الثلاثاء، 24 فبراير 2009

منظة العفو الدولية

العفو الدولية صح النوم
جاء في الأخبار اليوم, أن منظمة العفو الدولية تدين كلا من حماس والكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب أثناء حرب الإبادة والتدمير التي كانت غزة ضحية لها في الأيام الماضية, وتضيف المنظمة العتيدة أن الصهاينة استعملوا أسلحة فتاكة ذات مصدر أمريكي مثل الفسفور الأبيض, لكن حماس أيضا كانت تطلق الصواريخ الأقل فتكا لكن الجريمة تتمثل في إطلاقها!!! هكذا بكل بساطة تقع المساواة المطلقة بين الضحية والجلاد, ويقع عليهما الحكم العادل بالإجرام سواسية وبنفس الدرجة, ثم تستمر المنظمة المحترمة في سياق عدالتها المثالية, فتطالب ولم تقل ممن؟ لا ندري إن كانت تتوجه إلى عمرو موسى أم إلى بوكيمون؟ بمنع وصول السلاح إلى الطرفين معا عصابة الصهاينة وحماس! نعم هكذا تناقلت وسائل الإعلام هذا التصريح الصادر عن منظمة العفو الدولية. لقد استيقظ ضمير هذه الهيئة فجأة وكنا جازمين بأنها قد استبدلت قلبها بقطعة من الحديد الصلب, وهل يمكن لجهة مهمتها السهر على تطبيق القانون الدولي ورصد التجاوزات اللاإنسانية ومنع وقوعها بكل الوسائل أن تنضم إلى أهل الكهف لتغط معهم في النوم أو الموت المؤقت عندما كان الجيش الصهيوني يزهق أرواح أطفال غزة ويبيد شعبها ويدمر كل شيء فيها بقنابل الفسفور الأبيض والنابالم والقنابل الذرية الصغير وبأنواع أخرى من الأسلحة المجهولة الإسم عندنا لأنها كانت تجرب لأول مرة على الأبرياء في المساجد والبيوت والمدارس بمن فيها مدارس الأمم المتحدة؟ بل إن الحديث قد تطرق أثناء المجزرة الإجرامية الرهيبة عن استعمال قنابل ذرية أمريكية صغيرة, وغيرها من فنون السلاح المدمر الفتاك الأمريكي كله, وكأن السلاح القادم من هذا المصدر المجرم يستعمل للمرة الأولى في إبادة الشعوب وتخريب المدن والبنية التحتية وحرق الزرع والضرع؟ نعم يا أمنيستي الإنسانية حتى العنق, حماس مجرمة لأنها أطلقت الصواريخ الشبيهة بألعاب الأطفال النارية, لأن ذلك كل ما تملك لتصرخ به في وجه السفاح الذي يعبث بالسلاح الأمريكي بأرواح شعبها وبمدنها وقراها ومزارعها وأشجارها التي كانت تقتلع, وليست هذه هي المرة الأولى التي يجرفون فيها المزارع والحقول ويقتلعون الأشجار, ويحرقون الزرع والضرع, كل هذا لم يوقظ المنظمة الشهيرة من نومها الشبيه بالموت في كهفها المنيع, وها هي بعد خراب البصرة تأتي بكل عدالة لتسوي بين المجرم الصهيوني والضحية المثخنة من أبناء غزة الأبطال, ألم تتساءل هذه الهيئة ذات الاختصاص الإنساني عن عدد القتلى والجرحى من الجانبين؟ وعن كم المدنيين الصهاينة الذين قتلوا أو جرحوا أثناء الثلاثة أسابيع من الجحيم الذي نصبه الصهاينة في غزة الصامدة بأسلحة أمريكية الصنع والتمويل؟ كأن المنظمة المحترمة تجرم الأرنب عن الصراخ في فم الأسد!!! ويا لها من مفارقة يندى لها جبين الإنسانية التي نكبت بتمثيل هذه الهيئة الصماء البكماء الفاقدة للقلب, نعم يا أمنيستي نحن نقبل بمنع وصول السلاح إلى حماس بشرط أن تضمني نفس الشيء بالنسبة إلى الطرف الآخر, لكن ممن تطالبين بهذا المنع؟ من أي دولة على وجه التحديد من دول الغرب والدائرين في فلكه؟ من أمريكا مثلا وهي التي تعيد وتؤكد مع مطلع كل شمس أنها ملتزمة بحماية أمن إسرائيل تماما ومهما كانت التكاليف؟ ألم تفكري أيتها الوصية على سلامة الإنسانية لحظة واحدة بأن أمريكا والغرب يدركون أن الكيان الصهيوني لا خوف عليه, أما الفلسطينيون والعرب فواجبهم هو الموت بأدب ودون ضجة حتى لا يقلقون الذباح الصهيوني عندما يمارس هوايته المفضلة, لذلك لا بد من منع وصول حتى المفرقعات اللعب لهؤلاء الإرهابيين الذين يكثرون من الصراخ الزعج عندما يتعرضون لنعمة الذبح على أيدي الصهاينة بسكاكين أمريكية وغربية مشحذة حتى تنجز مهمتها بكثير من الرحمة والرفق. إن الذي يحدث تجاوز كل المعايير المعهودة, وقد صمم الغرب ومنظماته المكلفة بالإنسانية على خوض حرب الإبادة والتطهير العرق إلى النهاية, حتى يصفو لهم الجو ويعيشون على أرض الجنس العربي الذي برمجوا إفناءه بكل الوسائل, حتى يبسطون سيطرتهم التامة على الأرض ذات الكنوز المعروفة أو التي لا زالت لم تكتشف بعد, ويحكمون قبضتهم على المنافذ الاستراتيجية في المنطقة حتى يتسنى لهم مراقبة كل صغيرة وكبيرة في البر والبحر والجو والفضاء. إن منظمة العفو تعرف تماما هذا السيناريو الاستعماري الجديد بل وتشارك فيه بقسط وافر عن طريق السكوت والتجاهل والتواطؤ, وهي بذلك تدخل الإجرام الحربي من أوسع أبوابه, وإن مثل هذا العواء الصادر عنها تشفيا وشماتة في أطفال غزة ومواطنيها الأبرياء لعار وأي عار؟ بل إنه لإجرام وأي إجرام؟ كان الأجدر بها أن تواصل السكوت, أما أن تصمت دهرا وتنطق كفرا, فهو ما يستوجب الإدانة والاستنكار من استهزاء المنظمة الإنسانية جدا بالشهداء والجرحى الذين لا يزالون في أمس الحاجة لمن يساندهم ويقف إلى جانبهم ويخفف من آلامهم, وليس لمن يسخر منهم ويتسلى بجراحهم المثخنة, وهو سلوك لا وصف له, ولا نجد له كلمة يمكن أن تصفه بموضوعية, إن اللغة لتقف عاجزة كل العجز على التعبير عن مثل هذا العدوان الأقسى من العدوان الصهيوني المجرم, ويا لها من مواقف تضع صاحبها في مزبلة الإنسانية بل هي أشرف من تتقبل مثل هذه الكائنات المتعفنة الراسخة القدم في الجريمة والممارسات الاستعمارية المتكبرة المتجبرة الطامعة, دون اكثرات بكل القيم والمعايير الإنسانية النزيهة, إن بشاعة مثل هذه المواقف لا يمكن للغة ولو كانت في فصاحة العربية أن تصفها, ولله في خلقه شؤون, والمجد والخلود للشهداء الأبرار, والشفاء العاجل للجرحى الأبرياء, وإن من كثر فساده قربت نهايته.

ليست هناك تعليقات: