الخميس، 29 يناير 2009

من دفاتر الأيام/ أردوغان العربي

صورة رئيس الحكومة التركية العظيم - رجب طيب أردوغان- وهو يلقي خطابه في مؤتمر"دافوس" مطالبا بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة لكونها ترتكب فظائع وترفض قرارات الأمم المتحدة, وفي تطور لاحق غادر السيد/أردوغان المؤتمر احتجاجا على أنه لم يمكن من الرد على افتراءات رئيس الكيان الصهيوني "شمعون بيريز" بشأن العدوان البشع الأكثر إجراما في التاريخ على غزة.

http://www.alterinfo.net/photo/1184895-1538702.jpg?v=1232115390


عود على بدء

غارات وموتى وجرحى ودمار ورد بصاروخين على سديروت وتهديد بعدوان موسع على غزة تماما نفس الجو السائد قبل عدوان الإبادة والتدمير الذي توقف بعض الشيء منذ إحدى عشرة يوما. وبيريس رئيس العصابة يذهب إلى دافوس ليستقبل بكل حفاوة!!! ثم يلفق أقاويل عن الحرب المجرمة الأخيرة وتقبل تماما, وكيف لا؟ وأوروبا و"المعتدلون" يحملون حماس مسؤولية العدوان الهمجي؟؟؟ لكن الخير لا ينقطع من الأمة إلى قيام الساعة, فقد تكلم أردوغان العظيم وهو أشرف عربي مع شافيز البطل, وطالب بطرد الكيان المجرم من الأمم المتحدة, وفي حضور أمين عام الجامعة المدعوة عربية, الذي لم ينبس ببنت شفة, وكيف يفعل وهو كبير موظفي الجامعة التي صنعتها بريطانيا الاستعمارية لتحافظ على استمرار وجودها حتى ولو غابت ماديا؟؟؟ ثم كيف يفعل وهو موظف لدى النظام المصري الذي يحارب حماس والمقاومة أكثر مما تفعل إسرائيل, ويخنق العمل التحرري في رفح؟؟؟ وبالمناسبة نقول إنه ليس من الطبيعي ولا المنطقي أن يكون أمين عام الجامعة من دولة المقر, هذا خطأ جسيم لأن معناه هو أن هذه المنظمة وإن كان عدمها أحسن من وجودها لا يمكنها أن تخرج عن فلك سياسة دولة المقر, وهاهو أردوغان يمثل العرب أحسن تمثيل وما هو في الحقيقة بعربي, لكنه فعل ذلك لكونه مسلما أولا ثم لكونه إنسانا ثانيا, ولم يفعل عمرو موسى لأن القيم قد انتحرت على عتبة نظامه المصري الغريب الأطوار.

وها هو جورج ميتشل يصرح مرددا شروط إسرائيل بأن فتح المعابر لا يكون إلا عند توقف دخول السلاح إلى غزة والامتناع عن إطلاق الصواريخ, أي بعد الاستسلام, فما أشبه اليوم بالبارحة, هكذا كانت تقول رايس ورئيسها وجماعته, وهذا ليس بالأمر الغريب عن أمريكا التي تناصر العصابة الصهيونية وتحميها, نعم هكذا كانت أمريكا دوما, لكنها قبل بوش لم تكن تؤيد كل شيء يفعله الصهاينة بما في ذلك الجرائم في حق الإنسانية, لكن ليعلم ميتشل إن كان هذا هو كل ما عنده, يأتي إلى الكيان الصهيوني فيملي عليه ما ينبغي أن يقول فيفعل كالببغاء تماما, ليعلم أنه إنما يضيع وقته, وأن الأمر في المنطقة قد تغير جذريا, فالمعركة من هنا فصاعدا ستكون مع الشعوب, لقد انتهى زمن الأنظمة التي أضاعت البلاد والعباد, ولأ يرجى منها شيئ بعد ستين عاما من الفشل والخضوع والخنوع ثم الاستسلام, ولغة الشعوب المعتمدة هي المقاومة, أما الاستسلام الذي تحلم به الصهيونية مؤيدة بحلفائها وأتباعها, والذي يلهج به النظام المصري ومعه ميتشل, هذا الاستسلام لا يوجد في قاموس الشعوب, فليقولوا قولا مقنعا أو يصمتون, وليكن في علمهم أن المراوغات واللف والدوران المتبع في مسألة إعادة الإعمار لن يذهب بهم إلى بعيد, إن هذه الأموال التي مهما بلغت فإنها تبقى رخيصة في حق الشهداء الرضع والأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل, وهي ملك لشعب غزة البطل المثخن بالجراح والمفجوع في فلذات أكباده والمنكوب في سكناته ومرافقه العامة وحقوله وكل أسباب الحياة, هذا الشعب له من يمثله, وهي الحكومة التي انتخبها بكل حرية وديمقراطية كما أوصى الغرب واعترف بأن العملية كانت شفافة ونزيهة لا تشوبها شائبة, ثم ينقلب الغرب على ذلك ومعه "المعتدلون" وربما بطلب منهم, ويدرج حماس المنتخبة انتخابا حرا ديمقراطيا نزيها في قائمة الإرهاب, ثم يتعامل معها على هذا الأساس الواهي الذي يبرر به بعد ذلك كل ما ترتكبه عصابة الصهاينة من جرائم نكراء على غزة الصامدة. ها هي أجواء الحرب تخيم من جديد, وهي في الحقيقة لم تتوقف حتى أيام الهدنة الماضية, ولا يمكن أن تتوقف وعبثا يحاولون ما دام الشعب الفلسطيني لم يحصل على حقوقه المشروعة كاملة غير منقوصة, ومن حقه أن يقاوم بكل ما يملك وهذا طبقا للقوانين والأعراف الدولية الموثقة وغير الموثقة, فهل هناك قانون دولي واحد أو شبه قانون يبرر العدوان ويشرع له؟؟؟ وهكذا هي تناقضات الغرب ومن لف لفه من الأتباع والمنبطحين, من جهة يدافعون عن الشرعية نظريا لكنهم عمليا يدعمون الطرف الآخر الذي يمارس أعمالا عدوانية إجرامية ويغضون الطرف عن مخالفتها للشرعية والقوانين الدولية, بل يسلحونه بأحدث ما تنتجه مصانعهم الحربية من وسائل التدمير والتخريب والإبادة, ألا إن ساعة الجد قد دقت, وليعلم الغرب وأتباعه وخدمه أن الشعوب قررت نهائيا وعن قناعة راسخة لا تتزحزح أن تتولى أمرها بنفسها وأن تتخذ من المقاومة وسيلة مفضلة للدفاع عن النفس والتحرير, وأن المسيرة المباركة قد انطلقت فعلا في الميدان, ومهما كانت الكلفة كبيرة, فكل شيء يهون في سبيل عزة الأوطان وكرامة الإنسان, فليدمر الصهاينة وليقتلوا ما شاءوا بالسلاح الأمريكي, لكنهم لن ينعموا بشيء من الراحة وهدوء البال, وعليهم أن يدركوا دنو نهايتهم الحتمية بكل تأكيد فالقرار حاسم وتنفيذه لا رجوع فيه ولا تردد, وسوف يعضون بنان الندم بعد فوات الأوان, فيقولون يا ليتنا قبلنا بالتفاوض الجاد والوصول إلى حلول معقولة من شأنها أن تسمح لنا بالوجود على أرض اغتصبناها ولو لفترة متوسطة, فالشعوب لن تقبل بمنح أراضيها ولا ببيعها والسمسرة فيها, وما هي إلا غشاوة سوف تزول عن الأعين بتعمق الوعي في النفوس وتوسع المدارك بفعل مرور الزمن وبفضل وسائل الاتصال والإعلام العملاقة المحركة لآلية الوعي والفهم, وعند بلوغ درجة معينة من امتلاك الثروة البشرية, سوف تنتقل الشعوب ضرورة إلى مرحلة التحرير الكامل لأرض فلسطين السليبة من النهر إلى البحر, ولن ينفع الكيان الصهيوني أي شيئ بما في ذلك ترسانته النووية التي سوف يستعملها دون ريب في لحظة اليأس, وهو أمر لا تغفل عنه الشعوب ولا تستبعده مقاومتها الباسلة, غير أنها لا تخاف منه ولا تتردد في المضي إلى هدفها المنشود داركة بأن الكلفة باهظة لكنها ليست مبررة للاستسلام والمهانة والذل والتفريط في الأوطان



بن سي رابح

أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: