الأربعاء، 22 أبريل 2009

مؤتمر مكافحة العنصرية

الغرب العنصري

اليوم الثاني من مؤتمر مكافحة العنصرية

في دوربان2 السويسرية

دربان 2، يتواصل لليوم الثاني, بعد أن كشفت فيه غزة الملهمة عورات الغرب العنصري، حصلت اليوم المعجزة، عندما تجرأ وفد عربي على الجهر بحقيقة عنصرية الكيان الصهيوني، نعم معجزة في زمن الذل والهوان الذي تمر به الأنظمة العربية، هذا الوفد الشجاع ولو بعد فوات الأوان، هو الوفد الليبي، ربما أنه تلقى أوامر جديدة، بعد فضيحة الصمت العربي في دوربان 2، غزة كادت تفني وتدمر عن آخرها، والنظم العربية تخشى من مجرد الجهر بكلمة "عنصرية" ، وهي الحقيقة التي يمارسها الصهاينة على أرض الواقع يوميا، منذ أكثر من ستين عاما، وبالأمس انسحب الأوروبيون من الجلسة التي كان الرئيس الإيراني الأصيل، يلقي فيها خطابه، بسبب وصفه الصريح للكيان الصهيوني بالعدوان والاحتلال والعنصرية والإرهاب، وهو أقل ما يقال في حقه، واليوم أيضا ينسحب الأوروبيون، لأن الوفد الليبي قال ما قال, ويبدو أن دوره في الكلام، لم يحن بالأمس، أو أنه طلب الكلمة من جديد، إذا كان قد تلقى تعليمات، بسبب خطاب رئيس إيران، هذا الذي استقبله شعبه، عندما عاد بعد إلقاء خطابه المفخرة، استقبال الأبطال، تماما كما فعل الشعب التركي لرئيس حكومته الشهم، بعد الموقف المشرف، الذي وقفه في دافوس، عندما تصدي لرئيس العصابة الصهيونية "بيريز"، عندما كان يشوه الحقائق أمام المؤتمر بشأن حرب غزة، التي كانت جديدة آنذاك. ورغم كل شيء فشكرا للنظام الليبي الذي أنقذ ماء وجه الأنظمة العربية، ولو بأضعف الإيمان، لقد كان المفروض من العرب والمسلمين أن يتخذوا موقفا مؤازرا للرئيس الإيراني العظيم، بعد الهجومات العنيفة التي تعرض لها ولا زال، بسبب ذكره لحقائق يراها حتى العميان يوميا في الأرضي الفلسطينية المحتلة، لكن لماذا نذهب بعيدا؟ وهذا "ناتنياهو" رئيس حكومة الكيان العنصري الجديد، يصرح يوميا منذ أيام، بضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل وطنا قوميا لليهود، قبل الحديث عن التسوية النهائية لقضية فلسطين، أو كما يقال الوضع النهائي، ومعنى ذلك أن هذا المخلوق الغريب، لا يلغي حق العودة، الذي لا زالت المقاومة تتمسك به فقط، وإنما يتجاوز ذلك إلى اشتراط طرد الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم, من فلسطيني 1948، كما يقال، قبل أن يتفاوض على الوضع النهائي، الذي يحلم بجعله قريبا من الصفر بالنسبة إلى حقوق الشعب الفلسطيني.

رغم كل هذا التصريح العنصري لرئيس حكومة العدو، الذي يتصامم الغرب الديمقراطي الإنساني عن سماعه، يستنكر ويدان كل من يشير مجرد إشارة لحقيقة الكيان العدواني العنصري المتطرف ، الذي نصبه الغرب على أراضي فلسطين العربية، التي تحمل رموزا صميمية كثيرة ومتنوعة، مما جعل إيران تنتقد اليوم أمين عام الأمم المتحدة, الذي أدان واستنكر ما جاء في خطاب رئيس إيران عن الصهاينة، متقربا بذلك ومتزلفا للغرب الاستعماري الصليبي العنصري، لقد علقت إيران اليوم على " بان كيمون " واصفة تصريحه عن خطاب الرئيس الإيراني بالمتحيز وغير المنطقي، وهو أقل ما يقال فيه، إنه كلام غير مسؤول من أمين عام الأمم المتحدة، المعني بالعدالة والإنصاف، والقول للمحسن أحسنت، وللمسيء أسأت، إن الأمر اليوم زاد وضوحا وكشفا عن الأمس، وقد كشف الغرب بتصرفاته وانسحاباته المتكررة أمام الحقيقة المعلنة، برهن على عنصريته وصليبيته وانحيازه إلى جانب الظالم الذي بلغ مرتبة ارتكاب جرائم حديثة في غزة، وهو متعود على ارتكابها منذ أكثر من ستين عاما، مدعوما بصمت الغرب وتغاضيه ودفاعه عن هذا الكيان المصطنع المتضلع في الإجرام والإبادة والتدمير، ذلك لأن ممارسات هذا الكيان العدواني الشرس، تلقى هوى في نفس الغرب، المجبول على التعصب والصليبية والعنصرية والممارسات اللاإنسانية المشينة، و لو بالإنابة عن طريق تدعيم الكيان الصهيوني والصمت الرهيب عن جرائمه البشعة، كل هذا والأنظمة العربية جامدة هامدة، وكأنما هي جثث عبث بها التعفن وحامت حولها النسور والغربان، مم يخافون؟ ولماذا صمتهم الرهيب؟ وما بال الغرب يتغيب وينسحب من المؤتمر الدولي الثاني لمناهضة العنصرية، ويريد خلق الاستثناء الصهيوني بالقوة، فيحتج ويهدد ويتوعد كل من تسول له نفسه بذكر أفعال الكيان الصهيوني الإجرامية؟

لقد وضع الغرب إسرائيل في أعز الأراضي العربية وأقدسها، وحماها ورعاها وسلحها ووهب لها القنبلة النووية، وباقي أسلحة الدمار الشامل، وقد جاء بوش ليطلق يد العصابة الصهيونية، كما لم يحصل من قبل، فراحت تقتل وتدمر وتمارس المنكر، كما لم يعرفه التاريخ أبدا، ويكفي ذكر ردها العدواني الغاشم على أسر "شاليط"، فما كان منها إلا أن سارعت باعتقال النواب والوزراء التابعين لحركة حماس خاصة، ومنهم رئيس المجلس التشريعي المنتخب بكل شفافية وديمقراطية، بشهادة الغرب المذنب الأول قبل إسرائيل لأنها تفعل ما تفعله نيابة عنه في فلسطين المحتلة وفي دول عربية أخرى، وحرب لبنان الشرسة المدمرة المبيدة، لا زالت حديثة العهد. وبعد كل هذا تنتفض أوروبا بكل قواها احتجاجا على رئيس إيران، الذي لم يذكر أكثر من عناوين الممارسات الصهيونية البشعة، بل إنه لم يتعرض إلا لبعضها، ثم يكررون رد الفعل ذاته على كلمة الوفد الليبي، ولكنهم لم يردوا ولو بكلمة واحدة، على تصريحات "ناتنياهو" بفرض الاعتراف على الفلسطينيين بالدولة اليهودية، أي بطرد باقي الفلسطينيين الذين لا زالوا فوق أراضيهم، أو لاجئين داخل أراضي 48، والغرب يعرف جيدا أن معنى هذا الكلام لو طبق في بلدانه مثلا لما بقي إلا النزر اليسير من أفراد شعوبه فوق أرضهم، فلو طبق في فرنسا لما بقي فيها غير بعض السلالات البشرية النادرة، ولغادر هذا البلد فورا رئيسه، لأنه ليس غاليا ولا بروطونيا أو غير ذلك من قدماء فرنسا على الأقل كما يزعمون، بل هو مهاجر حديث العهد ببلاد فرنسا، ولو طبق هذا الكلام العنصري الخطير على أمريكا لوجد " أوباما " نفسه مطرودا خارج أمريكا, ولو طبق في فلسطين المحتلة ذاته على أساس اليهود القدامى في فلسطين، لوجد ناتنياهو نفسه خارج هذا البلد العربي الذي لا يتنكر لسكانه الأصليين من اليهود العرب الفلسطينيين، أما أن يأتي هذا اليهودي العنصري المتعصب من بلاد بعيدة غازيا، ويريد طرد سكان أهل البلد الأصليين، فهذه عنصرية ما بعدها عنصرية، ورغم ذلك لا يجد الغربيون أي غرابة في هذا الهذيان العنصري لرئيس حكومة العصابة الصهيونية، بل الأغرب من ذلك أن دلال هذا الكيان العدواني على الغرب قد جعله يتنطع ويستدعي سفيره من سويسرا بسبب مقابلة الرئيس السويسري لزميله الإيراني, وكأنما هو يقول أنا وحدي الذي أعطي أو أمنع التأشيرة لأي رئيس أو مسئول، يرغب في زيارة أي بلد غربي، وبطبيعة الحال فما كان بإمكانه أن يتصرف هكذا لولا أنه يعرف قبول الغرب لأي تصرف منه، بما فيها جرائم الحرب والإبادة التي تورط فيها، دون حساب ولا عقاب، بفضل الرعاية الغربية، وإذن فالمنطق السليم، يقضي بالحكم على أن الغرب هو العنصري الأكبر وهو الاستعماري الأكبر وهو المتطرف الأكبر وهو الظالم الظلوم الحقيقي، والفضل كل الفضل لغزة المجاهدة الصامدة في هذا الفضح التام لكل المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية والخارقين للقانون الدولي وللشرائع كلها سماوية كانت أو أرضية.


دوربان هو اسم المكان السويسري الذي عقد فيه المؤتمر, والرقم 2، يعني أن هذا المؤتمر انعقد مرة قبل هذه.

ليست هناك تعليقات: