الثلاثاء، 31 مارس 2009

القمة العربية

القمة العربية الجنوب أمريكية
انعقدت واختتمت اليوم القمة العربية الجنوب الأمريكية في الدوحة النشيطة الفيحاء, ودون شك فإن الفضل في ذلك يعود إلى الديناميكية القطرية الممتازة, ولمبادراتها الحكيمة, ومثل هذا الأمر إذا تحقق على مستوى العمل الميداني قادر على قلب موازين القوى في العالم رأسا على عقب, ومرة أخرى بعد بعض الإيجابيات التي ظهرت في القمة العربية التي عقدت البارحة, فإن هذه الحركية والأجواء الإيجابية التي بدأت تطل على السياسة العالمية, هي من نتائج انتهاء الحقبة البوشية المظلمة, وبالرغم من ذلك فإن هذا اللقاء يمكنه تغيير الوضع العالمي تغييرا جذريا. وما جاء في تصريح هذه القمة قد أصاب كبد الحقيقة, لقد كان التصريح مختصرا مفيدا بل هو من قبيل ما قل ودل من الكلام, جملتان فقط لكنهما تزنان جبالا من الأحجار الكريمة إذا وجدت طريق التطبيق والاستمرار, قالت القمة إن اللقاء بين الطرفين يجب أن يكون إستراتيجيا, وأنه لا بد من العمل معا لتغيير النظام المالي العالمي, وبهاتين العبارتين تكون القمة العربية الجنوب أمريكية قد قالت كل شيء ولم تترك لا شاردة ولا واردة, المطلوب علاقة تعاون استراتيجي, والعمل لتغيير النظام المالي العالمي الذي يتخبط العالم بأسره في أزمته الحادة, وذلك بسبب اعتماد الدولا ر الأمريكي عملة مرجعية لكل العالم, وذلك هو سبب معاناة البشر على وجه كوكبنا الأرضي في جميع البلدان, والسبب هو تجاوزات واخطاء جسيمة في التسيير المالي في الولايات المتحدة الأمريكية, إنهم يخطئون أو يعبثون والعالم كله يدفع الثمن باهظا أكثر منهم, وقد سارع البيت الأبيض بعد صدور بيان القمة المختصر المفيد, إلى التصريح بأن الدولار سوف يبقى هو العملة الاحتياطية للعالم أجمع إلى الأبد, طبعا إنه لا يمكن أن يوافقوا على وضع نظام مالي عالمي جديد, لأن ذلك قد لا يكون في صالحهم, ويفقدهم الكثير من مواردهم, وهم لذلك لا يلتفتون إلى مصير البلدان والشعوب الأخرى, إنها أنانية تجاوزت كل الحدود, وعرقلة كبيرة للإصلاح المالي العالمي المنشود. هذا كله واضح تمام الوضوح, حيث لا يمكن لأمريكا أن تكون ضد نفسها, حتى لو هضمت حقوق الآخرين, لكن الملفت للنظر هو هذا الطموح الجارف لأمريكا الجنوبية, والذي نخشى أن يعجز النظام العربي عن مجاراته, ففاقد الشيء لا يعطيه, والسياسة التي لا تقوم على استراتيجية لا يمكن أن تحقق شيئا مهما كان صغيرا وبسيطا, وهو حال النظام السياسي العربي, فكيف يمكن له ان يتعاون على أساس استراتيجي, وهو يحكم بلدانه من غير استراتيجية؟ إن مطلب الاستراتيجية هو مطلب شعبي عربي قبل أن يكون أساسا للتعاون تقترحه - دون شك - أمريكا الجنوبية وليس النظام العربي, ومن المستبعد أن يصل التعاون المنشود درجة الاستراتيجية لهذا السبب الجوهري. أما من ناحية التصريحات على هاش القمة, فقد كان أقواها هو ما جاء على لسان شافيز البطل, الذي قال إن مذكرة الاعتقال يجب أن توجه إلى بوش وبيريز وليس إلى البشير, إنه كلام واضح حاسم يصدر بقوة مثل السهام التي تنطلق إلى أهدافها دون أن تلوي على شيء, نعم يا شافيز هكذا يكون الكلام وإلا فاللوذ بالصوت أحمد, وما معنى هذا التصرف العجيب لهذه الحكمة الاستعمارية البشعة؟ كيف يمكن توجين مذكرة الاعتقال بسبب رفضه للجماعات التي اصطنعوها لتقسيم السودان وتفكيكه حتى يستطيعون الاطمئنان ونهب الخيرات السودانية دون حسيب ولا رقيب؟ هذا الاعتراض للبشير على مخططاتهم الاستعمارية الجديدة تهمة كبيرة يستحق عليها الاعتقال ثم الإعدام, بعد صياغة التهم المناسبة على مهل. والواقع أن نسبة الإبادة والدمار الذي يكون قد اضطر البشير مرغما على إلحاقه بدارفور دفاعا عن وحدة بلاده التي يريدون تفتيتها لأغراض في نفس يعقوب, هذه المخالفات للبشير التي قد تكون وقعت بالفعل لا تساوي ما ارتكبه بوش في العراق وبيريس في غزة وغيرها, بل إنها أصغر منها إن كانت قد حدثت وكان البشير هو بالفعل المسؤول عنها مما فعلا بمقدة بضعة آلاف المرات, فما قول أوكامبو العادل في هذا الأمر؟ وما قول محكمته الموقرة التي أقرت مذكرته وأتخذت قرار التوقيف؟ نعم إن حل هذه الوضعيات الظالمة الحل الأنسب يرتكز أساسا على استراتيجية محكمة واجبة التنفيذ بصرامة, وفي ظل نظام مالي عالمي جديد, هذا هو الحل الصحيح والجذري الذي ينبغي تبنيه والعمل به بكل جدية ومثابرة, ولم لا؟ فقد تحدث المعجزة!

الحقوق محفوظة

الاثنين، 30 مارس 2009

اختتام القمة21

اختتام القمة 21
اختتمت هذا المساء القمة العربية العادية 21 بالدوحة, وكانت قد افتتحت صباح اليوم, وكانت نتائجها البارزة رفض مذكرة اعتقال البشير, الذي حضر القمة بعد أن يكون قد تلقى تأكيدات بصدور هذا الرفض, كما تمت المصالحة بين الرئيس الليبي والملك السعودي برعاية أمير قطر, وقد جددت القمة التزامها بإعادة إعمار غزة, ولوحت بوضع سقف زماني لمبادرة السلام العربية, كما التزمت بمناصرة الشعبين السوداني والفلسطيني, وإن كانت لم تتحدث عن المقاومة صراحة, بالرغم من نداء الرئيس السوري بدعم المقاومة ما دامت هي الخيار الوحيد للدفاع عن النفس, وفرض السلام على العدو كما قال, وإن كان عمرو موسي قد جاهر بضرورة دعم كفاح الشعب الفلسطيني, وهو دعم غير مباشر منه, وربما بشكل مستتر نيابة عن القمة, التي تحاشت هذا الأمر في بيانها الرسمي, ربما لتحاشي بعض المضاعفات التي قد تحدث أو ردود الأفعال التي قد تصدر عن الغرب, ما دام لم يحسم أمره بعدة علنا في هذا الموضوع, رغم الاتصالات الرسمية وشبه الرسمية التي تجريها الدول الكبرى مع المقاومة, وليس من المستبعد أن يكون هناك شبه اتفاق غير معلن عن دعم المقاومة, ولو بعدم عرقلتها, وفي ذات المناسبة صرح العقيد القدافي بأن مذكرة اعتقال البشير تقع في سياق محاولة الغرب لإعادة الاستعمار من جديد, وفي الجملة فإن هناك تطور في الموقف الرسمي العربي على المستوى التكتيكي, وقد قال الرئيس السوري منتقدا مذكرة اعتقال البشير بأن عدم رفضها سوف يؤدي إلى مزيد من التطاول على الدول العربية, بمعنى أن النظام العربي يدافع عن نفسه حينما يرفض قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال البشير تنفيذا لمذكرة أوكامبو السيئة الذكر. وبطبيعة الحال فإن هذا التحسن التكتيكي يأتي في سياق الانفراج العالمي بزوال الكابوس البوشي, وأيضا تحت الضغط الشعبي المتزايد والذي زاد تأججا بفعل ملحمة غزة الأسطورية وتضحياتها الجسام على مذبح الحرية, وقد كان مؤشر هذا الضغط واضحا في تصريح القمة الذي ذكر صراحة ضرورة مواصلة الإصلاح السياسي والاجتماعي, مما يدل على شعور النظام الرسمي العربي بالضغط الشعبي الذي قد يصل درجة الانفجار إذا لم يطرأ على الحياة السياسية والاجتماعية أي تحسن كاف لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد, إنها قرارات تقوم على ركيزتين كلاهما تقعان على مستوى التكتيك, والهدف هو تحصين مواقع النظام العربي مما يتهدده خارجيا من محاولات زعزعته وصولا إلى محاكمة أعضائه والأمر باعتقالهم, ثم إن هناك سابقة الشنق لأحدهم مهما حاولو التبرؤ منه, وأيضا تدعيم الوجود أو السلامة الداخلية بمحاولة القيام بإصلاحات سياسية واجتماعية قصد تهدئة الشعوب المتدمرة من أحوالها المعيشية وتهميشها سياسيا, إنها استجابة تكتيكية لأخطر الضغوط الداخلية والخارجية, وعلى أي حال وأي كانت الدوافع فإنه يتعين الاعتراف بوجود تحسن في السلوك السياسي للنظام العربي بالاستجابة ولو تكتيكيا لما هو ضروري, أو باتخاذ الحد الأدنى من المواقف, الأمر الذي غاب عن الساحة السياسية العربية لمدة طويلة, وقد يتواصل مثل هذا التحسن في الموقف العام ما دام الخطوة الأولى وهي الأصعب قد وقعت, لكن الاستجابة الاستراتيجية الشاملة, والتي تقوم على التنمية الشاملة المستدامة وخاصة منها التنمية البشرية, والدخول بالتدريج المناسب عهد مجتمع المعرفة ومناخ الحداثة, مثل هذا الأمر لا يوجد ما يؤشر عليه في نتائج هذه القمة التي لا تخلو من أهمية رغم كل شيء.


الحقوق محفوظة

افتتاح قمة

افتتاح قمة الدوحة
افتتحت القمة هذا الصباح,بحضور البشير رئيس السودان الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرا باعتقاله, وقد سبق لها أن طلبت من قطر التعاون على تنفيذ قرار التوقيف, والملاحظ أن بان كيمون أمين عام الأمم المتحدة, يحضر هو الآخر انعقاد القمة! لقد اختلط الحابل بالنابل في هذا العصر المضطرب, وزالت الأصول, وإلا كيف يتزامن وجود المتهم والقاضي في نفس المؤتمر؟ المهم هو أن المؤشرات التي ظهرت قبل القمة, والمبشرة بشيء من التغير ولو على مستوى الكلام, قد تأكدت في جلسة الافتتاح, حيث دعا الرئيس السوري في خطاب تسليم المهام لأمير قطر الرئيس الجديد لجامعة النظام العربي, إلى الوضوح والحسم, وذلك برفض مذكرة أوكامبو, أو أمر اعتقال البشير, وكذلك بدعم المقاومة, ما دام العدو لا يعترف بالسلام, ولا سبيل إلى إقرار السلام إلا بفرضه على هذا العدو بالمقاومة, وفي ذات الوقت دعا أمير قطر إلى المشاركة في رسم السياسات العالمية, وليس الوقوف حيالها موقف المتفرج, أما عمرو موسى أمين عام الجامعة فقد ذكر بأن ملف رفض مذكرة اعتقال البشير جاهز ليعرض على القمة. هذه هي المؤشرات الرئيسية التي اتضحت في جلسة الافتتاح, ويلاحظ عليها الانسجام والتكامل والتنسيق, وهو أمر إيجابي, وبطبيعة الحال, فإن مثل هذا الوضع ما كان ليتبلور في العهد البوشي المتوتر, إنه الانفراج الذي بدأ يسود الحياة السياسية العالمية, بعد انقضاء الكابوس البوشي الرهيب, ثم محنة غزة أو ملحمتها, والتي سارع الكيان الصهيوني إلى ارتكابها قبل فوات الأوان, أي قبل رحيل السفاح بوش, وأيضا الآثار المزلزلة التي أحدثها صمود غزة على النظام العربي خاصة منه الجناح المعتدل المتخاذل والمتواطئ, لقد ارتجت الأرض من تحت أقدامهم وشعروا بالخطر الذي يتهدد كراسيهم, وتملكتهم الحيرة وأدركهم الرعب من المصير المشؤوم الذي يمكن أن تؤول إليه أمورهم, تحت الضربات النجلاء لمقاومة شعب غزة المجاهد الصابر, لقد خرجوا من تلك التجربة العصيبة بقناعة هو أن العزلة خطر عليهم, ولا فائدة من انتظار الحماية الأمريكية أو الإسرائيلية فهي غير مضمونة العواقب, ثم إن المثل الصدامي لا زال باديا للعيان, فالشنق أصبح ممكنا, وها هو البشير يهدد بنفس المصير, بل كلهم مهددون, ولا حامي لهم إلا التكتل من جديد, وهذا هو سبب رفعهم شعار المصالحة, ولعل ذهاب الكابوس البوشي يمكن أن يسمح لهم, أي للمعتدلين خاصة, بالتقرب من دعم المقاومة, أو على الأقل الابتعاد عن معاداتها ومحاربتها ووصفها بالإرهاب كما كانوا يفعلون, فالواقع السياسي العالمي يفرض عليهم هذا التوجه, حتى لايكونون ملكيين أكثر من الملك, حيث إن أمريكا وأوروبا ذاتهما يقتربان من رفع هذه التهمة الخبيثة عن المقاومة العربية كلها, وفي هذه الحالة يمكن للنظام العربي أن ينجز مصالحة نسبية وتعايش بين حكوماته, وتبقى المصالحة الجذرية القائمة على خدمة المصالح العليا للشعوب العربية, وبناء السياسات والمواقف على أساسها, مثل هذا المطلب الاستراتيجي لا يبدو قريب المنال, لأن الكثير من الأنظمة المعتدلة خاصة قائمة على استراتيجيات معادية للمصالح العليا لشعوبها وللشعوب العربية والإسلامية مجتمعة, ولا يتوقع منها تغييرا استراتيجيا في سياساتها على المدى القصير, وتلك معضلة أخرى. ومهما يكن من أمر فإن هناك مؤشرات واضحة على تحسن الموقف من بينها الحديث صراحة عن رفض مذكرة أوكامبو التي صارت قرارا وأمرا باعتقال البشير, الكلام عن الرفض لهذا الأمر الاستعماري الواضح لم يكن ممكنا قبل اسابيع, وقبل أن تظهر التغييرات الكبيرة في الموقف الأمريكي خاصة, وأي كانت الأسباب فإن الجامعة العربية التي كانت تطالب بتأجيل تنفيذ هذه المذكرة لمدة عام قد أعدت ملفا برفض أمر الاعتقال لتقدمه إلى القمة للمصادقة, وهو تطور كبير يبدو مفاجئا, وفي الواقع أنه ليس كذلك, فما هو إلا انعكاس للموقف الأمريكي الجديد الذي بدأ يحدث الانفراج في السياسة العالمية, والتي سارعت أوروبا إلى تبنيه, وقد تحرر لذلك الحكام العرب بعض التحرر من عقدة الخوف التي كانت تسكنهم وتفتك بهم, وصاروا يجاهرون برفض أمر اعتقال البشير, مما يوحي أنهم سوف يتضامنون في المستقبل على الأقل في المسائل المتعلقة بمصالحهم السلطوية, وبحماية أنفسهم من التهديد الذي أصبح يستهدفهم كأشخاص, من أجل تمهيد الأجواء لإعادة استعمار بلدانهم بشكل أو بآخر, كما وقع في العراق, وإذن فإنه من المتوقع أن يطرأ بعض التحسن في الموقف السياسي العربي, لكنه يبقى تغير تكتيكي ولا يمكن أن يرقى في الظروف الحالية إلى مستوى التغيير الاستراتيجي الذي تطمح إليه الشعوب.

الأحد، 29 مارس 2009

مشهد الدوحة
غدا القمة العربية السنوية العادية في الدوحة, هذه العاصمة النشيطة التي شهدت قمة غزة لمن حضرها من قادة النظام العربي, وهم الموصوفون بالممانعين, كان ذلك في الأسبوع الثالث والأخير من العدوان الصهيوني الهمجي على غزة المجاهدة, وعلى إثرها مباشرة, أو أثناءها, لا أذكر بالضبط, انعقدت القمة الاقتصاية التي كانت مقررة في الكويت, وحضرها الفريقان الممانع والمعتدل, وهناك بدأ الحديث عن المصالحة بين الأنظمة العربية, التي جعلوا لها المصالحة العربية عنوانا, لكن الأجواء كانت متشنجة للغاية, والتهم لا زالت متبادلة, وأرواح أطفال غزة المغدورين كانت تعبق المكان بعطر الشهادة المبكرة النقية الخالصة, وكان الشعور بالذنب طاغيا, والأعصاب شديدة التوتر, لا سيما وأن عصا بوش كانت لا زالت مشهرة تهدد وتتوعد وترهب, وكان شبح الإبادة والدمار يطوف بالمكان ولا يغيب لحظة واحدة عن الأبصار والخواطر وفضاءات الزمان والمكان, وخرجوا من هناك تقريبا مثلما دخلوا بين مستسلمين ومقاومين ولو كانوا ليسوا على نفس الدرجة من التمسك بالمقاومة, ولعل أهم ما انفض عنه المجلس هو رفع شعار المصالحة التي كانت ولا زالت تبدو مستحيلة, إذا كان التصنيف إلى فريقين مقاوم ومستسلم تصنيفا صحيحا. غير أن الأجواء تغيرت كثيرا بالرغم من الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالعالم, ما الذي حدث وغير الوضع نحو الأفضل؟ لا شك أن هناك جملة من الأسباب, أوله اختفاء السفاح بوش من الساحة, بحيث إن الرعب الذي كان مهيمنا أثناء القمتين السابقتين قد بلغ درجة الزوال أو كاد في مدة شهرين فقط من غياب بوش والبوشية, فلأول مرة نسمع من الدوحة حديثا عن رفض مذكرة بل قرار توقيف الرئيس البشير, لم نسمع قبل اليوم أي صوت رسمي عربي ينادي بإلغاء قرار اعتقال البشير, فقد كانوا يستجدون تأجيله لمدة سنة فقط, وذلك لأن ظل بوش كان لا زال يطوف من حولهم, حتى في غيابه هو وزبانيته وبطانته الآثمين, نعم لقد تنفس العالم كله الصعداء بزوال ما وصف به المحكمة الجنائية الدولية اليوم رئيس ليبيا " معمر القذافي", ما سماه بالإرهاب العالمي, وكان عليه أن يضيف المسلط على رؤساء الدول وكبار المسؤولين في العالم الثالث دون غيره من العوالم, لقد انتعش النظام العربي إلى درجة كبيرة عقب مغادرة بوش إلى الأبد, لقد زال الرعب الذي كان يزلزل قادة الدول والموجه إليهم خصيصا, لذلك بدأ النظام العربي يتحدث بصوت مسموع, ويجد من يعبر عن شيء من الموقف أو شبه الموقف في شيء من التردد وربما الخجل عن المطالبة بإلغاء مذكرة أوكامبو, بل قرار المحكمة المعتمد لمذكرة أوكمبو, هذا تطور كبير, وحتى الجامعة العربية المنسية يتحدث أمينها العام عن عزمها القيام بوساطة جديدة يمكن أن تنقي الأجواء وتبعث روح التضامن على الأقل الحد الأدنى من التضامن, إن الفضل في انتعاش النظام العربي يعود أساسا إلى دخول الرئيس الأمريكي الجديد ذي البشرة السمراء إلى البيت الأبيض, لقد شرع الرجل دون إبطاء في اتخاذ القرار وراء الآخر, وهو في عجلة من أمره, فربما قد ينقص من اندفاع الانتهازية العالمية, ويزيل الرعب الذي سكن العالم بسبب العنف البوشي المتهور, أو ما وصفه "القذافي" بالإرهاب العالمي, وهذا الوصف هو الآخر يدخل في باب الانتعاش السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي وغير ذلك من الميادين الحساسة, التي بدأت تنتعش وسط إعصار الآثار البوشية الرهيبة, ثم لا ننسى عامل غزة البالغ التأثير, لقد جعلت غزة النظام العربي في عين الإعصار, وكادت أن تعصف به نهائيا, لكنه صمد لمدة الأسابيع الثلاثة الفظيعة, غير أن ملحمة غزة ما كان لتمر مر الكرام, كان لا بد من أن تترك بصماتها بارزة على المشهد السياسي للنظام العربي, ومن ثم بدأ يتململ ويتحدث من يتحدث باسمه عن احتمال رفض مذكرة أوكامبو التي تحولت إلى قرار واجب التنفيذ باعتقال البشير, إن البشير في الدوحة وذلك بفضل التشكل الجديد للعمل العربي المشترك, الذي لا زال يتخبط, لكن البحث عن قارب النجاة يجعله يقدم على أشياء في اتجاه التخفيف من آثار الأزمة العاصفة بالمال والاقتصاد, إن أملا أو مشروع أمل بدأ يشاهد نهاية النفق, حيث بدأ شيء من شعاع يوم جديد يتسرب على استحياء, ذلك لأن عالم ما بعد بوش يسمح بشيء من الانتعاش الإقليمي والجهوي, ومهما يكن من أمر فإن قمة الدوحة تبدو أفضل بكثير من القمم السابقة مدة حكم بوش, بدت موحية بالانتعاش وهي لا زالت تنتظرموعد انعقادها, ولولا هذه الأجواء العالمية والمحلية والإقليمية الجديدة, ما كان بإكان البشير أن يصل إلى الدوحة سالما غانما

بن سي رابح للنشر والإشهار Bensirabah publication et publicité: إشهار

إشهار


المقالة الفلسفية

Image by Cool Text: Logo and Button Generator - Create Your Own

السبت، 28 مارس 2009

نشر وإشهار

Bensirabah@gmail.com
• publicté
• publication
• Annonce
• Cours Philo
• Correction Dissertation Philo
• Commentaire de texte Philo />
Découvrez aussi :
elmouallim
Annonce
eltoufouti
elmakala

الخميس، 26 مارس 2009

من دفاتر الأيام

مغامرات البشير
بعد زيارته الخاطفة بالأمس للقاهرة, تحدثت الأنباء عن زيارته اليوم لإثيوبيا, تلبية لدعوة من حكومتها للتعبير عن تضامنها معه, وإذا بنا نفاجأ بذهابه إلى ليبيا, ربما لأنه تلقى دعوة منها, مما جعل المدعي العام للمحكمة الجنائية دولية صاحب مذكرة الاعتقال التي تصدر لأول مرة في التاريخ ضد رئيس دولة أثناء ممارسته لمهامه, يصرح هذا المدعي بان البشير يريد أن يثبت قدرته على السفر إلى الخارج, لكنه لن يذهب بعيدا, بمعنى أنه لا يستطيع السفر إلى بلدان خارج محيطه الجغرافي والقومي والديني وربما القاري, وفي نفس الوقت تطالعنا الأخبار بأن ثمانمئة من قافلة للشاحنات, قد لقوا حتفهم بفعل هجوم جوي على تلك القافلة في السودان, بمعنى أن هذا الحادث قد وقع ربما منذ أكثر من شهر, لأنهم لم يحددوا اليوم الذي حدث فيه هذا الأمر, التصريح صدر عن عضو في حكومة السودان, التي اتهمت أمريكا بارتكاب هذا العدوان, إلا أن القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا كذبت قيام الطائرات الأمريكية بهذا الهجوم, وفي ذات الوقت تصرح العصابة الصهيونية بأن تلك القافلة من الشاحنات, كانت محملة بأسلحة في طريقها إلى غزة, وأظهروا صورة لمحتوى واحدة من الشاحنات المدمرة, حيث ظهرت كمية من الخراطيش والبنادق الحربية. من الذي شن الهجوم إذا صدق النفي الأمريكي؟ ولماذا لم تعلن الخرطوم عن وقوع هذا الحادث العدواني في وقته؟ ولماذا أعلنت الآن؟ وكيف عرف الصهاينة أن القافلة كانت متجهة إلى غزة؟ وكيف تعبر إلى غزة؟ ومن أين تمر؟ وهل يسمح لها النظام المصري بدخول مصر واجتياز معبر رفح الرهيب؟ كيف يسمح هذا النظام بدخول أسلحة إلى بلاده, ثم تمريرها عبر معبر رفح الجهنمي إلى غزة؟ هذا هو المستحيل بعينه!!! وإذن فكلام الكيان الصهياني في هذا الوضوع يشبه الهذيان إن لم يتجاوزه إلى الهستيريا, وقد ضاقت به السبل أمام الهزائم المتتالية التي ألحقتها به المقاومة, لقد فقد هذا الكيان العدواني توازنه وصوابه. أمريكا تنفي والسودان يتهمها, كيف يمكن التحقق مما وقع بالضبط؟ لعل الحقيقة الساطعة في هذا السياق هي أن الأجواء العربية قد أصبحت مباحة, يعربد فيها الطيران المعادي بكل راحة واطمئنان, وإلا كيف يحدث ما حدث, ولا أحد من أنظمة العرب تستطيع كشف الحقيقى لعجزها عن مراقبة أجوائها وحمايتها؟ وما دام القيادة الأمريكية المكلفة بإفريقيا تنفي علمها بالموضوع, فهل أن جهات أخرى من الغرب هي التي قامت بالهجوم؟ لكن لماذا لم تعلن ذلك؟ ربما أنها مطمئنة إلى عجز السودان وكل الأنظمة العربية عن معرفة الحقيقة, فما بالك بكشفها؟ لكن لماذا لم تتحدث الحكومة السودانية كل هذه المدة عن وقوع هذا العدوان الذي لم يكن في الحسبان؟ هل هو الخوف والارتباك وعدم وضوح الرؤية؟ أم هناك حسابات أخري لا يعلمها إلا أصحابها. ومهما يكن من أمر فإن هذه الحادثة اللغز قد كشفت عن أمور ذات أهمية قصوى, منها كون الأمن العربي والإفريقي في درجة أقل بكثير من الصفر, وأن أي كان يريد انتهاك تلك الأجاء فإنه يقوم بنزهة رائعة وبكل اطمئنان, سواء أكانت الطائرة مدنية أم عسكرية. ثانيها هو أن النظم العربية عاجزة عن التصرف في أي شيء بنجاح أبسط مراتب النجاح, لقد تمكن الكسل والخمول من أجهزتها المختلفة, ولا مؤشر يقول العكس على الساحة الوطنية, وهذا هو الهوان الذي يفسر تجرؤ المحكمة الدولية على إصدار هذا القرار الغريب ضد رئيس دولة لا زال يمارس مهامه الرئاسية. لكن البشير فقد صوابه واستجاب للضغوط المارسة عليه, وراح يسافر يوميا عبثا, ويبدو أن المدعي العام الدولي قد عبر عن جقيقة هذه الأسفار, الذي يريد بها البشير التعبير عن الشجاعة وعدم الرضوخ للإملاءات, لكنه يسافر يوميا لبضع ساعات إلى واحد من البلدان العربية والإفريقية للتعبير عن رفضه الرضوخ والخضوع والإنزواء, فراح يعرض نفسه لأخطار حقيقية عن وعي أو عن عدمه!!! وأعود إلى موضوع قصف القافلة السودانية, حيث ظهرت معلومات جديدة اليوم, لقد جاء في جريدة نيويورك تايمز أن الذي قصف القافلة هو الكيان الصهيوني, وفي ذات الوقت صدر بيان في هذا الكيان يقول إنهم يقصفون كل الأهداف الإرهابية سواء كانت قريبة أو بعيدة, وهو ما يشبه الاعتراف الصريح بقصفهم للقافلة السدانية, لماذا؟ بالطبع هم يمارسون الإرهاب الدولي وليست المرة الأولى التي يمارسون فيها العدوان, بل ذلك من سماتهم البارزة, لكن لماذا السودان وفي هذا الوقت؟ مسألة تحتاج إلى معلومات مدققة, ليست بين أيدينا الآن, وأي كان الأمر فإن العصابة الصهيونية قد ذهبت بعيدا بهذا العمل الإرهابي الغامض, ولو أن ما يصدر العصابة الصهيونية مفهوم ومفسر بطبيعة كيانها العدواني. لكن لماذا لم تعلن الحكومة السودانية عن الحدث لدة قد تتجاوز الشهر؟ هذا الآخر أمر محير, هل ذلك التكتم مرده إلى العجز عن اكتشاف الفاعل المذنب؟ لكن إلى متى الستر, لقد أعلنوا أخيرا وحملوا الولايات المتحدة المسؤولية على أساس أنها هي الفاعل, أو على الأقل المتسترة على الفعل والراضية عنه والمدعمة له, خاصة إذا كان مرتكب الجريمة هو العصابة الصهيونية, لقد نفت أمريكا ارتكابها للفعل, غير أن أنباء اليوم تحمل المسؤولية للكيان الصهيوني, لكنه قبل أن يقدم على هذا التصرف الخطير لا بد أن يكون قد استشار الجانب الأمريكي حليفه أو حاميه أو على الأقل أخبره بالأمر قبل وقوعه. إن هذه الحادثة الغامضة تؤشر على مدى الانهيار الرهيب للأمن العربي وتجذر العجز في النظام العربي الهش الخائر, وتلك مصيبة كبيرة وتهديد لوجود أو استمرار هذه الأمر في الوجود مجرد الوجود ما دام القائمين عليها يفعلون شيئا من أجل تأمينها, بل يفعلون العكس بتحالفاتهم المشبوهة مع العواصم الغربية, وليغامر البشير بالسودان في صورة المغامرة بحياته أو حريته العرضة للاعتقال على خلفية الأمر الصادر باعتقاله من المحكمة الجنائية الدولية, وهو ما أفقده صوابه, وجعله يتحرك عشوائيا خارج السودان متخبطا كالذبيحة, لكن ألم يشعر في يوم ما أن الغرب باستطاعته أن يفعل هذا وأشنع منه, لا سيما أن واقعة شنق الرئيس صدام لا زالت طرية لم يمض عليها سوى بضعة شهور, أفلا يكفي ذلك الدرس البليغ لرفع النخبة السياسية العربية المعرضة لنفس المصير قبل إعادة إخضاع بلدانها للاستعمار الجديد؟ وإذا كانت هذه النخبة تدرك الأمر فماذا فعلت من أجل تجنبه وإفشاله؟ وماذا فعل البشير بالذات لمنع إسرائيل من قصف قافلته بكل اطمئنان, لأنها تعلم أن السودان لا يملك ما يشكل خطورة على عدوانها الجوي الخاطف كما تعودت أن تفعل, إن العلاج الناجع لمنع العربدة الإسرائيلية وردعها وهو تكوين القوة المضادة لا يقوم به العرب حتى لو تركت لهم الحرية فيه, لذلك فإن أمن رؤساء هذه الدول ذاته لم يعد مضمونا, وذلك جزاؤهم على قصورهم وتقصيرهم.

الأربعاء، 25 مارس 2009

من دفاتر الأيام

خواطر
حملة انتخابية باردة وباهتة تقول الجرائد اليوم في الجزائر, مما يجعل المرء يتساءل عماذا تبحث هذه الصحف؟ إنها هي الأخرى تتحدث بما هو من تحصيل الحاصل, وبالتالي فهي الأخرى تعكس الوضع العام من حيث تشعر أو لا تشعر, وواقع الحال هو أن هذه الوسائل الإعلامية تخضع لحتمية الصدور, وهي بذلك تسلك نفس الطريق السياسي السائد, فكان عليها أن تبدأ بإصلاح ذاتها, وتبين لنا الأسباب العميقة وراء برودة الحملة, بما يفيد القارئ بحقائق وطرائق عن ظروفه ومحيطه العام, ومن ثم تساه في تطوير الوعي الشامل, وهو الشرط الضروري والكافي إذا ما بلغ غايته لتغيير الحالة العامة للمجتمع, وعندها تصبح الحملة الانتخابية ساخنة إلى حد الغليان, وتصبح الصحافة أيضا عميقة التحليل والتنوير وإلا اضرت إلى غلق أبوابها, كما أن السياسي الذي يتقدم للانتخاب, لا بد له من برنامج يجيب عن الأسئلة المطروحة على الساحة الوطنية, ويقدم البدائل المقنعة والوعود الواضحة القابلة للتنفيذ على أرض الواقع, ويعطي الضمانات الكافية لذلك. وإذن فلا لوم على أحد فالكل يسبح في نفس المستوى الرديء, والجميع متواطئون عن قصد أو عن قلة وعي, والخاسر الأكبر هو المواطن المقهور المخدوع, وأولائك النزهاء من الذين يتمتعون بوعي رفيع, لكنهم لا يملكون ما يستطيعون أن يجسدوا به وعيهم على الساحة الوطنية, هؤلاء يعانون في صمت رهيب ما يجري في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات.
وفي العالم العربي تناقلت وسائل الإعلام بما يوحي بالدهشة نبأ زيارة البشير الخاطفة إلى القاهرة, وكأنهم يرون في ذلك معجزة, بالرغم من أن البلدان متصلين برا, ومن المفروض أنه على خوف على اعتقال الرجل في أجواء البلدين, خاصة وأن الولايات المتحدة صرحت بأنها لا تنوي فعل ذلك, وليس هناك ما يلزمها بنتفيذ محكمة الجنايات الدولية, فمن يقوم بذلك - إذن - في أجواء السودان أو مصر؟ هل تفعل ذلك العصابة الصيوهية مثلا؟ احتمال بعيد, ولماذا هذا الاندهاش الإعلامي العربي من هذه الرحلة؟ الغالب على الظن أن ذلك يعود إلى الانهزام الحضاري والخضوع الآلي للهيمنة, أو قل القابلية للاستعمار كما قرر ذلك الفيلسوف مالك بن نبي ذات ليلة من ليالي الاستعمار الفرنسي الأسود. لكن الواقع هو أن احتمال اعتقال البشير في الأجواء السودانية أو العربية وارد, إذا ما أراد الغرب ذلك, أو الكيان الصهيوني, والسؤال هو لماذا يقوم البشير بهذه المغامرات؟ هل ليقول إنه شجاع؟ ولا يخضع للحكم المهين الذي صدر في حقه؟ وما لحق من احتقار بذلك لكل انتماءاته العربية والإسلامية والإفريقية والجنوبية؟ إن مثل هذه الأفعال وفي ظروف الضعف والانهزام الذي تعاني منه دوائر الانتماء المذكورة, لا يعبر عن شجاعة, بل هو تهور لا معنى له, لأن المسألة ليست شخصية وإنما هي وطنية على الأقل, إذ أن أي مكروه يصيب رئيس دولة من عالمنا الجنوبي المتخلف, والهش التنظيم, يمكن أن يؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها بالنسبة إلى وطنه على الأقل, مما يعني أن البشير بصدد المغامرة بالسودان وليس بنفسه, وما عليه إلا أن يتوب إلى رشده ويتوقف عن تعريض بلده لمخاطر اكثر مما يعانيه حاليا, فعلى البشير أن يكون واقعيا, ويقبع في أماكن سرير في بلده, بحيث لا يطلع على مقر إقامته المتحرك إلا الثقاة من محيطه, ذلك لأن سداد الرأي قبل شجاعة الشجعان.
وفي عالم الشمال المتقدم المهيمن هناك معاناة من الأزمة المالية الخطيرة وهناك مناورات واتهامات واقتراحات, لكنهم يتخبطون في البطالة المتصاعدة بما يثير الرعب, وفي عدم العثور لحد الساعة على المنهج الجدير بإيقاف البركان الذي فجرته البوشية والعولمة, ولم ينج من ويلاته أحد, ولا يوجد لحد الساعة أي بصيص من الأمل في إيجاد العلاج المناسب للحد من تصاعد هذا الإعصار المدمر, إنهم يدفعون ثمن تواطؤهم بشكل أو بآخر مع التخريب البوشي والعولمي, وما ألحقه بشعوب كثيرة من الإبادة والدمار, فقد انقلب السحر على الساحر, ولكن العالم كله بصدد دفع الثمن, بل إن الأبرياء هم أكبر الضحايا وأكثر المتضررين.

نافذة




المقالة الفلسفية لطلاب البكالوريا

إشهار/pub


النشر والإشهار

Image by Cool Text: Logo and Button Generator - Create Your Own

إشهار




lien popup

إشهار/pub





lien popup

إشهار


الثلاثاء، 24 مارس 2009

من دفاتر الأيام

لوحة اليوم
في الجزائر تستمر الحملة الانتخابية لرئاسيات التاسع أفريل 2009, بعد أقل من ثلاثة أسابيع, ولا شيء يثير الانتباه فما بالك بالاهتمام, وما ذا يمكن أن يجذب في أمر لا سر فيه فالكل يعرف النتيجة المؤكدة مسبقا, مما يجعل المرء يحتار لماذا كل هذا اللغط؟ ولماذا كل هذه النفقات؟ أليس الأجدر أن توجه لحل بعض المعضلات الاجتماعية؟ وفي أمريكا هناك حركة سريعة لمحو آثار البوشية الكارثية على الشعب الأمريكي والعالم قاطبة, فلم يكن من المتوقع هذا التغيير السريع جدا, لكن المنطق يؤيد ذلك, فالأزمة المالية التي تهدد بأوخم العواقب, والتي أحالت لحد الآن ملايين الأمريكيين على البطالة, لذلك لا نستغرب خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين يوم أمس مطالبين بوقف الحرب في العراق وأفغانستان, وقد تجاوب الرئيس أوباما مع ذلك اليوم حيث صرح بوجوب إيجاد استراتيجية أمريكية للخروج من أفغانستان, أما العراق فقد قرر الخروج منه وبدأ في تحديد مواعيد انسحاب الجيوش الأمريكية منه, وأوروبا بنفاقها المعهود تتبع آثار أمريكا وتصدر تصريحات في نفس الاتجاه, كما كانت تفعل تماما في العهد البوشي البغيض, وفي لبنان يغتال مسؤول فلسطيني هو عسكري رفيع الرتبة ونيشغل منصب نائب ممثل فتح في لبنان, ومعه ثلاثة من مرافقيه, والرئيس السوداني يقوم بزيارة خاطفة لأرتيريا, وهو أول سفر له منذ أن صدر الأمر باعتقاله, إلى جانب أخبار عالمية أخرى تتسم كلها بالاضطرابات الاجتماعية والأمنية والمالية والاقتصادية, بما يوحي بصورة مترنحة للعالم, وكأنما هو يوشك على السقوط, وهذه هي نتائج البوشية الماجنة وعولمتها المجنونة, بمعنى أن المشهد يبدو قاتم السواد, ولا بصيص من نور كاشف لحد الآن, حتى أن الإدارة الأمريكية فقدت اتزانها وراحت تخرج عن واجب التحفظ بفعل فدانها لصوابها, وأخذت تنتقد البوشية وصاحبها السفاح علنا, حتى أن هناك من يطالب بمحاكمات لتلك الإدارة المدمرة, إنه يوم كسائر الأيام المضطربة منذ أن أعلن عن الأزمة المالية, بل منذ أن حكم بوش ومن معه الولايات المتحدة والعالم, والجديد فيه هو هذا التراجع الذي صار يخطو كل يوم خطوات جديدة عن سياسة بوش العرجاء بل المدمرة والمبيدة لشعوب كثيرة على رأسها العراق وإفغانستان, حيث الضحايا بالملايين والخراب أتى على كل شيء, ومن آثار ذلك ما يقاسيه العالم اليوم, ومنه الشعب الأمريكي ذاته, والأدهى من ذلك الرعب الذي يعصف بالعالم, حيث لا أحد يعرف المصير كل المصير وليس المستقبل الاقتصادي والمالي وحده, فقد تنزلق الأمور انزلاقات خطيرة قد تأتي على بلدان كثيرة بكوارث لا أحد يعرف مدى فتكها, وهذا هو المصير المشؤوم المنطقي والطبيعي لحكم متطرف عنصري وطاغية ظالم لأعظم دولة في العالم, ولكن كيف يمكن تجنب هذه المآسي عمليا؟ وكيف يمكن منع هذا الصنف من الكائنات المتوحشة من بلوغ قمة السلطة في بلدانها؟ لو كان هذا الأمر ممكنا لوقعت الاستفادة من درس هتلر الرهيب, لكن ذلك لم يحدث, ألا يجدر بالشعوب والدول أن تولي اقصى الاهتمام لهذه الظاهرة البالغة أعلى درجات الخطورة؟

الاثنين، 23 مارس 2009

السبت، 21 مارس 2009


Merci Istina pour cette création.
Copier et coller le code ci-dessous :

الجمعة، 20 مارس 2009

إيران

أوباما يدعو إيران إلى الحوار والاحترام المتبادل
هذه هي النتيجة المنطقية للسياسة الإيرانية القائمة على المبادئ وبناء القوة الذاتية ودخول دنيا العلم والتكنولوجيا من أوسع أبوابها وأرقى ممارساتها الطاقة النووية والأقمار الصناعية وكل التكنولوجيات المدنية والعسكرية, لقد أصبحت إيران قوة إقليمية كبيرة ومن ثم ذات مكانة عالمية لا يمكن تجاهلها, وقد كان لها الدور الأكبر في هزيمة بوش والبوشية العالمية, ولا أدل على ذلك من انهيار العولمة وتزعزع النظام الرأسمالي برمته مترنحا تحت كابوس الأزمة المالية العالمية الرهيبة, ولو لم يقف بوش عاجزا أمام الصرح الإيراني الشاهق لكان قد شن حربا أخرى عليها, وهناك كان سيجهز نهائيا على الإمبريالية الكونية, لكنه لم يفعل خوفا وقصورا, وقد أوصل أمريكا والغرب إلى حافة الانهيار التام بسبب سياسة العولمة العدوانية والحروب التي شنها في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها, والهزائم النكراء التي آلت إليها حروبه العدوانية الطامعة في ثروات الشعوب والطامحة إلى الحكم الفردي للعالم, وهي تصرفات تعوزها الواقعية والحكمة وسداد الرأي, فكانت نتيجتها منطقية حيث أوصلت العالم بأسره إلى حافة الكارثة المتعددة الجوانب بل الشاملة, وها هو خلفه "أوباما" ينتقده مضظرا, ويبدأ في إصلاح العطب الذي ألحقه بأمريكا والغرب والعالم قاطبة, ويمد يد الحوار والصداقة لإيران, ويعلن عن العدول نهائيا عن سياسة التهديد ونشر الرعب في العالم وبدء صفحة جديدة مع إيران خاصة, وذلك عن طريق الحوار المباشر معها وإحلال الديبلوماسية وحدها محل التهديد العسكري الذي كان يمارسه بوش يوميا ضد هذا البلد الذي تعلقت إرادته بالخروج من التخلف واللحاق بركب التطور العلمي والتكنولوجي والحضارة المعاصرة فيما هو مشترك بين جميع البشر من مظاهر الرقي والتطور, وفي ذات الوقت محافظا كل المحافظة على ذاته وهويته الخاصة التي كان لها الفضل الأول والأخير في الوصول إلى هذه المرتبة المرموقة, مرتبة تركيع أمريكا والغرب بكل شجاعة وصمود منقطع النظر ما كان له أن يقوم به لولا ارتكازه على أرضية صلبة من المبادئ والسياسة البناءة النظيفة, إن العالمة فيما يبدو قد بدأ يخطو خطواته الأولى نحو الانفراج والاستقرارو وذلك بخروجه من كابوس البوشية الرهيب, وبوضعه اللمسات الأولى على التحول الحاسم عن العولمة المتوحشة المعسكرة المخربة المستغلة أبشع الاستغلال المفلسة إلى العالمية التي يمكن أن تتعايش في ظلها الأمم والشعوب على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المصالح والمنافسة الحرة في إطار الثقافات والحضارات والأديان المتعددة المتنوعة, والتخلي إلى الأبد عن ترهات نهاية التاريخ وسيادة النموذج الأمريكي بالقوة الغاشمة على العالم, إن الوقائع قد أثبتت مدى الخطإ الجسيم الذي مثلته العولمة ومقولاتها المهيمنة العدوانية المتغطرسة والمجرمة, وإن أمريكا اليوم مضطرة للتراجع عن هذه الصغة الشريرة لا لأنها تريد الخير للبشرية, ولكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الراسمالية الأمريكية والغربية, لذلك تسارع إلى إطفاء الحرائق التي أشعلتها العولمة والبوشية في أرجاء العالم ومنها الحريق الإيراني, غير العجب كل العجب إنما يأتي من التبعية الأوروبية العمياء, فما أن صدر هذا التصريح للرئيس الأمريكي حتى سارع منسق السياسة الأوروبية إلى الإعراب عن الأمل في أن يسير الغرب في هذا الاتجاه الذي أعلنه أوباما اي اتجاه الحوار والصداقة والديبلوماسية في التعال مع إيران, وذلك ما ستطبقه أوروبا قبل أمريكا!!! لقد انتهى عهد البربرية الهمجية للعولمة البوشية والتي سارعت العصابة الصهيونية لاستغلاله قبل فوات الأوان في شن حرب الإبادة والتدمير على غزة الصامدة, وكانت في ذلك محقة لأن هذه الفرصة هي الأخيرة ربما إلى الأبد, نعم إن أمريكا والغرب هم الذين أسسوا هذه العصابة المجرمة, وهم الذين يدعمونها ويسلحونها ويمولونها ويحمونها, لكنهم لم يسمحوا لها أبدا قبل العولمة البوشية أن تبلغ في تصرفاتها العدوانية حد الإبادة والتدمير الكامل, أما بوش فقد أحكم وثاق الضحية, وشحذ السكاكين وشدد الحراسة حماية للجلاد وشجعه على الذبح بكل برودة دم وفي أمن تام, وكان يطلق تصريحاته المتحشرجة البشعة بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها!!! ممن تحمي نفسها؟ وتدافع ضد من؟ أضد تلك الضحية المقيدة بقيود من الحديد الصلب والمحاصرة لسنوات بمنع وصول الغذاء والدواء وكل لوازم الحياة إليها؟ هل هذا تصرف رئيس دولة يقول إنها أعظم دول العالم, وإنها لذلك من حقها أن تحكمه كما تشاء وتخضعه لإرادتها الظالمة بكل الوسائل بما في ذلك الحروب المدمرة؟؟؟ مثل هذه التصرفات لا يمكن أن تسود العالم, بل تحشد العالم كله لمقاومتها والإطاحة بها بما في ذلك أوروبا المنافقة الطامعة, وهذه هي النتيجة التي نلمسها وتتضح أمام أعيننا بالتدريج السريع, ويبدو أن هذه التجربة القاسية التي يتخبط العالم اليوم في آثارها المدمرة لن تعود يوما للسياسة العالمية التي تحاول بكل ما أوتيت من قوة محاصرة الكوارث التي خلفتها العولمة البوشية والإضعاف من تداعياتها العاصفة على أمل الوصول إلى محاصرتها ومن ثم الشروع في إزالة ما يمكن من ركام دمارها الرهيب, على أي حال إن بصيصا من النور قد بدأ يلوح في الأفق من خلال ضياجير الظلام, ولأنه يلقى كل التأييد والترحيب من البشرية جمعاء فقد يتسارع وينبلج صبح جديد على بني الإنسان ليتنفسوا الصعداء بعد الإرها ق الذي لحق بهم والأعصاب المشدودة التي عايشوا بها تلك المرحلة التعيسة من الزمان, إن البشرية لا تطلب من أمريكا والغرب أن يتحولوا إلى ملائكة مرة واحدة, وإن كل ما تريده هو العودة إلى ما قبل هذه الفترة العصيبة, حيث كانت هناك حياة عالمية مستقرة نسبيا, ولم يكن هناك تجاوزات على هذه الدرجة من الخطورة التي تسببت فيها العولمة البوشية, مم جعل البشر يكتمون أنفاسهم هلعا ورعبا لسنوات مرت عليهم كالكابوس البشع, وليس هذا بالكثير على الناس الذين يعمرون هذا الكوكب الأرضي, العيش في هدوء ولو نسبي والتخلص من الرعب اليومي الرهيب لعدة سنوات حكم فيها بوش وعولمته هذا العالم الذي صار جحيما لا يطاق.



















بن سي رابح للنشر والإشهار


المصالحة

فشلت المصالحة الفلسطينية
أعلن اليوم في القاهرة عن انتهاء جلسات المصالحة التي دامت أياما مطولة, بيت الفصائل الفلسطينية التي جيء بها رغما عنها, وحتى لاتتحمل أي منها مسئولية انهيار الوحدة الفلسطينية, كان الفشل متوقعا وأيضا مستحقا, وقد توقعنا هذا منذ البداية, ذلك أن جوهر المناسبة ليس المصالحة كما هو معلن, وإنما هو فرض الاستسلام على المقاومة, بعد أن فشلت الحرب التي كان هذا هو هدفها الأساسي, ومثل هذه المحاولة التي يراد فرضها عبثية تماما, وضد منطق التاريخ, وتتناقض مع طبيعة الأشياء, إن المقاومة انتصرت على العدوان الهمجي الإجرامي للصهاينة والمدعوم بالقوى الكبرى الغربية كلها دون استثناء, وبمن يدور في فلك الغرب من أشباه الدول في العالم, ومن ألأنظمة العربية الموصوفة بالاعتدال, كل هذا الحلف غير المقدس انكسر على صخرة مقاومة شعب غزة, فكيف يعقل أن تفرض الهزيمة على المنتصر بالحرب السياسية والديبلوماسية والحصار الجائر؟ حتى إذا عدنا إلى الفصائل في ذاتها, اتضح لنا أن هناك في واقع الحال فريقان أحدهما يقاوم ويصر على المقاومة مهما كانت التضحيات ثقيلة لأنه لا يوجد خيار آخر أمام الوطنيين الشرفاء, ومن واجبهم وحقهم كذلك أن يضحوا في سبيل بلدهم المغتصب, وفريق آخر استسلم للعدو البغيض, وراح يعيش في أوهام لا طائل من ورائها, سواء هو بصدد ذلك عن وعي أو عن غير وعي, وكلاهما ذنب لا يغتفر. وباختصار هناك فريق مقاوم وآخر مستسلم لا سبيل إلى الجمع بينهما, إن الذين يتحدثون عن المصالحة المستحيلة, لا يفعلون ذلك بدون تلقي مكافآت سخية, ممن سخروهم لبناء قصور من رمال, إن المقاومة تنتصر وتتمكن في الأرض يوما بعد آخر وعلى امتداد الساحة العربية والإسلامية, وهي بصدد إحياء أمة لا يمكن أن تموت, لما لها من مؤهلات البقاء والازدهار والسيادة, ومن تراث حضاري وعقيدي راسخ, ومن كونها خير أمة أخرجت للناس, وعليها أن تفعل المستحيل من أجل تبوإ هذه المكانة المرموقة التي وهبها الله جل وعلا وأثبتها في الذكر الحكيم, وها هي الهجمة الاستعمارية الصهيونية البربرية تتحطم على صخرة المقاومة الشريفة الصامدة, فكيف لمن هم في مقام الخدم والعبيد للقوى المعتدية الظالمة أن ينجحوا فيما فشل فيه أولياء نعمتهم الطغاة المفسدون في الأرض؟ وها هي زعيمة العولمة الاستعمارية أمريكا تعترف بأخطائها في عهد السفاح بوش وتتجه نحو إصلاح ما أفسده من أجل نفسها والغرب أولا, ثم من أجل أن تكون الحياة على الأرض ممكنة كما كانت على الأقل قبل مجيء بوش الطاغية وعولمته المتجبرة الطامعة في الاستيلاء على خيرات الأرض كلها, ولو كان الثمن هو إبادة شعوب كاملة عن بكرة أبيها, فعن أي مصالحة يتحدثون سواء كان ذلك على المستوى الفلسطيني أو على المستويين العربي والإسلامي, بل وعلى المستوى العالمي؟ إن المطلوب هو العودة إلى الصواب, وإعطاء كل ذي حق حقه ولا طريق غير ذلك سالك, لأنهم جربوا البديل بكل شناعاته وفظاعاته وفشلوا الفشل الذريع كلهم أمريكا والغرب والعصابة الصهيونية والتبع من المعتدلين وأمثالهم في العالم, انهزمو في حروبهم وانهارت عولمتهم وكسد اقتصادهم وفقدوا التحكم في شؤون بلدانهم المترنحة تحت وطأة الأزمة المالية الخانقة التي صنعوها بظلمهم وطمعهم, وهم الآن في حيرة من أمرهم بما سببوه من بؤس وبطالة وتعاسة لشعوبهم, وبما ألحقوه من أضرار جسيمة بالبشرية كلها, وبما ارتكبوه من جرائم الإبادة لشعوب عديدة, ومن تدمير لبلدان كاملة, إنهم يتخبطون من أجل الخروج من الورطة التي وقعوا فيها ومن الدرك الأسفل الذي انحدروا إليه, والغريب أن أتباعهم لا زالوا هائمين على نفس النهج السابق, ولم يشعروا بالتغير العميق الذي يسعى إليه سادتهم بكل ما يملكون وبكل طاقاتهم! ولا زال هؤلاء الضالون لم يدركوا بعد هول الصدمة التي أصابت أمريكا والغرب, إلى درجة أنهم اعترفوا على لسان أوباما بجسيم أخطائهم, وها هم يطمئنون إيران الشامخة بانتهاء عهد التهديد والوعيد وبفتح صفحة جديدة معها تقوم على أساس الاحترام المتبادل والحوار الديبلوماسي والصداقة, هكذا مرة واحدة, إنهم لا يتبرعون وليس من طبيعتهم ذلك, وإنما يحاولون إنقاذ أنفسهم قبل إنقاذ غيرهم, لكن أتباعهم لا زالوا يجتهدون في تقديم الخدمات والولاء كما كانوا يفعلون في الحقبة الماضية المظلمة التعيسة, ويا للعجب, إنهم لم يدركوا معنى سعي بريطانيا لربط صلة مع حزب الله المنتصر, وسعيهم جميعا للاتصال بحماس, ويتظاهرون بوضع شروط لذلك, غير أنهم في واقع الأمر إنما يحاولون حفظ ماء الوجه, ذلك لأن المقاومة على حق وهم على باطل, وقد حان الوقت الذي أجبروا فيه على العودة إلى سواء السبيل, وها هو داعية الحرب الجديد في الكيان الصهيوني يفشل الفشل الذريع في مجرد تكوين حكومة العدوان والإبادة والتدمير التي يحلم به, فربما لن تستطيع أن ترى النور, أو أنها لن تعمر سوى وقت قصير جدا وتسقط سقوطا مدويا, ذلك لأن الوضع العالمي قد تغير تماما, وليس باستطاعة أمريكا ولا الغرب مواصلة السير في طريق الطيش والانتحار, ولا تمويل الحروب من جديد, وهم أصلا في وضعية عجز تام عن ذلك, أكل هذه المؤشرات الحادة لم تستطع أن تنبه عبدة أمريكا والغرب؟ المهم أن المصالحة لا يمكن أن تكون بهزيمة مصطنعة للمقاومة المنتصرة باستحقاق وجدارة لأنها ببساطة تدافع على حرمة الأوطان وكرامة شعوبها المهدورة, وإذا كانت هناك من مصالحة فالسبيل الوحيد الوحيد إليها, هو توبة المستسلين والمفرطين في حق أوطانهم وشعوبهم, وليس من الغريب أن يحدث ذلك أمام زهد أمريكا والغرب في خدماتهم, وفي التغيير السريع الذي سوف يقود العالم إلى جو جديد من الهدوء ومحاولة الاستقرار والتقاط الأنفاس من جديد, إذا اصطدم المستسلمون بهذا الواقع العالمي الجديد الذي يتجسد يوما بعد آخر, ربما استفاقوا من ضلالهم المبين وعادوا إلى حقيقة خدمة أوطانهم وشعوبهم, ففي هذه الحالة فإن باب المصالحة يكون مشرعا على مصراعيه, وليس ذلك على الله بعزيز.

الأربعاء، 18 مارس 2009

السبت، 14 مارس 2009

مواقعنا

عناويننا

Bensirabah@gmail.com
• publicté
• publication
• Annonce
• Cours Philo
• Correction Dissertation Philo
• Commentaire de texte Philo />
Découvrez aussi :
elmouallim
Annonce
eltoufouti
elmakala

القافلة البريطانية

ما بعد غزة 2
حجز سيارات الإطفاء والمولدات الكهربائية في رفح!!!
جلبت قافلة شريان الحياة البريطانية, من بين ما جاءت به من مساعدات هامة لغزة المنتصرة الجريحة سيارت إطفاء, ومولدات كهربائية, وربما أن هذا هو أهم ما أتت به, وبعد أن وقع ما وقع أثناء انتظارها الترخيص المصري بالدخول إلى غزة في رفح, وانتهاء محنة الانتظار العصيبة, مع العلم أن القافلة قد قطعت آلاف الكيلومترات, وقد بلغ الإعياء من أعضائها مبلغه, خاصة بعد الاستفزازات والاعتداءات الرسمية والمجهولة المصدر عليها, وأخيرا حضر الترخيص المعجزة بعد عدة أيام من الانتظار الرهيب, أظن أنها بلغت ثلاثة أيام, لكنه يستثني من الدخول سيارات الإطفاء والمولدات الكهربائية, وبقطع النظر عن مصير هذه الوسائل الحساسة, وخيار القافلة بين التخلي عنها أو إعادتها إلى بريطانيا بشحنها من إحدى الموانئ المصرية, إن بقي لها حق التصرف فيها, ولم تحجز أو تصادر, وحتى في هذه الحالة فإن التصرف فيها بإرجاعها إلى بريطانيا عملية شبه مستحيلة, خاصة وأن القافلة قد برمجت عودتها جوا, بقطع النظر عن هذا الوضع الصعب الناشئ عن ممارسات غريبة للنظام المصري, ترى لماذا يمنع دخول مثل هذه المعدات الهامة إلى غزة؟ لماذا يريد هذا النظام العجيب للحرائق العدوانية ألا تقاوم؟ ولماذا يريد حماية الظلام الذي يسلطه الصهاينة المجرمون على القطاع المجاهد؟ إنه تصرف لا يرقى إليه الخيال من حيث دلالته العميقة على تورط النظام المصري في محاصرة غزة وتخريبها وإبادة أهلها, لقد ذهب بعيدا, وتجاوز كل الخطوط الحمراء, ولم يعد يخفي ما يرتكبه من فظائع, قد يتجاوز ما ترتكبه العصابة الصهيونية المجرمة ذاتها في حق أهل غزة الصامدين الصابرين, الحصار الرهيب في معبر رفح, الذي أصبح بابا من أبواب الجحيم, وبعد هذا كله يدعي هذا النظام ما يدعيه من الحرص على المصالحة الفلسطينية, وعلى المصلحة الفلسطينية, والتضامن العربي, وما إلى ذلك من الشعارات التي يجري عكسها تماما في الواقع على الأرض, وإلا كيف تأتي قافلة للنجدة والمساعدة من بريطانيا, وتحمل معها ما تستطيع من المساعدات الضرورية, لكن النظام المصري يحجز أهمها في رفح الجهنمي؟؟؟ إن هذا السلوك يؤشر بوضوح لا على التحالف الوثيق بين هذا النظام والصهاينة فقط, بل يتجاوز ذلك إلى رفع مستوى العداوة للجانب العربي الفلسطيني إلى درجة المساعدة على إبادته وتخريب بلده, والتلذذ بتركه ينزف دما ويتضور جوعا, ويعاني ويلات انعدام الكهرباء, وما يترتب عن ذلك من شل المستشفيات وغيرها من التجهيزات الحيوية المتصلة خاصة بضرورا ت الغذاء والدواء والعلاج. أي تدهور هذا الذي هوت إليه الساحة العربية؟ بل أي انحطاط انحدرت إليه؟ وماذاعسى أن يستفيد هؤلاء الذين يتصرفون بهذه الطريقة البشعة؟ بل المعينة للجلاد على التنكيل بالضحية؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, أن يفعلوا هذا أثناء الحرب خضوعا لأسيادهم فهو أمر مستفظع, لكنه مفهوم من نظام فقد التحكم في قراره, أما أن يستمروا في الحرب الباردة الأعنف والأضر على غزة الشهامة, دون هوادة وبلا انقطاع, حتى لا يسمحوا لها بأن تلتقط أنفاسها, وإرغامها على مالم يستطع العدوان الهمجي المجرم إرغامها عليه بالقوة الغاشمة, فهذا شيء لا يتصوره العقل, مهما بلغت قوة خياله وتنبؤاته, إنه العجب العجاب, الذي لا يدعو للأسف فقط, بل ينبغي أن يواجه بكل صرامة, فعلى العرب إن كان ما زال هناك فيهم من يستحق هذه التسمية, أن يتصدوا لهذا النظام المتورط في خدمة الاستعمار والصهيونية بلا حدود ولا قيود ليوقفوه عن حده, ومهما كان الثمن.

الجمعة، 13 مارس 2009

ملتقى المقروئية

الملتقى الأول للمقروئية في الجزائر

تلقيت دعوة لحضور الملتقى الأول للمقروئية الذي نظمته الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة يومي 10 و 11 مارس بقاعة ابن زيدون برياض الفتح – الجزائر العاصمة
لم أكن أسمع عن هذه الرابطة من قبل, مما يؤشر على نقص إعلامي, وبعد أن تلقيت الدعوة لالتقائي بأحد الأصدقاء ينشط بها مصادفة, بحثت عن الملتقى في الإنترنيت, فوجدت كلمة عنه من نشر القناة الأولى للإذاعة الجزائرية على موقعها, الذي يطلب تعليقات على الموضوع, فلبيت الطلب, وفي الغد وجدت ما كتبت منشورا تحت عنوان " التعليق الوحيد", فقلت هذه فعلا أزمة مقروئية, كيف أكون المعلق الوحيد على مثل هذا الموضوع الهام؟ بل ربما أنني الزائر الوحيد لموقع الإذاعة؟ جاء موعد الملتقى فذهبت وفي نفسي شيء من رواسب زيارتي لموقع الإذاعة وتعليقي الوحيد على مقاله المخصص للملتقى, هل المسألة تتعلق بمستوى ما يقدم في الإذاعة وفي موقعها؟ أم أن الأمر يندرج في أزمة المقروئية في البلد, أم الأمران معا؟ وما ذا عسى هذا الملتقى أن يقدم في هذا المجال الخطير؟
افتتح الملتقى, وقدمت في الصبيحة الأولى مداخلات لشخصيات عامة مدعوة, وكانت بطبيعة الحال مداخلات مرتجلة, تعتمد على الثقافة العامة لأصحابها, وعلى محتويات ليست بالجديدة, فهي معروفة لدى من تعود على سماع هؤلاء في مثل هذه المناسبة, أو على قراءة ما يكتبون في الصحف, وكدت أن أنسحب لهذا السبب من الملتقى الذي ظننت أنه سوف يستمر على هذا النحو القليل الفائدة, رغم أن العناوين المقررة في جدول الأعمال تبدو ذات أهمية كبيرة. لكنني في النهاية رجحت الاستمرار في الحضور, وبدأت المفاجآت السارة تتكشف تدريجيا, عندما بدأت المحاضرات والمداخلات التي يستحق الكثير منها وصف العلمية, والتي لم أكن أنتظرها أبدا, ذلك لأن الذين قدموها هم أساتذة جامعيون شباب في الغالب, والجامعة كما تركتها منذ قرابة العقد من الزمن, وخاصة منها جامعة الجزائر, وبالتحديد معاهد أو كليات الآداب والعلوم الإنسانية, كانت خاوية على عروشها, ولا ينتظر منها القليل فما بالك بالكثير. ولعل أحد المعقبين بعد مداخلات الصبيحة الأولى يصلح لأن يكون مثالا واضحا لهذا العقم الجامعي, فقد استغل المناسبة لينتقد الإصلاح التربوي الحالي من منطلق أن المدرسة الأساسية كانت قد جعلت المطالعة مادة من بين المواد المقررة, ولكونه يعتبر نفسه زعيم هذه المدرسة المنتهية صلاحيتها والملغاة بالإصلاح الذي ينتقده, فإنه يحكم مسبقا على الإصلاح الحالي بالفشل لأنه تجاوز مدرسته وألغاها, وليس لأسباب موضوعية لا زال الوقت مبكرا لرصدها, حتى لو افترضنا جدلا أن المدرسة الأساسية أصلح من مدرسة الإصلاح الجاري تطبيقه حاليا, ثم كيف تكون هناك أزمة مقروئية حادة, وقد قرر صاحبنا مادة المطالعة رسميا في برنامج المدرسة الأساسية التي يعتبر نفسه مبدعها؟ فماذا يمكن أن ننتظر من طرح مماثل ؟
مفاجآت الملتقى السارة هي في المقام الأول تركيبته البشرية الجامعية الشابة في الغالب للمحاضرين, ومنهم الكثير من العنصر النسوي, ثم المحتوى العلمي الذي اشتملت عليه محاضراتهم, خاصة منها تلك التي قدمت إحصائيات عن المقروئية, وبقطع النظر عن كون تلك الإحصائيات متفاوتة فيما بينها من حيث الوضوح, وقد تحتاج في عمومها إلى مزيد من الدقة والعمق, ودون شك فإن الجهات المختصة والمسئولة معنية أكثر من الرابطة بمتابعة تحديث مثل هذا الجهد العلمي الإحصائي للظاهرة واستثماره ميدانيا في التطبيق والرصد المستمر, ويبقى الفضل لهذه الجمعية في إثارة الموضوع والتصدي له بالدراسة العلمية الإحصائية الأولية على الأقل, وأملنا هو ألا تنسى الرابطة الواعدة هذا الموضوع الهام, وهي تتنقل بين المحاور الكثيرة التي تعنيها كهيئة للفكر والثقافة. لقد استفدنا من الملتقى بمستوى طرحه الرفيع للموضوع, سواء من حيث التحليل والمقارنة, أو من حيث التشخيص العلمي الإحصائي, بحيث إننا تعرفنا على نسب للمقروئية في مستويات مختلفة من الطفولة إلى الجامعة وميادين الشغل والجمهور عامة, وعرفنا ولو بصورة قد تحتاج إلى تدقيق أكثر وإلى المتابعة والتحديث باستمرار إلى مكانة الجزائر الضعيفة في المقروئية, وهو مؤشر ثقافي وحضاري خطير, كما وقفنا على ما يدور في مجال الوسائط الإعلامية والنشر والكتاب الإلكتروني, وما إلى ذلك من الميادين المتصلة بالقراءة بأنواعها من الجريدة إلى الكتاب الإلكتروني, واستمعنا إلى الاقتراحات الهامة, ومحورها الرئيسي بطبيعة الحال العناية بالكتاب وجعله في متناول الجميع من حيث السعر، والاهتمام بالمكتبات وتطويرها كما وكيفا, وتحفيز التأليف والنشر والتوزيع والاستيراد, وغير هذا وذاك من الاقتراحات الهامة التي صارت توصيات في منتهى المطاف, والتي من بينها دعوة الأطراف التنفيذية المعنية إلى تجسيد توصيات الملتقى ذات الأهمية القصوى, لقد نجح الملتقى في تقديم تشخيص علمي إحصائي أولي للأزمة أو لظاهرة المقروئية السلبية, ودون ريب فإن التشخيص هو الخطوة الأولى والأهم في العلاج, أو هو نصف العلاج كما يقال, ولذلك يعتبر إنجازا هاما.
هذه خلاصة مقتضبة لمجريات ملتقى المقروئية, التي تستحق الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة الشكر عليه كل الشكر, وهو مساهمة ثقافية نوعية متميزة, نرجو لها الاستمرار والازدهار, والاقتداء بها من سائر الجمعيات ذات الطابع الثقافي, فشكرا جزيلا.
وتبقي في النهاية ملاحظة لا بد منها, ويتعلق الأمر خاصة بالتعقيبات التي كان الكثير منها يطلب من الرابطة ما هو من مسئوليات الدولة, أو الانتقادات التي تعبر عن دوافع ذاتية لا جدوى منها, وكان بودي أن ألمس وضوح المهمة والاختصاص من المنظمين خاصة, حيث إن التموقع الواضح الصحيح هو القاعدة الصلبة والمنطلق الموفق لأي نشاط, فالرابطة جمعية ثقافية تنتمي إلى ما يعرف بالمجتمع المدني, ومن المعروف مدى أهمية هذا المجتمع المدني في التطوير والترقية والتسيير السليم للمجتمع, ولعل ضعفه النوعي في بلادنا أضعف من المقروئية المجاورة لمرتبة الصفر, مما يترجم عن الوضع السلبي الخطير السائد, فمن المعروف أن هذه الجمعيات المعدة بالآلاف هي عالة على الوطن مثل الأحزاب السياسية التي تستهلك ولا تنتج, والتي عوض أن تستمد أسباب وجودها من جمهورها أو مناضليها, تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تتقرب من السلطة بهدف مادي لا يمثل سوى عبئا إضافيا على النفقات العامة, ومن ثم فعوض أن تكون جزءا من الحل تصير طرفا في المشكلة, وهو أمر في غاية السلبية, ومن هذه الناحية فالرابطة تعبر عن أمل واضح في الدور البالغ الأهمية الذي يمكن أن تقوم به هيئات المجتمع المدني والتي ينبغي عليها أن تقوم به. إن كارثة الكوارث في المجال الثقافي هو انعدام النخبة المثقفة بالرغم من الوجود الواسع للمثقفين في البلاد, بمعنى أن هذه غائبة كهياكل, وهي لا يمكن أن توجد كنخبة إلا بتلك الهياكل, والتي يمكن للرابطة هذه أن تكون لبنة مباركة فيها, فلست أعرف شخصيا وجود أي هيئة تمثل بالفعل عنصرا مساهما في بناء النخبة المأمولة مثل هذه الرابطة, كما عبرت عن ذلك بوضوح بالملتقى الذي حضرناه في نهاية هذا الأسبوع. إن مهمة النخبة المثقفة خطيرة, وغيابها كارثة حقيقية, إذ لا أمل في النهوض والتطور لبلد يفتقد لمثل هذه النخبة, وهذه مسئولية الجميع وفي المقام الأول المثقفين الذين عليهم أن يتكتلوا مهما كانت التكاليف والعراقيل والتحديات, إنه جهاد لا يعلوه جهاد, ومن يتصدى لمهمة التثقيف والتحضير والتطوير إذا لم يفعل المثقف ذلك؟ إن التوصيات القيمة التي تصدر عن جمعية مثل الرابطة صاحبة هذا الملتقى, لا يمكن أن تكون ملزمة أو تجد طريقها إلى التنفيذ المؤكد, ما لم تكن الرابطة ضمن كتلة النخبة المثقفة التي لا زلنا ننتظر تشكلها الميمون الذي سيكون – إن حدث – ثورة حقيقية في المجتمع, ذلك أنه بطبعه ينحو إلى البناء والتحديث والتطوير انطلاقا من طبيعة المجتمع وحقيقة هويته ووصولا إلى المعاصرة المحصنة بكل جدارة واستحقاق, ثم إن مثل هذه النخبة وفي سياق المجتمع المدني السليم وإطاره تكون قوة اقتراح وضغط لا يمكن لأي كان أن يتجاهلهما, وقد قدمت الرابطة في ملتقاها نموذجا للاقتراحات القوية, التي يصعب على المسير تجاهلها إن هي وجدت الاهتمام الإعلامي الكافي والنشر الواسع, هذا النموذج يتمثل في الفضح العلمي عن طريق الإحصاء والتحليل لعينة من الواقع الثقافي المزري وهي المقروئية مفتاح كل ثقافة محتملة, إن الاقتراح عندما يصل مرتبة العلم, يكتسب قوة كبيرة تكاد تكون ملزمة, غير أن هذا الإلزام لا يحدث دون تخلف إلا إذا أصبح قوة ضغط يستحيل تجاهلها, وهو لا يكون كذلك إلا إذا صدر عن إحدى النخب, ويكون أكثر إلزاما إذا تبنته الكثير من النخب وغيرها من مكونات المجتمع المدني الحقيقي, وهو الفراغ الرهيب الذي يعطل كل شيء ولا ينتظر بدونه أي شيء هام ودائم, ومن هنا وجب على كل فئات المجتمع أن تتكتل في هيئات مدنية تمثلها حق التمثيل, وعلى المثقفين خاصة أن يناضلوا بكل ما أوتوا من قوة لتشكيل نخبتهم, التي هي الغائب الأكبر والأخطر في البلد, وها هي رابطة الفكر والثقافة قائمة كمثال لعنصر من هذا البناء الشامخ الذي نحلم بتشييده, والذي به يحيا كل شيء وبغيابه يموت كل شيء, وعلى الله قصد السبيل.

الاثنين، 9 مارس 2009

النشر والإشهار




Chercher
sur NeoGogol




Ajouter un site




ibnelhakim


ما بعد غزة1

حصار غزة الخانق, والمعاناة غير المتوقعة لقافلة شريان الحياة الحياة في معبر رفح,قبل التمكن من الدخول إلى القطاع الجريح, وحوار القاهرة بين التناقضات الفلسطينية, بين المقاومين والمستسلمين, وتليين الموقف الغربي من سوريا وإيران والطالبان, ومذكرة اعتقال البشير, والزعزعة الغربية لكل أقطار العرب المرشحة لإعادة استعمارها من جديد, كما هو حال العراق, وعلى المستوى الإسلامي افغانستان وباكستان وإيران, وجميع بلدان المسلمين, إنها الحرب الصليبية كما قال السفاح بوش وهو يهم باحتلال افغانستان ذات سنة في بداية هذا القرن, الذي يبدو أنه سوف يكون حلبة للصراعات وزعزعة الاستقرار والعدوان بنية الاحتلال المباشر أو غير المباشر, هذا هو المنظر العام لما بعد غزة في بلدان العرب ثم المسلمين, فماذا تراهم فاعلون؟ فمن المعروف أن أنظمة الحكم القائمة - في الغالب - لا يمكن التعويل عليها نظرا لما هي عليه من وهن وهزال وضياع وتفريط, إنها عاجزة أو رافضة أصلا للمواجهة, وليس في نيتها معارضة الممارسات الاستعمارية, بسبب ارتباطها العضوي بما يسمى النظام العالمي أو العولمة, التي تعني الاستعمار الجديد, ومن ثم يتعين إلغاء أي دور مقاوم أو حتى مجرد ممانع للنظام العربي والإسلامي, وتبقى الكلمة للشعوب التي يبدو أنها تبنت استراتيجية المقاومة للدفاع عن نفسها, وهي على أي حال بين خيارين لا ثالث لهما, إما أن تقاوم أو تستسلم, والمنتظر منها أن تقاوم وهو الموقف الطبيعي السليم, وسوف تتفاوت الممارسات الميدانية تبعا لظروف كل بلد, لكن انتصار المقاومة لا ريب فيه, إنه حتمية تاريخية لا مرد لها, وهنا يكمن الأمل الكبير في إعادة صياغة النظام أو الدولة العربية المسلمة المعاصرة, التي يفترض فيها أن تولد من رحم المقاومة القادمة, وهي سليمة معافاة, تنشأ وتترعرع في أحضان شعبها وفي خدمة مجتمعها, وبالتالي سوف تفرض صياغة جديدة للنظام الدولي بصفة جذرية وشاملة, في كنف العدالة والمساواة بين جميع الأمم والشعوب ولصالح الإنسانية, مثل هذا الأمل مشروع إذا تم اعتماد منهج المقاومة الشعبية في الصراع الدائر والذي سوف يشتد بين الاستعمار الجديد والشعوب العربية والإسلامية, وما كان يسمى بالعالم الثالث أو الجنوب بصفة عامة, إن هذه المنطقة المهدورة الحقوق من العالم, قد تغير الوضع العالمي جذريا, عندما تقاوم وتفرز قيادات جديدة تتضامن فيما بينها وتتعاون على جميع الأصعدة, وتضع مصلحة شعوبها فوق كل اعتبار, وهو أمر حتمي إذا تمكنت المقاومة قبل ذلك من التعاون أيضا على مستوى هذه المنطقة قاطبة, واستطاعت بعد انتصارها أن تعتمد الديمقراطية الحقيقية والعدالة الصارمة منطلقا عاما وقاعدة لا محيد عنها في تسيير المجتمع الجديد, ففي هذه الحالة تستطيع تغيير الوضع العالمي لصالحها, وتتمكن من فرض نظام عالمي ديمقراطي وعادل, لكن المرور بتضحيات جسام أمر لا مفر منه, إذ لا يمكن للاستعمار أن يجنح للسلم والتعاون إلا بعد أن ييأس تماما من فرض هيمنته وممارسة طبيعته في الهيمنة ونهب الثروات ونشر البؤس والهوان والتخلف, وبلوغ حالة اليأس هذه دونه تضحيات كبيرة, لا تتردد الشعوب في دفعها من أجل حماية الأرض والعرض وبلوغ بر الأمان, وهذا هو السيناريو المتوقع لأحداث هذا القرن العنيف بسبب الأطماع الاستعمارية الشرهة التي ترتبت عن اختلال التوازن العالمي بانهيار الاتحاد السوفياتي, ولا سبيل لإعادة التوازن والاستقرار للعالم إلا بهزيمة الاستعمار الجديد على يد شعوب الجنوب, التي يتعين عليها أن تعمد أثناء الصراع إلى إعادة صياغة نظمها الخاصة لتكون أنظمة حرة ديمقراطية عادلة, ومتعاونة على نطاق واسع ومتضامنة في المنطقة الجنوبية من العالم, إذ لا يمكن لشعب بمفرده مهما كان كفاحه شرسا أن يقف في وجه التكتل الاستعماري الكبير, ومثال العراق وإفغانستان والسودان وغيرها قائم يشهد على هذا التكتل الاستعماري الغربي وذيوله على مستوى عالمي, وعندما تخلص النيات ويتعمق الوعي, فإن النظام السياسي السليم المتولد عن المقاومة في بلدان الجنوب فسوف يكون التكتل حتمية لا مفر منها, ولا ينتظر لدولة قادمة من دول هذه المنطقة المستهدفة أن تشذ عن قاعدة التكتل الحكم مع نظيراتها من دول الجنوب, كما هو واقع اليوم, حيث يعمل الاستعمار على قطع جسور التضامن بكل قواه, تجنبا لقوى الاتحاد التي يدرك خطورتها وعجزه المؤكد أمامها, إن النظام العربي والإسلامي والجنوبي الحالي عاجز عن التضامن لأن أغلبية دوله خاضعة تماما للإرادة الاستعمارية ومؤتمرة بأوامرها مقابل حمايتها من ثورات محتملة عليها من شعوبها, لذلك لا يمكن لمثل هذه الدول أن تحمي أوطانها بالتضامن مع مثيلاتها من دول الجنوب, وإن اعتقادها في حماية الاستعمار لاستمرار وجودها خطأ قاتل, سوف يقودها إلى حتفها عندما يبرمج الاستعمار الاستيلاء على بلد أي منها كما هو فاعل الآن في عدة بلدان ومثل السودان لا زال حيا بيننا, وما علينا إلا أن نتابع تطوراته لنشهد واحدا من السناريوهات الاستعمارية الغربية الماكرة المتآمرة الطامعة, المدفوعة في هذه الحالة بثروات السودان الطائلة المسيلة للعابها, ولعل القطرة التي أفاضت الكاس وأشعلت بركان الغضب الغربي هي تعاون السودان مع الصين في المجال البترولي, ذلك ما أفقد الغرب صوابه, فانبرى للتحرش بالنظام السوداني الضعيف بسياسته الداخلية الهشة, والعاجزة عن ضمان الجبهة الداخلية, لكن المقاومة سوف تتجاوز هذا العجز, لتنطلق نحو تشييد السودان الجديد الحر الديمقراطي العادل, الذي سوف يهزم الاستعمار شر هزيمة بفضل تضحياته الجسام وتضامنه مع أمثاله من في الجبهة العالمية للمقاومة على مستوى العالم الثالث قاطبة, وعندها سوف يولد عالم جديد, تزدهر فيه إنسانية الإنسان, ويسوده الرخاء والعدل والمساواة, عالم الشعوب كلها, بمن فيها شعوب البلدان الاستعمارية, التي سوف تتخلص من أنظمتها المستغلة أيضا, وينشأ عالم إذا لم يكن بالمثالي فسوف يكون أفضل بكثير من عالم اليوم المتسم بالعنصرية والهيمنة والحروب والجرائم في حق الإنسانية, وحينذاك سوف يكون هذا القرن العاصف قد انقضى أو اقترب من نهايته, وفي أحسن الأحوال, يكون قد تجاوز منتصفه.

النشر والإشهار


ما بعد غزة
ما بعد غزة تأتي غزة في المقام الأول, قد يظن الذين احترقوا مع غزة عن بعد أن الحرب قد وضعت أوزارها, لكن العكس هو الصحيح, فبعد أن أوقف الصهاينة عدوانهم الإجرامي من جانب واحد, انتهت الحرب الصغرى, ودخلت غزة في عهد الحرب الكبرى, وهي أشرس من سابقتها وأكثر فتكا, المطلوب فيها هو رأس المقاومة دائما, ومن ورائها بالطبع تصفية القضية الفلسطينية نهائيا, كما يحلمون, حتى ولو كان ذلك بإبادة شعبها عن بكرة أبيه, كما فعلوا ذات زمان مع الهنود الحمر, سكان أمريكا الأصليين, لقد عجزوا عن إطفاء نور المقاومة بحرب الإبادة والتدمير, فلجأوا الآن إلى حرب أكبر, باستمرار الحصار والتجويع أكثر مما كان لسنوات قبل الحرب, وها هم يطالبون من المقاومة الاعتراف بالعصابة الصهيونية حتى يتعاملوا معها, بعد أن تكون قد انتحرت, أي يقومون بدفنها, فماذا يبقى من المقاومة إذا هي امتنعت عن التسلح وعن إطلاق النار بدون أي مقابل, ثم الاعتراف بكيان العدو الغاصب؟ وإلى جانب هذا, إن بقي في المقاومة شيء منها, فهم يرفضون إعادة إعمار غزة في حضورها, أو بالتعامل معها, بمعنى أنهم يدخلون غزة بدعوى إعادة البناء, وتكون المقاومة مكتوفة الأيدي لا رأي لها ولا تصرف فوق أرضها, أي أنها تكون قد وافقت على الاستسلام والوقوع الإرادي في الأسر, وإلا فإنهم يمتنعون عن إصلاح ما أفسدوه من الأشياء المادية التي دمروها عن آخرها, فهم إذن يصعدون حربهم لتصير أكبر من تلك الحرب الصغرى التي قتلت وجرحت ودمرت كما لم يسبق للتاريخ أن عرف مثلها إمعانا في القتل والتخريب لكل شيء بما في ذلك المدارس ومنها مدرسة هيئة الإغاثة الدولية, ولم تسلم من التدمير المستشفيات بمرضاها وجرحى الحرب فيها, ولا المساجد, ولا البساتين والمزارع, إنها الإبادة لكل ما هو حي أو جامد, وها هم يستعملون ما هو أكثر إيلاما, لا طعام ولا دواء ولا مساكن ولا مرافق, إذا لم تقتلكم الأسلحة الأمريكية الأكثر فتكا, فلتموتوا بالعوامل الطبيعية التي تمنعون من تكييفها لصالحكم بالحصار وبعدم التعامل معكم حتى تستسلموا وتتخلوا إلى الأبد عن المقاومة, ثم يؤلفون مسرحية الحوار والمصالحة مع فتح التي سارت في ركبهم, أو على الأقل سلطتها, التي تجاوزت كل درجات الاستسلام والتفريط, والتي يتحفز زبانيتها الآن للاستيلاء على غنيمة إعادة الإعمار بشكل أو بآخر, وهم يتفقون هنا تماما مع الآخرين في وجوب تقييد المقاومة وتشريدها ووضعها في الأسر حتى يستطيعون تحقيق مآربهم في فرصة الإعمار المعروضة عليهم من شركائهم, وهذا ما قرروه في تجمع شرم الشيخ تحت المظلة الأمريكية والصهيونية, ووفق رغبة العدو وشروطه العدوانية, لكن المقاومة التي خرجت من الحرب منتصرة, لا يمكن أن تنثني أمام الهجمة الجديدة مهما كانت الظروف, ومهما كانت التكاليف سيكون حليف المقاومة كما علمنا التاريخ والجغرافيا, فما من مقاومة تحررية قامت إلا وكان النصر حليفها, وليتذكر هؤلاء المتواطئين من الأطراف المباشرة التي حضرت إلى شرم الشيخ وغيرهم ممن بقوا في الظل لسبب أو لآخر مقاوماتهم للاحتلال والاستعمار وكيف كللت بالنصر المبين؟ ولا أدري لحد الآن كيف لهم أن يوظفوا المصالحة الفلسطينية في سياق حربهم؟ وما القصد؟ هل تستسلم المقاومة كما تشترط السلطة وكل الأطراف المتحالفة في سبيل القضاء التام على المقاومة؟ وهل بإمكان السلطة المكبلة بقيود الاستسلام أن تعود إلى صف المقاومة؟ كيف يتم هذا الصلح المطلوب لأهداف يعرفها الحلف غير المقدس, الذي قرر تركيع المقاومة بوسائل الحرب الأكبر؟ المسألة في منتهى البساطة بقطع النظر عن الأطماع والسعي للإثراء وغيره, هناك مقاومة منتصرة على العدو, ومرشحة لمواصلة الانتصارات حتى لحظة التحرير القادمة, والتي أخذت تباشيرها تلوح في الأفق, وطرف آخر مستسلم ومرتزق تعود على النهب والسلب حتى صار ذلك هو هدفه الوحيد, من يخضع للآخر؟ ومن الذي ينتصر على الآخر؟ ذلك لأن المسألة لا توسط فيها, إما أن تستسلم المقاومة المنتصرة المجاهدة, وهو المستحيل ذاته, وإما أن يتوب طرف السلطة عن استسلامه, ويعود إلى صف المقاومة مجددا, وهذا أكثر من المستحيل, إذن يتعلق الأمر بملهاة ستؤول إلى الفشل اليوم, أو غدا, ولا بديل عن انتصار الشعب الفلسطيني على عدوه المجرم باستعمال المقاومة والتمسك بها حتى يتحقق النصر الآتي لا ريب في ذلك, والأيام كفيلة بإثبات البديهيات ما داموا يريدون البرهنة عليها, فسوف تنتصر المقاومة في هذه الحرب الأكبر أيضا, وسوف يخضعون لمنطقها رغم أنوفهم لأنه هو المنطق الصحيح, والتاريخ لا يعرف المجاملة ولا المواربة, بل الحقيقة عنده هي المطلب الوحيد, ولا يخاف في إظهارها لومة لائم, وإن غدا لناظره لقريب, وإنه لعصر تكاثفت فيه على الأبرياء الشرور, لكنه امتحان سوف يخرجون منه منتصرين لا ريب في ذلك. ولنتوقف عند غزة ما بعد غزة, ويبقى لنا حديث متصل بما من حكاية البشير وقافلة شريان الحياة البريطانية التي توقفت على عكس ما كنا نتوقع في رفح, لكن عندما يعرف السبب يبطل العجب, فحتى القافلة البريطانية الشهيرة تتعثر في رفح, لأنه كمين يترصد صيدا ثمينا, يريد رأس المقاومة, فكيف يسهل مهمة من يناصرها؟ لكنها سوف تنتصر رغم الداء والأعداء, وسوف يكون مصير من يعاديها مزابل التاريخ, كما كان مثوى أمثالهم منذ أن فتح سجل لأحداث البشر الاجتماعية عبر الزمان.

الخميس، 5 مارس 2009

عناوينا

Bensirabah@gmail.com
• publicté
• publication
• Annonce
• Cours Philo
• Correction Dissertation Philo
• Commentaire de texte Philo
Découvrez aussi :
elmouallim
Annonce
eltoufouti
elmakala

الأربعاء، 4 مارس 2009

مذكرة

مذكرة اعتقال البشير
ها هي مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير, تصدر اليوم عن محكمة الجنايات الدولية بلاهاي عاصمة هولندا, بعد أن قدم المدعي العام لدى ذات المحكمة "اوكامبو" طلبا بهذا الشأن منذ مدة, وهذه المذكرة هي الأولى من نوعها في التاريخ, فلم يسبق أن صدر شيء مماثل بالنسبة إلى رئيس لا زال يمارس مهامه, ومن المفروض أنه يتمتع بالحصانة, لكن يبدو أن هذه المحكمة قد أنشئت لهذا الغرض في بداية هذا القرن الواحد والعشرين, ذلك أن الغرب بعد انتصاره على المعسكر الاشتراكي الذي كان يضمن التوازن في السياسة العالمية, عاد إلى ممارساته الاستعمارية القديمة في ثوب جديد, لكن الجوهر واحد, وفي هذا السياق أنشأ المحكمة العتيدة, التي خولت لنفسها اتهام رؤساء الدول, وها هي تصدر أول مذكرة اعتقال في حق واحد منهم, وهو رئيس عربي, وقد سبق اعتقال رئيس عربي آخر قبله ثم إعدامه, لم يكن ذلك عن طريق ذات المحكمة, بل كان مباشرة عن طريق الاحتلال الأمريكي لبلاد ذات الرئيس وهو العراق, فالهدف واحد هو الاحتلال أو بالأحرى الاستعمار بشكل أو بآخر, إن السياق واضح, ويبقى مصير النظام العربي المشؤوم, الذي فضل الاحتماء بالغرب ضد شعوبه قد اتضح, إنه الاعتقال والمحاكمة الصورية ثم الإعدام, كما وقع تماما لصدام الذي لم يركب نفس الموجة, لكنهم قالوا إنهم قد جعلوا منه عبرة لبقية الرؤساء والحكام العرب, ومن هم في مرتبة مشابهة مثل الحكام المسلمين ثم بقية حكام ما يكان يطلق عليه إسم العالم الثالث. لقد بنى الحكام العرب إيستراتجية سلطتهم على أساس الاحتماء بالغرب ضد شعوبهم التي قد تثور عليهم لتنتزع حقوقها وتصون كرامتها وتتحكم في مصيرها, بعد أن يئست نهائيا من أي خلاص على أيدي حكامها الذين راحوا يتحصنون بالغرب ويستنجدون به عند الضرورة مقابل ضمان مصالحه وإعطائه الامتيازات الاقتصادية وحتى العسكرية ضد مصلحة شعوبهم وأوطانهم, إنه التفريط الذي فهمته الشعوب وادركته حق الإدراك, وراحت تتهيأ لإنهائه مهما كان الثمن, ومن هنا فإن المواجهة قادمة لا شك بين الشعوب والغرب, أما هؤلاء الوسطاء الذين يكونون النظام العربي فإنهم إلى زوال محتوم, سواء على أيدي شعوبهم وهو الوضع الطبيعي أو على يد الاستعمار الغلابي, الذي يتخلص منهم ليأخذ بزمام المبادرة, ويحاول بسط نفوذه على البلدان الثرية خاصة, أو ذات الموقع الاستراتيجي, ثم تأتي البلدان الأخرى في مراتب متباينة تبعا لأهميتها وللفائدة التي يمكن للغرب أن يجنيها منها, إن المواجهة سوف تكون باعتماد استراتيجية المقاومة من قبل الشعوب, ولن يفلح الاستعمار الجديد في مشروعه العدواني والاستغلالي البشع, إذ أن إرادة الشعوب من إرادة الله, وهي لذلك لا تقهر, هذا بشكل عام, لكن القضية شديدة التعقيد دون شك, وسوف تتعدد السيناريوهات والخطط والاستراتيجيات, ثم إن هناك متغيرات قد تحدث ولم تكن في الحسبان, لكن النهاية هي أن الاستعمار الغربي الذي بدأ أفلاسه يلوح في الأفق مع تداعيات الأزمة المالية التي تعصف به والتي هي من صميم ممارساته وأساليب جشعه, سوف تهيئه للانهيار الذي ينتظره على أيدي الشعوب المستضعفة القوية بإيمانها وتضحياتها الجسام, والتي هي بذلك قادرة على أن تجهز عليه إلى الأبد هذه المرة, هذه هي اللعبة الحقيقية, وليس البشير سوى أحد تفاصيل تفاصيلها, ودون شك فإنه يمثل نموذجا لأحد السيناريوهات العملية التي أخذت في التبلور, حيث إن إصابة الرأس قاتلة, إذا أردنا تشخثص الأمور, إلا أن الخطأ الذي يبدو أن المد الاستعماري قد وقع فيه هو أن هذه الرؤوس ليست رئيسا حقيقية, بل مزيفة, ومهما كانت الصدمة التي تحدثها والفوضى الت تتسبب فيها, فإنها لن تقضي على العدو الحقيقي للاستعمار الذي هو الشعب, فسيبقى بالمرصاد وتعويله على الخالق سبحانه وعلى المقاومة التي سوف ينخرط فيها عن بكرة أبيه بشكل أو بآخر, وكل لما هيئ له. إن الذي يحدث لدليل على إفلاس الشريكين الأساسيين: النظام العربي والاستعمار الغربي, ومواجهة الشعوب لهما ستكون مصيرية وحاسمة, وإنها الأطماع الذي تحرك الطرفين في استغلال الشعوب وثروات الأوطان والتمسك بالسلطة وجني ثمارها المادية, وبسط النفوذ على الأوطان واستغلال مواردها البشرية والمادية, لكن هنهات إن الزمن تغير, ولم يعد ذلك الزمان الذي تمت فيه عمليات الغزو وتكوين الإيمبراطوريات التي لا تغيب عنها الشمس على أشلاء الشعوب وعلى حساب الأوطان, إن التجارب التاريخية المكتسبة من صراع الشعوب مع الاستعمار التقليدي, والثورات الحاصلة في ميادين الإعلام والاتصال وغيرها من ميادين المعرفة والعمل, وهي رسميا من إنتاج الغرب, لكنها من الناحية العملية تتيح الفرصة للجميع للاستفادة منها, وما مثال غزة المنتصرة عنا ببعيد, فقد استطاعت الشعوب في العالم كله بفضل هذه الوسائل العملاقة أن تقف صفا واحدا ضد الإبادة والتدمير الذي سلطته العصابة الصهيونية على أهل غزة المجاهدين الصامدين, وعلى مدنهم ومزارعهم وكل شيء في القطاع, لكنهم رغم القوة المادية الغاشمة قد انقلبوا خاسئيس مشيعين باللعنات على مستوى العالم أجمع, وقد كان لوقفة الشعوب الواحدة الموحدة عبر العالم أثرها في هزيمتهم ودحرهم وفشلهم الذريع في تحقيق أهدافهم العدوانية الإجرامية, إن حكاية البشير ما هي إلا نقطة من بحر في الصباع القادم, بل الذي صرنا نعيشه بعض فصوله منذ انهيار الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية, وقد زاده تأججا السفاح بوش, وها هو رحيله إلى غير رجعة يؤشر على أن المسألة أكبر منه, بل هي مرحلة تاريخية جديدة كان هو فيها المثال الأسوأ, لكن جوهر الأمر لم يتغير برحاله, لأن القضية هي صراع جديد بين الشعوب المستضعفة عامة وفي مقدمتها الشعوب العربية والإسلامية للأسباب التاريخية والحضارية المعروفة, وإن المواجهة قادمة لا مفر منها بين الشعوب والغرب الاستعماري, وسوف تكون مواجهة عنيفة وصعبة, لكن الانتصار في النهاية سوف يكون للشعوب المظلومة المكافحة التي سوف تسجل بطولات وأساطير يسجلها التاريخة في سجلات المآثر الخالدة.
إن أغرب ما حدث في هذه المناسبة الغريبة هو مطالبة الجامعة العربية بتأجيل تنفيذ المذكرة لمدة عام!!! مما يعني أنها من حيث المبدأ مقبولة في منطق هذه المنظمة المتداعية. بينما تطالب الصين بتعليق هذا الحكم القضائي بمعنى إلغائه أو تعطيله إلى أجل غير مسمى, وتقول روسيا إن هذا الحكم يعد سابقة خطيرة, أما الجامعة المزعومة إياها فتطالب فقط بتأجيل تنفيذ إلقاء القبض على رئيس عربي لمدة عام فقط, دون أن تذكر أسباب هذا الطلب الأغرب من مذكرة الاعتقال, بل الأشنع والأفضع منها, ولله في خلقه شؤون, وإن من أعجب عجائب الدنيا هو حالة الهوة السحيقة التي سقط إليها النظام العربي المتهالك الفالس, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بن سي رابح

ibnelhakim


Evolution du PageRank