الأربعاء، 15 أبريل 2009

المطلوب

المطلوب رأس المقاومة

كنا نظن - مخطئين للأسف الشديد- أن اختفاء بوش السفاح غير مأسوف عليه, سوف يحدث الانفراج, ويخفف الحمل على المقاومة, ذلك أنه مهما كان خليفته, فلا يمكن أن يبلغ ما بلغه من الحقد الصليبي العنصري, وإطلاق يد العصابة الصهيونية لتعبث بالأرواح والممتلكات إلى حد ممارسة الإبادة والتدمير الشامل, كما فعلت في غزة وقبلها في لبنان, وبالفعل فقد تغير الموقف الأمريكي أكاد أقول جذريا, ولم يعد باستطاعة "ناتنياهو" الشبيه ببوش أن يعبث مثلما كان يفعل لو أن الإدارة البوشية لا زالت في سدة الحكم, غير أن المقاومة لم تستفد كثيرا من هذا التغيير, ذلك أن الحصار المضروب على غزة قد اشتد أكثر, وها هو النظام المصري يشدد الحصار على شعب غزة المجاهد, أكثر مما كان يفعل أثناء حرب الإبادة الصهيونية الإجرامية, و يقيم الدنيا ولا يقعدها بسبب محاولة حزب الله التضامنية الواجبة مع غزة الصامدة, ويحولها إلى قضية تمس بسيادته وأمنه, بل محاولة لضرب أهداف مصرية, وهو الكلام المتهافت الذي لم يصدقه أحد, إلا إذا وجد من يصدق المستحيل, إن حزب الله البطل يحارب إسرائيل وحدها, ولا أحد غير إسرائيل, ثم إن موقف النظام المصري الذي ساهم بقسط وافر في الحرب على غزة, وأحكم الحصار عليها قد جعل الأمور صعبة على كل عربي ومسلم مخلص, بل على كل أحرار العالم, كيف يمكن لأي كان وبنفسه ذرة من إنسانية أن يبقى مكتوف الأيدي أمام شعب يذبح وهو مكبل الأيدي معزول أعزل, لا يستطيع الدفاع عن نفسه حتى بالانتفاض في وجه الجلاد, لأنه مقيد الأيدي والأرجل, وعاجز بسبب ذلك عن القيام بأية حركة دفاعية طبيعية عفوية؟ فما بالك إن كان المعني هو حزب الله وما أدراك ما حزب الله, كان من المفروض أن يهب النظام المصري المستسلم للعدو, بل والمتحالف معه ضد الفلسطينيين والعرب, أن يهب هذه الهبة العنترية دفاعا في مذبحة سيناء ضد العدو الصهيوني بدل أن يهدد حزب الله قاهر إسرائيل بهجمات نوعية على قواعده, وأين كانت هذه النوعية مخزونة أثناء الحروب الفاشلة التي خاضها ضد الجيش الصهيوني منذ قيام الكيان الغاصب؟ أم أنه يتصرف وفقا لقول القائل: "أسد علي وفي الحروب نعامة", إن القضية أصسبحت مشكلة كبيرة حقا, لقد كشفت غزة عن تورط النظام المصري بشكل غريب, ومن ورائه المعتدلين الذين لا يرضون بغير رأس المقاومة بديلا, وها هو النظام المصري الهمام, يمهد الطريق للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أمر توقيف "سماحة السيد نصر الله " ونائبه, وذلك حتى يساهم مساهمة جليلة في القضاء على المقاومة العربية والإسلامية, ويفتح الطريق سالكا أمام إسرائل لترتع كما تشاء في أي بلد من بلدان العرب والسلمين, ومعها الاستعمار يعيد الاحتلال بالطريقة المناسبة, ولسنا ندري حقا أين كان هذا النظام الذي افتضح أمره, عندما كان المنادون من كل أصقاع الدنيا يطالبون بضرورة محاكمة العصابة الصهيونية, بل مسؤوليها على جرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة؟ أم تراه يخشى امتداد التهمة إليه لمشاركته في الجريمة وتورطه في منع الخبز مجرد الخبز والدواء عن غزة الصامدة!!! إن الأنباء تتحدث عن تعاون وثيق في سيناء بين النظام المصري وحليفه الصهيوني بحثا عن مناضلي حزب الله الذين جاءوا لدعم الشعب الفلسطيني أثناء حرب الإبادة على غزة! لقد شارك العرب والمسلمون في حرب فلسطين الأولى سنة 1948, ولم يمنعهم من ذلك الحكومات الشكلية التي كانت قائمة تحت هيمنة الاستعمار المباشرة, ومن ذلك الحكومة المصرية التي كانت تحت الاستعمار البريطاني المساهم الأول في إنشاء الكيان الصهيوني, فهل أن نظام مصر اليوم أسوأ من نظام الملك في ظل الاستعمار المباشر؟ وماذا ينتظر هذا النظام التعيس من الناس؟ أيتركون إخوانهم في الدين والقومية والإنسانية يبادون بمشاركته هو ذاته, ويبقون متفرجين أو معجبين بتصرفاته المقززة, التي تتحالف مع العدو, هذا الذي صرح وزير خارجيته الحديد عن احتمال ضرب السد العالي في مصر ذاتها؟ وهل يفرق الصهياينة بين الفلسطيني وغيره من العرب والمسلمين أجمعين؟ إن مصير من يتعامل مع العدو هو مزابل التاريخ, ونهايته الحتمية تكون عادة في أقرب الآجال, فإلى متى يتحمل شعب مصر العربي المسلم العريق هذا التحدي السافر لمشاعره ومصالحه ومصيره؟ لن يطول ذلك, لقد صبر ذلك الشعب الصبور عندما كان يظن أن معاهدة نظامه مع الصهاينة إنما هي حقيقة معاهدة سلام, وفي أسوإ الظروف معاهدة استسلام إلى حين بناء القوة الذاتية الرادعة, أما أن تكشف عبقرية غزة عن أن تورط هذا النظام هو من نوع لم يدر بخلد أحد خارجه, إنه يتحالف مع العدو ضد شعبه وأمته, ويتصدى للمقاومة يطلب رأسها بأي ثمن, وحتى عندما تهادن أمريكا نفسها وتشرع في اتصالاتها مع المقاومة, يصر هو على القضاء عليها , ذلك أن مصيره مرتبط بمصير إسرائيل وخطورة المقاومة عليه ربما أكبر من خطرها على إسرائيل ذاتها, ذلك لأن إسرائل لا تخشى الزوال في الظرف الدولي الراهن, وفي ظل الحماية المعلنة لأمريكا والغرب, أما هذا النظام الغريب فإن انتصار المقاومة سوف يضطره إلى الزوال الاختياري أو الإجباري, وهذا هو التفسير الموضوعي لسلوكه الحاقد والمتوتر حيال المقاومة, وبذله الغالي والرخيص في سبيل الإطاحة بها, لكن هيهات ثم هيهات, فالمقاومة أية مقاومة هي شعبية, لذلك يستحيل على هذا النظام الهزيل أن يطيح بها, إنها مقاومة شعوب أقامتها بديلا عن مثل هذا النظام المفرط وأشباهه, بعد أن يئست من أي فرج أو دفاع عن النفس يأتيه منها ضد العدو الصهيوني أو قوى الاستعمار المتحفزة للعودة إلى ممتلكاتها القديمة, وما دام الأمر على هذه الصفة فإن المقاومة محصنة بشعوبها وهي - لذلك - لا تقهر, بل إنها تنال التأييد كل التأييد من الشعب المصري الأبي ذاته, وما على هذا النظام الذي باع نفسه للشيطان إلا أن يحزم حقائبه ويرحل قبل أن يطرد شر طردة, وإنه إذا توهم بأن ترسانته الإعلامية سوف تقلب الحقائق بعبقريتها الفريدة, وتؤلف شعب مصر الشقيق ومعه الشعوب العربية والإسلامية بل وكل شعوب العالم ضد المقاومة فهو في العماء يسبح, ذلك أن الشعوب كلها في سائر أنحاء العالم تدرك حق الإدراك ما معنى المقاومة, وتعزها وتعززها وتحميها برموش عيونها إن تطلب الأمر, وكيف لا؟ وهي أداتها في حماية أنفسها وأوطانها ومصالحها ومصيرها من كيد الكائدين وطمع المستغلين, الذين يضع النظام المصري نفسه تحت طلبهم دون قيد ولا شرط, ظننا أن غزة قد حسمت بعبقريتها الفذة وبأرواح أطفالها الملائكية, وإذا بهذا النظام المتورط يكذب كل الأطروحات المنطقية, ويسخر نفسه لقطع أنفاس المقاومة في العريش, وها هو يهدد بقواته الهزيلة العاجزة عن استرجاع سيناء التي لا زالت إلى حد الساعة منزوعة السلاح عملا باتفاقيات "اسطبل داوود" الشهيرة, ها هو يهدد بضربات نوعية, نعم نوعية هكذا, وكأنه قام بمثل هذه الضربات في يوم ما ضد عدو شعب مصر وجميع العرب والمسلمين, نعم يهدد حزب الله هازم العصابة الصهيونية وحده, ولا ندري ما ذا يقصد؟ وهل يستطيع أن ينجح حيث فشلت حليفته الأقوى عصابة الصهاينة؟ والتي كان يقال عن جيشها المجرم إنه لا يقهر؟ وإذا كان بهذه القوة, فلماذا استسلم لعدوه, وراح يتهافت على التحالف معه, رغم أنه يسخر منه ولا يقيم له أي وزن, وقصة المفاوض في قضية حبيب النظام المصري العزيز "شاليط", ما زالت حديثة عهد, حيث قال إن "أولمرت", يمارس إذلال النظام المصري بعدم جديته في الوصول إلى اتفاق التهدئة مع حماس, والتي أراد النظام المصري أن يصل إليها بأي ثمن بحثا عن رضى العصابة الصهيونية وإدارة بوش السفاح عدو العرب والمسلمين اللدود. إن الخبر اليقين هو أن المقاومة باقية, بل إنهنا ستزيد قوة وتمكنا يوما بعد يوم, ذلك أنها قرار استراتيجي شعبي, ولا يمكن لأي نظام مهما كان, فما بالك بالنظام المصري الذي يدور في فلك الصهاينة والأمريكان والغرب أن ينال منه, أو يزعزع هذا القرار الشعبي الاستراتيجي المنتصر, ذلك أن الشعوب قد نصبت المقاومة بديلا بعد أن يئست كل الياس من نجاعة مثل هذا النظام الذليل المتواطئ والمتورط في قتل أطفال غزة الأبرياء والتنكيل بهم, كما لم يحدث طوال التاريخ, ومثل هذا التوجه السلبي الفاشل, قد انتهي إلى حتفه ونهايته البائسة كما علمنا التاريخ وشيكة, وعندها سوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . عاشت المقاومة قارب النجاة لأمتنا من الفناء المبرمج على أيدي الصهاينة وأمريكا والغرب الاستعماري, والموت للصهاينة وأعداء الأمة الذين يشدون ازرهم وأتباعهم التعساء.

ليست هناك تعليقات: