السبت، 25 أبريل 2009

إشهار

ينسب إلى فلاسفة, وخاصة منهم عمانويل كانط, قوله باستحالة تعليم الفلسفة, غير أنه بالإمكان تعلم أو حتى تعليم
التفلسف, ذلك لأن الفلسفة, ليست علما موضوعيا تجربيا, أو معرفة, يمكن التأكد من صدقها, أو الاتفاق على مبادئها, أو اعتماد معايير معينة لاختبار ما يرد فيها, إنها لا تتكرر, يأتي بها صاحبها, وتبقى خاصة به, ومن ثم فالفلسفة ليست واحدة, بل هي فلسفات كثيرة بنفس عدد الفلاسفة، عبر التاريخ. ثم إنه يتعذر الاختيار, أي فلسفة يمكن أن نعتمدها كمرجعية واحدة متفق عليها؟ مثل هذا الأمر مستحيل تماما. أما عن طرق التأمل الفلسفي, ومناهج التفكير المعتمدة, والتي يشترك فيها الكثير من الفلاسفة, إن لم يكونوا كلهم, فهو شيء ممكن التعرف عليه, وبالتالي تعلمه, وإعادة استعماله, وهو في نهاية المطاف عبارة عن القواعد المنطقية المتفق عليها - على الأقل - ضمن مجموعة معينة من الفلاسفة, أو في سياق مذهب فلسفي واحد, أو في حقبة زمنية محددة, وبالتالي يمكن حصر هذه الممارسات ذات الطبيعة المنطقية, والوقوف على النماذج المنطقية المستعملة في مذهب معين, أو في عصر من العصور, أي كيف فكر هذا الفيلسوف أو ذاك, بمعنى كيف استعمل القواعد المنطقية عندما كان بصدد وضع نظرياته, أو صياغة مذهبه؟ فبالإمكان الوقوف على تلك الآثار المنطقية المستعملة لدى كل الفلاسفة, ما هي الإشكاليات التي طرحوا؟ وما موقفهم منها؟ وكيف برهنوا على تلك المواقف؟ مثل هذا الأمر يمكن تعلمه وتعليمه, أو بالأحرى التدرب والتدريب عليه, ليصل الدارس في نهاية المطاف إلى اكتساب كفاءة الخوض في مثل هذه القضايا, ويصبح قادرا على التحليل والتركيب والنقد, باستعمال الأدوات المنطقية المناسبة, وهذا - إلى حد كبير- هو المقصود بالتفلسف, وإنها للمحة سريعة, لعلها تجد فرصة التوقف عندها, والغوص في أعماقها السحيقة, إذ التفلسف هو الطريق الذي لا مفر منه لتنمية الكفاءات الفكرية والرقي بالاستعمالات العقلية في شتى المجالات, وإلى قريب من هذا المعنى ذهب العلامة ابن خلدون في نقده للفلسفة, أو في موقفه منها. هل من تنوير في هذا المضمار؟

هناك تعليقان (2):

آمال .م يقول...

أن تتفلسف هو أن تصيغ منهج يتطابق و منطقك و تفكريك أن تضع الظواهر السياسية و الإجتماعية و العلمية و حتى السلوكات الإنسانية ضمن قالب فكري يعبر عن شخصيتك و فهمك للأمور وفقا لوجهة نظر تبدأ من أساسيات و بديهيات متفق عليها متفق عليها .

ففي كل إنسان فيلسوف نائم يحتاج أن يوقظ فكره و يصنع منهجه.

عندما برز فكر نتشه كان غريب جدا و عندما كتب هو ذا الإنسان و هكذا تكلم زراد بدا آنذاك و كأنه يكتب أمورا مشفرة لا يقدر أحدا على فهمها ...و أنها أفكار عدمية و غير عقلانية إلا أنه قدر أن يثبت صحة منهجه الوجودي و أصبح فيلسوف كل الأجيال حتى أنني كلما قرأت لنتشه أعيد قراءته بطرق مختلفة و في كل مرة أكتشف حقائق أخرى .

bensirabah يقول...

شكرا على الزيارة الكريمة والتعليق المفيد
لم أجد رابط مدونتك للزيارة والاستفادة

شكرا