السبت، 14 نوفمبر 2009

عن بؤس الرياضة العربية






عن بؤس الرياضة العربية وجريمة القاهرة







لست أدعي الفهم في الرياضة إلا كونها معبرة عن الجانب الجسمي في الإنسان وتنميته وصيانته والنهوض به وتطويره. أما عن هوس كرة القدم فإني بعيد عنه تماما, واهتمامي الوحيد به هو عندما تكون هناك مقابلة دولية والجزائر بالدرجة الأولى أو أي بلد عربي طرف فيها بالدرجة الثانية. أما عن الوضع الرياضي العربي عموما فهو في نظري - بطبيعة الحال - متخلف كثيرا, وما على من يريد التأكد من ذلك إلا الاطلاع على الترتيب الذي تضعه الجهات المعنية في المنظمات المتخصصة وطنيا وإقليميا وعالميا. وهو أمر منطقي فلا ينتظر من بلد متخلف في المجالات الأخرى أن يكون متقدما في الرياضة, وقديما قالوا: العقل السليم في الجسم السليم. أما عن المباريات العالمية في كرة القدم, والتي تجرى في إطار كأس العالم, فإن مشاركة العرب فيها ضئيلة جدا لكونها لا تستطيع الوصول إليها بسبب ضعفها, وفرقهم عندما تشارك لا تتجاوز المراحل الأولى في التصفيات, بمعنى أن وصولها للمشاركة هو أمر قليل الأهمية ما دامت المشاركة هي السقف مجرد المشاركة والنتيجة معروفة مسبقا, وهي الإقصاء السريع. وإني في هذا الأمر بالذات لا يهمني بتاتا أن يمثل العرب في هذه المناسبة الرياضية العالمية هذا القطر العربي أو ذاك, وفي الحالة التي نحن فيها بالذات, لا يهمني إطلاقا أن تكون الجزائر أو مصر هي التي تذهب إلى جنوب إفريقيا في جوان المقبل, لتخرج منه بعد أيام معدودات. ومنذ أيام بدأ الشباب خاصة في الجزائر يحتفل في الشوارع بمناسبة المقابلة النهائية أو قبل النهائية بين مصر والجزائر, التي تجرى اليوم السبت في القاهرة, ودائما أقول عن هؤلاء المحتفلين المهووسين إنهم مجانين, غير أني في هذه المرة استحسنت بعض مظاهر تلك الاحتفالات بما فيها من تجارة الأعلام التي انتشرت لأول مرة منذ الاستقلال, أي ما يقرب من نصف قرن, أعلام من كل شكل وحجم, فيها ما هو معد للبس, وفيها ما هو معد للتعليق في السيارات في وضعيات مختلفة, ومنها ما يحمل في الأيادي أو يلف حول العنق أو اليد, وفيها وفيها وفيها. جانب احتفالي أعجبني وليس فيه ما يزعج رغم بعض المبالغات التي تدل على هوس أنصار الفريق الوطني كالعادة. وبطبيعة الحال فإن مثل هذا الهوس يمكن أن يتحول لو كانت المقابلة في الجزائر, وحتى وهي في القاهرة إن لم تتحمل السلطات مسؤولياتها إلى تجاوزات خطيرة تهدد أمن الناس وأملاكهم, وتنشر الفوضى العارمة, التي قد تشكل تهديدا جديا لسلامة الحياة العامة.
لقد كانت الاحتفالات منذ أيام خلت رائعة, وكان الناس والشباب خاصة يعيشون أجواء الانتظار البهيجة للمباراة المقررة ليوم السبت بين الجزائر ومصر إلى أن وقع الحادث المشؤوم للفريق الجزائري لدى وصوله بعد ظهر الخميس إلى مطار القاهرة, والذي قالت عنه وسائل الإعلام العالمية إنه حادث إرهابي وحشي تعرض له الفريق الوطني الجزائري لكرة القدم, أما الجانب المصري فراح يكذب نبأ وقوع الحادث ويشكك في الأنباء التي تداولتها وكالات الأنباء وكل وسائل الاتصال والإعلام العالمية بالرغم من التصريحات الرسمية لوزير الخارجية الجزائري وزميله وزير الشباب والرياضة الموجودين في القاهرة, بمعنى أن الطرف المصري يكذبهما ويا للمهزلة, ثم يذكر رواية عجيبة وغريبة لتفسير كسر زجاج نوافذ الحافلة التي كانت تقل الفريق الجزائري إلى الفندق الواقع على بعد خطوات من المطار, وقد اختير تحسبا لوقوع مثل هذه الفاجعة, وللشك في جدية الأمن المصري في حماية الفريق الوطني, ونظرا للحمى الإعلامية التي سبقت هذا الموعد الكروي في مصر والتي لم يكن يتوقع منها سوى الشر المستطير, ونظرا لوقوف السلطات المعنية في البلدين موقف المتفرج اتجاه هذا الهوس الإعلامي الخطير والمغذي للعنف دون شك, بل المؤجج له, لكن رغم قصر المسافة كل القصر بين المطار والفندق المختار فإن تبييت الأمر قد أدى إلى وقوع الكارثة الرهيبة. إن الصورة التي نشرتها كبريات الصحف اليوم في الجزائر على طول وعرض الصفحة الأولى لأشهر لاعب دولي من فريقنا والدماء تنسكب من رأسه وتسيل خطوطا كثيفة لتغطي وجهه كافية لإشعال نار الحقد والضغينة والكراهية بين الشعبين الشقيقين اللذين يجمع بينهما كل شيء ولا يفرق بينهما أي شيء, وهو هدف كبير وهدية ثمينة لأنصار الجزائر الفرنسية. ورأيي المتواضع في الموضوع هو أن الذي حدث ليس من عمل الجماهير المصرية المناصرة أبدا وإنما هو من عمل النظام البوليسي الذي لم يجد أي طريقة لنصر يهمه لإلهاء الناس فترة أخرى من الزمن الفاصل عن كأس العالم, إلهاؤهم عن مشاكل حياتهم التعيسة بسببه سوى التخطيط المحكم لعملية إرهابية مجرمة تصيب عددا مهما من العناصر الجزائرية بحيث يستحيل عليهم النصر في المباراة ويصبح من الممكن هزيمتهم ب 3 أهداف بدون مقابل وبذلك يتحقق التأهيل الذي يحلمون به والذي لن يكون أبدا لأنه غير طبيعي ووقع التخطيط له بوسائل إرهابية مجرمة شنيعة. الزجاج كسر من الداخل يا سلام من الذي كسره؟ والذي يقول هذا هوسائق الحافلة وهو بالطبع ليس إلا عنصرا في الأمن الراعي للعملية والمشرف على تخطيطها وتنفيذها بإحكام. طيب ومن جرح ستة لاعبين ثلاثة منهم جروحهم خطيرة؟ أحدهم 4 غرز في رأسه والثاني 7 غرز في رأسه والثالث في المستشفى في حالة خطيرة, ثم يتحدثون عن حرق العلم المصري في الجزائر وعن ضرب الجزائريين الفريق والجمهور المصري المناصر له في مباراة الذهاب بالجزائر. نعم ربما قد يكون حرق العلم قد وقع وهو فعل سهل لأحد الصعاليك لكن الضرب لم أسمع عنه إلا اليوم, وهي فرية أخرى لتبرير الفعل الإجرامي الشنيع الذي تعرض له الفريق الجزائري في مطار القاهرة, أو لتبرير ما لا يبرر. لا أقول إن الذي حدث في القاهرة هو إرهاب الدولة لأن العرب كلهم لا يملكون شيئا إسمه دولة , لكنه دون شك إرهاب السلطة, والتبرير الذي يتداوله الإعلام محقا هو أن السلطة العشائرية القبلية ومنها تكتلات أصحاب المصالح وعصب المنفعة والاختلاس والتفريط يهمها أن تشغل الجماهير والشباب خاصة لأكبرمدة ممكنة حتى لا تزعجها بمطالبها وأنينها من وجع الحياة الصعبة المأساوية في مجتمعاتنا البائسة لأن هذه العصب المنتفعة لا يهمها سوىاستمرار مصالحها بأي ثمن كان ولو بالحديد والنار. هذه هي الحكاية فالنظام المصري البوليسي أو على الأقل جماعة ذات نفوذ منه قد خططت ونفذت الجريمة لهذه الغاية الشريفة جدا, والنظام الجزائري المماثل متواطئا معها بشكل غير مباشر, وذلك بعدم حثه النظام المصري على فرض جو من الهدوء وليس ترك الحبل على الغارب وتشجيع الإعلام المأجور على تأجيج نار العنف,لقد كنت متأكدا من حدوث كوارث لكنني كنت أظن أن ذلك سيقع للأنصارالجزائريين المجانين المهووسين الذين رحلوا بالآلاف إلى مصر, أما أن يصل الأمر إلى ضرب عناصر الفريق وإصابتهم إصابات قاتلة, فهذا ما لم يدر بخلدي أبدا. لماذا؟ لأنني لم أكن أشك لحظة واحدة في كون نظام بوليسي عربي واحد وصل به الأمر إلى درجة القيام بعمليات إرهابية مجرمة. كنت واثقا من أن الأمن المصري وهو من أقوى وأقسى هيئات الأمن في المنطقة العربية وأكادأقول في العالم كله, لا يمكن أن يسمح بتصرفات من هذا القبيل, أما أن يكون هو المخطط والمنفذ لها, فهذا ما لم يصل إليه خيالي الغبي للأسف الشديد, إنه من المستحيل أن تتم عملية من هذا النوع دون أن يوافق عليها الأمن المصري ومعه بالطبع جهات نافذة في السلطة, لسبب واضح هو أن هذا الأمن يتمتع بقبضة حديدية لا يفلت منها شيئ أبدا وخاصة بهذا الحجم وفي المطار وفي هذه المناسبة بالذات. ثم يتحدثون عن أنهم ذهبوا للفندق للتأكد من الرواية الجزائرية التي تهدف إلى تأجيل المباراة أوالاحتجاج عليها إن انهزموا. ولذلك جرحوا 3 لاعبين دوليين جروحا خطيرة والتي لم يتأكد منها المسؤولون المصريون المعنيون - حسب تصريحاتهم - لذلك لا بد أن يذهبوا للفندق للتأكد,في الوقت الذي تتحدث فيه بعض الأنباء عن أن الحافلة تهشمت تماما, وأن اللاعبين لو لم يكونوا محاطين بأنصارهم الجزائريين الذين جعلوا من أنفسهم دروعا بشرية لحمايتهم لما سلم منهم أي عنصر من الموت أو الجروح الخطيرة, كما أنهم لم يعلموا وهم الذين لا تخفى عنهم خافية بالعنصر الجزائري الذي حول على عجل إلى المستشفى لحالته الخطيرة جدا, وإنها لمهزلة أن يصدر هذا التصريح المثير للشفقة والسخرية والذي أصبح أضحوكة للعالم بأسره, وسيظل ذلك أبد الدهر كونهم يشككون في حصول هذا الحادث أصلا وأنهم ذاهبون إلى الفندق للتأكد منه. والحقيقة أنهم إنما ذهبوا ليعتذروا كل المسؤولين عن الرياضة المصرية وعلى رأسهم شخصية كبيرة جدا, من أجل تمرير المخطط, وتثبيت الفرصة التي خلقوها بهذه الجريمة لفوز صعب رغم ذلك,وقد رفض الوفد الجزائري الرياضي اعتذارهم بشدة, أما المباراة فمن المفروض ألا تكون في موعدها, لأن الفريق الجزائري في حالة مزرية لا تسمح له بإجرائها أبدا وفي كل الأحوال لن يتحقق منها الهدف الذي من أجله وقع التخطيط للجريمة الإرهابية وتنفيذها, أما وقد قررت الفيفا إجراءها في وقتها بضمانات مصرية مكتوبة عن سلامة الوفد الجزائري, فإن هناك شبهات لا مفر منها تحيط بموافقة المسؤولين الجزائريين الذين شاركوا في المفاوضات مع الفيفا ومع الجانب المصري, لأنهم بهذا يتضامنون مع المخططين والمنفذين للجريمة النكراء, وهو موقف مفرط ولا مبالي إن لم يكن هناك شيء آخر يبرره ذاتيا كان أو موضوعيا. إن الذي حدث خطير جدا والذي يهمني فيه هو أن الدم الجزائري ساح على أرض القاهرة عبثا لأسباب تافهة, وفي أحسن الأحوال لقد وقعت الواقعة الرهيبة من أجل لعبة مجرد التنافس في لعبة. ثم إن التبريرات التي قدمت تافهة جدا وغبية ولم تذكرها أي وسيلة إعلامية في العالم عدا بعض الوسائل العربية, المستعدة لذكر مثل هذه الروايات البلهاء. أما الإعلام العالمي المحترم فلا يمكن أن يذكر مثل هذه الترهات الغريبة والهابطة. إن الذين ساح دمهم الطاهر الشريف الغالي في القاهرة هم أبناء أوأحفاد الشهداء والمجاهدين, ثم إنهم أبطال عالميون يلعبون في أكبر وأرقى الأندية والفرق العالمية الأوروبية وغيرها, وهم يعيشون في قمة الحياة المعاصرة الراقية المتحضرة, فكيف يتصور أن يكسروا زجاج الحافلة من الداخل ثم يجرحون أنفسهم جروحا خطيرة في منطقة الرأس بالذات في الغالب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أما أحدهم فيصارع الموت في إحدى مستشفيات القاهرة,والسلطات المعنية تجهل ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وتذهب إلى الفندق لتتأكد إن كان مجروحا فعلا هو وزملاؤه الخمسة حسب الرواية الجزائرية. وفي ذات الوقت كانت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية تنشر صور العناصر الجزائرية المضرجة بالدماء, وفيديوهات حية عن العملية الكارثية التي تعرضوا لها لقد كان للإعلام الرسمي المصري الدور الأكبرفي التمهيد لهذه الجريمة البشعة بتأجيج نار الحقد والعنف لأنه لا سبيل لفوز لا أقول مصر حشاها ولكن العصب المنتفعة في هذه المباراة إلا بعملية إرهابية مجرمة خطيرة من هذا النوع, غير أن الدم الجزائري ليس رخيصا أبدا ولم يكن كذلك في يوم من الأيام. أما أن يهرق علىضفاف قناة السويس لتحرير شبه جزيرة سيناء من الاستعمار الصهيوني فذلك مكانه الطبيعي الشريف الغالي, لكن أن يسال مجانا في القاهرة من أجل الفوز في لعبة فهذا عبث ما بعده عبث. والأشنع منه هو أن الدماء تنزف وأحد الجرحى يصارع الموت في المستشفى وهم أي المسؤولون المصريون يقولون في تصريحات إعلامية عالمية إنهم سيذهبون إلى الفندق للتأكد من الحقيقة التي فعلوها بأيديهم. والذي لا يقل شناعة عن كل ذلك هو موافقة الطرف الجزائري على إجراء المباراة في موعدها اليوم بضمانات كتابية مصرية لسلامة الوفد الرياضي الجزائري, بعد أن كانوا قد صرحوا بالأمس أنهم سينسحبون إن لم يتقرر إجراء المقابلة بعد مدة كافية في بلد آخر, فما الذي تغير!!!!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟, ولله في خلقه شؤون, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.