السبت، 7 فبراير 2009

حرب الحصار

حرب الحصار
عدنا إلى أسوأ مما كانت عليه الوضعية قبل العدوان المجرم, وكأن الحرب ألغيت تماما, ذلك لأن نتائجها كانت لغير صالح العدو الغاصب وجماعته, جاء في الأخبار اليوم أن الكهرباء تقلصت وفي الغد تتوقف نهائيا بسبب نفاذ الوقود, والعالم كله يتفرج ولا يحرك ساكنا, الحصار الآن أشد مما كان قبل العدوان الهمجي, وقد انضافت إليه قضية تهريب السلاح والبحث عن الأنفاق وتدميرها أو تغطية القصف العشوائي للمنازل والمؤسسات المدنية بهذه الحجة الجديدة, تدمير الأنفاق, والواقع أنهم يبحثون عن خنق المقاومة حتى الموت, ولا يهم أن يسود الظلام غزة, وهي اليوم تضمد جراحها المثخنة, وبالطبع فإن كثيرا من الأرواح ستزهق بسبب توقف الكهرباء, لأن الكثير من الجرحى لا يستطيعون المقاومة لوهنهم وخطورة إصاباتهم, فإذا توقف عمل الأجهزة الكهربائية كلها, فسيموتون بعد فترة وجيزة وهو أمر مقصود تماما للضغط على المقاومة المنتصرة وفرض الاستسلام عليها فرضا بهذه الطرق المقززة, وهو ما يرفضه شعب غزة البطل مالك المقاومة وصاحب القرار, فالشهادة عنده أشر ف من الاستسلام, فليقتلوا إن أرادوا وليبيدوا ما شاءوا فلن ينعموا بالاستقرار والأمن حتى آخر فلسطيني على قيد الحياة, لقد فقدوا صوابهم, وهم لا يصبرون على غياب وفد المقاومة الشريفة عنهم ليوم واجد, فسرعان ما يطلبون بإلحاح عودته إلى طاولة المفاوضات, بل المساومات المنحطة على دم أطفال فلسطين الذين كتبوا النصرالمبين بدمائهم الطاهرة, لقد كانت هبة شعوب الأرض جميعها من أجلهم خاصة, وهم يشاهدونها على المباشر في كل أرجاء العالم, فلم يطيقوا صبرا, وكان أن خرجت الشعوب عن بكرة أبيها تصرخ غاضبة مستنكرة بل مزمجرة, وكان لها ما أرادت حيث اضطر العدو المجرم إلى توقيف القتال من جانب واحد, لأنه لم يكن قادرا على مواصلته ولو لبضع ساعات بسبب الضربات الموجعة التي كان يتلقاها على الأرض, وبسبب سخط شعوب العالم قاطبة, فكان أن فر فرارا من أرض المعركة, كما فعل دائما عند اصطدامه بالمقاومة المجاهدة. وها هو وأتباعه وعبيده يمارسون الحرب الكبرى حرب الحصار والقتل البارد الذي هو أشد فتكا من القتل الساخن بالرصاص والصواريخ والقنابل المحرمة دوليا, ففي تلك الحالة تتم العملية بسرعة ولا يتألم صاحبها إلا للحظات أو أنه لا يشعر تماما بما وقع له إن هو استشهد, أما هذه الحرب البالغة القسوة فألمها أكبر وليس لها نهاية, سواء كانت بجوع أو مرض أو بمعاناة أخرى مثل الجراح والإقامة في العراء, ومعاناة الجوع والمرض في عز الشتاء القارص, لقد أعلنوا حرب الحصار أكثر مما كانت منذ سنوات خلت, غير آبهين باستغاثة المستغيثين الذين عانوا ولا زالوا يعانون أكثر من آثار الدمار والإبادة, فأين هي الإنسانية, كيف لا تثور لهذه الحرب الكبرى بعد أن ثارت بسبب الحرب الصغرى التي وضعت أوزارها نسبيا منذ أيام؟ إن شعوب العالم مطالبة بالثورة أكثر مما فعلت بكل روعة زمن العدوان االصهيوني الأشد من لنازي المجرم على غزة, فيا شعوب العالم إن الحصار يقتل أطفال غزة جوعا ومرضا وجرحا, أفلا تنجدون البراعم الجريحة؟ هبوا كم هببتم زمن الحرب الصغرى لإيقاف جريمة الحرب الكبرى, حرب الحصار والتجويع والإذلال والمبيت في العراء, إن جريمة الحصار في هذه الظروف القاسية هي أكبر الجرائم التي شهدها التاريخ منذ أن تكونت المجتمعات ونشأت الصراعات والحروب الطاحنة, غير أنها لم تصل أبدا إلى هذا الحد من البطش والمنكر والإجرام, غزة الرائدة في حاجة إلى وقفة من كل أحرار العالم, إنها في أمس الحاجة إليها حتى تساعدها على مواصلة الدرب إلى حيث لا حصار ولا جدار ولا جرائم نكراء, إن غزة في حاجة إلى شيء من استلقاط الأنفاس, لتواصل مجددا ودائما أبدا جهادها, ولن تتوقف عن ذلك ما بقي صهيوني واحد على أرض فلسطين الطاهرة, لقد أفصحت غزة بعبقرية عن إرادة الشعوب في المقاومة إلى النهاية, التي هي نهاية الاستعمار والعتصرية واللاإنسانية.

ليست هناك تعليقات: