الأربعاء، 21 يناير 2009

من دفاتر الأيام/ انسحاب بالكامل من قطاع غزة للجيش الصهيوني


تداعيات العدوان الصهيوني المجرم على غزة



انقلب السحر على الساحر, فلم يحقق الصهاينة أي هدف من الأهداف المعلنة أو غير المعلنة, وهي التسوية إسما والتصفية مضمونا لقضية فلسطين, بل خسروا كل شيء, وزادوا من قوة حماس التي أعلنوا ضرورة وضع حد لحكمها في غزة, وهم في الحقيقة إنما جاءوا ليضعوا نهاية حماس إلى الأبد وليس حكمها كما يعلنون, وأضعفوا عباس من حيث أرادوا تقويته, وكشفت المقاومة بسبب العدوان تآمر "المعتدلين", الذين اضطروا للسكوت عن مبادرة الاستسلام التي مزقتها المقاومة بفرض وقف إطلاق النار على الصهاينة والانسحاب السريع من غزة بدون أي شروط, وكانت المبادرة الشهيرة تشترط إنهاء المقاومة فقط دون أي مقابل ولو كان إيقاف العدوان أو على الأقل وقف إطلاق النار, لأن الصهاينة لا يقدرون على حرب طويلة, ولا يستطيعون تحمل الكلفة البشرية لها, لأن شعبهم لا يقبل ذلك في كل الظروف, إنه يريد قتل الفلسطينيين والعرب من غير أي مقابل, وهكذا يفلس "المعتدلون" بخيبة حلفائهم بل سادتهم الصهاينة, الذين لا يعيرونهم أدنى اهتمام, فقد أنهوا القتال دون أن يخبروهم, بل سخروا من رئيس النظام المصري وأي سخرية؟ عندما قالوا إنهم أوقفوا القتال استجابة لطلبه. خسر الصهاينة كذلك أهم أهدافهم وهو الحملة الانتخابية التي ظنوا أنها محسومة بالانتصار في غزة, وإذا بهم ينهزمون فيقوى الليكود ويضعفون تماما, مثلما قويت حماس والممانعون, وضعف عباس و"المعتدلون", وعلى الصعيد العالمي, ساءت سمعة الصهاينة وكشفوا عن وجههم الحقيقي المجرم, فلعنتهم الشعوب وضجت ضدهم ولم تتوقف عن التظاهر والاعتصام والمطالبة بمحاكمة قادتهم المذنبين حتى الآن, بعد أربعة أيام من انتصار غزة الأبية, وجاء أوباما ورحل بوش مشيعا بالأحذية المقذوفة عليه من مواطنيه تقليدا للبطل "الزيدي", وبالجملة فإن الذين بيتوا الشر للمقاومة خابوا وانهزموا وانكشفوا, في حين أن المقاومة زادت قوة ونصرا وشهرة. قالوا إن قمة الكويت تجنبت إدراج غزة في إعلانها تجنبا للخلاف, وأعلنت بدلا عن إعلان خيار المقاومة إعلان المصالحة, التي إذا ثبتت, أصبحنا أمام مواجهة بين الشعوب ونظمها المتضامنة ضدها جميعا, وهو أمر شبه مستحيل لأن قمة الدوحة المباركة ولو كان فيها بعض من المؤلفة قلوبهم, غير أن من حضروا فيها يؤمنون ولو بتفاوت بخيار المقاومة, ومنهم من ذهب في ذلك شوطا بعيدا. إن من يتحدث عن المصالحة واهم, فقد سجل التاريخ بأحرف مضيئة من دماء أطفال غزة الزكية النقلة النوعية المنتصرة التي تعتمد إستراتيجية المقاومة, كما أحدثت غزة الصامدة فرزا حاسما ونهائيا بين المقاومة والاستسلام, وأحدثت شرخا زلزاليا عميقا في جسم الأنظمة العربية الواهية, فهؤلاء ممانعون وأولئك يرفضون المقاومة ويختارون السلام الذي لا يعني شيئا آخر غير الاستسلام وغدا سوف نرى كيف تحدث القطيعة النهائية بين الفريقين, اللهم إلا إذا حدثت معجزة ووجدوا أنهم بلا سيد بعد أن غادر بوش البيت الأبيض ملعونا, ومهما يكن من أمر فإن الشعب ومقاومته لا ينتظران أحدا, فمن أبت نفسه أن تنحط إلى الدرك الأسفل في الدنيا والآخرة فأهلا به, ومن عجز عن اللحاق بالركب فليتحمل مسؤوليته أمام شعبه الذي لن يمهله ولن يهمله هذه المرة.

عدد الشهداء الأبرار والجرحى في تزايد مستمر, ليس لأن الصهاينة لم يتوقفوا نهائيا عن الضرب الغادر من بعيد, ولكن أيضا لأن قنابلهم الأمريكية الصنع قابلة للانفجار, وهذان طفلان بريئان تعصف بهما قنبلة من آثار العدوان, فترديهما شهيدين بالأمس, وهناك أنباء تتحدث عن احتمال التحاق حوالي خمسمائة جريح بالرفيق الأعلى نظرا لإصاباتهم الخطيرة, وها هم أطباء الأردن المتطوعين يعلنون بأن 90% من الجرحى أصيبوا بالفسفور الأبيض وهناك حديث عن استعمال الصهاينة لليورانيوم المنضب في حربهم الإجرامية هذه, لكنها لم تفلح وخابت كل الخيبة بالرغم من استعمالها لأسلحة أمريكية الصنع أغلبها جاءها هبة أثناء حكم السفاح بوش من عنده أو من عند حلفائه الأقربين.

عاشت فلسطين حرة منيعة

والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار

بن سي رابح, أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: