شخصك
تحياتى وتقديرى الدائم لك
_________________________

اضيف في 27 يونيو, 2009 06:02 ص , من قبل ahmadsayedahmad
من سوريا

أخي المعلم

اضافة فكرية من القاموس السياسي لافتة

اي موضوع الدولة الفاشلة

و رأيك أصبح أكثر اعتدالا وواقعية و لا يعني اننا على طرفي نقيض و لكن الأن صرنا ننظر للكوب من كافة جوانبها بهدوء الثوار و ليس نزقنا العربي

الذي لا يطعم دجاجة

د\\ أحمد

________________________________________________________

إضافة
الأخت الفاضلة حورية: أوافقك تماما على الإضافة الهامة، المثال النازي، والمثال البوشي النيوكولونيالي الفاشستي، بالطبع هما نموذجان للدولة الفاشلة بممارساتهما اللاإنسانية والنازية والفاشية البشعة، غير أنني أصر على إضافة الدكتاتوريات المتخلفة في عالم الجنوب، والتي فقدت أصلا هوية الدولة وسيطرتها المشروعة على إقليمها وحفظ النظام والأمن داخل حدودها، وصيانة الأملاك العامة والخاصة وبالطبع قبلها الأرواح، إن التقرير يتحدث عن حلول الجماعات المافيوية المبددة للمال العام والهادرة للأرواح والكرامة البشرية محل الدولة التي زالت عمليا من الوجود، وهو نموذج الدولة المنتشر بكثرة في بلدان الجنوب وبتفاوت في نسبة انعدام الوجود الفعلي للدولة. هذا رأيي أو قناعتي، وإني أكون سعيدا جدا، عندما نختلف، فالاختلاف طبيعي جدا وبناء، ومتيح لفرص تعميق الطرح والتحليل والتجاوز إلى رؤى جديدة، لم تكن -ربما- تخطر على بال الفرد الواحد، قبل الاختلاف الداعي إلى التعمق في التحليل والتوصل إلى استنتاج جديد. هذا لا يعني أننا اختلفنا، رغم أنني أحب الخلاف الخصب، فنحن متفقان، ولك فضل الإضافة الهامة، التي نورتنا أكثر، وأثرت الموضوع، وأحدثت تكاملا مهما، إن النقاش قد بدأ في تقديري يسير بخطى ثابتة نحو التأصل والنضج، وهو مدعاة للسرور والأمل، فإلى المزيد من هذا الينبوع الصافي
_____________________________________
الأخ العزيز الدكتور/أحمد
أنت تريد الاتفاق وهو أمر جميل وبالغ الأهمية في الحياة العملية، وخاصة فيما يتعلق بتسيير شؤون الدولة والمجتمع أما في ميدان الفكر الحر، فالاختلاف في نظري أهم، لأنه أخصب, ويقود إلى تطورات غير مضمونة إذا نحن وقعنا
في ركود الاتفاق الفكري. بالعكس عندما تختلف معي تدفعني إلى مزيد من البحث عن تصورات جديدة، وعن حجج جديدة أدعم بها هذه التصورات، مما يعني النمو العقلي والفكري باستمرار، تحت ضغط الاختلاف والصراع الفكري أو الجدل المؤدي إلى المزيد من رقي الطرح وحذق التحليل. علينا فيما أرى أن نفتح الأبواب والنوافذ ولا نخشى هبوب نسيم الاختلاف، فذاك هو السبيل إلى إيجاد الحلول وترقية الممارسات المختلفة الفردية منها والجماعية. سعيد أنا حقا بهذه المناقشة ومستفيد منها كثيرا، وإني على ثقة تامة بأنها ستؤدي إلى نتائج بالغة الأهمية

____________________________________________
بالطبع إن النقاش، ينبغي أن يتخذ أشكالا تنظيمية أكثر تركيزا ووضوحا، سنجدها مع تطور الممارسة، وإني أدعو باسم الثلاثي المؤسس كل الإخوة والأخوات من الأصدقاء والجيران والمتتبعين عامة، أن يتفضلوا بالجلوس معنا في حلقة النقاش
لنستفيد ونفيد من بعضنا، ولنمارس معا التفكير الجماعي الخصب بطبعه. فهل من مجيب؟

الجمعة، 26 يونيو 2009

الدولة

قرأت في موقع
أعزائي، لقد وجدت جوابا لأسئلة تعصف بكياني، منذ مدة، ليست بالقصيرة، بفعل المعاناة اليومية لهذه الظاهرة السياسية وانعكاساتها الخطيرة على حياتنا اليومية ومستقبل بلداننا وشعوبنا وأجيالنا الصاعدة، إنه جواب - في نظري - صحيح إلى أبعد الحدود
وجدت هذا الجواب، وأنا بصدد البحث عن المستجدات الإعلامية، عن أحداث إيران على وجه الخصوص، فوجدت هذا المقال "الكنز" في موقع روسيا اليوم، فرأيت من المفيد -ربما- نقله لكم، من باب تعميم الفائدة، ولاعتقادي بأن ظروفنا متشابهة، ومصيرنا واحد
وبالمناسبة, وجدت في نفس الموقع مقالا عما يجري في إيران، في محاولة للتفسير، حيث ذهب إلى أن إيران في مفترق الطرق، وأن جوهر ما يجري ليس صراعا بين نجاد وموسوي، وإنما هو تمرد على المرشد الأعلى، مما قد يقوض حكم الملالي وولاية الفقيه، بصراعهم الانتحاري فيما بينهم، وعن البديل يرشح المقال تولي العسكر زمام الأمور، أي السلطة في إيران، وهو ما لا أتمناه من صميم فؤادي، لأننا عشنا مثل هذه التجربة الفاشلة مرارا وتكرارا، في الكثير من بلدان أمتنا، أملي أن تتجاوز السلطة الحالية أزمتها الراهنة، وتستوعب الدرس منها، وتسارع إلى الإصلاح الديمقراطي، وترتيب تسليم المشعل إلى الجيل اللاحق، في إطار ديمقراطي مؤسساتي متين ودائم وغير قابل للردة، وضياع المنجزات العظيمة التي تمت، والحفاظ على الاستقرار في إيران وفي المطقة، هذه أمنيتي، أو هكذا أحلم، فمن حقنا الطبيعي أن نحلم كذلك، ليس هذا من باب التشاؤم، بل من باب الخوف الذي ورثناه عن الأوضاع المتدهورة باسترار التي عانت منها الأمة، منذ مدة طويلة ولا زالت تعاني.

تحياتي الخاصة الخالصة إلي شريكي في النقاش الواعد: الأخت الفاضلة حورية النيل-والأخ العزيز الدكتور/ أحمد

إليكما، وبالطبع إلى جميع الأصدقاء والزوار هذا المقال المنيرالدال على مكنونات واقع الحال، كما أرى بالطبع

الدولة الفاشلة...فاشلة بالفعل؟

الدولة الفاشلة " – هل انها فرضية سياسية واقعية ام تهمة مصطنعة ؟ هل يجري حقا في عشرات من بلدان العالم انحلال كيان الدولة؟ هل تشكل " الدول الفاشلة" خطرا على الاستقلال الاقليمي؟ وما هي تدابير التأثير التي يمكن اتخاذها حيالها؟

تؤكد مجلة "فورين بوليسي" الأميركية ان الحكومات في اكثر من اربعين دولة من دول العالم لم تعد تؤدي وظائفها العامة، وبدلا من جهاز الدولة تدير الأمور هناك مجموعات وكتل سياسية وعسكرية غير حكومية تمارس عادة الكسب غير المشروع. وفي محصلة العام الفائت وضع المحللون الأميركيون في مقدم أسوأ الدول من حيث تعثر البنى السلطوية وجسامة المخاطر والمجازفات كلا من الصومال والسودان وزيمبابوي وتشاد وساحل العاج وبورما وهايتي. كما وضع هؤلاء المحللون في عداد الدول الفاشلة كلا من باكستان وافغانستان والكونغو وكينيا وكولومبيا. ويشير الخبراء الى ان الآليات المتوافرة للتأثير السياسي من طرف "المجتمع الدولي" عاجزة، عادة، عن معالجة الأوضاع في الدول الفاشلة التي يزداد عددها يوما بعد يوم. وتؤكد التوقعات والتوجسات ان غياب الإستقرار يمكن ، اذا بقيت الأوضاع الراهنة على حالها، ان ينسحب على عدد آخر من المناطق في آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية. وبهذا الخصوص يوصي الخبراء الإدارة الأميركية وحلفاءها إما ان يشددوا من تأثيرهم الإستراتيجي المباشر على "الدول الفاشلة"، وإما ان يتنازلوا عن الحق في مثل هذا التأثير لدول اخرى ممن تستطيع تأمين الإستقرار ليس في اراضيها فقط، بل وفي اراضي الدول المجاورة.

الخميس، 25 يونيو 2009

مرحبا

compteur pour blog

درس

درس طهران

يكاد الوضع يستقر في طهران, فكل المؤشرات الداخلية والخارجية تفيد ذلك, والمهم الآن هو استيعاب الدرس جيدا, على مستوى القيادة والشعب الإيرانيين, وعلى مستوى الجوار الشعبي العربي, وربما الرسمي بالنسبة إلى الممانعين خاصة. لقد كانت الأزمة خطيرة, وكادت أن تعصف بالثورة الوحيدة في العالم الإسلامي, ونقطة الدفاع الفريدة التي لا زالت تقوم بوظيفتها بشكل فعال, في العالم المذكور. لكن الاستنتاج المنطقي من ألأحداث الأخيرة, يقتضي التقييم والمراجعة الفاحصة والعميقة للوضع السياسي الإيراني. إن الشرعية التاريخية لحكم الملالي بعد ثلاثين سنة, لم تعد كافية, إن لم نقل لم تعد مقبولة, والدليل الأكبر هو الأحداث التي لم تنته بعد, وإن كانت دلائل النجاة بادية للعيان. إن تجارب الثورات العربية والإسلامية، وحتى على مستوى عالمي علمتنا أن استمرارها غير مضمون, بسبب خطئها الرئيسي الفادح, وهو اقتصارها في حكمها على الشرعية الثورية, تلك الشرعية التي تتحول مع تقادم الزمن إلى احتكار للسلطة, والمنع القاتل لتلاقح الأجيال, وتداولها الطبيعي والحيوي على إدارة البلاد بالتدريج المناسب والحكيم والحتمي كذلك. حكام إيران الذين انقسموا هذه المرة, وكادوا يعصفون بثورتهم, والتسبب بذلك في كارثة تاريخية وطنيا وإقليميا وعالميا, قد بلغوا من الكبر عتيا, فالذي كان في سن الخمسين عند اندلاع الثورة قبل ثلاثين سنة, هو الآن في سن الثمانين, وكثير منهم قد تجاوزوا ذلك, فإذا كانوا مصرين على حكم الملالي لإيران, فعليهم أن يعدوا الخلف من الشباب والكهول, غير أن ذلك لم يحدث, وحتى الرئيس نجاد, الذي استثمره سياسيا جناح المرشد الأعلى, ليس من الملالي, وإن كان ينتمي إلى المحافظين - إذا صح هذا التصنيف- من الطبقة السياسية الحاكمة في إيران. إن هذا السلوك السياسي المتجاهل للتجديد الطبيعي لأجيال السلطة, سلوك فاشل وانتحاري على المدى الطويل, وقد بلغ هذا الموعد مداه بعد ثلاثين سنة من الحكم. ثم إن حكاية ولاية الفقيه الدائمة غير منطقية ولا يمكن ضمان استمرارها, وهي ضد التطور الحاصل في المجتمع بفضل الثورة ذاتها, من انتشار للتعليم والتكوين والتأهيل والتثقيف, ومن تنامي الرصيد البشري الباحث والمفكر والصانع والمبدع في جميع المجالات, إن الواقع الجديد المتطور دوما للثروة البشرية أم الثروات جميعا, والتي هي إنتاج إستراتيجي من الطراز الأول, وهو أعظم وأشرف إنجازات ثورة إيران المجيدة على الإطلاق, يفرز بطبيعته علماء ومثقفين في جميع المجالات, فإذا كان الملالي هم علماء دين, ومنهم الفقيه الذي يتربع على عرش السلطة, فإن العلماء في المجالات الأخرى من الشباب والكهول لهم الحق في السلطة, التي لا يمكن الاستمرار باحتكارها في فئة أو طبقة معينة, وحتى هذه الصيغة من اشتراك العلماء في جميع المجالات الدينية وغيرالدينية في السلطة وتقاسمها, غير مقبول, ولا يمكن أن تعمر طويلا, فالوضع الطبيعي السليم والاستراتيجي القابل للاستمرار السياسي الآمن للدولة, هو تحول الشرعية الثورية بالتدريج المعقول إلى شرعية شعبية, على أساس ديمقراطي متين آمن, يحفظ مستقبل البلاد والعباد من المغامرات والهزات المتوقعة وغير المتوقعة, مما يفضي - لا قدر الله - إلى المصير العراقي الكارثي, وهو ما يتمناه أعداء الأمة المتربصين بها. فعلى الشيوخ الحاكمين في إيران أن يستخلصوا العبرة من هذه الأحداث العاصفة, والتي لا تلبث أن تعود, إن هم أداروا ظهورهم لتسليم المشعل تدريجيا إلى الأجيال التي تخلفهم طبيعيا, وفي ذات الوقت إن هم أرادوا دوام العز الذي لهم فضل إرسائه في إيران وما حولها, بل وفي العالم قاطبة, فعليهم أن يسارعوا إلى إرساء قواعد الديمقراطية في البلاد, وإنشاء المؤسسات الديمقراطية القوية, والمجتمع المدني المنيع, فإن هم فعلوا ذلك, يكونوا قد حملوا الأمانة إلى شاطئ النجاة والدوام, وإن هم تقاعسوا عن هذه المهمة الأكثر تاريخية من الثورة نفسها, والتي هي الثمرة الطبيعية لها, فسيعرضون كل شيء للتبديد والضياع بعد حين, وما المثال العراقي البائس عنا ببعيد, وليس هو المثال الوحيد في التاريخ المعاصر, وبئس المصير, هذا هو الدرس الذي لقنته لنا الأحداث المنذرة بالشؤم, والعياد بالله, هذه الأيام في طهران, فلنتعظ به جميعا, وفي مقدمتنا قيادة الثورة الإيرانية المجيدة. والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.

الأربعاء، 24 يونيو 2009

هدوء حذر

هدوء حذر في طهران

لا تظاهر اليوم ولا عنف, وإنما هناك تهديد صارم من وزارة الداخلية لموسوي, وإعلان هذا عن قرب انتهاء أتباعه من وضع تقرير مفصل عن التجاوزات في الانتخابات, وهو الأمر الذي ينفيه مجلس صيانة الدستور بعد المراجعة التي قام بها لنسبة من الصناديق، ويبدو أن سبب عودة الهدوء تعود إلى التهديد الذي أطلقه الحرس الثوري بالأمس, مما يعني أن الحسم حصل أو يكاد, وقد انتقل التصعيد إلى الخارج, من إدانة أمريكية, وقلق فرنسي, وتبادل لطرد الديبلوماسيين مع لندن, وتحريض إسرائيلي, وغليان في أوساط المعارضة الإيرانية في المنفي, وفي العواصم الغربية خاصة. من جانب أخر هناك تأييد روسي تام للرئيس المنتخب, وتاييد سوري بالأمس للدولة الإيرانية, إلى تأييد مبطن لأمير قطر اليوم, بالإضافة إلى ما سبق من تأييد فينزويلي وصيني, بمعنى أن الصرا ع الذي ازداد اشتعالا في الخارج هو صراع تقليدي - إن صج التعبير- بين أنصار الثورة الإيرانية بين الدول, وبين الغرب, صراع الانتماءات والمحاور والمصالح التي تنشأ عنها تكتلات كما نرى ذلك في الجدل الدائر اليوم بين الدول المتحرشة بإيران والدول التي تعلن تأييدها لها.

وقصارى القول هو أن المعارضة الإيرانية في المنفى, تحلم بالعودة إلى إيران على ظهر دبابات غربية لتحكم إيران على ذوقها ومقاسها ومنافعها, بإعادة السيناريو العراقي, أما الغرب فإنه يسعى إلى إسقاط هذه القلعة الصامدة التي صدته عن إكمال السيطرة والهيمنة التامة على منطقة الشرق الأوسط على الأقل, ولذلك ينتهز هذه الفرصة, ويريد استغلالها إلى أبعد الحلول, من أجل الإطاحة بالنظام الإيراني, مما يمكنه من بسط نفوذه التام وسيطرته الكاملة على المنطقة, إلى أجل غير مسمى. أما أسرائيل فالفرصة بالنسبة إليها أكثر من ذهبية, ولذلك نوه اليوم نتنياهو بشجاعة المتظاهرين في طهران, بمعنى أنه يطلب منهم المزيد, ويتمنى أن يكون الحل داخليا في إيران أي بتولي أبناءها حسم الأمور فيما بينهم في اتجاه القضاء على الحكم القائم, حتى يزول الكابوس الإيراني اللعين, الطريقة التي يريدها, حيث قال أمس أنه يرفض وجود إيران قوي ومتطور تكنولوجيا, وهذا هو بيت القصيد.

نعم إن الوضع صعب, كون الصراع قائما بين فريقين من ذات الطبقة الحاكمة, وهنا تكمن الخطورة الجسيمة في احتمال تطور الأمور أو بالأحرى تدهورها - لاقدر الله - إلى درجة الحرب الأهلية المفضية إلى القضاء على إيران القوية لصالح بلد ضعيف لا حول له ولا قوة, تعبث به الصراعات والقلاقل والتقاتل. لكن بالرغم من أهمية الفريق المعارض وقوته, باعتباره داخل السلطة, أو صاحب نفوذ ووجود لا يستهان به على الساحة الإيرانية, بالرغم من ذلك, فلا أعتقد أن من يسمونهم أنصار موسوي, يمكن أن يذهبوا إلى حد المواجهة المسلحة مع مواطنيهم من أجل موسوي أو غيره, أظن أن الوضع الإيراني يختلف جذريا عن الوضع العراقي, لذلك أستبعد فرضية الحرب الأهلية الكفيلة بإنهاء وجود إيراني قوي, كقوة إقليمية وعالمية. ليس هناك من الدلائل ما يؤيد قوة أنصار موسوي إلى الدرجة التي يمكن أن تورطهم في حرب أهلية مدمرة, بدليل أن مجرد تهديد للحرس الثوري بالأمس, جعلهم يلتزمون الهدوء التام اليوم. إن الصراع في طهران ليس واقعا بين الملالي والشعب أبدا, بل هو بين الملالي والملالي. الملالي الذين هم في قمة السلطة وأصحاب الطموح الجامح في تطوير القوة الإيرانية وتكنولوجيتها بكل سرعة وإلى أبعد الحدود, وملالي كونوا ثورات طائلة باستغلالهم مراكزهم السياسية القوية خلال ثلاثين عاما من الحكم, وهم يطمحون إلى حكم إيران وحدهم, حتى يضمنوا استمرار امتيازاتهم ومكتسباتهم, وليبيضوا أموالهم, حتى لو بلغ بهم الأمر درجة التضحية بالثورة وبقوة إيران وتطورها التكنولوجي ومكانتها في المنطقة وفي العالم. إننا لا نرى جهة في إيران حريصة على قوة إيران وتطورها وهو ما يهمنا كثيرا, باعتبار ذلك بعدا وعمقا استراتيجيا للعرب, وباعتبار إيران القوية مناعة للمنطقة من قيام المشروع الأمريكي الغربي الصهيوني في المنطقة والهيمنة عليها واستعباد شعوبها, والقضاء على أملها في المستقبل الآمن والحياة الكريمة. لا أحد من الآخرين سواء اللاجئين أو الإصلاحيين يحمل مشروعا لصالح شعب إيران وشعوب المنطقة, وكل ما يسعون إليه هو الوصول إلى السلطة لحماية مصالحهم المادية والسياسة, ولا نظن أن الشعب الإيراني غبي إلى الدرجة التي تعميه عن رؤية الحقيقة, إن الأقلية الطبقية التي تقف وراء موسوي والتي يسميها الغرب وإسرائيل وأتباعهما شعبا, متجاهلين الأغلبية الساحقة من الشعب الإيراني المؤيدة لمصالحها عن طريق تأييدها للحكم الثوري الحاكم, وكأن هذه الأغلية لا رأي لها ولا تأثير في الأحداث, كما يتهيأ لهم, وهو حلم لا أساس له, ومآله الخسران المبين. نرجو من كل قلوبنا ألا يقع الصدام, لكن ذلك مجرد أحلام يقظة, فقد تقع بعض الصدامات الدموية, لكن الدولة في النهاية, أو الجانب الثوري من الدولة سينتصر, وسيحسم الأمر لصالح الشعب الإيراني ومجموع شعوب المنطقة, ولا أحد سواه من المعارضة في الداخل أو الخارج, يمكن له أن يحافظ على الثورة الإيرانية القائمة كقوة إقلمية وعالمية تصنع التقدم والتطور وتحمي المنطقة من أعدائها, لذلك فإن الخيار واضح أمام الشعب الإيراني لا غبار عليه, ومن ثم فموقف الأغلبية الساحقة من أبنائه محسوم بالانتخابات وبالشرعية وبحماية مصيره التي تهدده الجماعات المصلحية والطبقية التي تريد رخاءها الخاص على حساب بؤسه واستعباده وضياع قوته ومنعته وأمله الحقيقي في المستقبل المزدهر. كلنا لا نريد الملالي في السلطة في إيران وفي غير إيران, لكن أعطونا البديل والضمانة على ألا تقع إيران في المصير العراقي المشؤوم البائس, وستجدوننا معكم تماما, ندافع عن أطروحاتكم التي ستكون حينئذ أجمل وأروع, أما أن نرمي ما في أيدينا ونسير خلف مطامحكم السياسية والمادية, فهذا هو عين البله والجنون, والعياذ بالله, ثم ما هذا التباكي التمساحي على حرية التظاهر وضحايا التظاهر, وهل هناك دولة في العالم, ولا أقول في المنطقة تسمح بتهديد أمنها واستقرارها؟ أو تتسامح مع من يثيرون القلاقل والشغب ويصرون على التظاهر بدون ترخيص؟ أما الأغلبية الساحقة من حكومات المنطقة, فأنها لا تردد في مواجهة أي تظاهر ومهما كانت أسبابه بالحديد والنار, ولا يلقى أي معارضة أو لوم من الغرب راعي الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم, إنه التجني المفضوح والتحرش المبيت والظلم الغاشم, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الثلاثاء، 23 يونيو 2009

ويل للعرب

ويل للعرب من سقوط طهران

اسمحوا لي أصدقائي وأحبائي وجيراني الكرام أن أذكر بوصف ذاكرة العرب بالقصر ويا للخطر الجسيم. أقول هذا لأن مشروع بوش السفاح لا زال سقوطه حديثا عل أيدي الثورة الإيرانية والمقاومة وبعض الممانعين, وإذا سقطت طهران – لا قدر الله – سوف يحيا هذا المشروع, لأنه ليس بوشيا وإنما هو أمريكي, وقد كان بوش قصير النظر, حيث أعمته عنصريته وتطرفه واستبداده عن الاهتداء إلى وسائل التنفيذ المناسبة, فانهزم شر هزيمة, وذهب غير مأسوف عليه إلى مزابل التاريخ. لكن أوباما أذكى بكثير, وهو متحفز لإنجاز المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط, وتمديده إلى كل الرقعتين العربية والإسلامية, لأن الإستراتيجية الأمريكية تسعى إلى غاية هي تشييد الإمبراطورية الأمريكية على مساحة جغرافية هي العالم كله, وقد تنيب عنها مندوبين جهويين وإقليميين, ففي الشرق الأوسط وربما العالم العربي كله, تنتدب إسرائيل للمهمة, وفي الشرق الأقصى ربما تتطلع إلى انتداب إيران ما بعد الثورة الإسلامية لهذه مهمة, ولتستطيع إسرائيل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط, نعود إلى مشروع بوش الذي كان يقوم على تقسيم العراق إلى كانطونات, وفعل نفس الشيء مع سوريا بعد احتلالها, الذي كان وشيكا, لولا المقاومة في العراق وفي غيره, بدعم إيراني كبير, وأيضا لبنان الذي وقع تكليف إسرائيل باحتلاله, وتجزئة السعودية إلى إمارات عديدة متفرقة صغير وضعيفة, وأيضا مصر, وكذلك السودان, الذي لا زال السعي فيه لإنجاز المشروع قائما, ثم شمال إفريقيا أو المغرب العربي الذي قد تكون له أدوات أخرى للتنفيذ, لكن السيناريو جاهز تماما. التقسيم الجهوي والعرقي, والتفتيت إلى أقصى حد, أو إلى الدرجة التي لا يمكن لتلك الكيانات المجهرية أن تدافع معها عن وجودها, وتنعدم القدرة على المقاومة لديها تماما, فتستسلم نهائيا, ويقع إرساء المشروع الإمبراطوري الأمريكي نهائيا في المنطقة, لهذه الأسباب يتكالبون على الإطاحة بالثورة الإيرانية, الحاجز الراهن الوحيد أمام طموحاتهم النيوكولونيالية, حيث إن سقوط طهران – لاقدر الله – سوف يؤدي مباشرة إلى هزيمة المقاومة في كل أقطارها, وسوف يجر إلى احتلال الكثير من البلدان وتقسيم أخرى طواعية, لتصبح إسرائيل هي الدولة الوحيدة الكبيرة والقوية في المنطقة, والتي تستطيع بكل سهولة السيطرة التامة على المنطقة وإخضاعها تماما, بحيث يمكن لها أن تلعب دور الوصي أو المندوب السامي الأمريكي في المنطقة بكل يسر, ومعنى ذلك أن ليل الاستعمار سيخيم من جديد بأقوى مما كان, وفي أبشع صورة على الإطلاق, وأكثرها سوادا, وهو وضع سيظل – لا قدر الله _ جاثما على الصدور العربية لفترة زمنية طويلة جدا, وليكون الأمر أكثر وضوحا أقول إن إسرائيل سوف تنفذ مخططها في الاستيلاء على كل فلسطين, وطرد فلسطينيي 48, وسكان غزة والضفة الغربية إلى شرق الأردن, وتقوم بهدم المسجد الأقصى الشريف تماما, وتقيم مكانه هيكل داوود المزعوم, بل إنها بمباركة أمريكية, وفي إطار العولمة التي تحارب الهويات والثقافات الخاصة, ولمحو القدرة على المقاومة نهائيا, سوف تهدم أيضا الحرمين الشريفين, لتغرق العرب والمسلمين في الذل والهوان والخضوع التام إلى ما لانهاية. هذه باختثصار شدبد خلاصة انعكاسات انتصارهم في طهران, والذين يسعون فيها للاستيلاء على السلطة, هم على علم تماما بهذه الأبعاد وغيرها, وهم على استعداد تماما للمضي فيها قدما كما تفعل أنظمة أخرى في المنطقة, مقابل حماية كراسي حكمها المهددة بالسقوط من قبل شعوبها المقهورة.

ولهذه الأسباب تحركت الآلة النيوكولونيالية تدعم حركة الاحتجاجات, وترمي بكل ثقلها في صالح المحتجين, ومن أجل هذا وقعت تحركات مشبوهة في المنطقة, من زيارات ولقاءات لم تكن في الحسبان, هذه الأمور كلها لا تقع مصادفة أو عبثا, فكلها تسعى لنصرة الاحتجاج المصطنع في طهران. وفي ذات السياق تقوم القوات الجوية الإيرانية بمناورات في الخليج وفي بحر عمان, في استعداد واضح لتحول التأييد الغربي والعربي لاحتجاجات إيران إلى دعم مادي وعسكري محتمل. لا أظن أن العام والخاص لا يفهم هذا, ولكن اللامبالاة هي التي ترعبنا, ألسنا معنيين بما يجري في طهران؟ أليس لدينا بعض الواجبات نحو مصيرنا وحاضرنا ووجودنا المعرض للضياع والمحو النهائي من فوق الخريطة العالمية؟ شخصيا أصارحكم بأني ملتاع ومرعوب جدا, وإني أتساءل عن سبب الصمت الرهيب الذي يخيم على العالم العربي حكومات وشعوبا حيال سيناريو الصراع في بؤرة الصراع الراهنة بين الشعوب والاستعمار الجديد، في طهران؟ ذلك الصمت المطبق ليس بريئا أبدا, وما هو إلا نوع من الإقبال على الانتحار يأسا أو خوفا أو جهلا أو هذه كلها بالنسبة إلى الشعوب, أما بالنسبة إلى الأنظمة فموضوع آخر.

مستجدات اليوم, أهمها تظاهر عدد من الناس في طهران, قدرته بعض العناصر بألف شخص, واستعمال الشرطة لخراطيم المياه في تفريقه, وتصريح كروبي بالدعوة إلى مواصلة الاحتجاج حتى إلقاء نتائج الانتخابات, وإلى جعل يوم الخميس القادم يوم حداد على ضحايا الاحتجاج, ومن المعروف أن هذا السيد قد حصل على نسبة بسيطة في الانتخابات, ولا أمل له يرجى عن طريق أي انتخابات محتملة, وإذن فهو يبحث عن طريق آخر للوصول إلى السلطة, وبأي ثمن. من الجانب الآخر صدر عن البرلمان طلب بإعادة النظر في العلاقات مع بريطانيا, وبأنه أعد ملف الاتهام بإثارة الشغب لموسوي, الذي يجب اعتقاله, وهو ما لا نتمناه, وإن كان متوقعا من موسوي ذاته, حيث دعا الشعب الإيراني – في الأيام الماضية - إلى الإضراب إذا وقع اعتقاله. كما تدخل الحرس الثورة – لأول مرة – على مستوى الخطاب, وتوعد بمواجهة المحتجين بطريقة ثورية – كما قال – وهو ما لا نتمناه أيضا. وفي الخارج صرح نتنياهو برفض إسرائيل لوجود إيران متطورة وقوية تكنولوجيا, وهدد بضرب منشئاتها النووية, وفي تحريض واضح للمحتجين ولزعمائهم, قال إننا على استعداد لإقامة علاقات مع النظام الإيراني القادم. ودخلت إيطاليا على الخط اليوم لتضع سفارتها في طهران تحت تصرف المحتجين, وعلى الأخص لاستقبال جرحاهم. والخلاصة أن التصعيد مستمر على جميع المستويات, وبالرغم من أن الأمور ميدانيا تميل إلى الهدوء, لكن الحسم النهائي لم يقع بعد, فما زال التصعيد مستمرا من الجانبين السلطة والمعارضة, وما زال التحريض والدعم الغربي والصهيوني المعلن يتصاعد, ودون شك فإن هناك أطراف تعمل في الخفاء لفائدة الساعين إلى الحكم في إيران. والغريب حقا أن الجانب الشرعي لم يتلق أي تأييد علني صريح إلا تأييد الزعيم الفينزويلي "تشافيز", هذا الذي تبعد بلاده عن إيران آلاف الكيلومترات, ومهما كانت علاقاته الثورية مع القيادة الإيرانية وهي علاقة نموذجية بين ثورة علمانية وأخرى إسلامية, غير أن النضال ضد الطغيان والهيمنة العالمية والمصالح المشتركة جمعت بينهما, إلى درجة أن "تشافيز " هو الزعيم الوحيد, والرئيس الوحيد الذي أبدى مؤازرته القوية للدولة الإيرانية ولرئيسها المنتخب, مفسرا الأحداث الجارية تفسيرا موضوعيا واضحا.

قال أحد المعلقين اليوم في صحيفة جزائرية, إن الصراع واقع في طهران بين ديمقراطية الملالي وديمقراطية البزنس, وقد يبدو الأمر كذلك مظهريا وسطحيا, لكن التمعن في الأمر يجعل مثل هذا القول بعيدا عن جوهر الصراع, فالذي يحدث هو صراع بين الثورة والثورة المضادة, وهو انقسام داخل نفس الطبقة السياسية الحاكمة, بين الملالي أنفسهم, هؤلاء الذين حكموا إيران مدة ثلاثين سنة, وقد تكونت منهم طبقة من الأثرياء البزنس كما يقول صاحبنا, ومن ثم فإن المصالح قد تباينت, ومن المعروف أن البورجوازية أنانية ولا تفكر إلا في نفسها, ولهذا استغلت مناسبة الانتخابات لتخرج إلى الصراع المعلن, ودون شك فإنها تضع الدعم الخارجي في حسابها. نعم إننا نتمنى أن يكون في إيران حكم ديمقراطي عادي, لا لون له من رجال الدين أو غيرهم, لكن في انتظار ذلك المجهول الذي نتمناه, هناك ملالي يحكمون في إيران, ويقومون بأعمال كبيرة, ينجزون التطور والتقدم والقوة, ويمضون بسرعة كبيرة في طريق التطور العلمي والتكنولوجي, ويناصرون المقاومة في البلدان العربية والإسلامية مناصرة قوية جدا, مما يجعلها تقف حجر عثرة في طريق مخططات الاحتلال والهيمنة, بمعنى أن ارتباطنا مع هذه الثورة مصيري, ولا خيار لنا فيه, إذا استمرت استمررنا, وإن هي اندثرت وقع محونا من الوجود نهائيا, فكيف نقعد – والحال هذه- عن مناصرة هذه الثورة ولو بالكلام؟ إننا لا نفعل – للأسف الشديد – وإننا نسلم أنفسنا للخطر القاتل القادم لا محالة إن وقع مكروه لطهران – لا قدر الله – غير أن ثقتنا في الشعب الإيراني كبيرة, وإنه دون شك سيقف سدا منيعا لثورته أمام أي تهديد محتمل مؤيدا بإيمانه ووعيه بمصالحه وبمتطلبات مصيره, وبوعد الخالق سبحانه بالنصر لعباده المؤمنين, وإنها لمناسبة جديدة لسقوط الكثير من الأقنعة, وارتفاع الوعي الشعبي درجات أكثر, مما يجعل المناعة أكبر, والخلاص أقرب, وما النصر إلا من عند الله.

ويل للمصلين


"ويل للمصلين" في طهران

بادئ ذي بدء نسجل مزيدا من اتضاح طبيعة الصراع في إيران, ومن غير لف ودوران والغرق في الملابسات, نقول إن الصرا ع بين طرفين هما: السلطة الثورية القائمة وقوى الثورة المضادة, ذلك أن الإصلاح لا يمكن أن يبلغ بطبيعته درجة الصراع على السلطة, ما لم يغير وجهته لوضع مؤهل للصراع, مثل الثورة المضادة التي اختار القيام بها, أو استُدرج لذلك. وقبل الخوض في الوضع - كما يبدو من بعيد- نشير إلى افتقارنا للمعطيات الحقيقية والموضوعية التي تسمح بإبداء الرأي الأكيد, لذلك نتحفظ من هذه الناحية على موضوعية الأحكام التي قد يصل إليها المعتمد على التقارير الصحفية, والمفتقر إلى المعلومات الواقعية التي يصعب الوصول إليها باعتبارها أسرارا دفينة عند أصحابها. أما الملاحظة الخارجية التي يعتمدعليها هذا الحديث, فتشهد على تنامي الصراع وخطورته, ذلك أن الفريق المعارض لم يستمع إلى خطاب المرشد الأعلى يوم الجمعة, أو رفضه عمليا, حيث غاب موسوي وكروبي عن اجتماع مجلس صيانة الدستور المخصص للطعون, لأنهما يرفضان الخوض في الموضوع قانونيا, بل يطالبان بإلغاء نتائج الانتخابات وإعادتها، أما إعادة الفرز لنسبة قليلة من الصناديق, بل حتى لكل الصناديق فيرفضانها, لأنها ليست في صالحهما, فهما على قناعة تامة بأن ما حصلا عليه من الأصوات لا يقربهما من الفوز, بحيث يمكن الجدال في الأمر, فيكون الحل المرضي بالنسبة إليهما هو الإلغاء والإعادة, وحتى هذا المطلب التعجيزي لو افترضنا -جدلا- وقوعه, فإنهما يرفضانه في نهاية المطاف, لأن المطلب الحقيقي هو السلطة, وليس السلطة عن طريق الانتخاب أبدا, ومن هنا يكون الطريق هو زعزعة الأوضاع والاعتماد على التأييد الخارجي من الأوساط المعادية المعروفة, والتي عبرت عن تجاوبها السريع والقوي, قالأمر بالنسبة إليها هو فرصة من ذهب, لا ينبغي أن تضيع سدى. لذلك فإن التجاوب الكبير الملاحظ بين الداخل المحتج والمعارض, أو لنقل المصارع على السلطة والخارج الإمبريالي والصهيوني والاعتدالي, يتلخص التعبير عنه بالعبارة المعروفة, لمن يريد الادعاء الباطل, وهو بتر الآية الكريمة, والاكتفاء بنصفها الأول, الذي هو: "ويل للمصلين", والبيت الشعري لأبي نواس شاعر الفسق والمجون أوضح تعبير عن مثل هذا الموقف:

ما قال ربك ويل للأولى سكروا وإنما قال ويل للمصلين

ومن باب المحاولة الصعبة لفهم الوضع, بسبب غياب المعطيات الموضوعية الكافية, نحاول التجرد من أي اعتبارات ذاتية إلى أبعد الحدود الممكنة, لقد انطلق الصراع فعلا, وحصلت بداية الشرخ في الطبقة الحاكمة والقيادة السياسية, لأن المعترضين من داخلها, وفيهم من هم في مواقع حساسة, قد يكون الأمر مجرد صراع على السلطة, مما يفيد ضعف أو إضعاف القيادة العليا المتمثلة في مرشد الثورة, حيث صار التمرد عليها واضح بإعلان الاحتجاج أولا, ثم برفض توجيه القائد الأعلى ثانيا, ربما كذلك يكون أحد أسباب هذا التمرد هو رفض حكم الرئيس نجاد, بسبب أداء حكومته المبالغة في الصراع مع الغرب والجيران, كما ذهبت إلى ذلك الأخت الكريمة "حورية النيل" في أحد تعليقاتها, وقد يعترض أيضا المعترضون على تحمل إيران مسؤولية القضايا العربية أكثر من العرب, أو في الوقت الذي يتخلى عنها العرب أنفسهم أو حتى الفلسطينيون, وذلك بنصرة المقاومة في العراق ولبنان وخاصة في فلسطين, وما يكلف إيران ذلك من تضحيات مادية كبيرة, ومواقف تدفع ثمنها في احتدام الصراع مع أمريكا وإسرائيل والغرب والجيران من العرب "المعتدلين" خاصة. وقد تكون من أسباب رفض رئاسة نجاد كذلك بعض الملفات الاقتصادية، كما تفضلت الأخت المحترمة كذلك, وغير هذه من الأسباب الكثيرة التي يمكن أن تكون سببا حقيقيا في الاحتجاجات, لكن ما هو الحل؟ هل هناك طريقة أخرى يمكن استعمالها لحسم الأمور غير الانتخاب؟ إن المعارضة تعرف ذلك, وعليه فإنها عمدت إلى ما هي فيه من ممارسة غير قانونية بهدف الوصول إلى السلطة بهذه الطريقة, وبتأييد تام ومتنام من الغرب وأتباعه. مما يفضي في النهاية إلى القضاء نهائيا على الثورة الإيرانية, وحسم الأمور في المنطقة للصالح المشروع الأمريكي الذي تلقى ضربات قاصمة على يد إيران والمقاومة والممانعة, ووقع في الفشل الذريع, في عهد الطاغية السفاح بوش, وربما بسببه, إذ أنه لا يمكن التعاون معه, بسبب تطرفه وإعلانه الحرب على العرب والمسلمين جهارا نهارا. إن الكثير في المنطقة, يتمنون أن يقوم في إيران حكم مدني, والكثير حتى من المخلصين يرون أن الحكم الديني لا يمكن أن يعمر طويلا لتناقضه مع العصر, لكن كيف يمكن ضمان استمرارية الثورة ومهما كانت إيديولوجيتها في إيران؟ إن ما يُسمى بالإصلاح والذي يبدو من خلال مواقفه أنه ينسجم تماما مع الغرب في نظرته للأحداث, ويصرح تصريحات من نفس طبيعة التصريحات الغربية، وهي مثلها من نوع "ويل للمصلين", ولننظر في ذلك. الرئيس خاتمي، يقول: ما زال باب معالجة الاحتقان مفتوحا -كيف؟ لا ندري. كما يضيف: التحذير من عواقب منع الاحتجاج. مما يعني أنه يعارض المرشد الأعلى صراحة, ويطلب المستحيل, وإلا لماذا لم يطلب من المتظاهرين الكف عن التظاهر, كما فعل آخرون من الزعماء الذين أعلنوا مواقفهم؟ وفي ذات السياق يطالب السيد خاتمي بإطلاق سراح المعتقلين فورا. وهل هذا معقول بعد إعلان لا قانونية التظاهر وعدم الترخيص له؟ وبعد وقوع خسائر في الأرواح والممتلكات, وقد يكون بعض هؤلاء المعتقلين ممن تسببوا فيها؟ وينتهي الرئيس خاتمي إلى اقتراح تشكيل لجنة محايدة لمعالجة الأزمة القائمة. هل هذا الاقتراح عملي وممكن التحقيق؟ فمن يا ترى تتكون هذه اللجنة المحايدة؟ وهل يقبل الطرفان بما تنتهي إليه من أحكام؟ ربما كان من المقبول عمليا لو اقترح السيد خاتمي لجنة مشتركة من الطرفين المتصارعين, ربما كانت معقولة نظريا على الأقل إن السيد خاتمي كما نرى يقف عند "ويل للمصلين" ولا يقصد الوصول إلى تسوية, بل يعلن عن نفسه كزعيم للاحتجاج والمعارضة تحسبا لنجاحها, وبالتالي بلوغ سدة الحكم, بعد أن ابتعد عنه, وتردده في الترشح مجددا هذه المرة, ذلك لأنه - ربما - لم يحصل على ضمانات من قيادة الثورة, ولذلك انسحب من الترشح, لكنه الآن أظن يسعى إلى الرئاسة من هذا الطريق, وبأي ثمن. فهو كما عرفناه أثناء فترة رئاسته رجل سلطة وليس رجل دولة, وشتان بين الأمرين. كما ظهر اليوم على مسرح الأحداث زعيم جديد, هو آية الله منتظري, وقد بدا بتصريحاته منافسا للسيدين خاتمي وموسوي, حيث اقترح إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام على ضحايا المظاهرات, ثم أفتى بأن رفض مطالب الشعب الانتخابية محرم شرعا. لكن أي شعب؟ شعب الأقلية البورجوازية التي يقف معها أو ينافس على تزعمها؟ أم شعب الأغلبية الساحقة من الفقراء وأشباه الفقراء الذين انتخبوا الرئيس نجاد؟ أيهما يحرم رفض مطالبه الانتخابية؟ إنه منطق "ويل للمصلين". أما الحداد الذي يطالب بإعلانه, ويعني بذلك اتهام السلطة بالقتل، وليكن ذلك, لكن لمن ينتمي الانتحاري الذي قتل نفسه وجرح آخرين عند ضريح الإمام الخميني رحمه الله؟ ومن الذي يتسبب في القتل؟ هل هو الذي يحفظ النظام, أو الذي يزعزعه بدعوة الناس إلى التظاهر والشغب؟ أما الشيخ رفسنجاني الذي أعلن عن عزمه على إصدار بيان اليوم الأحد, فإنه لم يفعل, والمعروف أنه يحتل منصبا كبيرا حتى الآن, وأنه من المحافظين, لكن أعضاء خمسة من عائلته بمن فيهم ابنته قد اعتقلوا أثناء مظاهرات أمس غير المرخص بها, فهل كان الشيخ سيدعي أنهم لم يستشيروه؟ إن مثل هذا الكلام - إن قيل - لا ينطلي على أحد, ثم إن مشاركتهم في التطاهر تعني أن الشيخ المسؤول والمحافظ يسير في ركب المعترضين, وهو محافظ وفي الفريق الحاكم, مما يؤشر بوضوح أن الصراع على السلطة ليس بين المحافظين والإصلاحيين بل بين الثورة والثورة المضادة, وإن تصريحات لاريجاني توضح أن هؤلاء ليسوا منطلقين من تحالف مسبق مع الغرب وأتباعه, وإنما الإمبريالية هي التي تستثمر بانتهازيتها _ كما قال _ في الأحداث الجارية في إيران, هذا التوضيح مهم من رجل في موقع مناسب لمعرفة خبايا ما يجري, لكن رغم ذلك فإن الثورة المضادة إذا نجحت - لا قدر لها - وحتى أثناء محاولتها الاستيلاء على السلطة, سوف تقع حتما في أحضان الإمبريالية والصهيونية, وعندها - لاقدر الله - سوف تدفع الشعوب الثمن غاليا, وخاصة منها الشعوب العربية, والشعب الفلسطيني منها خاصة, والتحركات السياسية هذه الأيام تشير بوضوح إلى المساعي السائرة في هذا الاتجاه, إلا أن الأمل معقود على الشعب الإيراني, وعلى طلائعه الثورية القادرة على إحباط المساعي الطامحة والطامعة الداخلية منها والخارجية، "أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض", وإنه الصراع الأبدي بين الخير والشر, والله ينصر من يشاء. لقد انتهى الرئيس الأمريكي بعد تردد وتناقض إلى دعوة السلطات الإيرانية, بمعنى أمرها بالتخلي عن قمع الشعب, لكنه لم يطلب من الطرف الآخر الكف عن الدعوة إلى التظاهر, ولم يطلب من الشعب الذي يتحدث عنه التزام الهدوء, وعدم السير وراء المغامرين, إنه منطق "ويل للمصلين " الذي يجمع بين قادة الاحتجاج والأوساط الغربية والسائرين في فلكها, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فصل الخطاب في طهران

فصل الخطاب في طهران

أَمََّ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد/ علي خامنئي المصلين وخطب فيهم خطبة الجمعة, وكأننا في عز أيام الخلافة الراشدة المنيعة, وقد نطق القائد بخطاب الحسم: الانتخابات إنجاز ديمقراطي عظيم للشعب الإيراني - النظام الإيراني هو الأقل فسادا في العالم - الانتخابات نزيهة وحرة- لا للبدع غير الدستورية في إشارة للمطالبة بإلغاء الانتخابات -التزوير مستحيل أن يكون بحجم 11 مليون صوت, في إشارة للفرق بين الأصوات التي حصل عليها الرئيس أحمدي نجاد والمحتج موسوي - تحميل المسؤولية عن الأرواح التي سقطت (7متظاهرين) للطرف الذي أخرج الناس إلى الشارع، في إشارة واضحة لموسوي وجماعته - تحميل مسؤولية ما قد يحدث من إراقة دماء للمسؤولين المتسببين في الفوضى والشغب والتخريب- لا مكان للاحتجاج خارج الإطار الدستوري والقانوني - أوهام أمريكا والغرب بأن ما يحدث هو ثورة شعبية ضد النظام الثوري الإيراني - وصف المرشد الأعلى للموقف البريطاني بالخبث. هذه هي أهم عناصر خطاب قائد الثورة ومرشدها. ومن أصداء الخطاب صدور رفض محافظ طهران لطلب تنظيم مظاهرات غد السبت, مما يعني أن قرار حسم الأمور قد صدر بالفعل. أما عن ردود الفعل الغربية فقد استدعت بريطانيا سفير إيران لديها, ربما للاحتجاج على وصفها بالخبث, كوقد قالت إنها استدعته للاحتجاج على الخطاب, دون أن تفصل في الأمر, كما قال براون إن الاتحاد الأوروبي قد أدان استعمال العنف ضد المتظاهرين, وقد صدر عن البيت الأبيض تصريح ينفي فيه الخلاف بين أوباما ونائبه حول الموضوع, أو كما قيل تباين وجهتي نظرهما لأحداث إيران, كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن مطالبته بالسماح لحرية التظاهر في إيران, بمعنى استسلام النظام الثوري لمحاولة الإطاحة به التي يدعمها الغرب بكل ما أوتي من قوة. ويبدو من الجو العام السائد أن الأزمة قد أشرفت على النهاية بهذا الموقف الحاسم للمرشد الأعلى للثورة, وإن هناك حذر وترقب نظرا للتكالب الغربي الواضح في محاولة يائسة لاستغلال الفرصة إلى أبعد الحدود, ودفعها بكل قوة للإطاحة بالنظام الإيراني الثوري الجمهوري الإسلامي, ويبدو أن السيناريو كان معدا سلفا, إذا أدخلنا في الحسبان ما أعلنته المخابرات ووزارة الداخلية في إيران من اكتشاف عدد من السيارات الملغومة المعدة للتفجير في الأماكن المزدحمة بالناخبين يوم الاقتراع, وأيضا اكتشاف أجهزة متطورة جدا للتنصب على وزارة الداخلية, ثم إن ما يمكن تسميته بالمعارضة قد اجتمع قادتها بعد خطاب مرشد الثورة اليوم في خطبة الجمعة, لذلك فالحذر مطلوب, فرغم الحسم على مستوى الخطاب فما زال الخصم في الداخل والخارج لم يتراجع عن محاولاته نهائيا. نقول نعم للديمقراطية التي تأتي في المرتبةالثانية بعد الثورة الحقيقية, وثورة إيران حقيقية بدليل إنجازاتها العظيمة ووقوفها المبدئي في وجه المطامع الغربية والصهيونية, ثم إن في إيران ديمقراطية هي الأفضل على الساحة العربية والإسلامية والجنوبية عموما إلى جانب الثورة, ولذلك فإن النظام الإيراني هو الأقل فسادا بحق وصدق في العالم قاطبة, فماذا يريد موسوي وجماعته؟ هل يريدون استلام الحكم في إيران بالرغم من نتائج الانتخابات الحاسمة؟ ولماذا يؤيدهم الغرب؟ هل لسواد عيونهم وعيون الديمقراطية؟ إنه منطق غريب وعجيب يمارس باسم الديمقراطية زورا وبهتانا, ولقد كان الأمر في حاجة مؤكدة إلى الحسم الصارم, لكن ذلك لم يتأخر كثيرا والحمد لله, وما على الشعب الإيراني إلا أن يقف صامدا إلى جانب قيادته الرشيدة المخلصة للدفاع عن اختياره وعن مصالحه, لا حبا في نجاد ولا في خامنئي, وإن كانا يستحقان كل حب لمواقفهما المشرفة ولإنجازاتهما العظيمة, أو بالأحرى لقيادتهما للإنجازات الكبرى للشعب الإيراني العريق, وإنما من أجل مصالحه ومصيره. أما عن أوروبا المتحضرة والإنسانية والديمقراطية جدا, فلماذا لا تطالب بحرية التظاهر في البلدان الأخرى للمنطقة, وخاصة منها ذات النظم الموصوفة غربيا بـ "المعتدلة", وعلى أي معيار يا ترى استندت أوروبا وأمريكا لمنح هذه الصفة المحمودة لتلك النظم التي تحكم شعوبها بالحديد والنار, ولا تسمح لها حتى بمجرد إبداء الرأي في شؤونها فما بالك بالاحتجاج في الشارع والتظاهر؟ ألا ينتبه هؤلاء إلى درجة التناقض الفادح التي يقعون فيها؟ ألا يعودون إلى جادة الصواب؟ أم أن الاستعمار كما قيل بحق تلميذ غيبي, ولذلك لا يستفيد من تجارب التاريخ. كنا نظن أن مثل هذه المواقف المخزية قد ذهبت دون رجعة مع الحقبة السوداء لإدارة بوش السفاح, لكن ظننا خاب - للأسف الشديد - ذلك أن المشكلة ليست فقط في التطرف والتزمت والعنصرية والعدوان, بل المعضلة أعمق من ذلك وهي الصراع الدائم والمستمر بين الشعوب وإرادة الهيمنة والاستغلال والاستبداد, إن المواجهة مستمرة ولا نهاية لها إلا بسيطرة الشعوب على مقدراتها ومصائرها عن طريق التحرر بالثورة أو الديمقراطية أو بهما معا, وإلى ذلك الحين فالمهم العاجل هو الحسم في طهران للحفاظ على الشعلة والمنارة الهادية لباقي شعوب الأمة, وليبقى باب الأمل مفتوحا, ولا يتمكن أعداء الأمة في الداخل والخارج من إطفاء الشعلة وهدم المنارة وغلق باب الأمل لا قدرالله, وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز, وإنه سبحانه ينصر من يشاء.

الاثنين، 22 يونيو 2009

عن الديمقراطية وإيران

هل الديمقراطية مفيدة للشعوب النامية؟ ما يجري في إيران؟
تحت هذا العنوان كتب السيد/سميح خلف مقالا في شبكة فلسطين ال 48 الإعلامية بجيران
فرددت عليه بما يأتي
تحليل سياسي بدل فيه صاحبه مجهودا معتبرا مشكورا.لكنه لم يجب إطلاقا الجواب المناسب على السؤال الذي طرحه عن الديمقراطية هل هي مفيدة للشعوب النامية؟ أم أن جواب الكاتب محير حقا, وهو أن الديمقراطية غير مفيدة للشعوب النامية, وبرهانه على ذلك هو أن ما حدث في العقدين الأخيرين في بلدان عربية وإسلامية عديدة, وما يحدث هذه الأيام في إيران من محاولات أمريكية غربية لضرب الثورة الإيرانية من الداخل, بالاعتماد على تيار من داخلها, وقد استشهد السيد خلف بموقف أوباما المتغير والذي انتهى إلى التدخل السافر في الشؤون الإيرانية الداخلية. إن النماذج من الديمقراطيات التي استعرضها الكاتب والتي لم يستعرضها لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالديمقراطية,وإنما هي ادعاءات فارغة وكاذبة ومزيفة للديمقراطية, وفي أحسن الأحوال هي ديمقراطيات الواجهة الشكلية المضللة, أو هي إن شئنا الدقة ديكتاتوريات مقنعة بقناع ديمقراطي مزيف. أما عن تدخلات الغرب وأمريكا خاصة فتلك ممارسات نيوكولنيالية تلبس أحيانا لباس العولمة الذي لا يختلف عن الاستعمار الجديد, بل هو النيوكولونيالية ذاتها التي تحاول تبرير نواياها في الهيمنة واستعباد الشعوب بالتخفي وراء شعار العولمة البراق الزائف, وليس هناك أية علاقة موضوعية بين الممارسات النيوكولونيالية وادعائها الكاذب للديمقراطية وحقوق الإنسان, وهي في الواقع عدوتهما اللدودة, لتناقضهما مع مراميها وأطماعها الشرهة الطاغية. أما عن الشعوب التي تجهل مصالحها والقاصرة عن تطبيق الديمقراطية بل فهمها أصلا, فهذا كلام فوقي خطير, يمهد للوصاية الديكتاتورية والاستعمارية على الشعوب ومقدراتها ومصائرها, والتحالف المصلحي بين الديكتاتوريات والاستعمار الأمريكي الغربي, لأنه إذا لم يكن الشعب صاحب الحق هو أصل السيادة الحقيقية ومصدرها, فإن الأمر يؤول آليا إلى الدكتاتورية المحمية والمدعومة والمفوضة من الاستعمار ضد حريات الشعوب ومصالحها, وهذا ما هو حاصل اليوم في البلدان العربية والإسلامية, وخاصة منها الموسومة بـ"المعتدلة". إن الدولة الوحيدة القائمة على أسس ثورية حقيقية, والأكثر ديمقراطية على الساحة العربية الإسلامية اليوم هي إيران, بدليل موقفها المبدئي المعلن والمتحدي للاستعمار وأعوانه, وبدليل ما تصنعه من تقدم وحداثة في كل المجالات, ومنها المجال الفضائي والصاروخي والنووي قمة التكنولوجية والعلم المعاصرين, مما يهدد مصالح الغرب وأنظمة الحكم العميلة في المنطقة, ولذلك يتكالبون في التكتل للإطاحة بالثورة الإيرانية الرائدة, لكنها ليست باللقمة السائغة, وشعبها بل شعوب المنطقة كلها وراءها بكل ما لديها من رصيد في النضال والفداء والتضحية وعيا منها بأن ثورة إيران هي المعبر الأكثر صدقا عن مصالحها والحجة الدامغة قائمة في إنجازاتها العلمية والتكنولوجية الحداثية العملاقة, وفي مقاومتها الشرسة لمحاولات السيطرة الاستعمارية والعميلة على مقدرات المنطقة وعلى خيراتها الطبيعية والبشرية وفي نصرتها المخلصة المعنوية والمادية للمقاومة وعلى رأسها المقاومة الفلسطينية الوسيلة الوحيدة المتاحة لدفاع الشعوب عن نفسها والكفاح من أجل تحررها. ولو كانت الديمقراطية قائمة لدى هذه الشعوب في بلدانها لكانت الدول والحكومات ملتفة مع الشعوب حول الثورة الإيرانية وحامية لها بالنفس والنفيس باعتبارها النواة الصلبة للمقاومة ضد الاستعمار والصهيونية والعمالة والمعبرة بصدق وبالعملي الملموس عن مصالح الشعوب وعن استقلالية المنطقة ومناعتها وعزتها وكرامتها. إنه من الخطير جدا أن توضع الديمقراطية في قفص الاتهام, وما هو البديل إذن ليكون مرجعية مقبولة ومناسبة ومشروعة لقيام الدول والحكومات؟ إن البديل الوحيد المقبول هو الثورة الحقيقية, لكن كيف يمكن الوصول إليها وضمان وجودها في كل البلدان؟ إن الديمقراطية هي المخرج الذي لا بديل عنه, والباقي تفاصيل, واتقوا الله في شؤون بلدانكم ومقدرات منطقتكم ومصائر شعوبكم, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الجمعة، 19 يونيو 2009

وانطلق النقاش

وانطلق النقاش

لكما فضل التأسيس أيها الطلائعيان: الأخ الكريم الدكتور/ أحمد سيد أحمد والأخت الفاضلة/ حورية النيل وافقتما ثم ساهمتما, وها أنذا بفضل ذلك أحاول أن أضبط الصورة, قدر إمكاني: بعد اقتراحي فتح النقاش وموافقتكما البناءة والمؤسسة, وضعت آخر مقال لي: "الحسم مطلوب في طهران" على بساط البحث في حلقة النقاش, وكانت الاستجابة منكما سريعة وثرية.
===========================

الخلاصة
أحاول التلخيص: 1)مقالي: "الحسم مطلوب في إيران": خوف على الشمعة الوحيدة المنيرة في الساحة الإسلامية, ودعوة لقيادة الثورة في إيران لحسم الأمر قبل أن يتعقد, وقد يستعصي, وقد يؤدي بتدخل الأعداء السافر إلى ما لا تحمد عقباه لا قدر الله. قناعتي وخاصة بعد الإطلاع على المقال الغني بالمعطيات الموضوعية الشفافة للإستاذ/ فهمي هويدي بالأمس والذي نشرته شبكة فلسطين 48 الإعلامية, ومدونة الأخ/ علوي حجازي مشكوران, هي أن الأمر خطير ويجب حسمه بسرعة, وأن الذي يحدث هو صراع مصيري بين الثورة والثورة المضادة, وما الانتخابات إلا مناسبة استغلت لمحاولة الإطاحة بالثورة في إيران, أما الانتخابات حتى إذا صدقنا ادعاء التزوير, فالفرق فيها شاسع بين الخصمين, ولا يمكن للتزوير أن يستوعب كل ذلك الفارق الذي تفاجأ له الرئيس أحمدي نجاد نفسه, لقد كانت الانتخابات شفافة ونزيهة في نظر العالم كله, بما فيه أمريكا وإسرائيل وأوروبا, ثم فجأة يقع التشكيك والتحريض والتدخل إلى جانب الثورة المضادة, بالنسبة لي الأمر واضح جدا, والتردد في مثل هذه الظروف قاتل, ويجب وضع حد لهذا التشنج المشاكس بكل حزم وعلى الفور, لأن المواجهة لا مفر منها, ومن الحكمة والنجاعة أن تكون في البداية.
2) وجهة نظر الأخ أحمد: موقف الرئيس خاتمي والشيخ هاشمي رفسنجاني ورجال الدين في إيران, يقصد الأخ/ أحمد فيما فهمت, الموقف المساند للاحتجاجات. ثم الدعاء بحماية إيران البلد المسلم الكبير والعريق الذي يدعم الاستقرار فيه الأمن القومي العربي والموقف في وجه الاحتلال العدو الوحيد, يقول الأخ أحمد وإلا لكان رسول الله"ص" قد قتل جميع المنافقين في المدينة وعلى رأسهم رأس النفاق. ويرى الأخ الفاضل ضرورة عدم تخوين أو تكفير أي أحد, لأن ريحنا يذهب إن اختلفنا على الأولويات, لأنه عندما تحدد الهدف تجمع الأمة وتنتصر.
3) وجهة نظر الأخت حورية: الانتخابات كشفت عن وجود خلافات جوهرية داخل مؤسسة الثورة الإيرانية بين تيارين إصلاحي ومحافظ, الأول يريد إدخال ولاية الفقيه تحت عباءة الدستور. هذا التيار يتسب في اضطرابات في الشارع الإيراني, ربما ليحافظ على الانقسام والاستقطاب القائم, هذا التيار له رؤية مختلفة لمستقبل إيران وعلاقاتها بالقوى الإقليمية وبأمريكا والغرب, ولديه تقييمات مختلفة لأداء حكومة أحمدي نجاد وللملفات الاقتصادية والعلاقات الخارجية. أما التيار المحافظ فمتمسك بأطروحاته القديمة والمتمثلة في علاقات الصدام أو الصراع مع أمريكا ومع قوى إقليمية جارة. وتخلص الأخت حورية إلى أنه ربما أن التيار الإصلاحي يريد الحفاظ على حالة الاستقطاب في الشارع الإيراني, وربما تقول الأخت الفاضلة أن الحسم لا يكون إلا بتدخل الأجهزة الأمنية مثل الحرس الثوري.
======================================
الصورة المركبة
خوف على الثورة الإيرانية من أعدائها في الداخل والخارج ودعوتها إلى سرعة الحسم. الدعاء لحماية إيران واستقرارها لكونها داعمة للأمن القومي العربي وللموقف ضد العدو. ضبابية الموقف في طهران بدليل تأييد زعماء كبار ورجال دين للاحتجاج, والرأي هو عدم الاختلاف على الأولويات لأن في ذلك هلاكنا, وبتحديد الهدف تجتمع الأمة وتنتصر. هناك تياران إصلاحي ومحافظ متصارعان ومختلفان في وجهات النظر,وربما يكون الحسم باستعمال القوة, لإنهاء الاحتجاج.
=========================================================
التنظيم
أقترح عليكما عزيزاي إن اتفقنا على هذا الشكل التنظيمي للنقاش أن تبنيا عليه ليستمر هذا الموضوع مطروحا إذا وافقتما على أنه استراتيجي ومصيري بالنسبة إلى أمتنا العربية والإسلامية, وأدعوكما في ذات الوقت, وأدعو باسمنا جميعا كل من يريد الانضمام إلى حلقة النقاش, أن يساهم باقتراحاته في الشكل التنظيمي للحوار ليكون عمليا وبسيطا وفعالا. وبطيبعة الحال أنتظر منكما ومن كل المهتمين الإضافة التي يراها كل منا بعد الاطلاع على هذه الخلاصة, والرجوع لمن أراد التفاصيل إلى المقالات المؤسسة للموضوع. على أن نعمل على فتح حلقات أخرى للنقاش في الموضوعات الاستراتيجية الأخرى, وذات الأولوية منها خاصة, مثل قضييتي فلسطين, الأمن القومي العربي, التنمية المستدامة, وما شابه ذلك من الموضوعات, وبالطبع فإننا نتمنى مساهمة ذوي الاختصاص للتنوير, غير أن طرحنا لا ينبغي أن يتحول إلى منر أكاديمي بحت, فنحن فقط في حاجة إلى المساهمة الأكاديمية عند الحاجة لحسم النقاش العام وترشيده, لكننا من وجهة نظري نريد التأسيس لنقاش عام, يشارك فيه الجميع. أقترح بقاء هذا الركن ثابتا, لضمان استمرار التحسين والتطوير, وبعده الإضافة, وهو ما يسمونه التعقيب أو الرد, ورأيي أن الإضافة هي المطلوبة من المساهمين الرئيسيين, على أن يبقى التعقيب والرد من حق الجميع
=============================================================
الإضافة

بعد اطلاعي على رأي الأخ الفاضل أحمد والأخت الفاضلة حورية, أدام الله عطاءهما وطلائعيتهما, اسمحوا لي أن أضيف: أولا أن الأزمة - فيما يبدو- تتجه نحو الإنفراج, يتضح ذلك من آخر الأنباء التي تحدثت خاصة عن مشاركة جميع المترشحين غدا في صلاة الجمعة التي سيأمها مرشد الثورة, وإعلان البيت الأبيض عن تمسكه بالحوار مع إيران واعتباره للانتخابات الرئاسية شأنا داخليا إيرانيا. ومعنى هذا الكف عن تأييد الاحتجاج ربما لعدم جدواه وأيضا لكونه مفضوحا, بعد انتخابات شهد العالم على نزاهتها وكثافتها, قبل اندلاع الاحتجاجات سيئة الذكر, يبدو أن الوضع يسير نحو الهدوء والاستقرار والحمد لله.
ثم أود التعبير على أن الخلاف لا يفسد في الود قضية على المستوى النظري والفكري, بل هو مطلوب وسبب مهم في الخصوبة والجدوى والتلاقح. أما على المستوى العملي وعندما يتعلق الأمر بقضايا الدولة والأمن والحياة العامة, فإن الخلاف قد يكون قاتلا, ولذلك يجب تنظيمه ليكون ديمقراطيا وضمن الأطر النظامية, فإذا خرج إلى الشارع فمعناه بداية الانفلات, وهو إعلان للصراع بكل مستوياته واحتمالاته, بما في ذلك هدم السقف فوق رؤوس الجميع وإعلان حرب الوجود بين الفريقين المتصارعين. عند هذه النقطة تسقط كل الاعتبارات ويتعين حفظ الأمن, فإن عجز النظام القائم عن ذلك, فمعناه أن بداية نهايته قد أذنت.
الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين, إنني لا أرى الأمور هكذا, وإنما هو في نظري صراع بين الثورة وأعدائها, وليس من المحال أن يكون من بين المحتجين محافظين والعكس, إن الذين انتخبوا أحمدي نجاد هم الغالبية الساحقة من الشعب الإيراني, هم الفقراء, لقد روى الأستاذ فهمي هويدي في مقاله الهام المشار إليه آنفا أن أحمدي الفقير والذي لا زال ملتزما بجذوره الاجتماعية, كان أثناء الأربعة سنوات الماضية من عهدته الأولى, يذهب -لمدة أسبوع كامل- ومعه حكومته كلها إليهم, إلى الفقراء في قراهم وأريافهم في العمق الإيراني, ويدرس معهم أوضاعهم, ويتخذ القرارات في عين المكان لحل مشاكلهم, وهذا هو السبب في انتخابهم له بالأغلبية الساحقة, التي أدهشته هو نفسه, وليس لكونه محافظا أو مؤيدا من المحافظين ومن مرشد الثورة كما يزعم الزاعمون, وهذا لا يعني أن دور المحافظين أو مرشد الثورة لم يكن له تأثيرا على فوز الرئيس أحمدي, بل إن ذلك الدور يأتي في المرتبة الثانية بعد الانتخاب الشعبي الواسع, أي انتخاب الفقراء بسبب خدماته لهم وعرفانا بالجميل وإدراكا منهم لمصالحهم ومحافظة عليها. هذه هي قناعتي, وأعتقد في سياق ذلك أن الكثير من الفقراء المنتمين سياسيا للتيار الإصلاحي, يكونون قد انتخبوا أحمدي نجاد وفاء وعرفانا. إن المهم في نظري هو الثورة والخطير هو الثورة المضادة كائنا من كان في صفوفها, إن الأهم بالنسبة للأمة هو أن تستمر الثورة حاملة لواء التقدم والتنمية وخوض مجال الحداثة بما في ذلك الأهم فيها وهو استيعاب العلم والتكنولوجيا, أي طي مسافة التخلف والولوج في العصر من أوسع أبوابه. أما عن كون التيار المحافظ, كما تفضلت الأخت حورية يتمسك بالعلاقات التصادمية مع أمريكا والغرب والجيران, فاسمحي لي أن أخالفك في هذا, وأسأل عن البديل الذي يقدمه الإصلاح لسياسة التصادم المزعومة, هناك في إيران رفض وممانعة, وليس هناك سعي للتصادم, الذي يسعى إلى التصادم هم أصحاب المصلحة فيه, هم أمريكا والغرب وإسرائيل وبعض الجيران من أتباعهم, لأنهم يريدون القضاء على الثورة الإيرانية التي تهدد مصالحهم الإقليمية والعالمية, هذا هو جوهر المسألة وليس شيئا آخر, أما أن يسعى الإصلاحييون إلى إعادة إيران إلى الصف الأمريكي الغربي وبالطبع الإسرائيلي والإقليمي التابع, فذلك معناه أن المسلمين لن يروا النور لمدة قرون طويلة, فإذا كان الإصلاح في إيران يعني التحالف المصلحي مع قوى الاستعمار الجديد وعملائه, لأنهم يمثلون القوى البورجوازية في إيران, والتي تتحالف بطبيعتها مع القوى العالمية والإقليمية المنسجمة مع مصالحها, فهي تشكل خطرا جسيما على الثورة وعلى المستقبل الإيراني والعربي الإسلامي, وإن نكتة العصر حقا هي أن يتحدث "المعتدلون" العرب عن الخطر النووي الإيراني, الذي لم يولد بعد, والذي نرجو له ولادة سليمة معافية, ويتناسون تماما الترسانة النووية الإسرائيلية الجاثمة على صدورهم وعلى عتبات بيوتهم. إن المسألة هنا لا تتعلق برأي يجب احترامه, بل الأمر مصيري, وأي تعثر - لا قدر الله - للثورة في إيران سيجرنا سريعا إلى ضياجير الاستعمار من جديد وإلى فترة طويلة جدا. ثم إننا في حاجة ماسة إلى الثورة بصفة عامة, لأن الثورة تعني التغيير الجذري السريع للواقع, كما نرى ذلك بأم أعيننا في إيران الثائرة, إن الإصلاح لا يفي بحاجتنا إلى التطور السريع والجذري لمجتمعنا البعيد عن العصر بمسافات ضوئية, ذلك لأن الإصلاح يعني التغير والتطور التدريجي الهادئ الذي يستغرق زمنا طويلا جدا, فربما قد يصل إلى نتيجة إن هو استمر لعقود بل ربما لقرون طويلة, ولم تعصف به عواصف الزمان.
ومن أجل رفع اللبس خاصة بالنسبة للأخوين الكريمين والشريكين في هذا المشروع الواعد إنشاء الله, أقول إنني لست محافظا ولا مؤيدا لقيام دولة دينية, وإنما أنا من عشاق الثورة, ربما لأنني رضعت لبنها منذ الصبى, حيث إن تحرير الجزائر التي كانت معتبرة أرضا فرنسية, كان أمرا مستحيلا, وقد حققت الثورة قهر ذلك المستحيل, رغم ما كان فيها من التخوين, وليس التكفير, لقد كان هناك خونة رفعوا السلاح ضد الثورة منهم - للأسف الشديد - أتباع الزعيم الوطني الفذ المرحوم الحاج مصالي, ومنهم جماعة بلونيس, وأيضا آلاف من الحركى الذين انضموا طواعية للجيش الاستعماري, كانت الثورة تسميهم خونة, فقل لي بربك يا أخ أحمد كيف يمكن تسمية الخائن وهو خائن بالفعل؟ نعم التكفير مسألة أخرى فهو غير مقبول إلا في حالة واحدة وهي إعلان المعني كفره جهارا نهارا, وحتى في هذه الحالة فليس من حقنا كأفراد أن نتعرض له بسوء, بل نتعامل معه بكل احترام كإنسان, ولا يحق لأحد إلا الدولة أن يحاسب آخر, والدولة الإسلامية هي الوحيدة التي تتخذ الإجراءات المناسبة في هذه الحالة, وربما أن ظروف العصر تفرض معاملات أخرى لمثل هذه الحالة النادرة, حتى على الدولة الإسلامية إن هي قامت, وقصارى القول هو أنني ضد التكفير على الإطلاق وضد التطرف وضد التزمت, وقد كنت معارضا بشدة للثورة الإيرانية عندما قامت, بسبب أفكار مسبقة عن التزمت والتطرف الديني, أما وأن هذه الثورة قد أثبتت جدارتها, وأصبحت المنارة الهادية في العالم الإسلامي والأمل الوحيد والحلم الجميل لأمتنا, لأنها ذات مواقف مبدئية مشرفة لم تتزعزع عنها حتى أيام الظلم والظلام البوشي الرهيب, ولأنها تناصر المقاومة العربية وتدعم المقاومة الفلسطينية دون الأنظمة العربية, التي منها من ساند الصهاينة في خنق هذه المقاومة المقدسة, ولأنها تنتج الصواريخ المتنوعة التخصص والمدى, ولأنها دخلت النادي النووي رغم الضغوط الرهيبة والعقوبات الشديدة, والتي يشارك فيها العرب ضحايا الصهيونية والنيوكولونيالية, آسف أقول الأنظمة العربية " المعتدلة خاصة" وليس العرب الشعوب المقهورة فحاشاهم, وإن كان لفظ "الاعتدال" هذا لا يشفي غليلي يا أخ أحمد, حتى لو وضعناه بين قوسين, فيبقى غير كاف, وما المانع من تسمية الأشياء بأسمائها؟ وإخواننا في غزة يقتلهم الجوع والمرض والحر والقر؟ بعدما تعرضوا لولا زالوا للإبادة, وكلنا مرشحين لنفس المصير, ما دام ارتباطنا مصيري محتوم.
أريد أن أوضح وهذا واجبي نحو أصدقائي خاصة, أنني مع الثورة مهما كانت عقيدتها, سواء كانت إسلامية أو ماركسية أو أي كانت عقيدتها, ولا أعتبر هذا يتعارض مع إسلامي الراسخ والمعتدل والتقدمي - إن صح التعبير- فمن وجهة نظري أن الإسلام تقدمي بطبعه, ولا يمكن أن يكون متطرفا مهما كانت الظروف. لقد فتحتما - أيها العزيزان - شهيتي للكتابة, ولم أعد قادرا على التوقف, بالرغم من التعب الذي أشعر به وأنا أواصل هذه المهمة بشراهة ونهم عجيبان لمدة ساعات متواصلة.
أقول لنحذر مما تقدمه وسائل الإعلام ذات المصادر المحتكرة أمريكيا وصهيونيا, لقد ترددت الأنباء هذه الليلة عن أن مجموعة إدارة الأزمات الدولية, تقول إن كوريا الشمالية تملك ترسانة ضخمة من الأسلحة الكيميائية, تنقل لنا وسائل إعلامنا دون تمحيص ولا إعادة توجيه هذه السموم الإعلامية آناء الليل وأطراف النهار, لماذا هذا الخبر؟ ولماذا يسكتون عن الترسانة الأمريكية والترسانات الأوروبية والترسانة الإسرائيلية؟ إنهم يخلقون رأيا عاما معاديا لكوريا ولإيران ولحماس ولحزب الله ولسويا وللسودان ...حتى بيننا نحن المعنيين بالأمر, بتوزيعهم لمثل هذه الأخبار السامة التي تنقلها لنا وسائل إعلامنا وترددها كالببغاء.
أظن أنه حان وقت التوقف عن هذا الحديث, وقبل ذلك أذكر بتباشير الانفراج الحذر في طهران, ذلك أن الجميع سيصلي الجمعة خلف مرشد الثورة في جامعة طهران, غير أن موسوي لا زال يتعهد بمواصلة الاحتجاج حتى إلغاء نتائج الانتخابات, لكن من جهة أخرى يبدو أن قيادة الثورة تتصرف بمرونة وحكمة وهي - فيما يبدو- في وضعية مريحة, وبطبيعة الحال, إن لم يكن هناك توازن في القوى, وهو ما لا نتمناه، فإن استعمال الحزم ومنع الاحتجاج, لا يكون إلا في نهاية المطاف, حيث يكون الكي هو آخر الدواء. لقد غلبني النوم فتصبحون على خير, وتحياتي وتقديري لأخي الدكتور أحمد, وأختي المحترمة حورية, لكما شكري وعرفاني واعتزازي. وسلام الله عليكم.

الخميس، 18 يونيو 2009

الحسم مطلوب في طهران

واجب الحسم

جرت الانتخابات, وشهد العالم بنزاهاتها, ثم انقلبت الأمور فجأة بعد انطلاق المظاهرات الموسوية, فتركزت أنظار الغرب وأعداء الأمة وإسرائيل والمعتدلون العرب على ما يجري في طهران، ثم تحركت الآلة الديبلوماسية والإعلامية لتؤيد الفوضى وأعمال الشغب والتخريب, ولتعبر عن القلق, ولتشجب القمع الوحشي - كما تدعي - للمحتجين على نتائج الانتخابات, وفي تطور لاحق, انتقلت مطالب موسوي إلى إلغاء الانتخابات نهائيا. ذلك أن المظاهرات وما أحرزته من تأييد تام وتحريض من الغرب وإسرائيل وعملائهما, جعلت موسوي يزداد قوة وطمعا في الوصول إلى سدة الحكم بطريقة أو بأخرى, بسبب مناداته بمهادنة الغرب, والتفاهم معه, مما يعني استعداده للاستسلام والتبعية, ولا يوجد معنى آخر للتعامل مع الغرب باللين والمهادنة والتفاهم, هذه مجرد كلمات مخادعة, وهي عبارة عن رسائل مشفرة يفهمها الأمريكان والصهاينة والغرب كل الفهم, ويدركون تماما أنها تعني رفع الراية البيضاء والاستسلام. إن نتيجة الانتخابات الإيرانية قد تفاجأ لها - حسب الأستاذ هويدي- الرئيس أحمدي نجاد نفسه, ذلك أن هذا الشخص لم يتنكر لأصله وعاش فترته الرئاسية الماضية يخدم بني جلدته من الفقراء الذين يمثلون أصله الاجتماعي, وهم قوم أوفياء, فردوا له الجميل بالعرفان وانتخبوه, وهم أغلبية ساحقة في إيران, كما في بلدان الجنوب كلها. أما الذين يريدون فرض إرادتهم بالقوة في طهران من أنصار موسوي فهم البورجوازية الحضرية في طهران وبعض المدن الكبرى, هؤلاء الذين يتطلعون إلى حكم إران مجددا والعودة بها إلى أحضان أمريكا والغرب, والقضاء بذلك على الثورة الوحيدة القائمة في الفضاء الإسلامي, بما يعني القضاء المبرم على الأمل المعقود عليها في التقدم والعصرنة واستيعاب العلوم والتكنولوجيا المعاصرين, والخروج من التخلف, ونصرة المقاومة في كل مكان على امتداد الرقعة العربية والإسلامية, إن حركة موسوي المغرضة تتطور بسرعة, وانتقالها من الاحتجاج الغريب على نتائج الانتخابات إلى المطالبة بإلغائها في تأييد واضح من الغرب والصهيونية وعملائهما, ووقوع مظاهرات اليوم في العاصمة البريطانية ذاتها من بعض الإيرانيين, في تطور جديد, يجعل الوضع بالغ الخطورة, والواجب بكل معانيه يقتضي من قيادة الثورة الإيرانية حسم الأمر نهائيا وبكل سرعة, حتى لا يستفحل. إن العالم كله يدرك وفي مقدمته موسوي وأمريكا وأتباعها أن هذا المرشح لم يحصل على نسبة تؤهله لطلب مراجعة الفرز في بعض الصناديق الانتخابية, فما بالك بالمطالبة بإلغاء الانتخابات كلية, وسط تحريض وتأييد أمريكي غربي صهيوني اعتدالي, فماذا يريد موسوي حقا؟ الجواب واضح جدا, إنه يريد القيام بانقلاب والاستيلاء على السلطة في إيران وإنهاء ثورتها المباركة شاعرا بالتأييد القوي الذي يأتيه من قبل أعداء الأمة, إن التصرف الحكيم في هذه الظروف الخطيرة هو الحسم السريع, وعدم التردد تحت التهم الذي يروج لها العدو عن القمع الوحشي الذي لم يحدث لحد الآن, والذي يجب إن يحدث وبكل سرعة إن اقتضى الأمر, حبذا لو أعلنت قيادة الثورة الإيرانية حالة حظر التجمهر والتظاهر في طهران وغيرها من كبريات المدن التي قد تساند الأحياء البورجوازية في طهران, حتى تهدأ الأمور, وفي خطوة لاحقة وضع حد نهائي للنشاط التحريضي وللشغب الذي يقوده موسوي ومناصروه وأتباعه بتشجيع وتحريض وتأييد من أعداء الأمة وعملائهم. حبذا لو عمدت القيادة الإيرانية الثورية والشرعية إلى الحسم السريع للأمور قبل أن تحدث مضاعفات يصعب التحكم فيها, ولو أن أهل مكة أدرى بشعابها, ولله الأمر من قبل ومن بعد. وإني أعرض هذا الرأي على الجيران الأعزاء لفتح نقاش عام فيه باعتباره أحد الموضوعات الإستراتيجية الراهنة. تحياتي لكم جميعا, ودمتم في رعاية الله وحفظه.

الثلاثاء، 16 يونيو 2009

أهلا

compteur pour blog

نتنياهو منطقي جدا


نتنياهو منطقي جدا

أحلام العرب عجيبة, حتى النخب تحلم وتنتظر الهدايا الجميلة من العدو الشرس, نتنياهو معروف لدى الجميع بتطرفه, وقد انتختبه الشعب الصهيوني على هذا الأساس, وقد ترشح هو ذاته لذات المهمة, فهل تنتظرون منه أن يتراجع بعد أن أصبحت السلطة بين يديه؟ إنه انتظار أبله، اسحوا لي بهذا التعبير، فليس هناك عبارة أخرى يمكن أن تفي بالمعنى المراد غير البلاهة. وأكثر من هذا لماذا يتنازل نتنياهو للفلسطينيين والعرب والمسلمين؟ هل يفعل لسواد عيونهم؟ إن ما يحصل الآن في المنطقة هو النتيجة الحتمية لهزيمة 05/06/1967م, وما تبعها من استسلام وبيع فلسطين والقضية العربية في اصطبل داوود, ثم في وادي عربة وما شابه ذلك, والمطلوب من العرب الآن هو إعلان الاستسلام النهائي, وهو مطلب واقعي وطبيعي جدا, إنها شروط المنتصر, التي تفرض حسب طبيعة الأشياء, وإلا فهو قادر على أن يفرضها بالقوة الغاشمة التي يملكها وحلفاؤه, في جو من تخاذل العلماء وتأييدهم ومؤازرتهم لعدوانه على شعوبهم وأراضيهم, ثم إن هذه الشعوب لا زالت تتفرج ولا تحرك ساكنا, فلا تضغط على حكامها المتواطئين مع العدو, ولا تطيح بهم, ثم لا يعجبها خطاب نتنياهو! عجبا لطريقة القوم في الرؤية المقلوبة والحالمة للأشياء, وكأنهم ليسوا أمة من قال: " إنما تؤخذ الدنيا غلابا", إنه الضياع التام, ومن ثم الفرصة المناسبة للصهاينة وحلفاؤهم وأتباعهم وعملائهم, ليأخذوا الأرض ويدوسوا العرض ويحققوا أكثر مما يريدون في ظرف السبات العربي الذي لم يحصل له مثيل في تاريخهم, إنها فرصة العدو الذهبية ليخطف القدس ومسجدها الأقصى المبارك, ويضم من الأراضي الباقية في الضفة ما يعجبه, ومن الذي يعترض سبيله ما دام المجاهدون يموتون تحت التعذيب في سجون السلطة المزعومة؟ فإذا كانت السلطة الفلسطينية تتصرف بهذه الطريقة التي أستحي من وصفها, فكيف نلوم بقية سلطات العرب التي يندى الجبين أيضا لوصف ما تقوم به في مجال المصير العربي المهدد جديا بالفناء. نتنياهو يتحدث كمنتصر, ومهما كان فهو لا يتبرع كما يفعل القادة العرب الذين يستسلمون مجانا من أجل المحافظة على كراسي العار التي ينامون فوقها, نتنياهو يصرح بالحقيقة التي يملكها, يقول هاتوا كل شيء يا عرب ودون أي مقابل, إن أردتم أن تسلموا, هاتوا القدس, واحتفظوا باللاجئين لديكم, وأضيفوا إليهم عرب 48, إني سأطردهم, وسوف أواصل اقتطاع الأراضي في الضفة, والقدس واحدة موحدة عاصمة أبدية لدولتي المنتصرة عليكم, والجولان لا حديث عنها, فهي مضمومة منذ عقود من الزمن لبلادي, ولكم دولة فلسطينية على ما يمكن أن يبقى من الأرض منزوعة السلاح, أتصرف حيالها كما يحلو لي, بما في ذلك مواصلة الاستيطان داخل أراضيها, بمعنى أنها لا شيء, أي أن هذه مجرد أكذوبة منمقة, فلا دولة لكم إطلاقا, وكيف يمكن منح المهزوم دولة؟ ومن هو المعتوه السياسي الذي يفعل هذا في العالم بأسره؟ وفي التاريخ قاطبة؟ معنى هذا أن نتنياهو يريد توضيح الأمور، ويريد تسمية الأشياء بأسمائها, وفي هذا السياق يأمر العرب جميعا بإعلان الاستسلام بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية, أي بمباركة اغتصاب القدس والمسجد الأقصى المبارك وما حوله, وإعلان الاستسلام الحاصل فعلا على الملأ, مقابل لا شيء, ومتى كان المنهزم يأخذ المقابل؟ ولماذا لا يخرج نتنياهو على العالم بمثل هذا كلام؟ ما دام العرب يسمحون لأنفسهم بمحاربة آخر أمل لهم في الوجود؟ يحاربون المقاومة؟ وينضمون إلى معسكر الصهاينة وأمريكا والغرب في اعتبارها إرهابا؟ يستوجب المحاربة بكل الطرق ودون هوادة؟ إن نتنياهو على يقين من أن هذه الظاهرة المزعجة سيتكفل بها العرب أنفسهم, وذلك هو الحل الأمثل لدحرها, ودق آخر مسمار في نعش الوجود العربي بذلك. هذه هي الحقائق على الأرض, وماذا يمنع نتنياهو من إعلانها؟ والأمر بترسيمها علنا وعلى مشهد من العالم بأسره؟ أي حسم الأمور نهائيا ودفع العرب إلى إعلان الاستسلام والانتهاء من هذه المهزلة السخيفة, مهزلة المهزوم المستسلم سرا, والذي لا يرغب في إعلان الهزيمة والاستسلام الواقع بالفعل والمطبق في العلاقات والتعاملات القائمة إقليميا ودوليا. كل هذا وأنظمة العرب منقسمة على نفسها, بين مستسلم صامت, ومستسلم يحارب إلى جانب العدو بكل ما أوتي من قوة, وبين من يعلن التمسك بالمبادئ ولا يفعل شيئا في الواقع قصورا وتقصيرا وخوفا على الكرسي المهترئ, وما إلى هذا من أصناف الأنظمة, التي لا أمل يرجى منها. أما الشعوب فإنها تتفرج خائفة مذعورة ومخدرة, ولا تفعل هي الأخرى شيئا من أجل إيقاف المهزلة التاريخية الحاصلة, والمصير القومي المهدد بالزوال إلى الأبد, إن الشعوب مقهورة خائفة, وكأن هناك أسوأ مما هي فيه لتخاف عليه؟ أو أن الخوف مشروع عندما يتعلق الأمر بالوجود والمصير؟ فمتى تكون الانتفاضة إذن؟ ومتى يكون الغضب العاصف؟ ومتى تكون الثورة العارمة؟ نعم إن نتنياهو منطقي حتى النخاع ونحن الذين ننتظر الحلول منه ومن أوباما وبقية ساسة الغرب والعرب "المعتدلون" خاصة, ليس لنا أي منطق, بل نحن فاقدي القدرة على التفكير بالمرة, وإلا كيف يمكن أن نخطئ بعد ستين عاما كل هذا الخطأ؟ عفوا بل أكثر من ستين عاما, إن خطيئة بحجم انتظار الخير والحل من تحالف الصهاينة وأمريكا والغرب و"المعتدلين", لا يمكن أن يرتكبه غير فاقد العقل, فهل نحن أمة مجنونة؟ ربما أن هذا هو الوصف المناسب لمن يقع في مثل هذا الخطـأ الجسيم. وبعد هذا الكلام العلقم عن واقع أشد مرارة, ينبغي أن ننبه إلى أن الفسحة من الأمل الباقية هي المقاومة, فلنفعل المستحيل من أجل منعهم من اغتيال المقاومة, وإلا فعلى العرب السلام, فلن تقوم لهم بعد اليوم قائمة, وسيتحقق الشعار الصهيوني الشهير بكل يسر "من الفرات إلى النيل أرضك يا إسرائيل". هذا الشعار فيما يقال مكتوب فوق باب الكنيست, وما ذا يمنع من تجسيده على الأرض؟ بل ربما استبدلوه بشعار آخر "من المحيط إلى الخليج", ما ذا يمنع من ذلك حقا؟ ربما المانع الوحيد هو قلة اليهود في العالم, لكن ليجعلوا على ما لا يستطيعون سكناه وكلاء يديرونه لحسابهم, أي مستعمرات صهيونية يستغلونها عن طريق تشغيل أهلها أنفسهم فيها. المهم أن يتصرفوا فيها بما يروق لهم, وحسب استطاعتهم وإمكاناتهم البشرية, إننا اليوم في وضع يصدق عليه القول: "القابلية للاستعمار" كل الصدق, والعياذ بالله. نتنياهو يجد أمامه أوطانا شاسعة لا حامي لها, ولا مضحي من أجلها ولا غيور عليها, وهي غنيمة سهلة, لماذا لا يغنمها؟ فليقل لي من يرى العكس لماذا لا يفعل ذلك؟ والحال أن أقوى أقوياء العالم معه, لأنهم هم أيضا يريدون اقتسام الكعكة معه, ولهم نفس المطامع أو أكثر, وأن تأييدهم لنتنياهو يجعله أفضل حام لمصالحهم في المنطقة, يمثل القاعدة الاستعمارية المتقدمة, فلماذا لا يؤيدونه, ثم من هو الجدير بالأرض؟ القوي أم الضعيف؟ الصالح في تدبير أموره أم الفاسد؟ ألم يقل خالق البشر جلت كلمته: (إن الأرض يرثها عبادي الصالحون)؟ ومن هم الصالحون؟ هل هم اليهود سادة العالم أم العرب الذين لا أجد لهم وصفا يمكن التصريح به؟ أفيقوا يا قوم قبل فوات الأوان, إن لم يكن قد فات بالفعل, واقلعوا فورا عن انتظار خطب الأعداء والطمع في استرجاع حقوقكم السليبة عن طريقها. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.