الأحد، 25 يناير 2009

من دفاتر الأيام/ من يشرف على إعمار غزة

غزة من العدوان الأصغر إلى العدوان الأكبر
من يشرف على إعمار غزة؟

أهلنا في غزة في العراء مهددين بالموت بردا ومرضا وجوعا, والسياسة والديبلوماسية الشرساتن حربان مستمرتان بطريقة أخرى على شعب غزة الأعزل الصامد, إنها تجارة رخيصة مجرمة, تماما مثل الحرب الصغرى, أو أضل سبيلا, لا تشفق ولا ترحم, وجماهير العالم المعزولة عما يجري إعلاميا لا زالت تتضامن مع ضحايا الحرب الصغرى, مغيبة عن الحرب الكبرى الجديدة التي جاء دورها الأكثر فتكا من سابقتها, تلك حرب إبادة وتدمير معلنة على الملإ, وهذه تثبيت للإبادة والتدمير دون أن تصل أصداؤها إلى الرأي العام حتى يحتج ويتضامن ويضغط بما لديه من وسائل مؤثرة دزن شك. شعب غزة المجاهد البطل وحده, يباد الآن بمشاركة كل الأطراف التي كانت متحاربة, ويؤجل الشروع في إزالة الدمار الملحق بمدنه, كما لم يحدث الدما رعلى مر التاريخ أبدا, والغريب أن وسائل الإعلام لا تظهر هدا الأمر إلا على أنه أمر عادي مثل أي خبر عن الأحداث اليومية, وكأنها لا تبالي بالأمر, أو لا تلتفت إلى جانبه المأساوي, ربما لأن الوسائل الإعلامية المهيمنة تريد إخفاء الحرب االكبرى لأشرس والمتواصلة بطريقة أخرى, فتنجر وراءها الوسائل الإعلامية الجهوية تقليدا ونقلا كما هو معتاد, وربما يضاف إلى النقل العادي دون تعليق عما يرد إليها من أحداث اعتبارات خاصة بكل قطر ومنها المواقف السياسية المتواطئة كلها في الحرب االكبرى الجديدة, التي تمدد مأساة شعب غزة وتعرضه للإبادة دون مغيث. لا زال النظام المصري يحكم إغلاقه القاتل لمعبر رفح, وقد تكون إسرائيل أرحم منه في فتح معابرها لاعتبارات إنسانية أو لبعضها, فحتى ذلك العدد الصغير من الأطفال الجرحى المتوجهين للعلاج في فرنسا, لم تشفع لهم جراحهم الغائرة ولا آلامهم المبرحة ولا براءتهم الملائكية لدى زبانية النظام المصري في رفح بالعبور والسفر, إنه منطق الإبادة الذي يمارسه "المعتدلون" أكثر مما يمارسه الصهاينة أنفسهم, كان من واجب المقاومة والممانعين أن يتحركوا بقوة أكثر مما فعلوا أثناء الحرب الصغرى لفرض حل مصيري حاسم, وإيقاف هذه الحرب الأكبر والأشرس, التي يريد كل طرف بممارستها الوصول إلى هدفه الذي عجز عن بلوغه بالحرب الصغرى. وها هم الصهاينة يصرون على الحصار والغلق بلا سبب أو بتبريرات أوهي من بيت العنكبوت, وآخرها اشتراطهم إطلاق سراح شاليط متجاهلين أنهم انتقموا له آلاف المرات, وأي انتقام؟ لقد سجنوا نواب حماس أو عددا كبيرا منهم بمن في ذلك رئيس المجلس التشريعي نفسه انتقاما لشاليطهم الهمام, والغريب أن هذا الأمر الفظيع مسكوت عنه فلسطينيا وعربيا وعالميا!!! ويا للعجب, مما يجعل العدو الصهيوني يتجرأ على المطالبة بسراح شاليطه العظيم!!! ويجد من يتضامن معه عالميا وعربيا, فأي مهازل هذه التي تحدث في هذا العالم البائس؟ ولا تجد من يدينها أو حتى يملأ الدنيا ضجيجا بفضحها!!! ألا يكفي اعتقال نواب شعب منتخبين بمن فيهم رئيسهم مقابل هذا الشاليط؟ أو أن الصهاينة يعلمون حق العلم أن العالم مبلي بالنسيان, وأنهم من مهندسي هذا الوضع الإعلامي البائس لامتلاكهم وسائل الإعلام الكبرى في العالم, وتأثيرهم عن طريقها وبطرق كثيرة أخرى على الرأي العام وعلى الصورة الإعلامية المسوقة عالميا, لذلك يتصرفون وكأنها لم يرتكبوا الفظائع من أجل شاليطهم فيعمدون إلى جعل إطلاق سراحه شرطا لفتح المعابر بصورة تامة ودائمة كما تنادي بذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي, وحتى أوباما الذي بدأ السير تقريبا على خطى السفاح بوش, قد تحدث عن فتح المعابر تحت الرقابة الدولية. أما أن يجعل الفلسطينيون مسألة إعادة إعمار غزة محلا للنزاع والحرب بينهم, فهذه هي مأساة المآسي, والمطلوب من الممانعين ومن الإعلام العربي الحر أو الذي لا يمنع من التركيز على هذا الموضوع المصيري أن يضغطوا بكل ما أوتوا من قوة لإيقاف هذه الحرب الأكبر الصامتة القذرة, ولإيجاد الحل سريعا قبل أن يستفحل الأمر وتبدأ الأوبئة والأمراض الفتاكة في حصد شعب غزة وإبادته عن آخره, إن الأطباء والمنظمات الصحية والإنسانية التي توجد نوعا ما في القطاع تستغيث يوميا مطالبة بمواجهة الكارثة الوشيكة الوقوع على الأقل بممارسة الوقاية الصحية, وتطالب بفتح المعابر بالكامل أمام الساعدات الإنسانية والصحية منها خاصة, ولكن دون جدوى, فالصديق قبل العدو منشغلا بالحرب الأكبرالجديدة بحثا عن الزعامة أو الاصطفاف في تيار معين أو عن المال والجاه أو عن إبادة شعب غزة نهائيا, ألا يستحق هذا الوضع الكارثي التفاتة من الإعلام العربي والممانعين والمقاومة والشرفاء في العالم, إن مثل هذه الالتفاتة الواجبة والحيوية من شأنها أن تحرك الرأي العام العالمي وتجند الجماهير في سائر أنحاء العالم لتقوم بدورها المؤثر كما فعلت أثناء العدوان الصهيوني المجرم, حتى يعلم الناس أن ما يجري الآن هو أشد إيلاما وإجراما وإبادة لشعب غزة الصامد الأبي.
بن سي رابح
أستاذ مقاعد من الجزائر العاصمة

ليست هناك تعليقات: