الأحد، 22 فبراير 2009

العنف من جديد في مصر

العنف مجددا في مصر
انفجار في حي الحسين بالقاهرة اليوم, ويبدو أن العبوة الناسفة قد وضعت في فندق الحسين السياحي, كما أظهرته الصور التلفزيونية, والحصيلة وفاة سائحة فرنسبة وجرح 10 فرنسيين و03 سعوديين و 03 مصريين و01 ألماني, العملية موجهة ضد السياحة التي تشكل نشاطا اقتصاديا متميزا في مصر, أصابع الاتهام سوف تتوجه آليا إلى الإخوان المسلمين المتابعين يوميا في كل الظروف, وسوف توصف العملية بالإرهابية, ويتوعد النظام المصري المنفذين, ويمارس اعتقالات كما يفعل دوما حتى في الفترة الماضية المستقرة منذ سنوات, ويغلق الملف بهذه الصفة, وبطبيعة الحال فإن العنف مرفوض مبدئيا ومهما كانت المبررات, فما ذنب المتوفية والجرحى 17؟ إن أي عمل مسلح سواء كان الذي يمارسه جماعة معارضة أو تقوم به دولة كما فعلت العصابة الصهيونية في غزة الشامخة, هو إرهاب بغيض, يستحق الإدانة والاستنكار, فعلى الذي يمارس المعارضة المسلحة أن يتجه إلى الخصم مباشرة, وأن يوجه سهامه إلى من يحاربه الذي هو الدولة ومقاتليها, أما المدنيون الأبرياء, فلا مبرر لإزهاق أرواحهم إلا عندما يكون المحارب في وضعية مقاومة كما هو الشأن بالنسبة للمقاومة الفلسطينية المضفرة, وهي وضعية خاصة بالمقاومة دون غيرها, وبالطبع فهي قد تصيب المدنيين اضطرارا نتيجة الحالة الخاصى التي تفرضها ظروف المقاومة, ثم إن المقاومة حق شرعي يقره القانون الدولي وكل الشرائع المنزلة أو الموضوعة, ومن هنا فلا سبيل للمقارنة, ولا للغموض واللبس التي خلقها السفاح بوش بطلب من شركائه الصهاينة, حتى أن العالم بأسره وقع في ارتباك غير مسبوق, حينما أدرجت المقاومة في لائحة الإرهاب, واختلط الحابل بالنابل, وعوض تكثيف الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب, أصبحت الشكوك تحوم حول صحة تهمة الإرهاب ما دامت النية غير صافية والتصرفات مغرضة والقصد ليس بريئا. لكن الشجرة لا يمكن أن تحجب الغابة أي كانت الظروف, وحتى الإرهاب الحقيقي وهو ما لا يمكن تبرره كفعل, لكن تحليله ودراسته المعمقة تؤدي حتما إلى توريط أطراف فيه باعتبارها من الأسباب التي أنتجته, كما أنه لا يمكن إبعاد تبرئة المجتمع من الجريمة بكل أنواعها, فالمجتمع وخاصة النظام السياسي المحلي أو العالمي المستبد, والمنتج بذلك للإرهاب مسؤول عن الظاهرة, كما هي مسؤولية المستعمر على الثورات والمقاومات التي يصفها بالإرهاب لتبرير جرائمه في محاولة قمعها, وللتنصل من المسؤولية عن الوضعية التي تسبب فيها والمؤدية بطبعا إلى المقاومة والثورة, لقد كان الاستعمار الفرنسي الاستيطاني الشريس يصف مجاهدي الجزائر الثائرة بالإرهاب وبالخارجين عن القانون وبالمتمردين, وما إلى ذلك من الأوصاف الدالة على الجريمة والخروج عن الشرعية, وحتى بهذا المعنى, فإن الخروج عن الشرعية الاستعمارية مفخرة ما بعدها مفخرة. إن الموقف الاستفزازي المستبد للنظام المصري إزاء شعب مصر الأبي أثناء العدوان المجرم الأخيرة للصهاينة على غزة الصمود, كان قد جعل قادة كبار يطلبون من الشعب المصري سلوك طريق العنف لوضع نظامه السياسي عند حده, لقد غلق هذا كل الأبواب على شعبه ولم يترك سوى باب واحد لا حول له ولا قوة حياله هو باب العنف, وها هو ينفتح اليوم في القاهرة, في قلب القاهرة, وفي رمز من رموز اقتصادها وهو السياحة, هل هي سحابة صيف ثم تنقشع؟ ذلك كل ما نتمناه للشعب الشقيق, أما أنه السيل الذي سوف يأتي على الأخضر واليابس لا قدر الله, لأن الذي يدفع الثمن في نهاية المطاف هو شعب مصر الصبور, نعم إن حادثى اليوم تصنف في باب التطرف والإجرام, لا جدال في ذلك بسبب استهدافها لمدنيين ولمؤسسة سياحية اقتصادية تهم شعب مصر كله, وتؤثر على مستوى معاشه الضنك في ظروف الاستقرار فما بالك في زمن القلاقل والاضطراب, لكن مسؤولية النظام المصري المستسلم للعدو الصهيوني المجرم والمؤتمر بأوامره في إبادة الفلسطينيين والتضييق عليهم وإغلاق رفح الرهيب حتى في وجوه الجرحى, وعن إمدادات الغذاء والدواء, مسؤولية هذا النظام قائمة وجسيمة, والذي وقع اليوم مهما كان متطرفا ومجرما, فإنه دن ريب يصب في خانة رد فعل الشعب المصري العربي الذي لا يمكن أن يقف متفرجا أمام ذبح أطفال غزة وإبادة شعبها وتدميرها, ولا يمكن أن يغض الطرف عن ممارسات نظامه الحاكم التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وكل عتبات العقل والمنطق, شعب مصر لا يمكن أن يبقى لا مباليا عندما يتعلق الأمر بإخوانه العرب حيثما كانوا, فما بالك بأهل غزة المقاومة على حدوده مباشرة, وليكن في علم هذا النظام المنحرف أنه إذا كان عملية اليوم متطرفة وإرهابية فإنه إن لم يرتدع سوف تأتي عمليات معتدلة لكنها كبيرة ومزلزلة تصنف في خانة المقاومة والثورة على نظام يحكمه بالاستبداد والظلم والجور ويقف في صف العدو المجرم لتيسير مهمته في إبادة شعب غزة وتخريب عمرانها وإتلاف زرعها وضرعها, مثل هذه التصرفات الطائشة لا يمكن أن تمر بسلام داخلي وتوافق بين شعب مصر ونظامه السياسي, وصفوة القول هو أن حادثة اليوم إرهابية ومتطرفة حقا, وأملنا أن تكون حادثة معزولة, نتجت عن الكبت الرهيب الذي تعرض له الشعب المصري العربي أثناء الجريمة الصهيونية في غزة المجاهدة, لكن مسؤولية النظام المصري المنتج للإرهاب والتطرف قائمة لا جدال فيها, فالحكم الذي ينتج التطرف والإرهاب مذنب لا شك, ورب ضارة نافعة, فقد يؤدي هذا الخرق المؤسف لهدوء استمر سنوات عدة إلى مراجعة هذا النظام الضال لحساباته من أجله هو أولا, من أجل مصلحته وبقائه في السلطة والحكم, وفي ذات الوقت يستفيد شعب مصر الشقيق من نعمة الاستقرار التي تنتج عن التوبة المفترضة للنظام الحاكم في أرض الكنانة العريقة. هذا هو ما نتمناه لمصر وأهلها وليس ذلك على الله بعزيز.

ليست هناك تعليقات: