الاثنين، 26 يناير 2009

من دفاتر الأيام/ الصراع بين الشعوب والأنظمة ومتبوعيها


المواجهة الحاسمة للعدوان الأكبر

سارعت فرنسا إلى إرسال فرقاطتها وأمريكا إلى تنصيب رقابة صارمة في خليج عدن ونظام مصر يغلق معبر رفح مجددا, والتصريحات والاجتماعات والضغوط الرهيبة من كل الجهات المعادية عربيا وعالميا, وحديث محموم عن التسوية, وفي بروكسل يتجدد الحديث بين وزراء الخارجية الأوروبيين وبعض "المعتدلين" وتركيا عن مبادرة النطام المصري المغفور لها بإيقاف القتال من جانب واحد, وإن كان الصهاينة أنفسهم يساومون على التهدئة لمدة عام أو عام ونصف عن طريق النظام المصري "الوسيط", والحقيقة أنه طرف وأي طرف؟ أي أن العروض تدنت إلى العشر, فقد كانوا أثناء الحرب يطالبون بعشرة أو خمسة عشرة سنة من التهدئة وبدون مقابل, أي بدون إيقاف للعدوان, لأنه يجب أن يقضي على حماس وعلى المقاومة ويفرض التسوية التي تعني الاستسلام التام وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا ومعها بطبيعة الحال المصير العربي كله. الآن يتحدثون عن عام ونصف من التهدئة أي أقل بعشر مرات مما كانوا يريدون, إنهم في منتهى الاضطراب لا يعرفون كيف يتصرفون, وتلك هي حالة المهزوم, أما الطرف المنتصر الشعب في غزة ومقاومته والممانعون فإنه يتحدث باتزان ووضوح وباقتصاد في الكلام المتسق السليم من التناقضات, وهو شأن المنتصر, إن الشعب في غزة قد انطلق بما لديه في إعادة إعمار بلده من الخراب الهولاكي المجرم, ومقاومته وزعت عليه ما تملك من المساعدات المادية والمالية, وتقول إني أبحث بمرونة في مدة التهدئة المعروضة, وقبل أي حديث في هذا الموضوع ينبغي فتح المعابر بصفة كلية ودائمة, وإني مواصلة جلب السلاح إلى غزة والضفة الغربية, وما عجزتم عنه بالعدوان الأصغر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنالوه بالعدوان الأكبر المدمر والمبيد, لكنني لكم بالمرصاد في هذه المعركة الأشرس والأكبر ولن تفلحوا فيها أبدا. لقد بدأ تحرك الأصدقاء عربيا وإسلاميا وعالميا في اتجاه الوقوف في وجه العدوان الأكبر الغاشم, وقد صارت المطالبة بفتح المعابر وإيجاد الجهة الجديرة بالثقة للإشراف على إعادة الإعمار بكل سرعة وفعالية وأمانة تشتد شيئا فشيئا بالرغم من التعتيم الإعلامي على هذه الحرب الأكثر فتكا, أما وقد أصبحت الشعوب هي التي تواجه بمقاومتها وصمودها فإنها لا تقهر, وإنهم يحاولون عبثا ثنيها عن مسيرتها المباركة, ولن يحصدوا غير الشوك الذي زرعوا, وما عليهم إلا أن يجلسوا للتفاوض بجدية مع المقاومة من أجل بلوغ بعض الحلول المرحلية وحقن الدماء مؤقتا على الأقل, وأن يضعوا في حسبانهم أنه لا سلام ولا نقول استسلام كما تفعل الأنظمة "المعتدلة" إلا بنيل الشعب الفلسطيني لحقوقه كاملة غير منقوصة, وانطلاق استراتيجية التنمية الشاملة المستدامة والمتمحورة حول التنمية البشرية في الوطن العربي كله, قبل هذا لن يغمض لهم جفن ولن ينعموا بالأمن والاستقرار لأن خصمهم عنيد وجاهز للتضحية إلى أقصى مدى وهو بذل الحياة بكل سخاء في سبيل التحرر والكرامة والرفاه.

بن سي رابح
أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: