الثلاثاء، 20 يناير 2009

من دفاتر الأيام/قمة فاشلة في الكويت

فشل مستحق لقمة الكويت
صدر بيان عام باهت وحجبت النقاط الخلافية, وهو موقف اللاموقف, فقد تبنوا من قمة الدوحة المشرفة بعض النقاط مثل تحميل الصهاينة مسؤولية الحرب, ومتابعتهم قضائيا بشأن الخسائر والدمار الذي تسببوا فيه, لكنهم لم يتحدثوا عن ملاحقة زعماء العصابة عن جرائم الحرب التي ارتكبوها بكل وحشية!!! وفيما يبدو أن هذه من بين النقاط الخلافية. كان من المفروض ألا تعقد هذه القمة التي تجاوزتها الأحداث, ولا ينتظر منها سوى مزيد من الكشف عن الفضائح التي عرتها المقاومة البطولية ونشرتها قطر بأحرف بارزة تاريخية. فليس من الطبيعي أن يجتمع الممانعون و"المعتدلون" فهذا هو عين التناقض ولا ينتظر منه سوى الفشل الذريع, أو تغلب فريق على آخر واحتوائه, وهذا هو عين المستحيل, أو أن يحدث الفشل وهو ما حصل بالفعل, لقد عمقت المقاومة بمناسبة التصدي البطولي للعدوان الصهيوني المجرم الشرخ في النظام السياسي العربي الخائر, وقد فعلت بذلك خيرا, وأظهرته قطر بكل شجاعة, وهو كسر تام غير قابل للجبر, وهو ما تباركه الشعوب التي قررت اتخاذ المبادرة الاستراتيجية وتحمل أمر مصيرها بالمقاومة دون غيرها, فتلك وسيلتها الوحيدة, وهي الوسيلة التي أثبتت نجاعتها أكثر من مرة في التخلص من الهيمنة الصهيونية ومن استبداد "المعتدلين" وتفريطهم في القضايا الجوهرية لأوطانهم, لقد نفذ صبر الشعوب وحزمت أمرها واتخذت قرارها الذي لا رجعة فيه ولا رجوع عنه مهما كانت التكاليف والتضحيات. هكذا هو المستقبل منذ لحظة انتصار غزة, بل منذ الفرار الأول لجنود العدو الجبناء وعملائهم من جنوب لبنان, حيث ذاقت الشعوب حلاوة النصر لأول مرة على العدو الغاصب, وأدركت أنه بالإمكان دحره, لذلك فالمقاومة ثم المقاومة ولا شيء آخر غير المقاومة.
لنضرب مثلا من الجزائر- للأسف الشديد- خاصة وأنها معتبرة من الممانعين, والنظام فيها لايستطيع أن يكون إلا كذلك لأسباب داخلية وتاريخية, لكن حتى هؤلاء الممانعين ليسوا في مرتبة واحدة, ومعظمهم في حاجة إلى اتخاذ خطوة جادة لإصلاح شأنه الداخلي وإحداثث الانسجام بين مواقفه المعلنة وممارساته الداخلية والخارجية, لقد صدر تصريح عن وزارة التربية بعد ما بدأ تململ التلاميذ المترشحين لشهادة البكالوريا في دورة هذا العام, محتواه أن القرار الذي اتخذ في يناير 2008, يبقى ساري المفعول في دورة 2009, أي أن بكالوريا "الإصلاح" غير قابلة للتطبيق عمليا لحد الآن, مند بلوغ هذا "الإصلاح" السنة الثالثة ثانوي العام الماضي, كما يشتمل القرار المذكور على عدم تطبيق طريقة "المقاربة بالكفاءات" وهي منهجية التدريس الرسمية لهذا الإصلاح المختل, وزيادة على هذا فقد اشتمل هذا القرار على إجراء غريب تحت ضغظ التلاميذ المضربين والمتظاهرين العام الماضي هو حذف أجزاء معتبرة من البرامج لا يمتحن فيها بحجة أن البرامج طويلة ولا يمكن إنهاؤها, لذلك يحذف منها ما لم يقع تدريسه بعد المراقبة الميدانية الشاملة, وأيضا يضاف لتوقيت امتحان البكالوريا نصف ساعة في كل مادة. إن هذا الأمر العبثي غني عن التعليق, والغريب ألا أحد من المسؤولين عن هذا الوضع الخطير استقال أو أقيل, ولا أي إجراء اتخذ مثل مراجعة البرامج والطريقة بل إلغاء "الإصلاح" الكارثة أو إصلاحه على الأقل, لم يفكروا في أي شيء من هذا القبيل إطلاقا إلى أن تجددت المشكلة هذه الأيام وأعلن التلاميذ عن عزمهم على الاحتجاج مثل العام الماضي أو أكثر من ذلك, وحينئذ صرح الوزير بأن الإجراءات التي اتخذت العام الماضي ستبقى سارية هذا العام, أي تطبيق "الإصلاح" في التدريس رسميا أما عمليا فمستحيل, وإلغاؤه في الامتحان طريقة ومحتويات شكلا ومضمونا!!! إن هذا مثال خفيف عن التسبيب والتفريط والعجز الذي بلغه نظامنا السياسي ولا شك أن معظم الممانعين لا يبتعدون كثيرا عن مثل هذه السلوكات العجيبة الغريبة. إن الممانعة تقتضي أولوية إصلاح الشأن الداخلي وإزالة الفتور بين الشعوب والأنظمة وإحداث الانسجام التام بين الطرفين, وذلك بالعمل الجاد لمصلحة الشعوب والسير بجدية في درب التنمية الشاملة المستدامة, وعلى رأسها التنمية البشرية محل مثالنا هذا, فبذلك فقط يحدث الاستقرار وتتبنى الجماهير السياسية نظامها السياسي وتحتضنه بقوة حانية, وتسير به إلى بناء مستقبلها الزاهر الكريم, وتمانع به وتتصدى لأي قوة خارجية باغية حاقدة وطامعة في خيرات الشعوب والأوطان. هذا هو برنامج المستقبل من انخرط فيه فهو ممانع وآمن, ومن تردد وتلكأ بشأنه مع انتمائه علنا للممانعة فهو من المؤلفة قلوبهم إلى أن يحزم أمره, ومن رفضه فهو من "المعتدلين" التابعين لأعداء الأمة والأوطان والشعوب, والذين سيلقون حتما نفس المصير الذي ستؤول إليه القوى الخارجية المعادية التي وضعوا أنفسهم في خدمتها لأسباب تخصهم وحدهم.
بن سي رابح
أستاذ متقاعد من عاصمة الجزائر

ليست هناك تعليقات: