الثلاثاء، 21 أبريل 2009

مؤتمر دوربان العالمي

الغرب المتصهين

مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية

اجتمعوا اليوم في "دوربان" بسويسرا, في غياب 7 دول كبرى إلى جانب حكومة الصهاينة بالطبع, ومن هؤلاء السبع, الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وإيطاليا وألمانيا, وهلم جرا, قالوا إنهم تغيبوا خوفا من أن تتحول جلسات المؤتمر إلى محاكمة للعصابة الصهيونية بسبب حرب الإبادة والدمار الشامل, التي قامت بها مؤخرا في غزة المجاهدة. انعقد المؤتمر بدون هؤلاء, وما أن قام الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد" خطيبا في المؤتمر حتى انسحب الأوروبيون احتجاجا واستنكارا لاتهامه الكيان الصهيوني بالعنصرية, عفوا ليس الأمر اتهاما, بل هو حقيقة ثابتة وموثقة, والممارسات اليومية للعصابة الصهيونية خير شاهد حي على ذلك, لذلك أضاف الرئيس الإيراني البطل إلى جانب العنصرية أوصافا أخرى للصهاينة, مثل الاحتلال والإرهاب, وهي كلها تمارس على الأرض المحتلة يوميا, إذن لماذا يحتج المحتجون؟ ويغيب المتغيبون؟ وينسحب الحاضرون الأوروبيون؟ وتعلن "تشيكيا "انسحابها التام من المؤتمر؟ لله درك يا غزة العظيمة, لقد فضحت الجميع وعريت كل منافق جبان. أين هو النظام المصري الذي يهدد ويتوعد المقاومة؟ ويحاصر غزة الصمود والتضحية؟ لماذا لم يقل ولو كلمة واحدة في المؤتمر؟ أين الشجاعة التي يبديها أمام حزب الله المكلل بالنصر العزيز؟ بل أين هي النظم العربية كلها؟ لماذا أحمدي نجاد هو الذي يذكر الحقائق التي تكوي الفلسطينيين العرب, وتزهق أرواحهم يوميا؟ لماذا اليوم الرئيس الإيراني العظيم, وبالأمس القريب, وفي سويسرا أيضا, وبالتحديد في مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي, الذي يتحدث فقط هو رئيس الوزراء التركي البطل " طيب رجب أردوغان "؟ إن هذين الزعيمين البارزين لم يتكلما ولم يصدعا بالحق إلا تعبيرا عن إرادة شعبيهما العظيمين, وذلك لأن النظامين التركي والإيراني, قد قطعا شوطا طويلا على درب البناء والنهضة والتمثيل السياسي الحقيقي لشعبيهما, وإنهما إذ ينفذان إرادة شعبيهما إنما يفعلان إخلاصا, وأيضا من أجل مستقبلهما السياسي الشخصي, الذي لا يمكن أن يقوم بعيدا عن الإرادة الشعبية, وإننا لنتذكر استقبال الشعب التركي العريق لأردوغان عندما عاد من " دافوس " منسحبا, بعد أن لقن الرئيس الصهيوني " بيريز " ومن معه من ساسة الغرب درسا لن ينسوه على المباشر وأمام العالم برمته, لقد وصف الغرب آنذاك تلك الحفاوة الشعبية بأن الأتراك قد خصوا زعيمهم باستقبال هو من طراز " استقبال الأبطال ". بينما عمرو موسى أمين عام جامعة النظم العربية, لازم مكانه ولم يتحرك تضامنا مع البطل التركي المنسحب من المنصة, تاركا وراءه إلى جانب عمرو موسى "بيريز" و "بان كيمون" وسط الإعجاب الشديد حتى من ألد الأعداء, مما جعل الصهيوني " بيريز " يهاتفه معتذرا في ذات الليلة, إلى آخر القصة المعروفة, والتي لا يمل تكرار سماعها أو قراءتها, لقد تحدثوا عن الاستقبال الحافل الذي خص به الشعب التركي زعيمه بكل التفاصيل الحاقدة, حتى أنهم قالوا لقد كان ذلك الاستقبال الحاشد, بالرغم من أن رئيس الوزراء التركي وصل إلى مطار اسطنبول في ساعة متأخرة ليلا, وفي جو شديد البرودة. و على ذكر الحقد فإن البيت الأبيض قد وصف خطاب الرئيس الإيراني اليوم في المؤتمر بأنه مشين وحاقد, لكنهم ينسوا حقدهم المدمر حقيقة.

ولنعد لسؤالنا, هل ما يفعله الغرب مجرد تأييد للكيان الصهيوني؟ وقبل الجواب, لماذا يصرح " بان كيمون", وهو أمين عام الأمم المتحدة صاحبة المؤتمر, بل يدين وصف الرئيس الإيراني لدولة الصهاينة بالعنصرية؟ وإذا كان يعتقد فيما يقول, لماذا عقد المؤتمر للتصدي لهذا الموضوع؟ أم أن بان كيمون ينافق مع المنافقين خوفا من العصابة الصهيونية ومن الغرب, أو خوفا على منصبه وامتيازاته؟ وإذا كانت هذه هي الاعتبارات التي ينطلق منها بان كيمون, فالأمر في منتهى الخطورة, وعلى الأمم المتحدة السلام, ما دام أمينها العام يتصرف بهذه الطريقة المنافقة المتواطئة مع أبشع عنصرية عرفها التاريخ والجغرافيا؟ والغريب أن بان كيمون دعا بالمناسبة إلى محاربة معاداة السامية والخوف من الإسلام! أما الموقف الغربي فهناك احتمالات راجحة لتفسير نفاقه العجيب, فهم بطبيعة الحال, يريدون تكريس الاستثناء الصهيوني في كل المستويات, كما هو الأمر في موضوع الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل, وسكوتهم المذنب عن حرب الإبادة والتدمير على غزة, فعصابة الصهاينة فوق القانون الدولي, وتفعل ما تشاء ضد الإنسانية إلى درجة الجريمة وهم لا يتحركون, لماذا؟ لأن هناك الهدف المشترك, وهو السيطرة على المنطقة وثرواتها وموقعها الاستراتيجي, ثم مواصلة الحروب الصليبية العنصرية المتعصبة اللاإنسانية, من خلال العصابة الصهيونية, التي تقوم مقامهم وبتأييدهم المطلق, مع تزويدها بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة, لتقتل بها وتحرق وتدمر كما تشاء, وهم يتفرجون بكل رضى وغض للطرف, بل التأييد الضمني القوي, لكن ماذا يمكن أن نضيف, ما دام السفاح " بوش " لسذاجته قد أعلنها صراحة, وهو يستعد لاحتلال أفغانستان, عندما قال إنها حرب صليبية, ثم عبر في رسالة له إلى " شيراك " وهو يدعوه للمشاركة في حرب العراق, ويحاول إقناعه عن طريق أسطورة دينية مختلقة, عندما قال له ما معناه يجب علينا أن نتعاون على حرب " يأجوج ومأجوج", وقد قيل إن الرئيس الفرنسي قد جمع كبار مستشاريه طالبا منهم تفسير مراد بوش من هذه العبارة الغريبة, وقد صدر أخيرا كتاب في فرنسا عن هذه الحكاية العجيبة بالذات تحت عنوان " إني لا أصدق سمعي ", وربما تكون العبارة لشيراك, الذي اندهش لهذا المستوى من التفكير الخرافي المتخلف لدى بوش السفاح, وإذن فإن أي حرب ضد العرب والمسلمين هي حرب مقدسة في نظر الغرب. ويبقى السؤال: لماذا يعقدون مؤتمرا دوليا تحت إشراف الأمم المتحدة لمناهضة أو مكافحة العنصرية, ما داموا هم يمارسونها كلهم عندما يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين؟ إنهم يعقدون المؤتمر العالمي للاستهلاك المحلي كما يقال, حتى يرسخوا دعواتهم الباطلة والمنافقة لحقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة وغيرها من القيم التي ربما يطبقون الكثير منها في بلدانهم, لكنهم يعادونها حينما يتعلق الأمر – بصفة عامة – ببلدان جنوب الكرة الأرضية, وخاصة منها المجموعات الكبرى ذات الإمكانات الهائلة للنهضة والتقدم, مثل المجموعة العربية والإسلامية, لا لكونهم يعادونها فقط أو يطمعون في ثرواتها وموقعها الهام, ولكن خوفا على منافستها لهم في السيطرة على العالم إن هي انطلقت في نهضة حقيقية, ولهذا السبب – دون غيره – احتلوا العراق لأنه قطع شوطا بعيدا نحو امتلاك العلم والتكنولوجيا المعاصرين, وهو ما يحاولونه الآن مع إيران, فامتلاك أسباب القوة والمعرفة خاصة خط أحمر في عرف الغرب, وهي مسألة خطيرة ومعيبة تجاوزت الحقد الديني والعنصري البغيض. لكنهم عبثا يحاولون ثني الشعوب التي تقدم وعيها وعرفت طريقها المستقيم, طريق الخلاص والخروج من دائرة التخلف, فلن تقبل بغير المضي قدما في هذا السبيل بكل الوسائل والتضحيات, وما على الغرب الحاقد الظالم الطامع المنافق إلا أن يستعد للرحيل الأبدي من بلدان الآخرين, ويحول سلوكه المتغطرس المستغل إلى تصرفات ديمقراطية وتعاون صادق.

ليست هناك تعليقات: