الجمعة، 11 سبتمبر 2009

محنة رفض أب زواج ابنته


محنة اعتراض أب على زواج ابنته


إن الله يغفر الذنوب جميعا


لكن بعض الناس لا يغفرون


أب يتعسف ويرفض زواج ابنته من شاب تحبه بدعوى أنه كان يتعاطى حبوبا مخدرة وحشيشا, رغم توبته واستقامة سلوكه, بل والتزامه وامتيازه بشهادة الشهود, غير أن الأب يصر على رفضه لأسباب بعيدة عن الموضوعية والعدل, والضحية هي ابنته قبل ذلك الشاب, وقد يكون قاصدا للتنكيل بها لأسباب غير واضحة في الرسالة, وقد تكون ذاتية واهية لا سند لها من منطق أو عرف, ولا مبرر لها من الدين, وصاحبة السؤال تتلوى ألما ولا تجد الحل المناسب, فتتملكها الحيرة وتهيم في متاهة لا أول لها ولا آخر من الآلام العاطفية النفسية المبرحة ولا تجد من والدها أدنى اهتمام أو شفقة ورحمة, والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل

.
تقول صاحبة المشكلة:


أنا بنت عندى 23 سنة حاصلة على ليسانس أداب أعمل أخصائية نفسية بمدرسة ابتدائية مشكلتى بدأت منذ عدة أعوام حيث تقدم لى أكثر من عريس ورفضتهم جميعا بسبب عدم الارتياح النفسى وكل مرة كان والدى يختلق لى مشكلة بسبب رفضى
وأنا لم يسبق لى المرور بتجربة عاطفية من قبل الى أن عملت فى مدرسة منذ عدة شهور وكانت الأمور تسير سيرا طبيعيا الى أن تعين منذ بداية شهر مارس مدرس تربية رياضية يكبرنى بأربع سنوات فحدث بيننا إعجاب متبادل بالمظهر
ولكن مع مرور الأيام أحببته حبا لم أكن أتخيل فى يوم من الأيام أني أمنحه لشاب حتى ظننت أني معقدة
الى أن ظهر ذلك الشاب فى حياتى وأعجبت بكل شىء فيه مظهره وأخلاقه وحياؤه النادر
وحين اعترف لى بحبه ظننت أننى سأمل منه وأكرههولكنى كل يوم أحبه أكثر
وطلب منى أن يتقدم لوالدى
ولكنى قلت له أن ينتظر الى أن أتأكد من مشاعرى
وحين تأكدت طلبت منه أن يتقدم
وبالفعل تحدث مع مدير المدرسة ليخبر والدى
وحين علم والدى رفضه بسبب مرتبه الصغير
لكنه علم أن لديهم أملاك فأعاد النظر فى الموضوع
غير أن المشكلة أنه حين سأل عنه سمع أنه يتعاطى حبوبا مخدرة وحشيشا وغيره
ولم أصدق فذهبت للسؤال بنفسى عنه وسمعت كلاما مشابها
ولكن الكل يجمع أنه التزم منذ عامين وأنه مثله مثل أي شاب
المهم أن والدى رفضه رفضا قاطعا ورفض المناقشة
ارسلت زميلا يسكن بجانب حبيبى ليسأل عنه فسمع عنه أخبارا جيدة جدا وأن الجميع يشكر فيه
وحين واجهت حبيبى, أقسم لي أنه لم يتناول حبوبا مخدرة من قبل, وأنه تناول الحشيش أسبوعين فقط, ثم أقلع عن ذلك نهائيا
وأن سبب ذلك الكلام الذى سمعته أنه كان يصاحب أشخاصا سيئين ولكنه تركهم منذ خمسة أعوام
وقال إنه مستعد لمواجهة من قال عنه هذا الكلام
أخبرت عمي وجدتي بحبى لذلك الشاب جدا, فقابلوه ووجدوه شابا رائعا
لكن الأمر كله بيد والدى وهو رافض مقابلته أو السؤال عنه مرة أخرى
أنا أتدمر وأتحطم يوميا ولا أدرى ماالحل؟ إني أحب ذلك الشاب بدرجة لايمكن تخيلها
أشعر بأننا روح واحدة ولاتوجد كلمة تستطيع وصف شعوري نحوه
ماذا أفعل بالله عليكم أخبرونى؟
**********************
السؤال : ماذا تفعل هذه الفتاة
؟

وجوابنا هو:


- أولا على صاحبة السؤال أن تتأكد من عناصر قضيتها, وخاصة منها توبة هذا الشاب وإقلاعه نهائيا عن تعاطي المخدرات ومخلاطة قرناء السوء
- ثانيا عليها أن تحاول تقصي موقف والدها, هل رفضه خوفا عليها؟ أم عقابا لها على رفضها من تقدموا لها سابقا؟ أم أن الأسباب غامضة, قد تعود إلى جملة من الأحوال النفسية التي يجهل حقيقتها الأب نفسه, لكنها تسبب سلوكا لديه من بينه رفض خطيب إبنته؟من المهم تحديد حقيقة موقف الأب حتى تبني المعنية موقفا صحيحا منه
- إذا وثقت المعنية بالأمر من توبة حبيبها واستقامة سلوكه نهائيا كما تقول
- إذا تأكدت صاحبة القضية من أن والدها على خطأ مقصود أو عفوي
- قد يكون من المناسب أن تلح على جدتها وعمها ليبذلوا كل المساعي لدى الأب, ويصارحوه بخطئه - إن لزم الأمر - ويحملوه المسؤولية الكاملة عن مستقبل ابنته, الذي يسعى إلى تحطيمها ظلما وعدوانا, أو إصرارا على خطإ متعمد أو لا شعوري الدوافع
- عليها أيضا أن تلجأ إلى بعض أهل الرأي والمشورة والتأثير في الرأي العام, مثل مدير المدرسة وإمام المسجد الذي يرتاده والدها, وغيرهم ممن يتوقع منه التأثير الحسن, لعل الأب يرجع عن رفضه اللامبرر لزواج ابنته, لا سيما وأنه لا يمكن له أن يضمن زوجا مناسبا لها في المستقبل, فيكون حينئذ في وضع المتعسف, الذي ينبغي منع ممارساته اللامشروعة نحو ابنته
- إذا حلت المشكلة فبها, وإلا فعليها أن تدرس وضعها بعناية, وتقرر مصيرها
- بأن تختار بين زواجها المشروع وعلاقتها المستقبلية بوالدها, وتحسم الأمر نهائيا
- لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وترك الزواج بلا سبب يمكن تصنيفه في باب المعاصي الدينية والاجتماعية, حيث إن الزواج نصف الدين
- عليها أيضا أن تتأكد من كون الزواج يمكن أن يتم شرعيا في غياب الوالد المتعسف ومعارضته, بأن يحل العم مثلا محله, أو جهة رسمية مخولة شرعيا, عليها أن تستشير أهل الثقة والعلم ممن يتولون الفتوى الصحيحة العادلة
- وقبل الإقبال على هذه الخطوة الحاسمة والخطيرة عليها أن تتأكد خاصة من عدم المغامرة في الموضوع, أو الوقوع ضحية العاطفة العنيفة, وأيضا من كونها مع زوجها المستقبلي يستطيعان توفير أسباب الحياة السعيدة ماديا ومعنويا, وليسا بصدد تصرفات اندفاعية عفوية قد تكون وخيمة العواقب عليهما وعلى أبنائهما مستقبلا
رأي عام في الموضوع: أمثال هذه التصرفات لبعض الأولياء - سامحهم الله - تسبب مشاكل عويصة نفسية واجتماعية لأبنائهم, قد تدفع بهم إلى التهلكة وبئس المصير, ويتحمل ذلك المتسببون فيه من الأولياء كامل المسؤولية الدينية والدنيوية, والواقع أن هناك - في مثل هذه الحالة - مسؤولية خطيرة للمجتمع والجهات الرسمية فيه, ومنها تلك القائمة بالتوجيه والإرشاد والإعلام, حيث يتعين عليها أن تعلن عن استعدادها لرعاية مثل هذه القضايا, وتجعل لذلك هيئات متخصصة يقصدها المعنيون, ويجدون فيها كل الرعاية والسند وسداد الرأي وحسن التوجيه, إلى جانب تسيير حملات توعية قوية دائمة للشباب والأولياء, تبصرهم بحسن التصرف في أحوالهم, وتفهم الآباء والأمهات بأن أولادهم ليسوا من ممتلكاتهم التي يتصرفون فيها كما يشاؤن, وإنما هم بشر ينبغي استشارتهم والحوار معهم واحترام حرياتهم وحياتهم الشخصية, التي هم المعنيون بها قبل أي أحد غيرهم, ولو كانواهم أولياؤهم أنفسهم, ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ليست هناك تعليقات: