الثلاثاء، 23 يونيو 2009

فصل الخطاب في طهران

فصل الخطاب في طهران

أَمََّ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد/ علي خامنئي المصلين وخطب فيهم خطبة الجمعة, وكأننا في عز أيام الخلافة الراشدة المنيعة, وقد نطق القائد بخطاب الحسم: الانتخابات إنجاز ديمقراطي عظيم للشعب الإيراني - النظام الإيراني هو الأقل فسادا في العالم - الانتخابات نزيهة وحرة- لا للبدع غير الدستورية في إشارة للمطالبة بإلغاء الانتخابات -التزوير مستحيل أن يكون بحجم 11 مليون صوت, في إشارة للفرق بين الأصوات التي حصل عليها الرئيس أحمدي نجاد والمحتج موسوي - تحميل المسؤولية عن الأرواح التي سقطت (7متظاهرين) للطرف الذي أخرج الناس إلى الشارع، في إشارة واضحة لموسوي وجماعته - تحميل مسؤولية ما قد يحدث من إراقة دماء للمسؤولين المتسببين في الفوضى والشغب والتخريب- لا مكان للاحتجاج خارج الإطار الدستوري والقانوني - أوهام أمريكا والغرب بأن ما يحدث هو ثورة شعبية ضد النظام الثوري الإيراني - وصف المرشد الأعلى للموقف البريطاني بالخبث. هذه هي أهم عناصر خطاب قائد الثورة ومرشدها. ومن أصداء الخطاب صدور رفض محافظ طهران لطلب تنظيم مظاهرات غد السبت, مما يعني أن قرار حسم الأمور قد صدر بالفعل. أما عن ردود الفعل الغربية فقد استدعت بريطانيا سفير إيران لديها, ربما للاحتجاج على وصفها بالخبث, كوقد قالت إنها استدعته للاحتجاج على الخطاب, دون أن تفصل في الأمر, كما قال براون إن الاتحاد الأوروبي قد أدان استعمال العنف ضد المتظاهرين, وقد صدر عن البيت الأبيض تصريح ينفي فيه الخلاف بين أوباما ونائبه حول الموضوع, أو كما قيل تباين وجهتي نظرهما لأحداث إيران, كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن مطالبته بالسماح لحرية التظاهر في إيران, بمعنى استسلام النظام الثوري لمحاولة الإطاحة به التي يدعمها الغرب بكل ما أوتي من قوة. ويبدو من الجو العام السائد أن الأزمة قد أشرفت على النهاية بهذا الموقف الحاسم للمرشد الأعلى للثورة, وإن هناك حذر وترقب نظرا للتكالب الغربي الواضح في محاولة يائسة لاستغلال الفرصة إلى أبعد الحدود, ودفعها بكل قوة للإطاحة بالنظام الإيراني الثوري الجمهوري الإسلامي, ويبدو أن السيناريو كان معدا سلفا, إذا أدخلنا في الحسبان ما أعلنته المخابرات ووزارة الداخلية في إيران من اكتشاف عدد من السيارات الملغومة المعدة للتفجير في الأماكن المزدحمة بالناخبين يوم الاقتراع, وأيضا اكتشاف أجهزة متطورة جدا للتنصب على وزارة الداخلية, ثم إن ما يمكن تسميته بالمعارضة قد اجتمع قادتها بعد خطاب مرشد الثورة اليوم في خطبة الجمعة, لذلك فالحذر مطلوب, فرغم الحسم على مستوى الخطاب فما زال الخصم في الداخل والخارج لم يتراجع عن محاولاته نهائيا. نقول نعم للديمقراطية التي تأتي في المرتبةالثانية بعد الثورة الحقيقية, وثورة إيران حقيقية بدليل إنجازاتها العظيمة ووقوفها المبدئي في وجه المطامع الغربية والصهيونية, ثم إن في إيران ديمقراطية هي الأفضل على الساحة العربية والإسلامية والجنوبية عموما إلى جانب الثورة, ولذلك فإن النظام الإيراني هو الأقل فسادا بحق وصدق في العالم قاطبة, فماذا يريد موسوي وجماعته؟ هل يريدون استلام الحكم في إيران بالرغم من نتائج الانتخابات الحاسمة؟ ولماذا يؤيدهم الغرب؟ هل لسواد عيونهم وعيون الديمقراطية؟ إنه منطق غريب وعجيب يمارس باسم الديمقراطية زورا وبهتانا, ولقد كان الأمر في حاجة مؤكدة إلى الحسم الصارم, لكن ذلك لم يتأخر كثيرا والحمد لله, وما على الشعب الإيراني إلا أن يقف صامدا إلى جانب قيادته الرشيدة المخلصة للدفاع عن اختياره وعن مصالحه, لا حبا في نجاد ولا في خامنئي, وإن كانا يستحقان كل حب لمواقفهما المشرفة ولإنجازاتهما العظيمة, أو بالأحرى لقيادتهما للإنجازات الكبرى للشعب الإيراني العريق, وإنما من أجل مصالحه ومصيره. أما عن أوروبا المتحضرة والإنسانية والديمقراطية جدا, فلماذا لا تطالب بحرية التظاهر في البلدان الأخرى للمنطقة, وخاصة منها ذات النظم الموصوفة غربيا بـ "المعتدلة", وعلى أي معيار يا ترى استندت أوروبا وأمريكا لمنح هذه الصفة المحمودة لتلك النظم التي تحكم شعوبها بالحديد والنار, ولا تسمح لها حتى بمجرد إبداء الرأي في شؤونها فما بالك بالاحتجاج في الشارع والتظاهر؟ ألا ينتبه هؤلاء إلى درجة التناقض الفادح التي يقعون فيها؟ ألا يعودون إلى جادة الصواب؟ أم أن الاستعمار كما قيل بحق تلميذ غيبي, ولذلك لا يستفيد من تجارب التاريخ. كنا نظن أن مثل هذه المواقف المخزية قد ذهبت دون رجعة مع الحقبة السوداء لإدارة بوش السفاح, لكن ظننا خاب - للأسف الشديد - ذلك أن المشكلة ليست فقط في التطرف والتزمت والعنصرية والعدوان, بل المعضلة أعمق من ذلك وهي الصراع الدائم والمستمر بين الشعوب وإرادة الهيمنة والاستغلال والاستبداد, إن المواجهة مستمرة ولا نهاية لها إلا بسيطرة الشعوب على مقدراتها ومصائرها عن طريق التحرر بالثورة أو الديمقراطية أو بهما معا, وإلى ذلك الحين فالمهم العاجل هو الحسم في طهران للحفاظ على الشعلة والمنارة الهادية لباقي شعوب الأمة, وليبقى باب الأمل مفتوحا, ولا يتمكن أعداء الأمة في الداخل والخارج من إطفاء الشعلة وهدم المنارة وغلق باب الأمل لا قدرالله, وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز, وإنه سبحانه ينصر من يشاء.

ليست هناك تعليقات: