الثلاثاء، 7 يوليو 2009

الزاوي يتناول كوكا كولا

الزاوي يتناول كوكا كولا

في مقاله الأسبوعي بزاوية أقواس

كتب الدكتور الزاوي هذه المرة تحت عنوان:

كوكا كولا بين العقيدة والأدب

أقلام الخميس – الشروق 18 جوان 2009_ الموافق لـ 02رجب 1430هـ - العدد 2646- ص 21

اسمحوا لي أعزائي أن أفتح قوسا لتوضيح أشياء أساسية باختصار, لرفع التباس لاحظته في المقال السابق، إن متابعتي لما يكتب السيد الزاوي جاءت مما ألحقه من ضرر معنوي بمعظم الجزائريين, عندما شرع في كتابة هذه السلسلة من المقالات الأسبوعية, ولأن الإخوة والأخوات لم يتابعوا مسار هذا النقد منذ البداية, جاءت تعليقات بعضهم بعيدة عن مقصد المقال, لذلك أوضح أن جوهر النقد الذي أقوم به هو الدفاع عن النفس ضد اعتداءات على الهوية والمقدسات, وجزء كبير من المجتمع, أو الأغلبية الساحقة من متعلميه إن لم نقل مثقفيه, لأسباب لا مبرر لها, سوى محاولة الكاتب التقرب من أوساط نافذة, ومن أوساط أخرى من وراء البحر, تحارب كل ما هو عربي أو إسلامي في الجزائر, لذلك نرفض رفضا قطعيا أن نكون سلعة يتاجر بها هذا السيد, فليتاجر كما شاء, لكن ليس فينا ولا في مبادئنا ولا في لغتنا الجميلة, ولا في ديننا الحنيف. بعد هذا التوضيح الواجب، تعالوا بنا نطلع على مختصر لمحتوى مقال الدكتور الزاوي هذه المرة:

يبدأ الكاتب بالتذكير بالأهمية الكبرى لكوكا كولا سياسيا واقتصاديا وغير ذلك: "كوكا كولا قادرة على قلب العالم, في الذوق كما في الاقتصاد, كما في الحروب والاستعمارات", يبدو أن صاحبنا استقى هذا من قراءة رواية "اللجنة" للروائي المصري الشهير "صنع الله إبراهيم", منذ عقود من الزمن. يقول إنه تذكر هذه الرواية, عند قراءته لخبر اجتماع رئيس شركة كوكا كولا في فرنسا باتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا, ليقول لهم إن مشروبه لا يحتوي على كحول, لكنه لم يتحدث عن الدعم الكبير الذي تقدمه هذه الشركة لإسرائيل, على أساس أنه حلال, ثم يتعجب الدكتور من استغفال الغرب لنا هكذا, ثم يعود للرواية التي تتحدث عن قمع الأنظمة العربية للمثقف وسماحها للشركات المتعددة الجنسيات مثل كوكا كولا بالنشاط داخل بلدانها, فلا خلاف على الكوكا كولا, وحتى إن حصل خلاف معها, يأتي رئيسها " بكل حضارة يقول للمسلمين بعد أن يجمعهم كالخرفان التي ضاعت بها السبل: إن كوكا كولا لا كحول فيها فاشربوها هنية ومنعشة". ثم يذهب إلى أن كوكا لا تصنع لنا الإجماع فقط بل تلقننا الذوق أيضا "فنانسي عجرم هي قنينة كوكا كولا حية ومتحركة وحيوية", ثم يروي كيف انتصرت هذه القنينة على أخرى صنعها المعمرون الفرنسيون في الجزائر على شكل امرأة أيضا لمشروب "أورنجينا", يقول إن صنع الله إبراهيم, تفطن إلى هذه الشركات التي تحاربنا بمالنا. ثم يذكر كيف اعتبر صنع الله إبراهيم أن الشعوب والأمم تختلف في أشياء كثيرة مثل اللغة والدين وغيرهما, لكنها لا تختلف على الكوكا كولا, فاسمها هو نفسه عند الجميع. يعود الدكتور من هذا إلى اجتماع رئيس الشركة بمسلمي فرنسا, فيقول: "هل حين تعتنق كوكا كولا الدين الإسلامي وتدخل في باب الحلال هل ستتوقف الشركة عن دعمها السنوي لإسرائيل؟". ثم ينتقل إلى القدرة العالية لهذه الشركة في فن الإعلان والإشهار, وقد استطاعت أن تضم إليها كثيرا من مشاهير الفنون المتنوعة, وهي الآن بصدد البحث عن نجوم من نوع آخر، هم أهل الفتوى والجمعيات الدينية, "وتلك طريق آخر للدعاية في القرن الواحد والعشرين لكي تصبح مملكة كوكا كولا إمبراطورية القرن الكبرى". إن خبراء الإشهار في كوكا كولا, يريدون هذه المرة دخول العالم الإسلامي وثقافته بحثا عن مليار مستهلك, إن كوكا كولا تساير الفضول السياسي والثقافي الغربي نحو العالم الإسلامي لتساهم فيه " تستغل هذه الحال بوضع إستراتيجية إشهارية جديدة قائمة على الثنائية – الحلال والحرام –" بعيدا عن التحالفات السياسية والاقتصادية, يقول الدكتور أنه استمد هذا الطرح من رواية "اللجنة", التي حاولت "إرسال رسالة مشفرة للقارئ العربي لتشجيعه على تبني ثقافة المقاومة لا على الرضوخ للوضع المنهار", ويختم المقال هكذا: "يحدث هذا في هذه الأيام حيث عودة الحديث عن التطبيع الثقافي مع إسرائيل والذي يحاول البعض تبريره بخطابات عالمة أو متعالمة".

هذا هو المقال الذي تفضل به الدكتور هذه المرة, والذي نتمنى أن يكون هو الأخير في هذه الصحيفة، الشروق، أكبر صحيفة في الجزائر, حيث توزع يوميا أكثر من نصف مليون نسخة, لم يكتب الزاوي هذا الخميس الأخير, ربما أنه ترك الشروق, دون أن يعلن لقرائه ذلك كعادته. انظروا الارتجال كيف ينطلق من خبر قرأه في صحيفة عن اجتماع رئيس شركة كوكا كولا في فرنسا برؤساء الجمعيات الإسلامية في ذات البلد, ليقول لهم إن كوكا كولا لا تحتوي على كحول, ويذكره هذا برواية لصنع الله إبراهيم قرأها منذ أكثر من ربع قرن, ويتبنى وجهة نظر كاتب الرواية, ليعالج به الخبر الذي قرأه في جريدة, وكيف أن المسلمين خراف, وهو فقط النبيه الذي يتفطن إلى أن كوكا كولا وهي الشركة العملاقة العابرة للقارات والمتعددة الجنسيات, تستغفلنا وتخدرنا بالحلال, بينما هي تساعد إسرائيل بملايير الدولارات وبشكل دوري وثابت. إني أتساءل هل يوجد هناك من عوام العرب والمسلمين من لا يعرف أن كوكا كولا تقدم دعما كبيرا لإسرائيل؟ وأنها محل مقاومة كبيرة لذلك؟ وأن مسلمي فرنسا يعرفون هذا الأمر جيد المعرفة,؟كما لا يجهلون تحريم الدعاة والأئمة لكوكا كولا بسبب مساعدتها لإسرائيل؟ وليس بسبب احتوائها على الكحول أو غيره من المحرمات, وإنما بسبب دعمها الضخم لإسرائيل؟الراجح هو أن السيد كان بصدد ملء فراغ, فهو ملتزم مع الجريدة بمقاله الأسبوعي, وكان يبحث عن كيفية تدبير موضوع, فوجد هذا الخبر في جريدة, وأسعفته الذاكرة باستحضار رواية " اللجنة" للكاتب الكبير "إبراهيم صنع الله", فمزج بين الاثنين وقدم لنا هذه الوجبة الغريبة, لكي لا يقول أي شيء سوى تسليم المقال الملتزم به للجريدة, ربما أن مثل هذا الموقف هو الذي نبه السيد الزاوي إلى أنه يجب أن ينسحب من مثل هذا الوضع, لذلك اختفى آخر خميس من الجريدة, ربما, ويكون بذلك قد عمل معروفا, وأراحنا من هذه المتابعة المملة, لأننا نحن القراء مئات آلاف القراء, وخاصة منهم الذين يمتلكون شيئا من الحس النقدي, أصبحوا لا ينتظرون أي شيء ذا بال من هذا الكاتب بالذات, فهو مشغول تماما بالبحث عن أشياء تعود عليه بالفائدة الشخصية, ويتخذ منا لذلك دروعا بشرية بريئة رغم أنوفنا, وكان على الجريدة أن تحمينا من هكذا ممارسات مشبوهة, وربما تكون قد فعلت, بعد سلسلة من النقد قام بها الكثير لمقالات الدكتور الزاوي, وقد اتفق النقاد تماما على القيمة الهزيلة والمسيئة لهذه المقالات, ربما يكون هذا هو سبب غياب مقال الزاوي في هذا الخميس الأخير, نتمنى أن يكون الأمر كذلك, حتى نرتاح من هذه المهمة الصعبة, فليس أشق على النفس من متابعة كتابة صادرة عن مصدر غير نزيه, خاصة إذا كان المتابع يدرك ذلك الأمر تمام الإدراك إلى درجة اليقين, وقد تملكه اليأس من صلاح المعني لأنه هو الآخر مصمم على سلوك نفس الدرب دون تبديل ولا تغيير, وبالطبع فإنه عندما لا يقدم الكاتب أي شيء, فإنه يجبر الناقد على الإفلاس معه. تقول لي: ولما لا يترك هذا الناقد أو ذاك هذا الكاتب وشأنه؟ فأجيبك بأنه يسيء إلينا كثيرا ولا يمكن السكوت عليه, من باب الدفاع عن النفس ووضع الأمور في نصابها, فأشياء الوجود الأساسية للأمة من ثقافة ولغة ومبادئ وعقيدة لا يمكن ترك من يمس بها وحاله, إنه يجبرك على متابعته, وهذا هو السبب في هذه الورطة الحقيقية, لقد كانت بداية هذه المحنة بتخصيص هذا السيد مقالة ينعي إلينا فيها اللغة العربية ويقول إنه حزين عليها, ثم ثنى بالحكم بالتخلف والجهل والذل وغير هذه من الشتائم المرة على قراء العربية وكتابها في الجزائر خاصة, والغريب أنه يؤكد في كل مرة أنه منهم لإبعاد الشبهة عنه, ولمحاولة تمرير إساءاته, فكيف لا نتابع هذا الشخص ولا نقف إلى جنب القراء الشباب والبسطاء الذين وقعوا في حيرة من أمرهم, وهم يقرؤون هذه التهجمات عليهم وعلى كل ما هو أساسي ومقدس ومبدئي لديهم؟ أملنا أن تطوى هذه الصفحة نهائيا, ويريحنا الزاوي ويستريح, آمين يا رب العالمين.

ليست هناك تعليقات: