الأحد، 18 يناير 2009

بن سي رابح للنشر والإشهار/ اليوم الأول من النصر بعد العدوان المهزوم

يوم انتصار غزة
يحق لغزة المجاهدة الصامدة أن تحتفل بالنصر المبين, وهي تضمد جراحها وتكتشف الجثث التي كانت تحت الأنقاض, ولم تسمح ظروف المحرقة بالوصول إليها, الآلام كبيرة لكن النصر أكبر, ولو أنه لاوجود لنصر على مر التاريخ مجانا, وعلى أي حال فإنه الخسائر هنا أقل بكثير من خسائر الحروب المكللة بالهزائم الشنعاء للنم العربية الفالسة مع العدو المجرم, لكن الصهاينة الذين لاعهد لهم منذ أن وجدوا على الأرض لازالوا يقتلون, فقد سقط لحد الآن شهيدين خلال هذا اليوم الأول من النصر المؤزر, ولا زال الطيران الحربي الصهيوني يعربد في أجواء غزة, ولا زال القصف المتقطع لمناطق من القطاع متواصلا, وردا على ذلك أطلقت المقاومة المنتصرة عددا من الصواريخ على إسرائيل, وأعلنت الفصائل باستثناء الجبهة الشعبية هدنة من جانبها, تمهل فيها العدو أسبوعا واحدا لسحب جنوده الجبناء وتجهيزاته الأمريكية الصنع من قطاع غزة, وهكذا فإن الوضع لم يعد كما كان قبل الحرب كما قالت العبقرية الاستراتيجية "رايس", بل أصبح أسوأ بالنسبة للصهاينة الهزومين بالرغم من إجرامهم البشع, إنهم بصدد الفرار من جحيم غزة فرارا, وقد نالوا من بغض الشعوب على المستوى العالمي مالم يحصل لهم مثله أبدا, وألبوا المنظمات الإنسانية والكثير من التنظيمات والدول عليهم كما لم يقع لحد الان في تاريخهم الإجرامي, بسبب ما ارتكبوه في حق أطفال غزة وأهلهم من المدنيين العزل, لقد فعلوا ما يشبه ذلك في لبنان عام 2006, غير أن العالم لم يضج منقلبا عليهم كما فعل هذه المرة, وذلك لأن غزة لاحول لها ولا قوة عدا الصبر والصمود والإيمان, ولأن المجزرة هذه المرة كانت مركزة على الأطفال, ولم تترك شيئا في غزة إلا وطالته, بمن في ذلك اغتيالها الجبان لوزير الداخلية الشهيد "سعيد صيام", وأربعة صحافيين, وخمسة أجانب, وقد استهفت المساجد والمستشفيات المليئة بالمرضى والجرحى والطواقم الطبية التي قد يكون فيها بعض المتطوعين العرب والأجانب, كما لم تسلم من همجيتها مدارس وكالة غوث اللاجئين لقد قصفتها وارتكبت فيها مجزرة بشعة في حق المدنيين العزل الذين لجأوا إليها حيث كان الموت الزؤام ينتظرهم هناك غدرا وإجراما, كما أعطبت بعض سيارات الإسعاف التابعة لنفس الهيئة الأممية "الأونروا" وأصابت من كانوا فيها, ثم التزمت بأن لا تستهدف الهيئات الدولية مجددا, لكن متى كان للصهاينة عهدا يوفون به؟ لقد ختموا جرائمهم بالأمس, بقصف مدرسة أممية جديدة في "بيت لاهيا". فكيف لا يضج العالم ويستشيط غضب الشعوب من هؤلاء الذين لازالوا يتاجرون بالمحرقة, ويوقدون ما هو أكثر منها حرقا؟؟؟ لقد انكشفوا على حقيقتهم المجرمة أمام شعوب العالم قاطبة بفضل ثبات المقاومة وتضحيات شعبها الأبي وبسالة نسائها الحرائر.
لقد انعقدت القمة الدولية التي دعا إليها رئيس النظام المصري في شر الشيخ اليوم, وحضرها إلى جانبه ملك الأردن ورئيس سلطة "رام الله", وغابت إسرائيل لأنها لم تدع إليها!!! ومن الأروبيين حضر رئيس فرنسا وتقاسم الرئاسة مع رئيس النظام المصري!!! وحضر براون بريطانيا ومريكلا ألمانيا, وجاء كيمون الأمم المتحدة, وعمرو موسى الجامعة العربية, الذي غاب عن قمة غزة التي عقدت في الدوحة المجيدة, بسبب عدم اكتمال النصاب, أما قمة شرم الشيخ التي تهف إلى خنق المقاومة والمحافظة على أمن إسرائيل بالعمل على منع وصول السلاح إلى غزة كما يحلمون, فالنصاب مكتمل فيها تماما, ولا ندري لماذا لم تحضر إسرائيل؟ ولماذا غاب عن هذه القمة العاجلة المستعجلة جدا العرب "المعتدلون" الآخرون؟ لقد قال النظام المصري إنه يعقد هذه القمة الدولية من أجل غزة وكان الأخرى به أن يقول ضد غزة, وإلا لما استطاع عقدها, لكن ماذا كانت النتائج؟ لقد صرحوا مؤكدين على وجوب تثبيت وقف إطلاق النار والكف عن إطلاق الصواريخ من أجل بقاء وقف إطلاق النار ثابتا, بمعنى أنهم لازالوا يهددون المقاومة وشعبها بإسرائل لفرض الاستسلام عليها, وقد قالوا إن مصر ستواصل جهودها مع حماس وإسرائيل من أجل تطبيق مبادرتها الشهيرة, يعني ألا شيء تغير في سلوك الصهاينة وأنصارهم, وهم لم يستفيدوا لغبائهم من الدرس الكبير والجديد الذي لقنتهم المقاومة!!! إنهم يريدون إجبار المقاومة على الاستسلام بعد نصرها التاريخي المبين على عصابة الصهاينة, وبماذا ننعت هذا الإصرار على استسلام المقاومة حتى بعد انتصارها؟؟؟ومن غريب ما سمعنا أن الحاضرين دعوا إلى بذل كل الجهود للحد من تهريب السلاح إلى غزة, والأغرب منه أن النظام المصري الذي كان رئيسه قد صرح بالأمس فقط بأنه غير معني به, أي بالاتفاق الإسرائيلي الأمريكي المكتوب عن هذا الموضوع, والذي تم توقيعه أول أمس الجمعة في واشنطن, ما الذي حدث حتى غير النظام المصري موقفه تماما, وصار معنيا بمنع تهريب السلاح إلى غزة؟؟؟ ومتى كان غير معني بمنع هذا التهريب أصلا, وبكل ما أوتي من قوة؟؟؟ ماذا تغير حقا؟؟؟ الصهاينة لازالوا يهاجمون غزة كما كانوا قبل الحرب, ولا زالت المقاومة ترد بصواريخها, وقد قال الصهاينة في بيانهم لوقف إطلاق النار من جانب واحد أن جيشهم سوف يبقى لبعض الوقت في غزة, لكنهم غير صادقين وإنما هو زعم كاذب لا يجرؤون على تطبيقه, إنهم فارون من غزة فرارا, وقد رأينا اليوم عبر الشاشات الصغيرة آلياتهم تتزاحم هاربة هروبا, ألم يفعلوا ذلك قبل سنوات, وفي عز أكبر مجرميهم "شارون"؟ وهكذا نعود إلى حيث كنا قبل العدوان الإجرامي, والذي يتغنون به هو المبادرة المصرية التي يصرون على تطبيقها أعني أمريكا وأروبا و"المعتدلون", وكأنما هذه المبادرة التي لانقول عنها مصرية, فحاشا مصر أن تدعو إلى الاستسلام, إنها مبادرة النظام المصري, وما هي من إبداعه أبدا, بل هي شروط الصهاينة التي كانوا يرددونها قبل العدوان الغاشم ومنذ أن بدأ الحصار العار, تقول لشعب غزة استسلم فأرفع عنك الحصار لتحصل على الغذاء والدواء, ولا أقطع عنك الماء والكهرباء, ولو استطاعوا هم وأتباعهم لقطعوا الهواء أيضا, الجديد الآن هو أن الصهاينة سوف يفكرون طويلا قبل مهاجمة غزة المنيعة المنتصرة مجددا, وحتى لو فعلوا فإنهم سيقتصرون على الخبط خبط عشواء من الجو, فيدمرون ويقتلون ويحرقون, ولكن حتى مثل هذه الجرائم لن تمر أبدا بغير عقاب, فالحرب قد فشلت وصديقهم "بوش" السفاح قد ذهب مشيعا بلعنات الناس أجمعين, ولن يجود عليهم الزمان بمثله أبدا, ولن تطلق أياديهم الإجرامية كما أطلقت في عهده أبدا, ولقد كانوا في عجلة من أمرهم ليقضوا على المقاومة قبل ذهابه, فسارعوا إلى الحرب شتاء وقد كانت كل حروبهم صيفا, غير أنهم فشلوا الفشل الذريع, إنهم منذ الآن مجبرون على التعايش مع المقاومة ومع "حماس" التي تبرع عليهم حبيب قلوبهم "بوش" السفاح بوضعها على قائمة الإرهاب, ومعنى هذا أنهم مجبرون على ترك غزة وشأنها إلى حد بعيد, وهو أمر سوف يقض مضاجعهم لاريب, ولكن ما باليد حيلة, فعيشهم من هنا فصاعدا سيكون متكيفا مع المقاومة ولا شيء آخر غير ذلك. أما عن "المعتدلين" فقد سقط في أيديهم وفقدوا اتزانهم, وشرعوا يتخبطون بين الرياض والكويت وشرم الشيخ وقد أدركهم الرعب من شعوبهم الغاضبة المهضومة الحقوق المقهورة, وها هي تجد الخاتم السحري الذي لن يستطيعوا حياله شيئا, إنها المقاومة التي تسير من نصر إلى نصر, وهم يدركون كل الإدراك أن شأنهم معها هو قضية حياة أو موت, إذن الجديد هو من إبداع المقاومة, أي الشعوب, لقد قررت الانتصار مهما كان ثمنه رفيعا, وهي منتصرة لا محالة, ربما استطاعوا مع أسيادهم العرقلة بعض الشيء, ولكن المستقبل محسوم دون ريب, إنه انتصار الشعوب التي تبنت استراتيجية المقاومة للانعتاق من الاستبداد والاستعمار, لقد وجدت طريقها السالك, وها هي تقطف ثمرة جديدة شديدة الحلاوة في غزة العزيزة المجاهدة الصامدة المنتصرة, ولله الحمد والشكر.












ف

ليست هناك تعليقات: