الاثنين، 2 فبراير 2009

Recherche Google : خالد مشعل مع الرئيس الإيراني


____________________

خالد مشعل في طهران ومحمود عباس في القاهرة
الخلاف لا يفسد في الود قضية, أما التناقض فمرفوض, لأن الخلاف درجات أقصاها اختلاف الإيديولوجية, أما التناقض فمعناه القطيعة التامة واستحالة اللقاء, وهو خطر جسيم على القضية الواحدة, وأي قضية؟ إنها قضية الوطن والتحرير والعودة والقدس الشريف وأشياء أخرى كثيرة وجوهرية, عندما توضع في صيغة التناقض, يمكن أن نقرأ الآتي: الوطن/اللاوطن. التحرير/اللاتحرير. العودة/ اللاعودة. القدس/اللاقدس, إلى آخر القائمة التي يعبر دائما الطرف الأيمن من معادلتها عن الوجود فيما يعبر الطرف الأيسر عن اللاوجود. الذي ذهب إلى إيران قصده البحث عن الدعم ومواجهة المرحلة والحرب التي شنت على المقاومة وهي أشرس مما كانت عليه الحرب الصغرى, أي العدوان المسلح المجرم, أماهذه الحرب الكبرى فبالسياسة والديبلوماسية وكل الوسائل غير العسكرية التي هي أكثر شراسة وفتكا من الحرب الصغرى أي العسكرية, ذهب مشعل إلى طهران بحثا عن الدعم للتمكن من الاستمرار في المقاومة كإستراتيجية دفاعية لا بديل لها في الوقت الراهن, وتطويرها وتجذيرها حتى تكون في مستوى الأهداف المصيرية المنشودة. أما النقيض فذهب إلى القاهرة بما يمثله دور نظامها من مناصرة له, لكن فيما ذا؟ إنه في الشق الأيسر من المعادلة, الذي معناه الاستسلام التام والتفريط نهائيا في كل مكونات الشق الأيمن من المعادلة, وإزالة المقاومة تماما كعنصر مزعج يمنع استقرار الأوضاع لكل الشركاء في الطرف الأيسر من المعادلة, وقد كشفت عبقرية المقاومة الشعبية والصمود الرائع بوضوح غير مسبوق عن هؤلاء الشركاء كشفا تاما لا تغطية بعده أبدا, إن الضغط على المقاومة بلغ حدا لا يطاق, وتصوروا أن النظام المصري بدل أن ينخرط بكل ما أوتي من قوة في نجدة ضحايا العدوان الأبرياء من أبناء غزة المجيدة, راح يعمق دوره الرهيب في محاولة جديدة قديمة لخنق المقاومة في رفح, لا بعدم السماح للوفود والنجدات والمواد الغذائية والأدوية وما أشبه من الضروريات والمستعجلات, بل راح يحكم قبضته حول عنق الضحية, وينصب الكاميرات وأجهزة الإنذار على طول حدود مصر مع غزة, وهو الذي صرح قبل أيام نافيا أن يكون قد عقد اتفاقية مع الصهاينة حول مسألة مكافحة تهريب السلاح إلا غزة, ولسنا ندري ماذا سيفعل أكثر مما هو فاعل عندما يعقد الاتفاقية هذه؟؟؟ أما عباس إنما جاء ليطمئن على أن حبل المشنقة متين ويفي بالغرض, وسيقضي على المقاومة قضاء لا تقوم لها قائمة بعد شد الحبل ليفعل فعله الحاسم ويقبض روح الضحية بكل كفاءة وفعالية, إنهم يتحدثون عن الحوار وعن المصالحة وعن حكومة الوحدة الوطنية وكلها وحدات لا سبيل إليها إلا بالعبور على جثة المقاومة. وبعد هذا يتعجبون من اندفاع الشباب نحو التشيع أو نحو الحركات الإسلامية!!! وهل هناك مثل أعلى في الساحة غير الشيعة والإسلاميين؟؟؟ إن هؤلاء " المعتدلين" وأسيادهم يطلبون المحال, ويظنون أنه من الممكن بل من الواجب على الشعوب أن تطيعهم وتأتمر بأوامرهم حتى لو كانت تلك الأزامر من قبيل طاعة المخلوق في معصية الخالق!!! لقد كانت إدارة السفاح بوش في البداية تضغط عليهم حتى يقومون بالإصلاحات السياسية المفضية إلى الديمقراطية كما تراها تلك الإدارة العنصرية الطائشة, وقد جن جنون هؤلاء"المعتدلين", إلى أن وجدوا في النهاية الوسيلة المقنعة لبقاء استبدادهم بتأييد ودعم أمريكي, فقالوا لتلك الإدارة المنافقة إننا لو أقمنا الديمقراطية كما تطلبون, فستكون النتيجة هي وصول الإسلاميين إلى السلطة في العالم الإسلامي من طنجة إلى جاكرتا, وشرحوا لها معنى الإسلاميين بالنظام الإيراني وحكم الطالبان وحكومة حماس وأشباه هؤلاء في كل البلاد الإسلامية, فصادف هذا الزعم هوى في نفس إدارة بوش الاستعمارية, فتظاهرت بالتصديق, وتركتهم يستبدون كما يحلو لهم, وكما كانت تتركهم بل تشجعهم دوما. لقد وضحت حرب غزة الفاصلة كل شيء وأظهرت بأن حكام العرب والمسلمين وخاصة منهم الموصوفين " بالمعتدلين " لا علاقة لهم البتة بمصالح شعوبهم ومصيرها, بل إنهم على النقيض تماما, ضد مصالح شعوبهم وهم يجرونها إلى مصير مظلم مجهول بمغامراتهم واتخاذ العدو وليا يأتمرون بأوامره ويرتبطون به ارتباطا مصيريا, ويقفون معه بكل ما أوتوا من قوة ضد شعوبهم عدوهم الأكبر والمهدد الخطير لخلودهم في السلطة مهما كان الثمن, لقد أزلت غزة الصبورة كل الضباب وعرت كل المزيفين ووضعت كل واحد بعدل وموضوعية في المكان الذي وضع نفسه فيه, وحرقت كل الأوراق المنافقة والمزورة والمتآمرة, وأشارت بأصبع الاتهام إلى كل من يقوم بدور ضدها وضد شعبه لفائدة الأعداء, وبذلك وضعت بعبقرية فريدة شعوب العرب والمسلمين أمام مسؤولياتها التاريخية والمصيرية. خالد مشعل ذهب إلى إيران يبحث عن الوسائل المدعمة للكفاح لدى الأصدقاء والإخوة الذين يقفون إلى جانب المقاومة بكل ما يملكون لأنهم يصدرون عن واجب الأخوة وعن روابط المصير المشترك, فهم عندما يدعمون غزة كل الدعم فإنهم يدعمون أنفسهم أيضا كل الدعم, فالقضية واحدة لا تتجزأ والأمة واحدة غير قابلة للتجزئة والمصير واحد حتما, وكل هذه المعاني عبرت عنها الشعوب من طنجة إلى جاكرتا أثناء العدوان المجرم على غزة, بل ومعها كل شعوب العالم في كل بلدانه دون أستثناء بمن في ذلك فئة من اليهود أنفسهم, أولئك الذين يتبرأون من الصهيونية العنصرية المجرمة ومن الحكومة القائمة باسمها في فلسطين المحتلة, ومنهم حاحامات, إن الرسالة واضحة والفرز الحاسم الذي أقامته غزة بكل شفافية, سيجعل العدو وأتباعه في مواجهة مصيرهم المشؤوم, فالشعوب منذ لحظة غزة الفاصلة لن تمهلهم كثيرا, لقد تغير كل شيء وكل استمرار في العناد والمكابرة جهلا أو تجاهلا سوف يعجل بنهاية هؤلاء الظالمين وأنصارهم وعبيدهم, وسوف يظهر الحق عما قريب - بإذن الله - ويزهق الباطل, إن الباطل كان زهوقا, ولن تنفع المرتدين كل العواصم التي يحجون إليها ويعتمرون, لأنها هي الأخرى معنية بطوفان الشعوب العاتي, حيث قرر أصحاب الحق على مستوى المعمورة أن يسترجعوه مهما كانت الكلفة باهظة.

بن سي رابح
أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: