الثلاثاء، 31 مارس 2009

القمة العربية

القمة العربية الجنوب أمريكية
انعقدت واختتمت اليوم القمة العربية الجنوب الأمريكية في الدوحة النشيطة الفيحاء, ودون شك فإن الفضل في ذلك يعود إلى الديناميكية القطرية الممتازة, ولمبادراتها الحكيمة, ومثل هذا الأمر إذا تحقق على مستوى العمل الميداني قادر على قلب موازين القوى في العالم رأسا على عقب, ومرة أخرى بعد بعض الإيجابيات التي ظهرت في القمة العربية التي عقدت البارحة, فإن هذه الحركية والأجواء الإيجابية التي بدأت تطل على السياسة العالمية, هي من نتائج انتهاء الحقبة البوشية المظلمة, وبالرغم من ذلك فإن هذا اللقاء يمكنه تغيير الوضع العالمي تغييرا جذريا. وما جاء في تصريح هذه القمة قد أصاب كبد الحقيقة, لقد كان التصريح مختصرا مفيدا بل هو من قبيل ما قل ودل من الكلام, جملتان فقط لكنهما تزنان جبالا من الأحجار الكريمة إذا وجدت طريق التطبيق والاستمرار, قالت القمة إن اللقاء بين الطرفين يجب أن يكون إستراتيجيا, وأنه لا بد من العمل معا لتغيير النظام المالي العالمي, وبهاتين العبارتين تكون القمة العربية الجنوب أمريكية قد قالت كل شيء ولم تترك لا شاردة ولا واردة, المطلوب علاقة تعاون استراتيجي, والعمل لتغيير النظام المالي العالمي الذي يتخبط العالم بأسره في أزمته الحادة, وذلك بسبب اعتماد الدولا ر الأمريكي عملة مرجعية لكل العالم, وذلك هو سبب معاناة البشر على وجه كوكبنا الأرضي في جميع البلدان, والسبب هو تجاوزات واخطاء جسيمة في التسيير المالي في الولايات المتحدة الأمريكية, إنهم يخطئون أو يعبثون والعالم كله يدفع الثمن باهظا أكثر منهم, وقد سارع البيت الأبيض بعد صدور بيان القمة المختصر المفيد, إلى التصريح بأن الدولار سوف يبقى هو العملة الاحتياطية للعالم أجمع إلى الأبد, طبعا إنه لا يمكن أن يوافقوا على وضع نظام مالي عالمي جديد, لأن ذلك قد لا يكون في صالحهم, ويفقدهم الكثير من مواردهم, وهم لذلك لا يلتفتون إلى مصير البلدان والشعوب الأخرى, إنها أنانية تجاوزت كل الحدود, وعرقلة كبيرة للإصلاح المالي العالمي المنشود. هذا كله واضح تمام الوضوح, حيث لا يمكن لأمريكا أن تكون ضد نفسها, حتى لو هضمت حقوق الآخرين, لكن الملفت للنظر هو هذا الطموح الجارف لأمريكا الجنوبية, والذي نخشى أن يعجز النظام العربي عن مجاراته, ففاقد الشيء لا يعطيه, والسياسة التي لا تقوم على استراتيجية لا يمكن أن تحقق شيئا مهما كان صغيرا وبسيطا, وهو حال النظام السياسي العربي, فكيف يمكن له ان يتعاون على أساس استراتيجي, وهو يحكم بلدانه من غير استراتيجية؟ إن مطلب الاستراتيجية هو مطلب شعبي عربي قبل أن يكون أساسا للتعاون تقترحه - دون شك - أمريكا الجنوبية وليس النظام العربي, ومن المستبعد أن يصل التعاون المنشود درجة الاستراتيجية لهذا السبب الجوهري. أما من ناحية التصريحات على هاش القمة, فقد كان أقواها هو ما جاء على لسان شافيز البطل, الذي قال إن مذكرة الاعتقال يجب أن توجه إلى بوش وبيريز وليس إلى البشير, إنه كلام واضح حاسم يصدر بقوة مثل السهام التي تنطلق إلى أهدافها دون أن تلوي على شيء, نعم يا شافيز هكذا يكون الكلام وإلا فاللوذ بالصوت أحمد, وما معنى هذا التصرف العجيب لهذه الحكمة الاستعمارية البشعة؟ كيف يمكن توجين مذكرة الاعتقال بسبب رفضه للجماعات التي اصطنعوها لتقسيم السودان وتفكيكه حتى يستطيعون الاطمئنان ونهب الخيرات السودانية دون حسيب ولا رقيب؟ هذا الاعتراض للبشير على مخططاتهم الاستعمارية الجديدة تهمة كبيرة يستحق عليها الاعتقال ثم الإعدام, بعد صياغة التهم المناسبة على مهل. والواقع أن نسبة الإبادة والدمار الذي يكون قد اضطر البشير مرغما على إلحاقه بدارفور دفاعا عن وحدة بلاده التي يريدون تفتيتها لأغراض في نفس يعقوب, هذه المخالفات للبشير التي قد تكون وقعت بالفعل لا تساوي ما ارتكبه بوش في العراق وبيريس في غزة وغيرها, بل إنها أصغر منها إن كانت قد حدثت وكان البشير هو بالفعل المسؤول عنها مما فعلا بمقدة بضعة آلاف المرات, فما قول أوكامبو العادل في هذا الأمر؟ وما قول محكمته الموقرة التي أقرت مذكرته وأتخذت قرار التوقيف؟ نعم إن حل هذه الوضعيات الظالمة الحل الأنسب يرتكز أساسا على استراتيجية محكمة واجبة التنفيذ بصرامة, وفي ظل نظام مالي عالمي جديد, هذا هو الحل الصحيح والجذري الذي ينبغي تبنيه والعمل به بكل جدية ومثابرة, ولم لا؟ فقد تحدث المعجزة!

الحقوق محفوظة

ليست هناك تعليقات: