الاثنين، 1 يونيو 2009

قلقيلية

قلقيلية

حماس تبلغ القاهرة تجميد مشاركتها في حوار الفصائل الفلسطينية, بعد حادث قلقيلية الذي ذهب ضحيته اثنان من كوادرها, عندما حاولت عناصر من أمن السلطة اعتقال أحدهما, فيما سقط ثلاثة من رجال الأمن, ومدني واحد, وقع هذا بالأمس فور وصول عباس من القاهرة قادما من أمريكا, وقبل زيارته اليوم ملك الأردن, ومكالمته الهاتفية مع العاهل السعودي, وفي الوقت الذي تقوم فيه العصابة الصهيونية بأضخم مناورة عسكرية في تاريخها, أي منذ ما يزيد عن ستين عاما. وقد سجلت ردود فعل فلسطينية, حيث اعتبرت حماس الحادث تجاوزا لخط أحمر, وقالت إنه سينبع بتداعيات, وبعد ساعات معدودة تم الإعلان عن اعتقال 19 من حماس في الضفة, وقالت كتائب الأقصى أن الحكومة المقالة في غزة اعتقلت 16 من عناصرها, وكذبت الخبر وزارة الداخلية في غزة, وبعدها وقع الإعلان عن تجميد حماس لمشاركتها في حوار القاهرة. كما حمَّلت مختلف الفصائل السلطة مسؤولية الحادث, ومنها من زاد على ذلك اتهامها بالتعاون مع العدو ضد رجال المقاومة, أو بتنفيذ أوامر الموساد, وجهات خارجية أخرى. أما عربيا فقد أعلنت المقاومة اللبنانية حالة الطوارئ القصوى بسبب المناورات العسكرية الصهيونية, التي تدوم خمسة أيام, كما أعلن الجيش اللبناني حالة الطوارئ القصوى على الحدود الجنوبية. أما في الكيان الصهيوني فقد أعلن وزراء عن عدم كفاية ما قامت به السلطة في قلقيلية, بمعنى أنهم يطلبون المزيد, كما صرح أحد وزراء العدو بأن طلب أوباما تجميد الاستيطان في الضفة مرفوض, وفي ذات الوقت تم الإعلان عن زيارة وشيكة لوزير حرب العصابة الصهيونية لواشنطن, وحددوا موضوعها الذي هو التعاون العسكري بين الجانبين, وتدارس الملف النووي الإيراني. إن قراءة سريعة في صفحة الأحداث والتصريحات تبين الشروع في تنفيذ مخطط جديد قديم هو القضاء على المقاومة, بمعنى تكريس الاستسلام العربي والفلسطيني وتثبيته. لقد سبق أن حكمنا على الحوار الفلسطيني منذ انطلاقه بالفشل, ذلك لأنه يتم بين طرفين لا سبيل إلى لقائهما, طرف مقاوم وآخر مستسلم, وقد كانت الأطراف المعادية للمقاومة تراهن على هزيمة هذه وجرها إلى معسكر الاستسلام عن طريق الحرب السياسية والدبلوماسية, ومنها مسرحية الحوار المستحيل, وذلك مباشرة بعد هزيمة الكيان الصهيوني وحلفائه وذيوله في القضاء على المقاومة في غزة عسكريا, والتي سجلت ملحمة أسطورية مرغت فيها أنف الجيش الذي لا يقهر في التراب, وقد فر من غزة فرارا, يجر أذيال الخيبة والفشل ويطأطئ الرأس مما ألم به من تورط في مستنقع العار والشنار بسفكه لدماء الأبرياء ومحاولة إبادتهم باستعمال الأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا, وتخريبه للعمران وإتيانه على الأخضر واليابس وعلى الشجر والحجر, بسبب رسوخ قدمه في الجريمة, ولغيظه المتميز من الفشل الذريع في تحقيق أي من أهداف الحرب الإجرامية التي أعلنها على المقاومة الباسلة وشعبها المجاهد الصابر الصامد. إن الحرب الشرسة ضد المقاومة المضفرة لم تتوقف للحظة واحدة, بل تواصلت بطرق أخرى, يشهد على ذلك الحصار الإجرامي الذي لا زال مضروبا على غزة بكل صرامة وإصرار, من أجل إضعاف المقاومة بتجويع الشعب وحرمانه من الدواء وأبسط ضروريات الحياة اليومية, وتركه نهبا للعراء والجوع والمرض والأوبئة الفتاكة, كل ذلك يقع على مسمع ومرأى من العالم الحر المتمدن والإنساني حتى النخاع, هذا العالم الذي يدعم العصابة الصهيونية بكل ما أوتي من قوة, من أجل القضاء على مقاومة مشروعة في كل الشرائع السماوية والأرضية للدفاع ضد العدو الغاصب المحتل المستعمر, فأي درك من الشر انحدر إليه هذا العالم الذي يسمي نفسه حرا؟ وأي ضلال انتهى إليه كل من يدور في فلك هذا العالم الإنساني جدا, أو ينصب نفسه عميلا له بكل إصرار وانبطاح؟ إنها العودة إلى الحرب المسلحة مرة أخرى, إنها محاولة للقضاء على المقاومة باستعمال طرف داخلي والدفع في اتجاه إشعال نار حرب أهلية فلسطينية للقضاء على المقاومة وإبادة الشعب الفلسطيني, وإنهاء القضية من جذورها, لكنهم سيهزمون كما انهزموا في المرات السابقة في لبنان وفي غزة وفي أي مكان من العالم وقعت فيه مقاومة وطنية ضد محتل مستعمر غاصب مجرم, وسوف تكون الفضيحة هي الجائزة التي سيجنيها المتآمرون على شعب أعزل, يريد الحياة على أرضه في كنف الأمن والسلام والاستقرار, بينما يطلب هؤلاء الذين يدبرون مؤامرات تمزيق وحدة الصف الفلسطيني, وتصفية القضية بأي ثمن, حتى ولو كان هو الإبادة التامة أو شبه التامة للشعب الفلسطيني برمته نصرة الباطل على الحق, والوقوف إلى جنب الظالم ضد المظلوم, والعياذ بالله. لقد انتعش شيء من الأمل برحيل السفاح بوش, لا سيما وأن تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد, كانت تبعث على التفاؤل,غير أن أحدات قليقلة تشير إلى أن الأمل كان كاذبا, وأن أمريكا لا يمكن أن تتحول من القوة الاستعمارية الأولى في العالم والشبه الوحيدة إلى دولة عادلة وإنسانية, ربما لأن الرئيس الأمريكي الجديد قد فشل في تنفيذ وعوده وتصريحاته بفعل اللوبيات الصهيونية وغيرها من أصحاب المصالح, وذوي النفوذ الواسع والأيادي الطولى, التي تمتد كالأخطبوط إلى مختلف بقاع الأرض, وتتغلغل في المجتمع الأمريكي إلى درجة عصية على المقاومة والزحزحة, ربما يكون هذا هو الحائط الذي اصطدم به الرئيس الأمريكي الجديد, وقد تكون تصريحاته ومواقفه المعلنة تهدف إلى إحداث أثار معينة, دون المضي فيها إلى النهاية, وبتطابق تام بين القول والفعل. المهم هو أن المقدمات البادية على السطح, تشير إلى أن الحلف غير المقدس لقوى الشر العالمي قد انطلقت في تنفيذ أمر مبيت شديد الخطورة على المقاومة والشعب والقضية في فلسطين وما حولها, ولا نظن المقاومة غافلة عما يحدث, وإنها لجولة جديدة سينتصر فيها الحق على الباطل لأن هذا كان زهوقا, وإن الطرف المستعد للتضحية والذي يتخذ من الموت وسيلة لبعث الحياة هو المنتصر لا محالة, نعم سوف تقع معاناة رهيبة, وستكون الحرب ضروسا, لكن إرادة الشعب التي هي من إرادة الخالق سبحانه سوف تكون هي المنتصرة, وقد اختارت الشعوب المغلوبة على أمرها استراتيجية المقاومة, التي لا بديل عنها للدفاع عن حقوقها, وهي مستعدة للبذل والتضحية والفداء, ولذلك فهي المنتصر في نهاية الأمر, وإنها لكرة خاسرة ومشينة هذه التي يتورطون فيها مجددا, وما النصر إلا من عند الله. وسوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

هناك تعليق واحد:

bensirabah يقول...

عفوا...أخبار الأمس لم تكن دقيقة, حماس لم تعلق بعد مشاركتها في الحوار الوطني الفلسطيني بالقاهرة, لكنها بصدد دراسة الموضوع, غير أن التعليق أو التجميد منتظر, لأن الأطراف الأخرى الخارجية والسلطة بدأت بالاستفزاز, لأنها يئست من جر المقاومة إلى الاستسلام عن طريق مسرحية الحوار المستحيل بين المقاوم والمستسلم.