الجمعة، 23 يناير 2009

من دفاتر الأيام/ غرائب من تداعيات العدوان المجرم على غزة



البوشية مستمرة

رحل بوش فاستبشرنا خيرا, غير أن بعض التصرفات تشير إلى أنه سوف يمضي وقت طويل يظل العالم فيه يرزح تحت نير الجحيم الذي رماه في أتونه السفاح بوش, فها هو النظام المصري ينفي اليوم أنه وقع اتفاقا أمنيا مع الكيان الصهيوني لمنع تهريب السلاح عبر الحدود, في حين أن الكيان يعلن عن المصادقة على الاتفاق المذكور, وهل أن الأمر في حاجة إلى اتفاق وكأنما الجانبان لم يفعلا المستحيل في هذا الشأن منذ سنوات؟؟؟ ثم لماذا ينفي النظام المصري ما أعلنه الصهاينة؟ وما قصدهم هم من الإعلان؟ وهل أن الأوروبيين الذين جاءوا إلى شرم الشيخ لم يتفقوا مع النظام المصري في هذه القضية التي كانت موضوع الاجتماع أو القمة كما وصفوها؟؟؟ إن هذه الممارسات تقع في الحقل البوشي تماما, وها هي ألمانيا تعلن معارضتها لأي محاكمة دولية للكيان الصهيوني عن استعماله للقنابل الفسفورية ضد المدنيين!!! في الوقت الذي يتردد فيه كلام عن استعمال المجرمين الصهاينة لقنابل ذرية أمريكية صغيرة, وما دام الأمر معلنا فإنه يكون معروفا لدى المسئولين قبل ذلك ومنذ وقت حدوثه, لكنهم تستروا عليه.

مثل هذه الممارسات لم تكن واردة في قاموس السياسة الدولية قبل القدوم النحس لبوش السفاح, كان العالم بما فيه الدوائر الرسمية تضج لمجرد التفكير في مثل هذه التصرفات الشنيعة, والإقدام الإجرامي على استعمال الأسلحة الفتاكة المحظورة دوليا, لكنهم يسكتون وهي تستعمل بالفعل, فهكذا علمهم بوش, وقد تجاوبوا معه ولا زالوا رغم رحيله إلى غير رجعة يحافظون على تراثه اللاإنساني الشنيع!!! ذلك لأنهم كانوا يتعاونوا معه عن تجاوب وليس عن رهبة واضطرار. فقد كان يمتاز عليهم بشجاعة العمل في العلن دون مراوغة ولا نفاق كما كشفت غزة عن هؤلاء الغربيين ومعهم "المعتدلين", وها هم يتمسكون بالنهج البوشي الشرس ويأتون إلى قمة شرم الشيخ لا لنجدة الضحية وإنما للتضامن مع الجلاد وحمايته أكثر من ذي قبل, والاتفاق مع النظام المصري على خنق المقاومة بحراسة الحدود ومنع وصول السلاح إليها. هذه بديهيات معروفة وهي فوق كونها بوشية صرفة تثير الاستغراب بنفي النظام المصري لمصادقة الصهاينة على اتفاقهم الأمني معه, ما ذا وراء هذا النفي؟ ولماذا يعلن الصهاينة عن مصادقتهم في هذا الوقت بالذات؛ وفي نفس اليوم الذي غادر فيه مبعوثهم القاهرة الذي يبحث فيها مسألة التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار؟ وفي اليوم الذي يصل فيه وفد حماس للبحث في هذا الأمر مع النظام المصري الذي يبدو ظاهريا كوسيط ولكنه في الواقع يرهب الفلسطينيين ويضغط عليهم ليوافقوا على شروط الاستسلام الصهيونية!!! يظهر أن هناك تفاصيل يختلف فيها النظام المصري مع الصهاينة لأسباب داخلية في نفس المعسكر, فكل يريد أن يكسب كل شيء على حساب الآخر, ولذلك يزايدون على بعضهم. إن حرب الإبادة والتدمير التي دار رحاها الرهيب لمدة ثلاثة أسابيع لم تفلح في غسل عار البوشية من على وجه الأرض, بالرغم من الرحيل الأبدي لصاحبها مودعا

بأبشع اللعنات, وذلك لأنه يوجد في هذا العالم من هم أكثر بوشية من بوش ذاته.

ليست هناك تعليقات: