السبت، 30 يناير 2010

عن كرة القدم والرياضة العربية


كرة القدم والرياضة العربية
لم أكن أنوي إطلاقا العودة إلى هذا الموضوع لولا اطلاعي على ما يكتب من بعض الجيران سامحهم الله, ولا أدري إن كان هناك أمل في الشفاء من هذا الداء المسمى كرة قدم, ولو كان الأمر في حقيقته سياسة تسير بالركل, وقد سبق لي أن فصلت الأمر في مقال خصصته للموضوع. أكرر أنني لست من المهتمين بكرة القدم, وهي في صورتها العربية الراهنة ليست من الرياضة في شيء, ولا أريد أن أطيل عليكم فالمسألة معروفة ولا جديد فيها والعالم كله صار يحفظ عن ظهر قلب مهازلنا الكروية ويضحك ملء فيه سخرية وشفقة, الصديق والعدو معا, أردت فقط أن أذكر بعض الحقائق, ربما كان لها بعض الفائدة لدى الذين حباهم الله سبحانه بعقول يفكرون بها
أولا: إن مباراة الأمس بين الفريقين الجزائري والمصري لا يمكن أن تصنف في هذه الخانة, فهي ليست بالمباراة إطلاقا, ولكم أن تحضروا فريق البرازيل ذاته وتقيمون مقابلة له مع فريق من الأطفال بعد أن تطردوا من الميدان ثلث لا عبيه بل أحسن لاعبيه ومنهم الدفاع وحارس المرمى, بحيث يصبح المرور إلى التسجيل بدون أي عائق, ولكم أن تستنتجوا الباقي !!! لماذا طرد أهم عناصر الفريق الجزائري من الميدان ؟؟؟ العالم كله قريتنا الصغيرة, صار يعرف الجواب عن هذا السؤال, كما عرف ذات يوم قريب سبب إراقة دماء أعضاء من الفريق الجزائري. لقد كان من المفروض أن يسجل الفريق المصري في هذه الحالة أكثر من 40 هدفا, وليس مجرد 04 أهداف, والتي يعتبرها هؤلاء الذين يكتبون أي شيء نصرا مؤزرا, وفيهم من أتى بصور لاندهاش أنصار جزائريين وحزنهم العميق وانزعاجهم, أغلبهم من النساء, من باب التشفي, مع رفع شعارات الأشقاء, والأمة العربية الواحدة وغيرها من الكلام الحلو, أو الذي كان يوما ما كذلك. ويا ليت الأمر كان حقيقيا وجديرا بالرد على وقائع كروية سابقة. وهناك من كتب مقالات كثيرة لكي يشفي غليله, ولا أظنه وصل إلى الارتواء. إلى أين يا قوم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أليست هناك نقاط توقف وانتهاء عن هذا المسار العجيب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ نسأل الله الهداية واللطف بهذه الأمة المسكينة
ثانيا: لقد أثبت تحكيم الأمس, أن الأفارقة عاجزون عن تنظيم كأس قاري لهم, دون أن يستعينوا - على الأقل - بحكام من العالم المتقدم الذي يعرف اللعبة ويقدر الرياضة, ويقوم بالتحكيم في ذلك الإطار, ولا يمكن استمالته مهما عظم الإغراء, ذلك لأنه متقدم ويقدر اللعبة حق قدرها على أساس أنها من الرياضة والمعيار فيها معروف ومحترم. وعليه فعلى إفريقيا أن تسند التحكيم لغيرها أو تتوقف نهائيا عن تنظيم هذا اللقاء القاري وتريح وتستريح
ثالثا: لا الجزائر ولا مصر ولأ أي بلد عربي أو إفريقي آخر بقادر على تكوين فريق كرة قدم من مستوى عالمي, وذلك هو السر في اللجوء إلى عناصر تكونت في أوروبا خاصة, وهي تمارس رياضتها في أندية كبيرة هناك, ولذلك نلجأ إليها عندما نحتاج إلى خدمات فريق وطني, في لقاءات عالمية أو قارية أو حتى ودية مع بلدان أخرى, أي كانت
رابعا: الفريق الوطني الجزائري الحالي يضم أعضاء معظمهم من هذا النوع المتكون بالخارج, في أوروبا بالذات, ويلعب في نوادي وفرق معروفة. وهذا هو السبب في إراقة دماء بعض أعضائه في لقاء القاهرة, وهو السبب أيضا في التحكيم الرفيع المستوى !!! الذي خصص لمقابلة أمس في بنغيلا بأنغولا بين الفريقين الجزائري والمصري
خامسا: إن كان هذا السلوك كرويا فهو بالتأكيد ليس رياضيا, مما يعني أننا وبدرجات متفاوتة لا نمت إلى الرياضة بصلة, وإنما نمارس أمرا ابحثوا له عن أي إسم مناسب, لكن يستحيل نسبه إلى ما يسمى رياضة, والتي تعني أساسا تربية الأجسام وتنشئتها ورعايتها وترقيتها باستمرار, حتى تصل كمالها البشري الممكن, كما حدث ذلك في التاريخ لدى الأمم التي سادت في عصورها, وكما هو الآن عند الأمم الرائدة ذات الزعامة العالمية في جميع مناحي الحياة.
سادسا: تخلفنا العام والكارثي, جعل السياسة الفاشلة في بلداننا تلجأ إلى الكرة لتحولها إلى مستثمرة سياسية مفضلة تقضي بها مآربها, ومنها إلهاء الناس عن مشاكلهم ومصائبهم ومطالبهم, لترتاح منهم ولو لبعض الوقت
سابعا:هذه الوضعية نشأت بين البلدين منذ مدة تجاوزت العقدين من الزمن, وهي في تصاعد مستمر, كلما جمعتهما منافسة كروية, وهي غالبا في إطار تصفيات المونديال أو كأس إفريقيا, ولا ينتظر توقف هذا التصعيد الجنوني ما دامت الحكومتان لا تفعلان أي شيء من أجل ذلك, لأن السلطتين هما المستفيدتين الوحيدتين من هذه الصدامات المأساوية, والتي بلغت هذه المرة درجة كبيرة من الخطورة
ثامنا: إذا استمر هذا التصعيد المؤسف, أتوقع له نتيجتان في الميدان الكروي بالتحديد:
أ- تفجير المنافسة الإفريقية واختفاؤها من الوجود نهائيا
ب - طرد الفريقين من المنافسات الخاصة بتصفيات كأس العالم, لأن هذه فيها الكبار, وهم لا يسمحون بإلغاء المنافسات العالمية, فيكون الحل هو طرد الفريقين معا كحل وحيد ممكن لهذه المشكلة المزمنة, وغير الرياضية بالمرة
تاسعا: يمكن تفهم تبادل التهنئة بين الإخوة المصريين وغيرهم بمن فيهم الجزائريين الذين أكاد أقول من واجبهم تهنئة إخوانهم المصريين على فوز فريقهم, سيما لو كانت المباراة رياضية عادية لا تشوبها أية شائبة. لكن غير المفهوم هو استفزاز أي طرف للآخر وجعله هدفا للسخرية والتشفي والانتقام وغير ذلك من الممارسات المثيرة, والمؤدية إلى ردود الأفعال وتنمية روح الكراهية والبغضاء والحقد, وما يتبع ذلك من نتائج كارثية في كل الميادين
عاشرا: أملي أن ينتبه كل من له استعداد لتفهم المصلحة العليا للأمة إلى هذه الألاعيب التي تدبر للنيل من وجودنا ذاته كأمة, وبالطبع فإذا انتهى هذا الوجود فإن القضاء علينا كأقطار واحدا بعد الآخر أمر في منتهى السهولة, وهو ما نشاهده الآن بالفعل, أفلا تعقلون؟؟؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


مقابلة أنغولا بين الفريقين

ليست هناك تعليقات: