الأربعاء، 25 مارس 2009

من دفاتر الأيام

خواطر
حملة انتخابية باردة وباهتة تقول الجرائد اليوم في الجزائر, مما يجعل المرء يتساءل عماذا تبحث هذه الصحف؟ إنها هي الأخرى تتحدث بما هو من تحصيل الحاصل, وبالتالي فهي الأخرى تعكس الوضع العام من حيث تشعر أو لا تشعر, وواقع الحال هو أن هذه الوسائل الإعلامية تخضع لحتمية الصدور, وهي بذلك تسلك نفس الطريق السياسي السائد, فكان عليها أن تبدأ بإصلاح ذاتها, وتبين لنا الأسباب العميقة وراء برودة الحملة, بما يفيد القارئ بحقائق وطرائق عن ظروفه ومحيطه العام, ومن ثم تساه في تطوير الوعي الشامل, وهو الشرط الضروري والكافي إذا ما بلغ غايته لتغيير الحالة العامة للمجتمع, وعندها تصبح الحملة الانتخابية ساخنة إلى حد الغليان, وتصبح الصحافة أيضا عميقة التحليل والتنوير وإلا اضرت إلى غلق أبوابها, كما أن السياسي الذي يتقدم للانتخاب, لا بد له من برنامج يجيب عن الأسئلة المطروحة على الساحة الوطنية, ويقدم البدائل المقنعة والوعود الواضحة القابلة للتنفيذ على أرض الواقع, ويعطي الضمانات الكافية لذلك. وإذن فلا لوم على أحد فالكل يسبح في نفس المستوى الرديء, والجميع متواطئون عن قصد أو عن قلة وعي, والخاسر الأكبر هو المواطن المقهور المخدوع, وأولائك النزهاء من الذين يتمتعون بوعي رفيع, لكنهم لا يملكون ما يستطيعون أن يجسدوا به وعيهم على الساحة الوطنية, هؤلاء يعانون في صمت رهيب ما يجري في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات.
وفي العالم العربي تناقلت وسائل الإعلام بما يوحي بالدهشة نبأ زيارة البشير الخاطفة إلى القاهرة, وكأنهم يرون في ذلك معجزة, بالرغم من أن البلدان متصلين برا, ومن المفروض أنه على خوف على اعتقال الرجل في أجواء البلدين, خاصة وأن الولايات المتحدة صرحت بأنها لا تنوي فعل ذلك, وليس هناك ما يلزمها بنتفيذ محكمة الجنايات الدولية, فمن يقوم بذلك - إذن - في أجواء السودان أو مصر؟ هل تفعل ذلك العصابة الصيوهية مثلا؟ احتمال بعيد, ولماذا هذا الاندهاش الإعلامي العربي من هذه الرحلة؟ الغالب على الظن أن ذلك يعود إلى الانهزام الحضاري والخضوع الآلي للهيمنة, أو قل القابلية للاستعمار كما قرر ذلك الفيلسوف مالك بن نبي ذات ليلة من ليالي الاستعمار الفرنسي الأسود. لكن الواقع هو أن احتمال اعتقال البشير في الأجواء السودانية أو العربية وارد, إذا ما أراد الغرب ذلك, أو الكيان الصهيوني, والسؤال هو لماذا يقوم البشير بهذه المغامرات؟ هل ليقول إنه شجاع؟ ولا يخضع للحكم المهين الذي صدر في حقه؟ وما لحق من احتقار بذلك لكل انتماءاته العربية والإسلامية والإفريقية والجنوبية؟ إن مثل هذه الأفعال وفي ظروف الضعف والانهزام الذي تعاني منه دوائر الانتماء المذكورة, لا يعبر عن شجاعة, بل هو تهور لا معنى له, لأن المسألة ليست شخصية وإنما هي وطنية على الأقل, إذ أن أي مكروه يصيب رئيس دولة من عالمنا الجنوبي المتخلف, والهش التنظيم, يمكن أن يؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها بالنسبة إلى وطنه على الأقل, مما يعني أن البشير بصدد المغامرة بالسودان وليس بنفسه, وما عليه إلا أن يتوب إلى رشده ويتوقف عن تعريض بلده لمخاطر اكثر مما يعانيه حاليا, فعلى البشير أن يكون واقعيا, ويقبع في أماكن سرير في بلده, بحيث لا يطلع على مقر إقامته المتحرك إلا الثقاة من محيطه, ذلك لأن سداد الرأي قبل شجاعة الشجعان.
وفي عالم الشمال المتقدم المهيمن هناك معاناة من الأزمة المالية الخطيرة وهناك مناورات واتهامات واقتراحات, لكنهم يتخبطون في البطالة المتصاعدة بما يثير الرعب, وفي عدم العثور لحد الساعة على المنهج الجدير بإيقاف البركان الذي فجرته البوشية والعولمة, ولم ينج من ويلاته أحد, ولا يوجد لحد الساعة أي بصيص من الأمل في إيجاد العلاج المناسب للحد من تصاعد هذا الإعصار المدمر, إنهم يدفعون ثمن تواطؤهم بشكل أو بآخر مع التخريب البوشي والعولمي, وما ألحقه بشعوب كثيرة من الإبادة والدمار, فقد انقلب السحر على الساحر, ولكن العالم كله بصدد دفع الثمن, بل إن الأبرياء هم أكبر الضحايا وأكثر المتضررين.

هناك تعليق واحد:

إبن الحكيم يقول...

مقال مهم - بارك الله فيكم