الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

ترتيل القرآن

http://www.jeeran.com/videos/2157280/أم كلثوم ترتل القرأن/?lang=a

الاثنين، 28 سبتمبر 2009

النت يخترق




النت يخترق جدران الحريم




جدران القبيلة المضروبة حول حريمها والمشيدة لدى سادتها بروجا منيعة لا يخترقها الجان فما بالك بالإنس, هناك ظلت المرأة العربية تئن من وجع الاعتقال والاستعباد والتنكيل وغيرها كثير من أصناف الامتهان والإذلال والاحتقار, وما دامت مكانة المرأة المرموقة تؤهلها لأن تكون شريكة برتبة نصف المجتمع, فذاك يعني أن نصف المجتمع مشلول, لا يساهم في شيء, بل إنه يقع تحت نير الاسترقاق, ويكاد يمنع من استنشاق الهواء, فمن أين -والحال هذه- الحديث عن المساهمة؟ كل هذا يقع باسم الشرف, وهو نقيضه تماما, فهل من الشرف وأد البنات؟ وهل من الشرف سجن النساء؟ وهل من الشرف استعباد المرأة؟ وهل من الشرف استعمال المرأة أداة للزينة والمتعة والإنجاب؟ وهل من الشرف تعطيل نصف المجتمع وشله تماما عن العمل والمبادرة والمشاركة في التكفل بوطنه وترقيته وتطويره؟
كان التغيير من الداخل أمرا مستحيلا ولا زال, وكأنه لا أمل في حياة أفضل ما دامت البنية الأساسية لمجتمعنا هي القبيلة, التي لا تقبل التغيير ولا التبديل, بل إن الثبات والجمود يكون حجر الزاوية في هويتها, ولم يبق إلا التطلع للرياح التي تهب من الخارج - رغم محاذيرها - علها تهب بنسمات من عوامل التغيير المأمول, وتجعلنا نتهيأ للشراكة الحضارية المعاصرة أو الحداثة أملنا في الخلاص والانعتاق والكرامة والرقي؟ وبالفعل توالت فتوحات الغرب أو جانبه الإيجابي الإنساني العام, في صورة الانجازات العلمية والتكنولوجية العملاقة, وخاصة منها تلك المتعلقة بالتواصل والإعلام, ذلك أن نوافذ العين والأذن على العالم المتقدم, تجعلنا نشرئب بأعناقنا إلى الحلم بشيء من المماثلة ولو مجرد الحلم, لكن الأمر في الواقع يتجاوز ذلك بحكم التأثير العميق لوسائل الاتصال والإعلام العملاقة إلى بداية مؤكدة للتغيير المنشود, حيث إن جدران القبيلة مثل حدود السلطة ورقابتها الصارمة بدأت تنهار, بل إنها بلغت مرحلة متقدمة من الانهيار. بدأ ذلك بالإذاعة ووسائل الاتصال السمعية والبرقية, ثم جاءت الوسائل المرئية كالتلفزيون والأشرطة المرئية بعد المسموعة, ثم جاءت الضربة القاضية النت وما أدراك ما النت, هذا العملاق الذي اخترق جدران الحريم تمام الاختراق, بحيث لم تعد تصلح للوظائف التي من أجلها شيدها سادة القبيلة العتيدة, لقد صار الحريم وجها لوجها أمام الغرباء من رجال العالم كله, هذا العالم الذي جعلته التكنولوجيا قرية أصغر من صغيرة. المرأة العربية الآن تطلع على ما يجري في العالم بأدق تفاصيله, بما فيها الممنوعات الخطيرة, التي جعلتها القبيلة أخطر من المخدرات, بكل أصنافها القاتلة, المرأة العربية الآن تستطيع الاتصال بالرجال والتعامل معهم في شتى أنحاء المعمورة, ولا حارس لها ولا مانع سوى ضميرها وإيمانها وتقواها, بمعنى أنها تتصرف في علاقاتها بمحض إرادتها, وبإمكانها أن تفعل كل شيء بطريق غير مباشر بالطبع, لكن الأمر قد يتجاوز ذلك إلى لقاء طبيعي مباشر في الحلال أو في الحرام, وليس الاتصال بين الجنسين في الأحوال العادية السليمة والصحية هدفه الوحيد هو الحب والجنس حلالا كان أو حراما, ولا ننسى أن نسجل هنا فتح النت لنافذة هامة يستعملها الجنسان النساء والرجال من أجل الزواج, وفي ذلك تيسير للأمور, وتوفير لإمكانات كبيرة من أجل الارتباط الزوجي السليم. غير أن حصر الاتصال في جانب الجنس يبقى من مخلفات ذهنية القبيلة الآيلة للسقوط بفعل النت وغيره من أساليب التغيير التي تهب رياحها من الخارج, الاتصال بين الجنسين يجب أن يكون في كل ما يستعمله البشر له, في كل جوانب النشاط, وفي شتى مناحي الحياة, وإنه لمن المهم محاربة هذه الذهنية القبلية الممقوتة التي لا زالت تتطفل على النت, بل وتريد أن تحصر الاتصال فيه بين الجانبين في التصورات البالية والمقيدة بالجنس وحده دون غيره. إننا بفضل النت المعجزة التكنولوجية العظيمة, نقف على مشارف التحول الكبرى, ولم يعد للقبيلة المحلية أو الوطنية من نفوذ على ربطنا للعلاقات بمن فينا النساء, بل وخاصة النساء, ولا في المعلوما التي تتعلق بالعالم قاطبة أو بأوطاننا نفسها. لقد تحررت المرأة في سياق تحرر أفراد المجتمع كلهم من رقابة السلطة, وبالنسبة للمرأة من رقابة الرجل, الذي عليه أن يفكر في وسائل جديدة للاطمئنان على أمنه الأسري غير السجن وغلق الأبواب للبروج المشيدة الشاهقة الجران, فلم تعد الجدران العالية قادرة على منع العيون من رؤية الجسد المخزون أو المدفون وراء الجدران, إن ذلك الجسد الطابو صار ملكا لصاحبته وحدها, وبإمكانها أن تظهر به بلا قيود ولا حدود حتى آخر الدنيا, إن الجدران المنيعة لم تعد كذلك بل إنها انهارت تماما, وذلك مدخل إلى الحداثة, فعلى المرأة تقع مسؤولية صيانة الحرية التي منحها إياها النت, فلا حرية بلا مسؤولية, بل إن ضريبة الحرية المشروعة هي المسؤولية, على المرأة العربية أن تستغل هذا الفتح التكنولوجي العظيم أفضل الاستغلال, وتثبت عن طريقه جدارتها وقدرتها على المساهمة في النهوض ببلدها وترقية مجتمعها والمساهمة في ازدهار الإنسانية قاطبة. وعلى الرجل العربي أن يغير نظرته نهائيا للمرأة, فلم تعد نظرة القبيلة صالحة, لقد تجاوزتها الأحداث, وما عليه إلا أن يكون مستعدا للتعامل مع المرأة بذهنية الند للند, حيث إن الفروق لم تعد على أساس الجنس, بل الفروق بين الأفراد بقطع النظر عن جنسهم قد أصبحت تقاس بالجدوى والفعالية, إن العلاقات الجديدة لا يمكن أن تقوم إلا على المساواة والاحترام المتبادل والتنافس في الفكر والعلم والعمل, وربط العلاقات الإيجابية القائمة على الإقناع والاقتناع والكفاءة وعن هذا الطريق السليم وحده يمكن قيام فرص الزمالة والصداقة والحب والزواج, وغيرها من علاقات التبادل والتعامل بين الناس بقطع النظر عن جنسهم أو غير ذلك من الفروق الأخرى العادية الطبيعية بين البشر.
إنها ثورة التكنولوجية العملاقة, وإننا ننعم بثمارها وذلك بالرغم من أنا صانعيها لا يريدون بنا خيرا, غير أنهم لا يستطيعون احتكار كل الاستعمالات الممكنة لإبداعاتهم, وبالطبع فإن النفوذ من أقطار السماوات والأرض لا يكون إلا بسلطان, هو سلطان المعرفة والعلم والتكنولوجيا والعمل, وقد كان الأجدر بنا أن نكون نحن الرواد في هذا المجال ما دام كتابنا الكريم هو الذي يذكر هذه الحقيقة, غير أن القبيلة فضلت ضرب الجدران المنيعة حول الحريم, وحصرت اهتماماتها في هذا الجانب الضيق, وها هي في النهاية تخسر كل رهاناتها الخاطئة ويأتي الغزو من الخارج ليطيح بجدرانها الظالمة القاهرة المانعة من الرقي والتقدم والكرامة والازدهار, وكيف يمكن انتظار أي تطور إيجابي لمجتمع نصفه معطل ومشلول تماما؟ فمرحبا بالتطور أي كان مصدره, وأهلا بالنت مخترق جدران التخلف والجمود, فلقد أصبح باب الأمل بفضله - في سياق الحداثة والتقدم العلمي والتكنولوحي - مشرعا أمام شعوبنا البائسة رجالا ونساء, فلنحمد الله على نعمة التكنولوجيا أي كان مصدرها, وما هي في الواقع سوى استغلال عملي لاكتشاف نواميس الكون التي وضعها فيه خالقه, ثم اختراع وسائل العمل التي تسمح بها الاكتشافات الجديدة, فالكل من عند الله, ولو كنا أجدر باكتشاف نواميس كونه, وها نحن نصبح مؤهلين لفعل ذلك إذا أردنا أن نكون من عباد الله الصالحين الذين وعدهم سبحانه بوراثة الأرض والريادة فيها. ولينصرن الله من ينصره, ولله الأمر من قبل ومن بعد, وسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال.

الأحد، 20 سبتمبر 2009

عن الدين والأخلاق








عن التدين والأخلاق

كم تمنيت التعبير عن هذا الأمر بهذه الطريقة الرفيعة التي استخدمها كاتبنا الفطحل هذا - علاء الأسواني -, وإني لكثير الامتنان للصديق المحترم الذي بعث لي هذا المقال الفاصل, فما كان مني إلا أن سارعت لنشره على الأصدقاء والجيران وجميع القراء في هذا الموقع الأغر. لقد كثر اللغط والجدل في العشريات الثلاث الماضية, أو قل منذ الثورة الخمينية الإسلامية في إيران, وما كان لها من تأثير وارتدادات وأصداء في الرقعة العربية والإسلامية الفسيحة, وإنه لبالإمكان - دون ريب كبير - أن نرجع إليها سبب ظهور الحركات الإسلامية أو على الأقل انبعاث حيويتها ونشاطها بالشكل القوي والعنيف الذي عايشناه, وقد يكون ذلك من الناحية الموضوعية أمر لا مفر منه كرد فعل على فشل الحركات الوطنية التحريرية والقومية, التي استرجعت الاستقلال لكنها لم تستطع أن تحرر الإنسان ولم تفلح في إرساء قواعد النهضة والحداثة في عالمينا العربي والإسلامي, فكان لا بد أن تحدث التجربة التي لم تقع بعد وهي الحركات الإسلامية التي أرادت القيام بالدور المنقوص لتستكمل التحرر وتبعث الأمة من جديد في نهضة حداثية معاصرة لكن في إطار الهوية والمبادئ الإسلامية, أو هكذا على الأقل هي الرغبة المعلنة لهذا التيار. وعن هذه الحقائق الصحيحة أو المتوهمة, أو التي هي بين هذا وذاك, جاء هذا المقال للكاتب الكبير علاء الأسواني كما نشرته جريدة الشروق وبلغني إياه صديق صدوق مشكورا
فإليكم أصدقائي وجيراني الأعزاء المقال المنهج

الشروق
١\٩\٢٠٠٩
هل المصريون متدينون فعلاً..؟!
بقلم: علاء الأسواني
على مدى سنوات، عملت طبيبا للأسنان فى هيئة حكومية كبرى تضم آلاف العاملين. وفى اليوم الأول بينما كنت أعالج أحد المرضى، انفتح باب العيادة وظهر شخص، قدم نفسه باسم الدكتور حسين الصيدلى، ثم دعانى لأداء صلاة الظهر جماعة، فاعتذرت حتى أنتهى من عملى ثم أؤدى الصلاة.... ودخلنا فى مناقشة كادت تتحول إلى مشادة، لأنه أصر على أن أترك المريض لألحق بالصلاة، وأصررت على استئناف العمل.
اكتشفت بعد ذلك أن أفكار الدكتور حسين شائعة بين كل العاملين فى الهيئة. كانت حالة التدين على أشدها بينهم. العاملات كلهن محجبات، وقبل أذان الظهر بنصف ساعة على الأقل ينقطع العاملون جميعا تماما عن العمل، ويشرعون فى الوضوء وفرش الحصير فى الطرقات، استعدادا لأداء صلاة الجماعة. بالإضافة طبعا إلى اشتراكهم فى رحلات الحج والعمرة التى تنظمها الهيئة سنويا.
كل هذا لم أكن لأعترض عليه، فما أجمل أن يكون الإنسان متدينا، على أننى سرعان ما اكتشفت أن كثيرا من العاملين بالرغم من التزامهم الصارم بأداء الفرائض، يرتكبون انحرافات جسيمة كثيرة بدءا من إساءة معاملة الناس والكذب والنفاق وظلم المرؤوسين وحتى الرشوة ونهب المال العام. بل إن الدكتور حسين الصيدلى الذى ألح فى دعوتى للصلاة، تبين فيما بعد أنه يتلاعب فى الفواتير ويبيع أدوية لحسابه.. إن ما حدث فى تلك الهيئة يحدث الآن فى مصر كلها... مظاهر التدين تنتشر فى كل مكان، لدرجة جعلت معهد جالوب الأمريكى، فى دراسة حديثة له، يعتبر المصريين أكثر الشعوب تدينا على وجه الأرض.. وفى نفس الوقت، فإن مصر تحتل مركزا متقدما فى الفساد والرشوة والتحرش الجنسى والغش والنصب والتزوير..
لابد هنا أن نسأل: كيف يمكن أن نكون الأكثر تدينا والأكثر انحرافا فى نفس الوقت... فى عام 1664، كتب الكاتب الفرنسى الكبير موليير مسرحية اسمها تارتوف، رسم فيها شخصية رجل دين فاسد يسمى تارتوف، يسعى إلى إشباع شهواته الخسيسة وهو يتظاهر بالتقوى.. وقد ثارت الكنيسة الكاثوليكية آنذاك بشدة ضد موليير ومنعت المسرحية من العرض خمسة أعوام كاملة.. وبرغم المنع، فقد تحولت تارتوف إلى واحدة من كلاسيكيات المسرح، حتى صارت كلمة تارتوف فى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، تستعمل للإشارة إلى رجل الدين المنافق. والسؤال هنا: هل تحول ملايين المصريين إلى نماذج من تارتوف.؟.
أعتقد أن المشكلة فى مصر أعمق من ذلك.. فالمصريون متدينون فعلا عن إيمان صادق.. لكن كثيرا منهم يمارسون انحرافات بغير أن يؤلمهم ضميرهم الدينى. لا يجب التعميم بالطبع، ففى مصر متدينون كثيرون يراقبون ضمائرهم فى كل ما يفعلونه:القضاة العظام الذين يخوضون معركة استقلال القضاء دفاعا عن كرامة المصريين وحريتهم، والمستشارة نهى الزينى التى فضحت تزوير الحكومة للانتخابات، والمهندس يحيى حسين الذى خاض معركة ضارية ليحمى المال العام من النهب فى صفقة عمر أفندى.وغيرهم كثيرون. كل هؤلاء متدينون بالمعنى الصحيح..
ولكن بالمقابل، فإن مئات الشبان الذين يتحرشون بالسيدات فى الشوارع صباح يوم العيد، قد صاموا وصلوا فى رمضان.. ضباط الشرطة الذين يعذبون الأبرياء، الأطباء والممرضات الذين يسيئون معاملة المرضى الفقراء فى المستشفيات العامة، والموظفون الذين يزورون بأيديهم نتائج الانتخابات لصالح الحكومة، والطلبة الذين يمارسون الغش الجماعى، معظم هؤلاء متدينون وحريصون على أداء الفرائض... إن المجتمعات تمرض كما يمرض الإنسان.
ومجتمعنا يعانى الآن من انفصال العقيدة عن السلوك.. انفصال التدين عن الأخلاق.. وهذا المرض له أسباب متعددة: أولها النظام الاستبدادى الذى يؤدى بالضرورة إلى شيوع الكذب والغش والنفاق وثانيا إن قراءة الدين المنتشرة الآن فى مصر إجرائية أكثر منها سلوكية. بمعنى أنها لا تقدم الدين باعتباره مرادفا للأخلاق وإنما تختصره فى مجموعة إجراءات إذا ما أتمها الإنسان صار متدينا. سيقول البعض إن الشكل والعبادات أركان مهمة فى الدين تماما مثل الأخلاق.. الحق أن الأديان جميعا قد وجدت أساسا للدفاع عن القيم الإنسانية: الحق والعدل والحرية.. وكل ما عدا ذلك أقل أهمية...المحزن أن التراث الإسلامى حافل بما يؤكد أن الأخلاق أهم عناصر الدين. لكننا لا نفهم ذلك أو لا نريد أن نفهمه.
هناك قصة شهيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قابل رجلا ناسكا منقطعا للعبادة ليل نهار.. فسأله:
ـ من ينفق عليك.؟.
قال الرجل:
ـ أخى يعمل وينفق علىّ..
عندئذ قال صلى الله عليه وسلم:
أخوك أعبد منك..
والمعنى هنا قاطع وعظيم.. فالذى يعمل وينفق على أهله أفضل عند الله من الناسك المنقطع للعبادة لكنه لا يعمل. إن الفهم القاصر للدين سبب رئيسى فى تردى الأوضاع فى مصر. على مدى عشرين عاما، امتلأت شوارع مصر ومساجدها بملايين الملصقات تدعو المسلمات إلى الحجاب.. لو أننا تخيلنا أن هذه الملصقات كانت تدعو، بالإضافة للحجاب، إلى رفض الظلم الواقع على المصريين من الحاكم أو الدفاع عن حقوق المعتقلين أو منع تزوير الانتخابات..لو حدث ذلك لكانت الديمقراطية تحققت فى مصر ولانتزع المصريون حقوقهم من الاستبداد.. إن الفضيلة تتحقق بطريقتين لاثالث لهما: إما تدين حقيقى مرادف تماما للأخلاق. وإما عن طريق الأخلاق وحدها حتى ولو لم تستند إلى الدين... منذ أعوام مرضت والدتى رحمها الله بالسرطان..فاستدعينا لعلاجها واحدا من أهم أطباء الأورام فى العالم، الدكتور جارسيا جيرالت من معهد كورى فى باريس.. جاء هذا العالم الكبير إلى مصر عدة مرات لعلاج والدتى ثم رفض بشدة أن يتقاضى أى أتعاب ولما ألححت عليه قال:
ـ إن ضميرى المهنى لا يسمح بأن أتقاضى أتعابا مقابل علاج والدة طبيب زميلى.
هذا الرجل لم يكن يعتقد كثيرا فى الأديان، لكن تصرفه النبيل الشريف يضعه فى أعلى درجة من التدين الحقيقى.. وأتساءل: كم واحد من كبار أطبائنا المتدينين اليوم سيرد على ذهنه أصلا أن يمتنع عن تقاضى أجره من زميل له..؟. مثال آخر، فى عام 2007.. بغرض تجميل وجه النظام الليبى أمام العالم.. تم تنظيم جائزة أدبية عالمية سنوية، بقيمة حوالى مليون جنيه مصرى، باسم جائزة القذافى لحقوق الإنسان.. وتم تشكيل لجنة من مثقفين عرب كبار لاختيار كل عام كاتبا عالميا لمنحه الجائزة.. هذا العام قررت اللجنة منح الجائزة للكاتب الإسبانى الكبير خوان جويتيسولو البالغ من العمر 78 عاما..
ثم كانت المفاجأة: فقد أرسل جويتيسولو خطابا إلى أعضاء اللجنة يشكرهم فيه على اختياره للفوز بالجائزة، لكنه أكد فى نفس الوقت أنه لا يستطيع، أخلاقيا، أن يتسلم جائزة لحقوق الإنسان من نظام القذافى الذى استولى على الحكم فى بلاده بانقلاب عسكرى ونكل، اعتقالا وتعذيبا، بالآلاف من معارضيه.. رفض الكاتب جويتيسولو جائزة بحوالى مليون جنيه مصرى، لأنها لا تتفق مع ضميره الأخلاقى.. هل نسأل هنا: كم مثقف أو حتى عالم دين فى مصر كان سيرفض الجائزة..؟ ومن هو الأقرب إلى ربنا سبحانه وتعالى..؟!.. هذا الكاتب الشريف الذى أثق فى أن الدين لم يخطر على باله وهو يتخذ موقفه الشجاع النبيل، أم عشرات المتدينين المصريين، مسلمين ومسيحيين، الذين يتعاملون مع الأنظمة الاستبدادية ويضعون أنفسهم فى خدمتها متجاهلين تماما الجرائم التى ترتكبها تلك الأنظمة فى حق شعوبها. إن التدين الحقيقى يجب أن يتطابق مع الأخلاق.. وإلا.. فإن الأخلاق بلا تدين أفضل بكثير من التدين بلا أخلاق..... الديمقراطية هى الحل..

الجمعة، 18 سبتمبر 2009

الفجر في القطب الشمالي

روائع الإبداع الإلهي
سبحان الذي خلق فسوى ووضع في هذا الكون الشاسع من العجائب والغرائب
والآيات ما يثير التعظيم والتوحيد والتمجيد
فسبحان الذي بيده الملك
وهو على كل شيء قدير
انقر على الرابط أدناه لتشاهد روعة الفجر في القطب الشمالي

عيد الفطر المبارك




عيد الفطر المبارك




بمناسبة عيد الفطر المبارك




أعاده الله عليكم وعلينا


بالخير واليمن والبركات




وعلى الأمتين العربية والإسلامية


بالأمن والأمان والاستقرار والازدهار




أتقدم إليكم وإلى أهلكم ودويكم الكرام


بالتهاني والأماني


بالسعادة والعافية والرفاه

بن سي رابح للنشر والإشهار Bensirabah publication et publicité: بطاقات

بن سي رابح للنشر والإشهار Bensirabah publication et publicité: بطاقات

بطاقات

www.arabiccards.com

الجمعة، 11 سبتمبر 2009

محنة رفض أب زواج ابنته


محنة اعتراض أب على زواج ابنته


إن الله يغفر الذنوب جميعا


لكن بعض الناس لا يغفرون


أب يتعسف ويرفض زواج ابنته من شاب تحبه بدعوى أنه كان يتعاطى حبوبا مخدرة وحشيشا, رغم توبته واستقامة سلوكه, بل والتزامه وامتيازه بشهادة الشهود, غير أن الأب يصر على رفضه لأسباب بعيدة عن الموضوعية والعدل, والضحية هي ابنته قبل ذلك الشاب, وقد يكون قاصدا للتنكيل بها لأسباب غير واضحة في الرسالة, وقد تكون ذاتية واهية لا سند لها من منطق أو عرف, ولا مبرر لها من الدين, وصاحبة السؤال تتلوى ألما ولا تجد الحل المناسب, فتتملكها الحيرة وتهيم في متاهة لا أول لها ولا آخر من الآلام العاطفية النفسية المبرحة ولا تجد من والدها أدنى اهتمام أو شفقة ورحمة, والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل

.
تقول صاحبة المشكلة:


أنا بنت عندى 23 سنة حاصلة على ليسانس أداب أعمل أخصائية نفسية بمدرسة ابتدائية مشكلتى بدأت منذ عدة أعوام حيث تقدم لى أكثر من عريس ورفضتهم جميعا بسبب عدم الارتياح النفسى وكل مرة كان والدى يختلق لى مشكلة بسبب رفضى
وأنا لم يسبق لى المرور بتجربة عاطفية من قبل الى أن عملت فى مدرسة منذ عدة شهور وكانت الأمور تسير سيرا طبيعيا الى أن تعين منذ بداية شهر مارس مدرس تربية رياضية يكبرنى بأربع سنوات فحدث بيننا إعجاب متبادل بالمظهر
ولكن مع مرور الأيام أحببته حبا لم أكن أتخيل فى يوم من الأيام أني أمنحه لشاب حتى ظننت أني معقدة
الى أن ظهر ذلك الشاب فى حياتى وأعجبت بكل شىء فيه مظهره وأخلاقه وحياؤه النادر
وحين اعترف لى بحبه ظننت أننى سأمل منه وأكرههولكنى كل يوم أحبه أكثر
وطلب منى أن يتقدم لوالدى
ولكنى قلت له أن ينتظر الى أن أتأكد من مشاعرى
وحين تأكدت طلبت منه أن يتقدم
وبالفعل تحدث مع مدير المدرسة ليخبر والدى
وحين علم والدى رفضه بسبب مرتبه الصغير
لكنه علم أن لديهم أملاك فأعاد النظر فى الموضوع
غير أن المشكلة أنه حين سأل عنه سمع أنه يتعاطى حبوبا مخدرة وحشيشا وغيره
ولم أصدق فذهبت للسؤال بنفسى عنه وسمعت كلاما مشابها
ولكن الكل يجمع أنه التزم منذ عامين وأنه مثله مثل أي شاب
المهم أن والدى رفضه رفضا قاطعا ورفض المناقشة
ارسلت زميلا يسكن بجانب حبيبى ليسأل عنه فسمع عنه أخبارا جيدة جدا وأن الجميع يشكر فيه
وحين واجهت حبيبى, أقسم لي أنه لم يتناول حبوبا مخدرة من قبل, وأنه تناول الحشيش أسبوعين فقط, ثم أقلع عن ذلك نهائيا
وأن سبب ذلك الكلام الذى سمعته أنه كان يصاحب أشخاصا سيئين ولكنه تركهم منذ خمسة أعوام
وقال إنه مستعد لمواجهة من قال عنه هذا الكلام
أخبرت عمي وجدتي بحبى لذلك الشاب جدا, فقابلوه ووجدوه شابا رائعا
لكن الأمر كله بيد والدى وهو رافض مقابلته أو السؤال عنه مرة أخرى
أنا أتدمر وأتحطم يوميا ولا أدرى ماالحل؟ إني أحب ذلك الشاب بدرجة لايمكن تخيلها
أشعر بأننا روح واحدة ولاتوجد كلمة تستطيع وصف شعوري نحوه
ماذا أفعل بالله عليكم أخبرونى؟
**********************
السؤال : ماذا تفعل هذه الفتاة
؟

وجوابنا هو:


- أولا على صاحبة السؤال أن تتأكد من عناصر قضيتها, وخاصة منها توبة هذا الشاب وإقلاعه نهائيا عن تعاطي المخدرات ومخلاطة قرناء السوء
- ثانيا عليها أن تحاول تقصي موقف والدها, هل رفضه خوفا عليها؟ أم عقابا لها على رفضها من تقدموا لها سابقا؟ أم أن الأسباب غامضة, قد تعود إلى جملة من الأحوال النفسية التي يجهل حقيقتها الأب نفسه, لكنها تسبب سلوكا لديه من بينه رفض خطيب إبنته؟من المهم تحديد حقيقة موقف الأب حتى تبني المعنية موقفا صحيحا منه
- إذا وثقت المعنية بالأمر من توبة حبيبها واستقامة سلوكه نهائيا كما تقول
- إذا تأكدت صاحبة القضية من أن والدها على خطأ مقصود أو عفوي
- قد يكون من المناسب أن تلح على جدتها وعمها ليبذلوا كل المساعي لدى الأب, ويصارحوه بخطئه - إن لزم الأمر - ويحملوه المسؤولية الكاملة عن مستقبل ابنته, الذي يسعى إلى تحطيمها ظلما وعدوانا, أو إصرارا على خطإ متعمد أو لا شعوري الدوافع
- عليها أيضا أن تلجأ إلى بعض أهل الرأي والمشورة والتأثير في الرأي العام, مثل مدير المدرسة وإمام المسجد الذي يرتاده والدها, وغيرهم ممن يتوقع منه التأثير الحسن, لعل الأب يرجع عن رفضه اللامبرر لزواج ابنته, لا سيما وأنه لا يمكن له أن يضمن زوجا مناسبا لها في المستقبل, فيكون حينئذ في وضع المتعسف, الذي ينبغي منع ممارساته اللامشروعة نحو ابنته
- إذا حلت المشكلة فبها, وإلا فعليها أن تدرس وضعها بعناية, وتقرر مصيرها
- بأن تختار بين زواجها المشروع وعلاقتها المستقبلية بوالدها, وتحسم الأمر نهائيا
- لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وترك الزواج بلا سبب يمكن تصنيفه في باب المعاصي الدينية والاجتماعية, حيث إن الزواج نصف الدين
- عليها أيضا أن تتأكد من كون الزواج يمكن أن يتم شرعيا في غياب الوالد المتعسف ومعارضته, بأن يحل العم مثلا محله, أو جهة رسمية مخولة شرعيا, عليها أن تستشير أهل الثقة والعلم ممن يتولون الفتوى الصحيحة العادلة
- وقبل الإقبال على هذه الخطوة الحاسمة والخطيرة عليها أن تتأكد خاصة من عدم المغامرة في الموضوع, أو الوقوع ضحية العاطفة العنيفة, وأيضا من كونها مع زوجها المستقبلي يستطيعان توفير أسباب الحياة السعيدة ماديا ومعنويا, وليسا بصدد تصرفات اندفاعية عفوية قد تكون وخيمة العواقب عليهما وعلى أبنائهما مستقبلا
رأي عام في الموضوع: أمثال هذه التصرفات لبعض الأولياء - سامحهم الله - تسبب مشاكل عويصة نفسية واجتماعية لأبنائهم, قد تدفع بهم إلى التهلكة وبئس المصير, ويتحمل ذلك المتسببون فيه من الأولياء كامل المسؤولية الدينية والدنيوية, والواقع أن هناك - في مثل هذه الحالة - مسؤولية خطيرة للمجتمع والجهات الرسمية فيه, ومنها تلك القائمة بالتوجيه والإرشاد والإعلام, حيث يتعين عليها أن تعلن عن استعدادها لرعاية مثل هذه القضايا, وتجعل لذلك هيئات متخصصة يقصدها المعنيون, ويجدون فيها كل الرعاية والسند وسداد الرأي وحسن التوجيه, إلى جانب تسيير حملات توعية قوية دائمة للشباب والأولياء, تبصرهم بحسن التصرف في أحوالهم, وتفهم الآباء والأمهات بأن أولادهم ليسوا من ممتلكاتهم التي يتصرفون فيها كما يشاؤن, وإنما هم بشر ينبغي استشارتهم والحوار معهم واحترام حرياتهم وحياتهم الشخصية, التي هم المعنيون بها قبل أي أحد غيرهم, ولو كانواهم أولياؤهم أنفسهم, ولله الأمر من قبل ومن بعد.

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

فتوى تحرم مشروع زواج


فتوى تحرم مشروع زواج

تقول صاحبة المشكلة:



أحببت شخصا عقدا من الزمن, حبنا مميز وعميق, نحن لسنا من بلد واحد، كنت أكافح من أجل أن أكون زوجته الوفية, غير أن الحلم الجميل تبخر, فقد قطعنا العلاقة, وإني أكابد جرحا غائرا, غير أن الحياة بدونه شديدة الصعوبة. لقد انفصلنا بعدما عرفت أنه من دين مغاير,(كما تقول), هو من الدروز، وقد قيل لي إنهم لايصومون ولايصلون. سألت شيخا,فأجابني بعدم جواز الزواج به.


للإطلاع على المقال, تفضلوا بزيارة الموقع المتخصص وتكرموا - إن أمكن - بترك رأيكم مشكورين:




أو


الأربعاء، 2 سبتمبر 2009

تفضلوا

رشحنا في دليل مواقع هدى الاسلام

التقدم المعطل في المجتمع العربي

التقدم المعطل في المجتمع العربي
القيم السائدة في مجتعاتنا المعاصرة
أو الحراك الاجتماعي المعطل
________________
نقلنا هذه الدراسة عن شبكة فلسطين ال 48 الإعلامية
_________________
قدم الأستاذ الكبير فهمي هويدي في جريدة الشروق الجديد المصرية دراسة علمية في هذا الموضوع الخطير, قام بها جماعة من العلماء المتخصصين, وأضاف عليها الأستاذ توجيهات وتعليقات جعلتها أكثر فائدة, مما جعلنا نقدمها لكم هنا لكونها عظيمة الفائدة في رفع الوعي العام والتعريف بالأوضاع السائدة في مجتمعاتنا, فإليكم بعد تقديمي للموضوع هذه الدراسة الكبيرة الأهمية:
سيدي المحترم الأستاذ الكبير فهمي لا شيء يمكن أن يعبر عن مدى شكري وعرفاني لهذه المجهودات النوعية الجبارة التي تبذلها تباعا من أجل تنويرنا بحقائق أساسية وجوهرية عن الحقبة التاريخية التي نمر بها في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. إن هذه الدراسة العلمية الاجتماعية التي تفضلت بتقديمها اليوم والتعليق عليها عن المجتمع المصري أو القيم السائدة فيه طوال فترة الخمسين سنة الماضية, وما آل إليه أمره حاليا, هي سيدي صورة تكاد تكون طبق الأصل لمجتمعاتنا التي تتمنى التغير في ذاتها وفي سلطاتها لما هو أفضل, لكنها تراوح مكانها, وتمارس السلطة التعتيم والادعاء الكاذب بأن هناك تقدما يحصل في المجتمع إلا أن العكس هو الصحيح, فلا السلطة تسعى لتغيير نفسها نحو الأفضل ولا المجتمع يفعل في تغيير ذاته وبالتالي تغيير سلطته لتكون في مستوى طموحه وتحديات وجوده في عالم معاصر, هو عالم الأقوياء الذين لا يعيرون أدنى اهتمام في تسيير شؤون العالم لمن هم مثلنا لا يتغيرون نحو الأفضل والأقوى ويراوحون مكانهم يرفلون في أثواب البؤس والشقاء الرثة. وأي كلام يمكن أن يضاف سيدي أدق وأعمق من كلامك؟ أو من الحقائق المثيرة الموضوعية التي قدمتها الدراسة وتفضلت مشكورا بنشرها وتوجيهها والتعليق عليها توضيحا وتعميقا؟ بارك الله فيك وجزاك الله عنا خيرا وكثر الله من أمثالك أستاذي الكريم, إذ بهكذا مفكرين وعلماء وباحثين يمكن أن نأمل في التغيير المنشود عن طريق رفع الوعي العام لمجتمعاتنا وتنويرها بحقيقة أوضاعها, مما يجعلها أقرب إلى إحداث الحراك الاجتماعي المنشود. دمت عزيزا كريما سيدي الفاضل في خدمة أمتك العظيمة التي سوف يعود عزها يوما بفضل كفاح أمثالك من أخيار أبنائها البررة. شكرا جزيلا سيدي الفاضل ودام عزك ورمضان كريم وكل عام وأنت وأمتنا العربية والإسلامية بألف خير. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
الدراسة كما قدمها الأستاذ فهمي هويدي مضيفا وموجها ومعلقا:

*هاتان مفاجأتان مثيرتان.
*الأولى وفرت لنا شهادة خلت من المجاملة لمؤشرات السير والسلوك فى المجتمع> المصرى. *> > *والثانية أنها ــ للغرابة ــ صدرت عن مركز تابع لمجلس الوزراء فى مصر
1* قليلة فى مصر والعالم العربى دراسات القيم السائدة فى المجتمع، ليس فقط لأننا نؤثر تضخيم الذات وليس نقدها. ولكن أيضا لأننا ــ خصوصا حين نتحدث عن التغيير ــ نتجه بأبصارنا إلى السلطة بأكثر مما نرصد واقع المجتمع. *ولست أجادل فى أهمية ومركزية دور السلطة خصوصا فى مصر. لكنى أتحفظ على التهوين من شأن متابعة متغيرات المجتمع، بحيث لم نعد نعرف الناس مع ماذا أو ضد ماذا. ويبدو الأمر مفارقا حين يكون هذا مبلغ علمنا، فى حين نعرف الكثير عن اتجاهات الرأى العام فى بلد مثل الولايات المتحدة و فرنسا و إنجلترا، بما يحيطنا علما بموقف مجتمعات تلك الدول إزاء مختلف القضايا العامة ومدى شعبية حكامها، كل أسبوع أو شهر. فى حين كل ما نعرفه عن بلادنا أن «كله تمام». وأن شعبية حكامنا فى عنان السماء طوال الوقت. فى حدود علمى فإن دراسة تطور السلوكيات والقيم السائدة فى مصر عمرها خمسون عاما تقريبا، وأن أول من أجرى بحثا فى هذا الموضوع كان الدكتور محمد إبراهيم كاظم رحمه الله، الذى كان أستاذا بكلية التربية آنذاك. إذ أجرى بحثه وقتذاك على قيم شباب الجامعات. وبعد عشر سنوات تابع دراسته على عينة أخرى من شباب الجامعات لرصد اتجاهات التغيير فى سلوكياتهم وتطلعاتهم. وكنت قد عرضت لنتائج هذه الدراسة فى حينها، لكنى لا أعرف أن أحدا اعتنى بها. وأرجح أنها انضمت إلى غيرها من الأبحاث التى تجرى ثم تحفظ فى خزائن الكتب بعد ذلك. وهو ذات المصير الذى لقيته دراسات أخرى لاحقة حول الموضوع. لأن الأمر لم يكن مأخوذا على محمل الجد من جانب الحكومة، فقد استغربت أن يتبنى مركز المعلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء البحث الذى أعده مركز الدراسات المستقبلية حول الموضوع. واستغربت أكثر مدى الجرأة التى اتسم بها البحث، الذى حاول أن يجيب عن عدة أسئلة مثل: *ماذا حدث للإنسان المصرى؟ *وما مواطن الخلل فى سلوكه ومنظومة قيمه؟* وما السبيل إلى علاجها؟. *وفهمت من مقدمته المنشورة أنه أجرى فى إطار الرؤية المستقبلية لمصر عام 2030، باعتبار أن نجاح تلك الرؤية يقتضى التعرف على طبيعة القيم السائدة بإيجابياتها وسلبياتها. دعك الآن مما إذا كان ذلك سيحدث أم لا. ولا تسأل عن مصير الدراسة بعد رحيل الحكومة الحالية، لأن الأهم هو أن الشهادة التى حاكمت سلوك المصريين> أصبحت بين أيدينا. وأن فيها ما يستحق القراءة والرصد.
(2) *فى الخمسينيات سادت قيم العدالة الاجتماعية والمساواة. هذه هى الخلاصة التى انتهى إليها البحث فى رصده لتطور قيم المجتمع المصرى منذ منتصف القرن الماضى، مشيرا إلى أن التوسع فى التعليم ساعد على إزالة الحواجز الفاصلة بين الطبقات الاجتماعية، خصوصا فى ظل مجانية التعليم الجامعى التى تمت على يد الدكتور طه حسين، والتى فتحت الباب واسعا لتحسين أوضاع الطبقات الدنيا. وهذا التحسن قطع شوطا أبعد فى ظل المرحلة الناصرية. التى بدأت بقيام ثورة يوليو سنة 1952. ذلك أن الخطوات الإصلاحية التى اتخذت على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، التى بدا فيها تحيز السلطة للطبقات المتوسطة والفقيرة، أدت إلى خلخلة مواقع الطبقات الاجتماعية بصورة نسبية، مما دفع بقيم العدالة الاجتماعية والمساواة إلى صدارة منظومة القيم السائدة. تغير الحال فى السبعينيات والثمانينيات. وكان ذلك فى صالح الإسراع بمعدل الحراك الاجتماعى. إذا اختلفت سياسة الدولة من التقييد إلى الانفتاح. ومن التدخل فى شئون الاقتصاد إلى الانفراج والحرية. مما ساعد على بروز قيم الفردية والأنانية. (هكذا ذكر البحث). مضيفا أنه فى تلك الفترة برزت قنوات أخرى ساعدت على حدة> الصعود والهبوط للطبقات الاجتماعية. فظهرت الشركات الانفتاحية والبنوك الخاصة ومكاتب التصدير والاستيراد، والمكاتب الاستشارية الأجنبية. *وأصبح العمل فى خدمة كل ما هو أجنبى طموحا وتميزا، ليس فقط على المستوى الرسمى (من قبل الدولة) بل أيضا على مستوى الثقافة الشعبية. وهو ما أدى إلى ظهور مؤشرات للتميز الاجتماعى استصحبت اتجاها إلى استخدام لغة الأجنبى وعاداته. *فى الوقت ذاته زادت طموحات الأفراد، واتجهت الأنظار نحو البحث عن جميع الوسائل الشرعية وغير الشرعية للعمل فى القطاع الخاص والأجنبى، الذى يدر دخلا أعلى ومكانة أرفع. مما ساعد على ظهور قيم التملق والنفاق وإحلال الولاء محل الكفاءة فى العمل. تلك المرحلة شهدت هجرات واسعة من جانب العمال والحرفيين المصريين إلى دول النفط، مما أدى إلى تراجع قيم الاستقرار وهيبة الغربة. وأسهمت الهجرات فى زيادة دخول فئات كثيرة، سعت إلى تغيير مراكزها فى السلم الاجتماعى، مما أدى إلى زيادة حدة الطموح الاستهلاكى. وحرص هؤلاء على إثبات التميز الاجتماعى. وساعد ذلك على ظهور المباهاة الاجتماعية والنَّهم فى اقتناء الغالى والثمين. كما ساعد على بروز التعالى والأنانية حين زادت السيولة النقدية بمعدل أكبر من الزيادة فى السلع والخدمات. وهو ما عمَّق ذلك من التضخم الانفتاحى الذى أدى إلى ظهور شرائح جديدة مثل: ملاك العقارات الجدد وأصحاب الملكيات الزراعية وأرباب الصناعة وتجار الجملة وأصحاب مكاتب التصدير والاستيراد. وهؤلاء تقاطعوا مع شرائح أخرى كانت تنتمى إلى الطبقات الدنيا، مثل الحرفيين وعمال البناء والعمال الزراعيين، الذين> أفادوا من ندرة العمل الناجمة عن الهجرة. هذا المناخ أسهم فى ظهور الفساد بأشكاله المختلفة، وعلت قيمة الشطارة وانتهاز الفرص. وتنمية العلاقات الشخصية بأصحاب النفوذ. وهانت فضائل احترام الكلمة والتمسك بالكرامة الشخصية، وظهور أنواع جديدة من الجرائم كانهيار العمارات حديثة البناء وشيوع الرشوة وقتل الوالدين.. إلخ. هذا المعدل غير المسبوق فى الحراك الاجتماعى أحدث تقلبات عنيفة فى المركز النسبى للطبقات، كما أحدث خللا فى القيم السائدة تجلى فيما يلى: * انتشار الرموز التى تدل على الصعود الطبقى «المظهرية» ــ الاندفاع فى الاستهلاك ــ انتشار الاستثمار غير المنتج الأسرع فى العائد والأقل فى المخاطرة. *ــ التهرب من الضرائب لعدم الثقة فى أداء السلطة ــ ضعف التمسك بالأخلاق، وتقدم قيم الشطارة والفهلوة واهتبال الفرص *ــ تفكك روابط الأسرة بسبب الحرص على الكسب السريع وتنامى التطلعات الطبقية ــ ذيوع التغريب والتعلق بما هو أجنبى فى المظهر والسلوك> ــ تغير المناخ الثقافى وتدهور لغة الخطاب التى دخلت عليها العامية المبتذلة، والمفردات الإنجليزية.
*(3) بهذه الهيئة المثيرة للقلق والرثاء، دخل المواطن المصرى فى حقبة التسعينيات، التى رصد فيها البحث متغيرات فى القيم والسلوك أختزلها فيما يلى: * انتفاء قيمة الخير والحب. إذ أصبح الخير والسعى إليه والعمل على تحقيقه سواء للذات أو للآخرين من الأمور النادرة. وكأنه أصبح معقودا على الذات فقط. فكل شخص يتمنى الخير لنفسه ولذويه فقط. فإذا كان بمقدوره أن يساعد الآخرين فيه ويوفره لهم، ضن به وبخل عن تقديمه حتى لا ينعم الآخرون به. * تراجع قيمة الإحساس بالأمان والطمأنينة. ففى عهد عبدالناصر كان ميل المصرى للطمأنينة قويا، لاعتماده على شخصه وعلى الدولة التى وفرت له كل شىء. وفى عهد السادات بدأ القلق والاكتئاب يتسربان إليه. واستمر ذلك خلال الثمانينيات والتسعينيات وحتى اليوم. إلى أن لوحظ أن المصرى أصبح مسكونا بالانفعالات المختفية تحت بعض الصمت والسكينة، الأمر الذى يعبر عنه بالمجاملة حينا وبالنفاق حينا آخر. وانتهى الأمر به أن هرب إلى الغيبيات. حيث الطمأنينة المزيفة، وامتزجت عنده روح الفكاهة بالاكتئاب. حتى أصبحت الفكاهة تعبيرا عن المرارة والسخرية وليس عن المرح. * انتفاء قيمة العدالة. فعلا شأن لاعبى الكرة والفنانين، فى حين تراجعت حظوظ المفكرين والعلماء، وغابت العدالة الوظيفية بسبب المحسوبية، والعدالة السياسية جراء تزوير الانتخابات، والعدالة الاقتصادية بسبب الرشوة والفساد، والعدالة الاجتماعية بسبب تصعيد المنافقين والمؤيدين وكتاب السلطة. ومن ثم باتت قيم النفاق والوصولية والنفعية والتواكل والصعود على أكتاف الآخرين هى الصفات الغالبة. وغدا التفانى فى العمل أو العلم والابتكار وتعليم الأجيال من الأمور غير المرحب بها. * تراجع القدوة. إذ أصبح الناس يفتقدون النموذج الذى يقتدون به، خصوصا فى ظل انتشار أخبار فساد أصحاب المناصب العليا والزعماء السياسيين والروحيين، ولأن المصرى مرتبط منذ عصور الفراعنة بفكرة الشخصية «الكاريزمية» الموحية والمؤثرة، فإن شيوع تلك النماذج كان له تأثيره السلبى المباشر على قيم الأجيال الجديدة. * تراجعت قيم العلم وازداد احتقار اللغة، كما تراجع التفكير العلمى، ومعهما تراجعت قيمة العمل، الذى أصبح مقصورا إما على أصحاب الواسطة أو خريجى الجامعات الأجنبية. وإزاء انتشار الفساد تراجعت قيمة الأمانة وشاع التسيب واللامبالاة. * تراجعت قيمة الأسرة التى أصبحت تواجه خطر التفكك، فى ظل غياب التراحم، وزيادة مؤشرات الفردية والأنانية والاستغراق فى المظهرية والتطلعات الشخصية. * تراجع قيمة الانتماء للوطن، إذ أصبح المواطن المصرى جزيرة منعزلة مستقلة عن الوطن، يشعر بوحدة غريبة، وانكفاء على الذات. وذلك نتيجة لإقصائه عن أى مشاركة، إضافة إلى أنه لم يعد يشعر بأن الدولة تحتضنه وترعاه. ولذلك لم يعد غريبا أن تتزايد معدلات الهجرة إلى الخارج، وأن يغامر الشباب بالتسلل عبر الحدود والتعرض لمخاطر ركوب البحر واحتمالات الغرق، لكى يصلوا إلى الشواطئ الأوروبية التى يحلمون بأن يحققوا بعض أحلامهم على ضفافها.
*(4) فى الدراسة كلام آخر عن التحولات التى طرأت على الشخصية المصرية خلال العقود الأخيرة، بسبب التحولات الجذرية التى طرأت على بنية المجتمع. فأصبحت أكثر سلبية وعدوانية، وصارت أقل ثقة بالنفس وأكثر اعتمادا على الآخرين. ولجأت إلى تضخيم الذات والمبالغة فى التعبير عن المشاعر. كما تميزت بالتمركز حول الذات وعدم المثابرة، مع الاستسلام للحماس المؤقت والانفعال وردود الأفعال.
أيا كان رأيك فى هذا الكلام، فلابد أن تقدر شجاعة الباحثين الذين أعدوا الدراسة ولم يترددوا فى نقد الذات وتسليط الأضواء على عيوب المجتمع بغير مجاملة أو تسويف. الملاحظة الأخرى المهمة أن مؤشرات الدراسة تعطى انطباعا قويا بأن منظومة القيمة فى المجتمع المصرى تتدهور حينا بعد حين، الأمر الذى يجعل شعار الحزب الوطنى فى مؤتمره الأخير «مصر بتتقدم بينا»، بمثابة شائعة كاذبة فضحتها الدراسة. أما ملاحظتى الأخيرة فهى أن بعض المثقفين كانوا يتندرون قائلين إن تغيير الشعوب فى العالم العربى أصعب من تغيير الأنظمة والحكومات. والتقرير أثبت أن هذه المقولة لم تعد مزحة، وإنما صارت حقيقة ماثلة أكدتها شهادات توزعت على 160 صفحة بالتمام والكمال. لقد تغيرنا كما رأيت خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ولكن نظامنا حماه الله لا يزال ثابت القدم. لم يتغير فيه شىء. لا فى شخوصه ولا فى عقليته أو أساليبه. وإزاء إصرار الحزب الحاكم على أننا «نتقدم»، فلا أعرف كيف يمكن أن نقنع قيادته بأننا لم نعد نحتمل مزيدا من هذا التقدم، حتى صرنا نحلم بيوم نذوق فيه طعم التخلف!