الجمعة، 20 فبراير 2009

رفض التهدئة

رفض التهدئة

طرح الصهاينة شرطا تعجيزيا ليكون رفضهم لاتفاق التهدئة مقنعا نوعا ما, إطلاق سراح شاليط مقابل التهدئة برفع الحصار وفتح المعابر, لا شك أنهم رفضوا بهذه الطريقة الملتوية من أجل تجنب مضاعفات قد تحدث في علاقتهم بالنظام المصري, الذي اعترف بأن مجهوداته تعرضت لنكسة بهذا الرفض الصهيوني للتهدئة في آخر لحظة قبل توقيع الاتفاق, وفي الحقيقة أن الكيان العنصري العدواني ليس في حاجة إلى تهدئة, لأن خسائره في المناوشات اليومية لا تكاد تذكر, بينما غاراته تحدث خسائر كبيرة لدى الجانب الفلسطيني في الأرواح وفي المجال المادي المتنوع من مباني وتجهيزات وغيرها, أما الصواريخ التي تسقط في فلسطين المحتلة ففي الغالب لا تحدث شيئا أو قد تتسبب في خسائر مادية طفيفة, وفي حالات نادرة قد تؤدي إلى جرح شخص أو أكثر جروحا خفيفة, فالأمر لا يقلقهم أبدا من جهة الخسائر, وإنما يزعجهم لأسباب معنوية, أهمها استمرار المقاومة من حيث المبدأ, وما خاضوا الحرب المجرمة الفاشلة كحملة انتخابية إلا من أجل القضاء نهائيا على المقاومة الصامدة, وفرض الاستسلام التام على غزة المجاهدة, إنهم لو أرادوا التهدئة لأنهوا الحرب باتفاق لوقف إطلاق النار يتضمن التهدئة بعد التفاوض غير المباشر, لكنهم أنهوا القتال من جانب واحد, وذلك لكي لا يتقيدوا بالتهدئة, حيث إنهم يمارسون العدوان الإجرامي يوميا, كما كانوا يفعلون دائما قبل الحرب, ويظنون أنهم إن لم يقضوا على المقاومة بهذه الاعتداءات اليومية فإنهم يستطيعون إضعافها واغتيال بعض القيادات المزعجة فيها, وما إلى ذلك من الإنجازات العدوانية التي يمارسونها لما يرونه فيها من فوائد عسكرية ومعنوية في صراعهم الظالم مع المقاومة الشريفة وشعبها الأبي. ثم إن الفترة الانتقالية بعد انتخاباتهم الأخيرة, ربما لها بعض الدخل في قرارهم الرافض للتهدئة, حتى لا تضطر الحكومة الجديدة إلى إلغائه أو تعديله بعد فترة وجيزة, دفعا للإحراج وللظهور أمام العالم بمظهر الاضطراب وعدم الجدية, وإذن لماذا كانوا يتفاوضون في هذا الموضوع لأسابيع مرت, منذ انتهاء عدوانهم الغاشم على غزة المنيعة؟ لا شك أن الإجابة عن هذا السؤال متشعبة ومعقدة, فضلا عن عوزها إلى معلومات لا يملكها إلا الرسميون في بعض الحكومات المعنية, إلا أن السياق العام يشير إلى وجود تردد واضطراب لدى حكومة الصهاينة, ذلك أن الفشل الذريع في تحقيق أهداف العدوان السياسية والعسكرية, وأهمها خيبة الذين اختاروا القيام بحملتهم الانتخابية بهذه الطريقة الإجرامية, فكان نصيبهم المستحق الرفض في الانتخاب سياسيا وعدم تحقيق أي هدف من أهدافهم المعلنة عسكريا, وجلب السخط والاستنكار العالمي الشعبي خاصة وحتى الرسمي المعلن أما الخفي فيفترض أنه على نطاق واسع حتى لدى أنصارهم وعبيدهم, ولا ننسى أن من بين أهدافهم المهزومة التي أعلنوها قبيل الشروع في الجريمة النكراء تحرير شاليط "المفدى", لذلك جعلوا منه عنوانا لرفض التهدئة, لأنهم يعانون من عقدة الفشل العسكري وما ترتب عنه من الخسارة السياسية الباهظة التي كادت تقضي على مستقبلهم السياسي, إن لم تكن قد أنهته بالفعل, وها هي "إيفني" المجرمة, وهي أحسنهم حظا في الانتخابات, تعجز عن الوصول إلى رئاسة الحكومة, ودون ريب, فإن ظلال الحرب الفاشلة قد كان لها الدور الأول في إقصائها من تولي الحكم, وها هوغريمهم العنصري المتطرف "ناتنياهو" يفوز برئاسة الحكومة, لكنه يكون بذلك قد سعى إلى حتفه السياسي بيده, فلن يكون مصيره أفضل من مصير هؤلاء الذين جعلوا حملتهم الانتخابية حربا إجرامية لإبادة أهل غزة وتدميرها عن آخرها, ولن يطول الزمن بالصهاينة لينتهوا إالى الإفلاس الزعماتي والسياسي التام, لا لأن المقاومة الباسلة سوف تقودهم من هزيمة إلى هزيمة أكبر فقط, ولكن لأن ممارساتهم الضاربة في اللاإنسانية والإجرام المفرط سوف تصل بهم إلى نهايتهم المحتومة, وسوف يضطر أنصارهم وعبيدهم إلى التخلي عنهم في أمد غير طويل, تحت ضغط الشعوب التي لا يمكن لها بطبعها أن تبقى متفرجة على العبث بأجساد الأطفال وأرواح الأبرياء, وسوف يدرك الجميع أن هذه العصابة المجرمة قد تشكل في وقت ليس ببعيد الخطر الجسيم على البشرية قاطبة وفي كل أنحاء العالم, فليس من الممكن أن تقوم دولة في التاريخ, مهما كانت المبررات على الإجرام, وتستمر في الوجود طويلا بنفس الممارسات, هذا من المستحيل, ويبقى عليهم على العصابة التي تحتل أرض فلسطين أن تختار بين التعايش مع جيرانها, وتمكبن أصحاب الأرض من بعض وطنهم, فربما صبروا تحت الضغوط الرهيبة الممارسة عليهم عالميا بعض الوقت, أو تعجل بنهايتها الحتمية بالاستمرار في ارتكاب جرائم الإبادة والتدمير, فلن ينفعها ذلك إلا في تعجيل نهايتها المحتومة, وعلى النظام المصري ومن والاه أن يستخلصوا العبرة, ويعرفون أنهم يقعون في نفس الخطأ القاتل, إن هم استمروا في خطتهم السياسية لحماية مناصبم ونظمهم بالاعتماد على قوة الغرب وصداقة العصابة الصهيونية, ربما كان هذا الدرس, درس مفاوضات التهدئة التي لعبوا فيها الدور المعروف, وساطة ظاهرية ومساندة للعدو باطنيا بالضغط على المقاومة وترهيبها, ربما ارتدعوا من هذه النكسة كما وصفوا هم أنفسهم مصير مجهوداتهم في هذا السبيل, إن الصهاينة لم يتيحوا لهم حتى فرصة بذل كل الجهود لخدمتهم, فقد يفهمون حقيقة مع من يتعاملون, وقد يتوبون إلى رشدهم, وربما فكروا في العودة إلى أحضان شعوبهم الدافئة, ومثل الرئيس أردوغان البطل في هذا السياق لا زال ماثلا للعيان, وهو ينسحب رافع الهامة شامخ الأنف من منصة رئاسة منتدى دافوس الشهير, ويترك الذين كانوا بجانبه من الرئيس الصهيوني وأمين عام الأمم المتحدة وصحافي الواشنطن بوسط المنشط للجلسة, وأمين عام ما يسمى بالجامعة العربية, يتركهم في دهشة تشبه الإغماء أو الصرع, وكأن على رؤوسهم الطير, وعندما وصل إلى اسطمبول فجرا وجد شعبه ينتظره في المطار بالزهور ولافتات الإطراء والحب والإعجاب, بالرغم من القر في عز الشتاء, لا سيما عند الفجر, وكان الهتاف البالغ عنان السماء من الجماهير الحاشدة: أن لست وحدك, وفي الحين ظهرت صحف العالم كل العالم وكل وسائل الاتصال والإعلام في المعمورة أن الرئيس البطل أردوغان قد استقبل في اسطمبول استقبال الأبطال, لماذا؟ لأنه منتخب عن حقيقة, ولأنه لذلك مثل إرادة شعبه أكمل تمثيل, ولأنه أيضا شهم وأصيل,ألا تكفي كل هذه الأمثلة البليغة لردع "المعتدلين", وتنبيههم من غفوتهم العميقة؟ ربما فعلوا لو كانوا يعقلون؟
عنوان صورة الرئيس البطل أردوغان وههو ينسح من مصة منتدى دافوس:(اضغط على العنوان أدناه وانعم بالشموخ)
الأستاذ بن سي رابح
عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: