الجمعة، 20 مارس 2009

إيران

أوباما يدعو إيران إلى الحوار والاحترام المتبادل
هذه هي النتيجة المنطقية للسياسة الإيرانية القائمة على المبادئ وبناء القوة الذاتية ودخول دنيا العلم والتكنولوجيا من أوسع أبوابها وأرقى ممارساتها الطاقة النووية والأقمار الصناعية وكل التكنولوجيات المدنية والعسكرية, لقد أصبحت إيران قوة إقليمية كبيرة ومن ثم ذات مكانة عالمية لا يمكن تجاهلها, وقد كان لها الدور الأكبر في هزيمة بوش والبوشية العالمية, ولا أدل على ذلك من انهيار العولمة وتزعزع النظام الرأسمالي برمته مترنحا تحت كابوس الأزمة المالية العالمية الرهيبة, ولو لم يقف بوش عاجزا أمام الصرح الإيراني الشاهق لكان قد شن حربا أخرى عليها, وهناك كان سيجهز نهائيا على الإمبريالية الكونية, لكنه لم يفعل خوفا وقصورا, وقد أوصل أمريكا والغرب إلى حافة الانهيار التام بسبب سياسة العولمة العدوانية والحروب التي شنها في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها, والهزائم النكراء التي آلت إليها حروبه العدوانية الطامعة في ثروات الشعوب والطامحة إلى الحكم الفردي للعالم, وهي تصرفات تعوزها الواقعية والحكمة وسداد الرأي, فكانت نتيجتها منطقية حيث أوصلت العالم بأسره إلى حافة الكارثة المتعددة الجوانب بل الشاملة, وها هو خلفه "أوباما" ينتقده مضظرا, ويبدأ في إصلاح العطب الذي ألحقه بأمريكا والغرب والعالم قاطبة, ويمد يد الحوار والصداقة لإيران, ويعلن عن العدول نهائيا عن سياسة التهديد ونشر الرعب في العالم وبدء صفحة جديدة مع إيران خاصة, وذلك عن طريق الحوار المباشر معها وإحلال الديبلوماسية وحدها محل التهديد العسكري الذي كان يمارسه بوش يوميا ضد هذا البلد الذي تعلقت إرادته بالخروج من التخلف واللحاق بركب التطور العلمي والتكنولوجي والحضارة المعاصرة فيما هو مشترك بين جميع البشر من مظاهر الرقي والتطور, وفي ذات الوقت محافظا كل المحافظة على ذاته وهويته الخاصة التي كان لها الفضل الأول والأخير في الوصول إلى هذه المرتبة المرموقة, مرتبة تركيع أمريكا والغرب بكل شجاعة وصمود منقطع النظر ما كان له أن يقوم به لولا ارتكازه على أرضية صلبة من المبادئ والسياسة البناءة النظيفة, إن العالمة فيما يبدو قد بدأ يخطو خطواته الأولى نحو الانفراج والاستقرارو وذلك بخروجه من كابوس البوشية الرهيب, وبوضعه اللمسات الأولى على التحول الحاسم عن العولمة المتوحشة المعسكرة المخربة المستغلة أبشع الاستغلال المفلسة إلى العالمية التي يمكن أن تتعايش في ظلها الأمم والشعوب على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المصالح والمنافسة الحرة في إطار الثقافات والحضارات والأديان المتعددة المتنوعة, والتخلي إلى الأبد عن ترهات نهاية التاريخ وسيادة النموذج الأمريكي بالقوة الغاشمة على العالم, إن الوقائع قد أثبتت مدى الخطإ الجسيم الذي مثلته العولمة ومقولاتها المهيمنة العدوانية المتغطرسة والمجرمة, وإن أمريكا اليوم مضطرة للتراجع عن هذه الصغة الشريرة لا لأنها تريد الخير للبشرية, ولكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الراسمالية الأمريكية والغربية, لذلك تسارع إلى إطفاء الحرائق التي أشعلتها العولمة والبوشية في أرجاء العالم ومنها الحريق الإيراني, غير العجب كل العجب إنما يأتي من التبعية الأوروبية العمياء, فما أن صدر هذا التصريح للرئيس الأمريكي حتى سارع منسق السياسة الأوروبية إلى الإعراب عن الأمل في أن يسير الغرب في هذا الاتجاه الذي أعلنه أوباما اي اتجاه الحوار والصداقة والديبلوماسية في التعال مع إيران, وذلك ما ستطبقه أوروبا قبل أمريكا!!! لقد انتهى عهد البربرية الهمجية للعولمة البوشية والتي سارعت العصابة الصهيونية لاستغلاله قبل فوات الأوان في شن حرب الإبادة والتدمير على غزة الصامدة, وكانت في ذلك محقة لأن هذه الفرصة هي الأخيرة ربما إلى الأبد, نعم إن أمريكا والغرب هم الذين أسسوا هذه العصابة المجرمة, وهم الذين يدعمونها ويسلحونها ويمولونها ويحمونها, لكنهم لم يسمحوا لها أبدا قبل العولمة البوشية أن تبلغ في تصرفاتها العدوانية حد الإبادة والتدمير الكامل, أما بوش فقد أحكم وثاق الضحية, وشحذ السكاكين وشدد الحراسة حماية للجلاد وشجعه على الذبح بكل برودة دم وفي أمن تام, وكان يطلق تصريحاته المتحشرجة البشعة بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها!!! ممن تحمي نفسها؟ وتدافع ضد من؟ أضد تلك الضحية المقيدة بقيود من الحديد الصلب والمحاصرة لسنوات بمنع وصول الغذاء والدواء وكل لوازم الحياة إليها؟ هل هذا تصرف رئيس دولة يقول إنها أعظم دول العالم, وإنها لذلك من حقها أن تحكمه كما تشاء وتخضعه لإرادتها الظالمة بكل الوسائل بما في ذلك الحروب المدمرة؟؟؟ مثل هذه التصرفات لا يمكن أن تسود العالم, بل تحشد العالم كله لمقاومتها والإطاحة بها بما في ذلك أوروبا المنافقة الطامعة, وهذه هي النتيجة التي نلمسها وتتضح أمام أعيننا بالتدريج السريع, ويبدو أن هذه التجربة القاسية التي يتخبط العالم اليوم في آثارها المدمرة لن تعود يوما للسياسة العالمية التي تحاول بكل ما أوتيت من قوة محاصرة الكوارث التي خلفتها العولمة البوشية والإضعاف من تداعياتها العاصفة على أمل الوصول إلى محاصرتها ومن ثم الشروع في إزالة ما يمكن من ركام دمارها الرهيب, على أي حال إن بصيصا من النور قد بدأ يلوح في الأفق من خلال ضياجير الظلام, ولأنه يلقى كل التأييد والترحيب من البشرية جمعاء فقد يتسارع وينبلج صبح جديد على بني الإنسان ليتنفسوا الصعداء بعد الإرها ق الذي لحق بهم والأعصاب المشدودة التي عايشوا بها تلك المرحلة التعيسة من الزمان, إن البشرية لا تطلب من أمريكا والغرب أن يتحولوا إلى ملائكة مرة واحدة, وإن كل ما تريده هو العودة إلى ما قبل هذه الفترة العصيبة, حيث كانت هناك حياة عالمية مستقرة نسبيا, ولم يكن هناك تجاوزات على هذه الدرجة من الخطورة التي تسببت فيها العولمة البوشية, مم جعل البشر يكتمون أنفاسهم هلعا ورعبا لسنوات مرت عليهم كالكابوس البشع, وليس هذا بالكثير على الناس الذين يعمرون هذا الكوكب الأرضي, العيش في هدوء ولو نسبي والتخلص من الرعب اليومي الرهيب لعدة سنوات حكم فيها بوش وعولمته هذا العالم الذي صار جحيما لا يطاق.

ليست هناك تعليقات: