الأربعاء، 28 يناير 2009

وقف إطلاق النار من جانب واحد يخرقه نفس الجانب بعد عشرة أيام

قصف الشريط الحدودي مجددا
صورة لحفرالأنفاق المستهدفة

http://www.lepoint.fr/content/system/media/1/200901/32249_une-tunnel-rafah.jpg

بعد عشرة أيام من وقف القتال من جانب واحد, ها هو هذا الجانب يشن غارة على خان يونس تخلف جرحى ولا زلنا لم نعرف الخسائر المادية المحتملة, ويقتل اثنين من الفلسطينيين المدنيين العزل بقصف مدفعي جنوب القطاع, ويقصف الشريط الحدودي مع مصر كما تنبأ بذلك النظام المصري عند غلقه الأخير لمعبر رفح بالكامل, ويجرف الأراضي في جهة أخرى من غزة, والمجلس الوزاري الأمني لمصغريجتمع لدراسة الرد على العبوة الناسفة, وغير هذا من مظاهر العدوان المتجدد, وهاهي كلينطون تقول مثل سيئة الذكر رايس لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ولا يمكن السكوت عن الصواريخ التي تسقط على أراضيها, أما جلعاد المفاوض الإسرائيلي فقد صرح بأن النظام المصري يعتبر حماس عدوة له لأنها في نظره تهدد استقراره ووجوده. وهكذا يتضح من جديد ومنذ ظهورهم على صفحات التاريخ أن الصهاينة لا يؤتمنون ولا عهد لهم, والمشكلة على أي حال ليست فيهم, وإنما فيمن يحميهم ويؤازرهم ويأتمر بأوامرهم, هم من جانبهم يطبقون عقيدتهم المحرفة وتوجيهات حاخاماتهم التي مفادها ألا مكان لغيرهم من البشر إلا أن يكونوا خدما وعبيدا لـ"شعب الله المختار" وإلا يبادون نهائيا هم وحيواناتهم وشجرهم ما عدا من يصلح منهم للسبي والاستعباد مثل النساء والعبيد, سياسة الصهاينة هذا هو دستورها بل عقيدتها الدينية الراسخة والمحرفة, فمن المعروف أنهم لا دستور لهم لأنهم يترفعون عنه بتعاليمهم الدينية المحرفة, هم هكذا علنا ودون مواربة, فماذا عن حاميهم ومؤيدهم وخادمهم, هذه الفئات الضالة والمتورطة في الجرائم الصهيونية الشنيعة لا يهمها معتقد الصهاينة ولا فظاعة ما يرتكبونه من جرائم بشعة, ما يهمهم هو مصيرهم الذي يرتبط آليا وبإحكام تام بمصير الكيان الصهيوني, حيث إن زوال هذا الكيان ينتج عنه حتما زوال الوجود والنفوذ الاستعماري الغربي وغير الغرب من العالمين العربي والإسلامي نهائيا, وقبل ذلك تزول الأنظمة العميلة التي تكون قد فقدت أسباب وجوده تماما, ولا يمكن لها الاستمرار في غياب حاميها الغربي والصهيوني. من أجل هذا تسارع الصهيونية مؤيدة من هؤلاء بالعودة إلى القصف المدمر والمجرم, ولا يمكن أن تتوقف عنه حتى بعد اتفاق إمضاء وقف القتال مع المقاومة, لأن هدفها هو الإبادة النهائية لشعب فلسطين والشعب العربي كله إن استطاعت إلى ذلك سبيلا ومن يقفون وراءها ويدعمونها أو يأتمرون بأوامرها لا يعترضون عن أي شيء تقوم بها مهما بلغت درجة فظاعته لأن مصيرهم يرتبط بمصيرها, وبئس المصير, ولأن الرهان هو في مستوى الوجود ذاته, الحياة أو الموت .

أما كلينطون الذي تردد كلام "رايس" فهي تغامر بالفرصة التي ساقتها لها الأقدار لتكون من الخالدين, ألا إن التاريخ لا يرحم ولا يساوم فإما أن يضع رواده في مراتب الصالحين الذين شيدوا ورفعوا البناء شامخا لفائدة الإنسان, أو يرميهم في مزابله مع الأرذال والمنافقين والمفسدين في الأرض, حيث يخلدهم بهذه الأوصاف الرخيصة المقززة, وعلى السيدة كلينطون أن تختار بين المرتبتين قبل فوات الأوان, فإذا سارت على نهج "رايس", فلتعلم أنها سوف ترمى معها في سلة مهملات التاريخ, ولن تذكر على مر القرون والعصور إلا وتشيعها اللعنات, والعياذ بالله.

ولا نتوقف كثيرا عند عبقرية النظام المصري الذي أعاد الغلق الصارم لمعبر رفح قبل يومين, بعد أن كان مفتوحا بنسبة ضئيلة جدا, بدعوى أنه متخوف من إعادة إسرائيل لقصف الشريط الحدودي لتدمير الأنفاق, حيث قال إنه يتخوف ويتوقع, فهذا ليس بعبقرية, والأمر لا يعدو أن يكون أن الصهاينة أخبروه بذلك, أو أنه ألح في الطلب منهم ليعيدوا القصف, أو نتيجة اتفاق بين الجانبين على إعادة القصف لعلهم يحققون حلمهم في منع دخول الأسلحة إلى غزة, ولكن هيهات أن يتحقق حلمهم مهما قصفوا وأجرموا ودمروا, لسبب بسيط هو أن المقاومة من الشعب, وإرادة الشعوب لا تقهر "إن كانوا يعقلون".

بن سي رابح

أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: