الخميس، 5 فبراير 2009

الحرب الأكبر

غلق وقرصنة واحتفال
هذه هي الصورة اليوم, المعتدون المجرمون ومن معهم, يواصلون الحرب الكبرى بعد توقف الصغرى نسبيا, ففي كل يوم يقتلون ويجرحون ويسجنون, وفي كل يوم يرد الطرف الآخر المعتدى عليه بما يملك من وسائل الدفاع عن النفس قدر الإمكان. وها هم الصهاينة وقذ نفد صبرهم العليل أصلا, قد راحوا يمارسون الإجرام كما اعتادوا, يشنون الغارات ويقتلون كما يحلو لهم بدون وازع ولا رادع, لقد أطلق العالم أيديهم وبارك "المعتدلون" إجرامهم وهم أصلا على استعداد لارتكاب الفظائع دون تردد, لقد اشتد الحصار على غزة الصامدة كما لم يكن أبدا من قبل انتقاما منها ولهزيمتهم, إنها يريدن خنقها ووضعها بين خيارين كلاهما مر: الركوع أو الموت حصارا, ولسنا ندري كيف يتحدثون عن إعادة الإعمار والحال أن الصهاينة يمنعون دخول مواد كثيرة منها الحديد والنحاس والإسمنت؟ بماذا يعيدون البناء؟ والمواد الأساسية له ممنوعة من العبور إلى غزة؟ إن إعادة الإعمار جزء كبير من الحرب الكبرى التي أعقبت الحرب الصغرى, إنهم الآن يشترطون الهزيمة الطوعية لشعب غزة البطل, ويخيرونه بين الموت حصارا أو الاستسلام, وهو لا ريب سيختار الشهادة إن كان الأمر بأيديهم, غير أن أحلامهم ستبقى سرابا يسلون أنفسهم المريضة به, لأنهم لا يعرفون معنى الحكمة القائلة: "اطلب الموت توهب لك الحياة", إن الشعب الذي يرفع التحدي إلى درجة التضحية بالنفس هو شعب لا يقهر, فليقتلوا وليسجنوا وليجوعوا ما شاءت لهم وحشيتهم, فلن ينالوا من وراء ذلك سوى الخزي والعار, ومعهم شركاؤهم وأتباعهم وعبيدهم, وها هو النظام المصري يغلق معبر رفح اليوم دون تبرير كما كان يحاول خلق مبررات من قبل, لقد انتهت كل الحجج والتعلات وبانت الحقيقة عارية, لقد قالوا إنهم لا يسمحون بالعبور إلا للجرحى ولا نظنهم فاعلون, لقد سبق لهذا النظام الخائر أن منع بضعة أطفال جرحى متجهين للعلاج في فرنسا, ولذلك فإن استثناءه للجرحى كما يزعم لا يمكن الإطمئنان إليه, الحقيقة هي أن القوم مصممون على اغتيال المقاومة واستعباد الشعب الغزاوي الصابر بإغلاق حددوده كلها ومنع أبسط وسائل البقاء على قيد الحياة من الوصول إليه. وها هم الصهاية مدعومين بمن والاهم من الغرب والعرب يمنعون سفينة الأخوة اللبنانية من الوصول إلى غزة بما فيها من مساعدات ضرورية من دواء وغذاء وملابس وأغطية وأشياء من هذا القبيل, وقد اقتادوا السفينة إلى حيث أخضعوا ركابها للتحقيق, بل الإرهاب والإعتداء بالضرب والإهانات, علما بأن احتجاز السفينة قد تم في المياه الإقليمية المصرية!!! الحارسة العتيدة لمعبر رفح, أو نقطة حدودها في رفح, حتى لا تدخل جرعة دواء لجرحى غزة ولا جرعة حليب لأطفالها, أما الصهاينة فليمرحوا كما شاءوا في مياههم الإقليمية, وليحتجزوا السفن العربية فيها كما يشاؤون فلا حرج في ذلك, ولسنا ندري لماذا لا يمنع هذا النظام العجيب المساعدات والمتطوعين لخدمة الجرحى وغير ذلك من الإعانات من دخول مصر أساسا؟ لماذا يتركونهم يدخلون التراب المصري كما يشاؤون ثم يسدوا عليهم منفذ الخروج في رفح؟ لكن عندما يعرف السبب يبطل العجب كما يقولون!!! إن الشعوب مدعوة في كل بقاع العالم أن تهب من جديد لتحطم الحصار, إن هذه الحرب أكبر والقتل بالرصاص وقنابل الفسفور أرحم من القتل جوعا ومرضا وتشردا, فلتهب الشعوب الحرة في العالم قاطبة لتوقف الحرب الكبرى من الحصار ونتائجه القاتلة, لتوقف هذه المجزرة الأشرس والأجرم كما هبت من قبل أثناء العدوان, وقد لعبت الدور الأكبر لإرغام العدو على إيقاف العدوان ولو نسبيا, فإنه لا زال يمارس عدوانه يوميا بطريقة جزئية, إن الجريمة هنا أبشع وأكثر إيلاما من جريمة الحرب الصغرى التي لم يكن بالإمكان أن تستمر أكثر والحال أن غضب شعوب العالم كان يتطور بسرعة كبيرة, أما الحرب الكبرى هذه, حرب التجويع واالتهديد والترهيب والإبادة بهذه الوسائل الدنيئة, فهي أحوج إلى الفضح والتعاون والتآزر بين المقاومة وشعوبها والأنظمة الممانعة والمؤازرة لها, وإنهم يتحدثون عن دعوة وجهت من دمشق للاحتفال بنصر غزة وفرار جند الصهاينة منها بسرعة أذهلت العدو قبل الصديق!!! لقد جاء في الأخبار أن الدعوة صدرت عن دمشق, لكن الجهة الداعية لم تخبر عن نفسها, هل هي المقاومة؟ هل هو الرئيس السوري؟ لم يتضح هذا بعد, وما هو معلوم من هذا المشروع هو أن الدعوة وجهت لأبطال المناسبة وهم الرئيس الإيراني ورئيس الحكومة التركي والرئيس الفينزويلي وأمير قطر المفدى, وهو انتقاء في الصميم, فهؤلاء هم الذين ضربوا المثل في التصدي لهذه الحرب المجرمة على غزة, وإنهم ليستحقون كل التكريم والتمجيد, وها هي الأسر العربية تطلق أسماءهم على مواليدها لهذه الفترة احتفاء وتيمنا وتبركا, وهي مبادرة موفقة للرد على العربدة الصهيونية والتأييد الأعمى إلى درجة المشاركة في الإجرام من أنصارها وعبيدها, فمثل هذا الاحتفال إن تم هو نوع من التعبير السياسي المبدئي الشريف والإنساني في مواجهة الطرف المعادي ذي الممارسات الإجرامية واللإنسانية الضاربة في الإثم والعدوان الهمجي الأعمى على شعب أعزل أنهكه الحصار الظالم لسنوات, عقابا على طلبه العيش في وطنه حرا عزيزا كبقية شعوب العالم, إنه صراع الحق والباطل الذي كان لغزة فضل إخراجه إلى الممارسة العلنية تحت الشمس بلا مواربة ولا رمز ولا تلميح, فالكل يمارس أفعاله تحت الأنوار الساطعة التي منحتها غزة المجاهدة دماء أطفالها الزكية الطاهرة وقودا, إنها لحظة تنوير تاريخية صنعتها التضحيات الجسام, وهكذا يسجل التاريخ أن غزة الكرامة قد سجلت صفحة من أروع الصفحات الخالدة, وقد رفعت بذلك وعي الشعوب بما يحتاج في الأحوال العادية إلى مئات السنين, وإننا لنتصور أن الشعوب جاهزة للتصدي لقوى الشر والعدوان, ولا نظنها تبخل على غزة المكافحة بوقفة تسقط الحصار المجرم من حولها, حتى تتفرغ لإكمال رسالتها النبيلة في قيادة الشعوب إلى الانعتاق والازدهار والكرامة.

ليست هناك تعليقات: