الجمعة، 23 أكتوبر 2009

هل أتزوجها؟

هل أتزوجها؟




بعث إلينا شاب مغربي بالرسالة الآتية مستشيرا:

أتزوجها أم لا؟

بداية أحب أن أبدي إعجابي الشديد بكل القائمين على الموقع، لن أطيل عليكم

هذه أول مرة ألجأ إلى استشارة؛ وهذا لأني فعلا تعبان جدا ومحتاج مساندة ورأى ممكن يخليني أعرف أشعر بقليل حتى من الراحة

أنا شاب 29سنة تخرجت من جامعة بوردو الفرنسية ،والآن أنا مهندس في المغرب من عائلة ميسورة الحمد لله وأخاف الله ،رأيت فتاة تسكن بالقرب من مدينتي و تعلقت بها وتكلمت والدتي مع والدتها،فأخبرتها والدتها أن هناك من تكلم فيها لكن بدون عقد وهو يقطن بالمهجر، فقالت لنا أعطونا مهلة ( لأنها البنت الوحيدة لديها بدون أولاد و لا تريد أن تبتعد عليها في المهجر)فوافقوا ، فأخبرونا أنهم عندما سيستعدون سيخبروننا حينها أن نتقدم للخطبة .الآن نحن متعارفون سنة و نصف أراها بحضور والدتها اللتي هي طيبة معنا و أبعت لها الرسائل،فهي خلوقة و محتشمة و تريد تكوين أسرة ونحن متفاهمون في كل الأمور و أخبرتني أنها لم تتعرف على أي شاب من قبل
مع مرور الوقت قررت أن أسأل عنها في مدينتها فإكتشفت الكثير
هناك من يقول إنهم أناس طيبين جدا و البنت فقط مرباة بالتبني
وهناك من يقول أن أمها كانت مكترية لأحد المحلات التجارية لكنها لا تؤدي واجبات الكراء وتعطي شيكات بدون رصيد
وهناك من يقول أن البنت كانت على علاقة مع أحد الشباب على عكس ما قالته لي أن لم تكن لها أي علاقة و أنا أثق فيها
هل أ تكلم مع الفتاة في هذه الأمور أم لا؟
أم أنفصل عنها لأني لا أعرف أصلها لأنها فقط مرباة مع أنني أحبها و هي كذلك؟

أدعو الله أن ينير بصيرتي لكي أتخذ القرار الصائب والذي يرضي الله عز وجل
**************************
يتضح من دراسة الرسالة الآتي:
من الناحية العاطفية: هناك حب من صاحب الرسالة ويعتقد أنه متبادل ولنفترض أنه كذلك
من الناحية الاجتماعية: تحدثت الرسالة عن الحال الميسور لصاحبها, ونستنتج أيضا أن الوضع الاجتماعي للفتاة مريح نظرا لكون والدتها ذات تعاملات تجارية, مما يؤشر على أن هناك تكافؤ من الناحية المادية أو على الأقل تقارب
من الناحية الثقافية: لم يحدثنا صاحب الاستشارة عنها, ويبدو أن البنت ليست على جانب كبير ربما من التعليم, ما دامت الرسالة لم تذكر أي شيء في هذا الشأن, فلنفترض هذا, وإذا جد جديد بأن وصلتنا معلومات معاكسة نصحح الأمر من هذه الناحية
من الناحية المهنية: يظهر أن الفتاة لا تعمل ولذلك لم يرد أي شيء عن هذا الجانب في الرسالة
من حيث الوضعية الراهنة: الشاب صاحب 29 ربيعا أما البنت فلم يحدثنا عنها, ونفترض أنها تقاربه سنا, فلو كان هناك فرقا كبيرا لكان قد ذكره كعنصر مؤثر.
من الناحية الشخصية والإجرائية: هناك حديث عن خطوبة, وهناك موافقة مبدئية من الأم وابنتها, وهناك حديث سابق لطرف آخر في المهجر طلب يد الفتاة, لكن الأم عندما ظهر هذا الشاب فضلته لأن الفتاة هي وحيدتها, ولا تريد أن تبتعد عنها لتعيش في المهجر.
من الناحية السلوكية: يعتقد الشاب أن فتاته خلوقة ومحتشمة وجادة, بالإضافة إلى التفاهم التام كما يقول بينهما والانسجام والاتفاق على كل شيء
من الناحية الجسمية: لم تتحدث الرسالة عن صفات الطرفين لكن حالة الرضى لدى الشاب تعبر -ربما- عن وجود قناعة من هذه الناحية, إن لم تكن محجوبة بالتأثير العاطفي القوي
**************************
معلومات أخرى عن الفتاة: يكتشفها الشاب بالمصادفة, عندما خطر له أن يسأل عنها, هي على الخصوص:
- البعض يشهد للمرأة وابنتها بالطيبة
- المرأة هي أم للفتاة بالتبني
-هناك من يتحدث عن كون الأم كانت مكترية لأحد المحلات ولا تسدد الكراء وتدفع شيكات بدون رصيد
-هناك من يقول إن الفتاة كانت على علاقة بشاب آخر
- يقول صاحب الرسالة إن الفتاة كانت قد أكدت له بأنها لم تخالط أي كان من قبل
يعلق على ذلك بقوله: وأنا أثق فيها
ثم هناك من الوجهة الإسلامية الحديث النبوي الشريف الذي يروى بروايتين: تنكح المرأة لثلاث ورواية أخرى تقول: تنكح المرأة لأربع, وهي الأرجح في نظرنا, وهناك من يرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد عدد الصفات, بل ذكرها دون إسباقها بعدد, والمهم هو لب الموضوع, أي الصفات نفسها, وهذه هي الرواية التي نقلناها لكم عن مشكاة النبوة:
*****************************
الجـــــــــــــــــــــــــواب
1- خير ما نبدأ به هو رأي الدين الحنيف ونأتي بالحديث الشريف المشهور عن معايير اختيار الزوجة:
حديث تنكح المرأة لأربع
عَنِ أَبي هُريرة رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ " مُتّفَقٌ عَلَيْهِ

الحسب : هو الفعل الجميل للرجل وآبائه. وقد فسر الحسب بالمال في الحديث الذي أخرجه الترمذي وحسنه من حديث سمرة مرفوعاً: "الحسب المال؛ والكرم التقوى".
إلا أنه لا يراد به المال في حديث الباب لذكره بجنبه فالمراد فيه المعنى الأول.

قوله: "تربت يداك" أي التصقت بالتراب من الفقر وهذه الكلمة خارجة مخرج ما يعتاده الناس في المخاطبات لا أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قصد بها الدعاء.
2- من الواضح أن رأي الحديث الشريف هو في صالح الارتباط ما دام يفضل المعيار الرابع عن غيره, وصاحب الرسالة يعتقد أن فتاته على دين متين وخلق حميد، فإن صح هذا الأمر في الباطن كان ضمانة كبيرة للنجاح.
3- هناك حب حقيقي من طرف الشاب لأنه يبرر كل ما قد يثير بعض التساؤلات, وذلك بدوافع الضغط العاطفي الجارف عنده
4- من حيث التكافؤ ليست لنا فكرة دقيقة لكن يبدو ان هناك تقارب من الناحية المادية, لكن الأمر ليس كذلك من الناحية الاجتماعية والثقافية والمهنية, وهذه دون شك نقاط سلبية ذات تأثير فيما بعد عندما يصبح الأمر واقعا معيشا
5- غير ان المعلومات التي اكتشفها الشاب عند السؤال عن الفتاة تمثل جانبا سلبيا كبيرا إن ثبتت صحتها, فعليها أن يتحرى كل التحري في هذا الأمر البالغ الأهمية:
ا- إن كانت البنت متبناة بالفعل ولم تخبره لا هي ولا أمها بالتبني بذلك
2- إن كانت فعلا على علاقة بشاب آخر ولم تخبره بنفسها بذلك ولا أمها أن كانت على علم
3- إن كانت الأم بالفعل تتقاعس عن دفع الإيجار, والأخطر من ذلك أنها تدفع شيكات من غير رصيد
**********************************
* من حيث الزواج كشراكة اجتماعية: من هذا المنظور وبتدقيق النظر يبدو أن الشراكة غير متكافئة, وهو أمر مرفوض, حيث إن الشركاء يحرصون كل الحرص على مستقبل مصالحهم, وإذا صحت المعلومات الذي اكتشفها صاحب الاستشارة, فإن الاختلال واضح وتكون مصالحه المستقبلية غير مأمونة, لأنه إذا لم يبلغ بالحقائق من الفتاة وأمها, فإن معنى ذلك أن الأسس الأخرى تصبح محل شك, والشركاء لا يؤسسون شركاتهم على أدنى حد من الشك, فهم ينطلقون من القناعة التامة واليقين المطلق, فإن صحت هذه المعلومات, يكون مثل هذا الارتباط مغامرة غير مأمونة العواقب, لأن رصيده هو الدين والأخلاق، فإذا كان غير موثوق منه يكون كل شيء قد انهار من الناحية المنطقية والعقلية والمصلحية
لذلك يا سيدي الكريم أنت بحاجة ماسة إلى التدقيق في المعلومات التي اكتشفتها وأيضا إلى الاستئناس برأي والدتك بعد مصارحتها بكل ما عندك من معلومات, وإن كان هناك أقارب آخرون من ذوي الثقة المطلقة خاصة منهم الأصول كالأب والعم والخال. ويبقى القرار النهائي بيدك ونصيحتنا ألا تزج بنفسك في مستقبل مجهول وأنت في سعة من الأمر مقبل على الحياة وتتمتع بوضعية اجتماعية ومهنية مريحة, فماذا يدفعك إلى وضعية لست مرتاحا لها ولا أنت واثقا منها كل الوثوق؟ تحر الأمر واتخذ قرارك العقلي المنطقي المصلحي إن كانت المسألة هي زواج كشراكة اجتماعية.
**********************************
* أما إن كان الأمر اتحادا وهو أمر مستبعد, فكل شيء يختلف لأن كل الضمانات تكون قائمة, والبنت كونها متبناة وربما مجهولة النسب لا يعيبها ذلك فهي ليست المسؤولة عنه , لكن الأمر يحتاج إلى كثير من التضحيات المتبادلة, والصمود الأسطوري أمام المجتمع الذي لا تعنيه المسائل العاطفية أو الاتحاد الحاصل بين شخصين في شيء. حالة الاتحاد هذه قادرة على الصمود في وجه كل التحديات, وعليك في هذه الحالة أن تتحرى أن هناك هذه الحالة من الاتحاد حاصلة بالفعل بينكما بحيث إن كل واحد منكما يمثل نصفا فيها ولا يتصور أي زعزعة أو انفصال مهما كانت الظروف والصوارف. وعلى أي حال إن كانت الأم قد تصرفت خطأ في حكاية الإيجار والشيكات, فالبنت غير مسؤولة عن ذلك, خاصة إن كانت تجهل الأمر. وعن سؤالك هل تصارحها أم لا؟ طبعا تصارحها وتمتحنها امتحانا عسيرا عن عدم ذكرها كل الحقائق لك, خاصة قضية التبني وقضية معرفة شاب آخر, وإن كانت الأولى أخطر, فلا يجوز أبدا أن تخفيها عمن تريد الارتباط بها, أما عن الشاب فالأمر أهون لأنه قد يكون أمرا عابرا, ثم إنها حرة في ماضيها مالم يصل درجة الانحراف والانحلال. حالة الاتحاد هذه إن كانت حاصلة وأنت واثق منها فهي ضمانة هامة إن لم تكن كافية, لكن إذا صحت المعلومات التي اكتشفتها فإن الأمر يكون محل ظن وعليك أن تتحرى كثيرا. وأخيرا فالأمر بين يديك والقرار لك وحدك بعد تمحيص الأمر ونصيحتنا هي أن لا تستعجل ولا تغامر ولا تعطي القيادة لقلبك فالزواج شراكة قبل كل شيء ولا بد أن يقوم على أرضية صلبة لا شك فيها بل تكون هي اليقين المطلق, وبعدها تكون فسحة للقلب أن يمرح ما شاء له المرح. نلح في النصيحة بألا تتعجل, سر على أقل من مهلك, وفقك الله وحفظك من كل سوء وهداك إلى سواء السبيل.

ليست هناك تعليقات: