السبت، 25 يوليو 2009

في فلسطين مصير العرب

في فلسطين مصير العرب

هذا مقال أوحى به تعليق الأخ الكريم "أبو وديع" على "فلسطين مرآة العرب"

الأخ المحترم أبو وديع، لي الشرف العظيم أن أتحدث إلى فتحاوي

لقد فتحنا عيوننا على فتح تقود الكفاح الفلسطيني باقتدار كبير, وتملأ الدنيا نصرا وفرضا للإرادة الفلسطينية الحرة على العالم, وبفضل كفاحها المرير, والتفاف العرب من حولها, أيام التضامن العربي, افتكت لها مقعدا في الأمم المتحدة, وفرضت الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني عالميا . أقول لك أخي العزيز, إنني لست مع أي كان القدومي أو غير القدومي, أنا مع المقاومة كائن من كان الذي يقوم بها. وما هو واضح الآن,هو أن القيادات الفتحاوية الموجودة بالخارج قسرا, نظرا لتناقض الثورة والمقاومة مع الإقامة تحت الاحتلال, إلا بالنسبة للمقاومة المسلحة التي تنتهج تكتيك حرب العصابات, تضرب وتختفي, أما القيادات السياسية فيستحيل وجودها على أرض محتلة إلا إذا كانت تتبع نفس الأسلوب, أي الاختفاء والنشاط في سرية تامة, اللهم إلا إذا هادنت العدو _ على الأقل – وتنصلت من المقاومة, وهو ما يحدث الآن بالنسبة إلى السلطة, هذه القيادات التي ترفض عقد مؤتمر الحركة تحت الاحتلال, معرضة للتصفية النضالية والطرد من الحركة, ومن الطبيعي أن تدافع عن وجودها السياسي. إن مثل هذا القرار التصفوي الخطير, لا يمكن أن يكون مصدره غير الجهات المعادية, وبالطبع ما على السلطة القائمة تحت الاحتلال إلا التنفيذ. إن السير في هذا الطريق, أي إقامة سلطة تحت الاحتلال خطأ قاتل, ذلك لأن الغرض هو محاربة المقاومة بالسلطة ذاتها, أي تكليفها بمهمة يعجز العدو عن القيام بها, وهو ما يحدث حاليا, وتفسيره واضح ومنطقي, فماذا يفعل المحتل بسلطة يدعي أنها وطنية, غير استعمالها في محاربة المقاومة عدوه اللدود, والخطر الحقيقي الذي يهدد وجوده؟ هذا الاحتلال لا يمكن أن يسمح بعقد مؤتمر أي كان ما لم يكن في خدمته, وها هو منذ البداية يشترط تصفية العناصر التي لا زالت تقاوم بشكل أو بآخر. أخي الكريم نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة, نحن مع الشعب الفلسطيني العظيم, ومع مقاومته الشريفة, التي تقض مضاجع العدو, وتهدد وجوده. نفعل هذا وعيا بالمصير العربي المعاصر, الذي يتقرر على أرض فلسطين المقدسة, إما الانتصار, أو – لا قدر الله– الانكسار, الذي لن تقوم للعرب قائمة بعده إلا بعد زمن طويل جدا. نفعل هذا انطلاقا من درس الثورة الجزائرية الكبرى التي قامت كمقاومة شرسة بعد أن فشلت كل الأساليب الأخرى, إن الاستعمار الفرنسي الأسود أشبه ما يكون بالاستعمار الصهيوني, لأنه أيضا استيطاني مرير, وفي بعض النواحي هو أقسى وأعتى بكثير من الاستعمار الصهيوني العنصري الدموي, فقد كان يعتبر الجزائر أرضا فرنسية, وقطعة من فرنسا, وجزءا لا يتجزأ منها, غير أن المقاومة أجبرته على الرحيل بلا رجعة إلى الأبد, بعد دفعها التضحيات الجسام المناسبة والكافية كمهر للحرية, حرية الوطن, أما حرية الإنسان فلا زالت تنتظر ثورة أخرى لإنجازها. ليس هناك من حل لقضية فلسطين, وللقضية العربية, ولقضايا الإنسانية كلها غير المقاومة, بها يكون الدفاع, دفاع الشعوب عن وجودها وعن حقوقها وعن كرامتها, بها تنتزع استقلالها وتحافظ عليه وتطور مجتمعاتها. لقد كان من الصواب أن تحتفظ فلسطين بالوضع السابق على قيام السلطة, بلديات مجرد بلديات لتسيير شؤون المواطنين العادية واليومية, والباقي مقاومة, تسدد الضربات النجلاء للعدو ثم تختفي, كما هي حرب العصابات, الأسلوب الوحيد الناجع لاسترجاع الاستقلال والمحافظة عليه, مهمة شعب فلسطين الآن, وفي مقدمته قياداته, هي المقاومة ولا شيء غير المقاومة, لأنه لا جدوى من أي مسعى آخر, ومن يريد الأوهام المسماة مفاوضات, فليضيع الوقت كما يشاء, فلن يجني غير الخيبات تلو الخيبات, وإلا, إذا كان هذا المفاوض بلا مقاومة فما هي أوراقه التي يفاوض بشأنها؟ وهل يمكن الحصول على شيء بالمجان في العلاقات الدولية؟ إن العرب كلهم من محيطهم إلى خليجهم معنيين بالمقاومة في فلسطين وفي أوطانهم جميعا, ذلك لأن بؤرة الصراع الراهنة هي فلسطين, وما تقرر على أرضها سوف يعمم على مجموع العالم العربي برمته, فعلى شعوب العرب أن تدرك تماما أن الخطر الصهيوني والاستعماري يقف على الأبواب, وما هو ببعيد عنها, وأن المصير واحد, لا يمكن تجزئته, ولو نجح الاحتلال في العراق -لا قدر الله- لكان قد انتشر إلى بلدان أخرى مجاورة, ولكان التقسيم قد تم في العراق, ويتبعه تقسيم باقي أوطان العرب إلى كيانات مجهرية, لا حول لها ولا قوة, ومن ثم تتحكم فيها إسرائيل تماما ومن هم وراء إسرائيل من القوى الاستعمارية الطامعة المهيمنة, لكن – لحسن الحظ – وبفضل المقاومة, وبفضل إيران التي تدعم المقاومة, تعثر المشروع الأمريكي في العراق وفي لبنان أمام ضربات المقاومة الباسلة, ومن ثم نجونا مؤقتا, لكنهم لم ييأسوا وها هم يهاجمون إيران بشراسة, من أجل قطع الإمداد عن المقاومة العربية والإسلامية, والمعركة قائمة في طهران على أشدها, ولا سبيل للقول إن ذلك يعود إلى مشاكل إيرانية داخلية, لا لو كان الأمر كذلك فقط, لما انبرى الغرب يرمي كل ثقله على الساحة الإيرانية, من أجل تعميق الخلاف والانقسام والإضعاف، ثم الإجهاز على النظام الذي لا يخضع ويزيد على ذلك تدعيمه للمقاومة في كل مكان على الرقعة العربية والإسلامية. إن بؤرة الصراع بين العرب والصهيونية والاستعمار تقع في فلسطين المقدسة, وعلى الجميع أن يدافعوا عن بلدانهم وأجيالهم الصاعدة ومصيرهم في فلسطين, فهناك سوف يتقرر المصير العربي في هذا الزمن الراهن, ولا عذر لمن لا يشارك في هذا الصراع المصيري, أما أولئك الذين يتآمرون على المقاومة, ويساعدون العدو على خنقها, فمصيرهم لن يكون سوى لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, وزاوية قذرة من زوايا تاريخ الهزائم على مر العصور. لقد أثار تعليقك الهام على "فلسطين مرآة العرب" هذا البركان بداخلي, فشكرا أخي أبو وديع, وعاشت فلسطين حرة عزيزة, ودامت بطولات المقاومين الشجعان, والنصر لشعب فلسطين الأبي, والخلود لشهداء المعركة الحاسمة الأبرار. لقد وعد الله عباده المؤمنين بالنصر, ووعد الله حق, وإنه سبحانه لا يخلف الميعاد.

ليست هناك تعليقات: