الثلاثاء، 27 يناير 2009

العدوان الأكبر

الصهاينة ومعهم أمريكا وأوروبا والغرب كله ومن ارتبط به والأنظمة العربية "المعتدلة", يمارسون العدوان الأكبر بشراسة منقطعة النظير, يبدو أمامها العدوان العسكري المجرم أصغر من الصغير فعلا, يريدون تحقيق مالم تحققه جريمة الإبادة والتدمير بطرق أخرى يسمونها ديبلوماسية وسياسية وهي في الحقيقة عديمة الإسم لكونها ممارسات لا إنسانية جنونية, إنهم يبغون حماية مصالحهم بأي ثمن ولو كان الحفاظ على إبادة شعب غزة بالجوع والمرض والأوبئة وتركه بلا مأوى, ومحاصرته من كل الجهات بما فيها البر والبحر والجو حتى لا يصل إليه الغذاء والدواء ولا نتحدث عن السلاح فليس عبثا إعادة إحكام غلق معبر رفح لولا أن الصهاينة أخبروا النظام المصري بقصف الأنفاق من جديد كما يقولون, اللهم إلا إذا كانت هذه مجرد ذريعة لاستعمال سلاح الحصار الفتاك.
لكن الجانب الآخر شعب فلسطين ومقاومته البطولية ومن معهم من الممانعين وأحرار العالم لا ينتظرون من العدو حلولا بل بادروا
(مدرسة من الخيام فى غزة) إلى إبداع الحلول الممكنة, وخلقوا مجتمع الخيام المحتضنة لكل المرافق, وهاهم الأطفال يدرسون في مدرسة خيمة, وها هي إيران العظيمة تفضح الجميع من صف العدو, وتقرر إعادة إعمار برلمان فلسطين و4000 مسكن وإقامة مستشفيات ميدانية على عجل, وغير ذلك مما أعلن عنه أو لم يعلن مثل المساعدات العسكرية والمالية. إن أوروبا تتباكى نفاقا على فتح المعابر حتى تبعث المساعدات العاجلة, وتشرع في إعادة إعمار غزة, وتترجى الصهاينة أن يفتحوا لها المعابر, وليس في وسعها أكثر من الرجاء والاستجداء لأن قرارات العصابات الصهيونية قدر محتوم لا يغيره غيرها, ويريدالأوروبيون أن يتملصوا من مسؤولياتهم الثقيلة بهذه الحيلة الساذجة, ومن المؤكد أنهم يترجون سرا من الصهاينة ألا يفتحوا المعابر, حتى يساهموا بواجب إبادة شعب غزة وتدميرها بطريقة أخرى, وكيف لا؟ وهم الذين أصروا على اندلاع العدوان المجرم وشجعوا على استمراره إلى أن عجز الصهاينة على الاستمرار ورفضوا لكل الأطراف المتسترة وراءهم طلب الاستمرار, ففروا من المعركة بإعلان وقف القتال من جانب واحد. أما مهزلة السلاح التي جن جنون الأطراف المعادية من دخوله إلى فلسطين وغزة خاصة, وكيف يمنعون ذلك؟ فشيء غير قابل الإخضاع للمنطق ولا للعقل أبسط درجات العقل, إنهم يبحثون عن معجزة تجسد إرادتهم العدوانية الإجرامية على الأرض بتكبيل الضحية وحرمانها من أبسط وسائل الدفاع عن نفسها, حتى يجهزوا عليها بكل سهولة, ولا يتذكر أي واحد منهم ولو للحظة ما يصل إلى الصهاينة من أسلحة فتاكة ومنها المحرم دوليا, وما استعملته هذه المرة من قنابل فسفورية ومن قنابل ذرية أمريكية صغيرة ومن يورانيوم منضب, أما عن القنابل العنقودية والانشطارية والأسلحة الجديدة المجربة لأول مرة على أطفال غزة ونسائها وشيوخها وشعبها الأعزل الصامد رغم كل هذا صمودا أسطوريا, فحدث ولا حرج, هذه الوسائل الجهنمية التي تتدفق على إسرائيل المجرمة عبر الجسور الجوية والأساطيل البحرية والتي أغلبها لا تدفع ثمنها لأنها هبة أو بقروض يكون مصيرها المسح في نهاية المطاف, هذه الترسانة الأقوى في العالم كله والمتجددة يوميا بعناية الغرب وأتباعه بما في ذلك الأموال الطائلة "للمعتدلين", هذه الترسانة المقامة لإبادة الشعب الفلسطيني وجيرانه من شعوب الأنظمة "المعتدلة" عن آخرها لا يرونها ولا تقلقهم ولا يذكرونها ولو بكلمة واحدة, وها هي سفينة أمريكية عملاقة تعبر قناة السويس بكل حرية وترحاب لتوصيل الذخيرة إلى الصهاينة تعويضا لهم عما فقدوه وزيادة, إن صف العدو هذا قد فقد صوابه وقد هوى إلى الدرك الأسفل من الإنسانية والمنطق, وهو يترنح ويخبط خبط عشواء غير مصدق ولا مسلم بالهزيمة النكراء التي ألمت به, والتي إن أصر على جرمه وعمائه ستتبع بهزائم أنكر منها, وبأن ساعته إن هو صمم على غيه قد دنت، فمن كثر شره قربت نهايته, وبئس المصير.
بن سي رابح
أستاذ متقاعد من الجزائر العاصمة

ليست هناك تعليقات: